الحاجة خضرة: لها من الاسم نصيب
بقلم/عبد الناصر عوني فروانة
21-9-2020
قيل قديما: لكل إنسان من اسمه نصيب. ومن الناس من يحكم على الشخص من خلال اسمه فيقول: اسم على مسمى، حيث التناسب والارتباط ما بين الاسم والمسمى. وخضرة، هو أسم أم مروان الكفارنة. ومن لا يعرف "خضرة"، عليه أن يبحث عنها وسيجدها في سجلات المجد والعزة. فهي امرأة تستحق أن نوفيها جزءاً من حقها علينا، ولو ببضع كلمات.
وأنا هنا لست كاتباً محترفاً، ولست شاعراً أنا أو أديباً كي أخط من الكلمات ما يليق بهذه المرأة العظيمة والأم الصابرة والمعطاءة. فأنا مجرد انسان عادي وكاتب متواضع، والوفاء طبعي. وفاء الواجب لمن آمنوا بالفكرة، وكانوا أوفياءاً للوطن والثورة ولكل الأحرار. لذا اجتهد وأكتب.
الحاجة خضرة، أو أم مروان، هي واحدة من الأمهات الفلسطينيات اللواتي سمعت عنهن منذ زمن بعيد، وتعرفت على أبنائها قبل أن ألتقيهاـ وحاولت كثيراً التعرف عليها، إلى أن التقيتها بالفعل مرات عدة وفي مناسبات مختلفة، ورأيتها ناشطة وثائرة ومقاتلة في شوارع وأزقة وبيارات بيت حانون. فازددت تقديرا لها وفخرا بها. فهي الأم الصبورة والحنونة، التي تحملت ثقل الأعباء وقسوة الحياة، لكنها أحسنت تربية أبنائها وأجادت صقلهم، ونجحت في إرضاعهم حليب الثورة. وهي المناضلة والثائرة، ومن أوائل الفلسطينيات اللواتي خضن العمل الوطني والنضالي، فكانت حاضرة طوال مسيرة الكفاح، وفي ميدان الاشتباك والمواجهة رائدة.
سمعنا باسمها وسيرتها، وتعرفنا عليها في الميدان وساحات الاشتباك، والتقيناها على شبك الزيارة وهي تتردد الى السجون بصحبة أمهاتنا لتزور أبناءها، بعدما كانت تزور زوجها في سنوات سابقة. فكتبت لها القصائد، ولطالما غنينا لها الأشعار ورددنا اسمها في أجمل الألحان رغم القيد الذي كان يُكبلنا ونحن أسرى خلف قضبان سجون الاحتلال.
ام مروان: امرأة عجوز، تسكن في حارة الكفارنة وسط بيت حانون شمال قطاع غزة، تجاوز عمرها الخامسة والثمانين عاما، وتجاعيد الزمن وقسوة الحياة تظهر على وجهها، فيما الابتسامة تعلو شفتيها، كما تظهر بالصورة. ورغم كبر سنها فهي ما زالت تحتفظ في ذاكرتها الكثير من المشاهد والصور والمحطات من ذاك الزمن الجميل برجاله الأشداء ورفاقه الأوفياء وأبنائه المخلصين.
أم مروان: لم أكتب اليوم لاستحضار سير أبنائها المناضلين الذين أعرف ثلاثتهم عن قرب وهم أصدقاء لي وأعتز بصداقتي بهم: مروان وقاسم وناصر. أو تقديرا لبناتها الثائرات اللواتي تشهد لهن ساحات النضال: فيروز ونهاد ومروة وعزة. وانما أكتب لاستحضار المكان والاسم والتاريخ والسيرة المضيئة. أكتب كجزء من وفاء الواجب لامرأة تحمل بداخلها تاريخ حافل، لا يمكن لغبار الدمار ان يغطيه، أو قسوة الزمن وعامل النسيان ان يمحيه، فهي أمي، وهي "أم سعد" في رواية الأديب/ غسان كنفاني.
الحاجة خضرة: أم مروان الكفارنة: انت مفخرة لنا ونحن فخورون بك . ومن لا يعرف "خضرة"، عليه أن يبحث عنها وسيجدها في سجلات المجد والعزة
عن المؤلف
*عبد الناصر فروانة، اسير محرر، ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين