فروانة لـ«الغد»: الاحتلال يتفنن في أشكال تعذيب الأسرى.. حناتشة نموذجًا
"الغد"- 20-1-2020- قال رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عبد الناصر فروانة، إن الاحتلال الإسرائيلي ضاعف أساليب التعذيب بحق الأسرى بنسبة 400%.
وأضاف فروانة لموقع “الغد” اليوم الاثنين أن “أشكال التعذيب الجسدي والنفسي العديدة أودت بحياة 73 أسيرا فلسطينيا في أقبية التحقيق منذ العام 1967، وتسببت بحدوث الإعاقة الجسدية والنفسية والحسية لمئات آخرين.
وأوضح أن الصور المسربة للتعذيب الذي تعرض له وليد حناتشة تعكس ببشاعة وألم ما يتعرض له الأسرى وتكشف ما يواجهه من يصفهم جهاز (الشاباك) بـ(القنابل الموقوتة).
وبين أن الشاباك تعامل مع الأسير حناتشة على أنه “قنبلة موقوتة”، ومن قبله تعامل بالمثل مع سامر عرابيد وغيرهما من أفراد المجموعة، وأن كثيرين غيرهم من الأسرى وصفوا بـ(القنابل الموقوتة)، وذلك لتبرير استخدام أساليب تعذيب استثنائية خلال التحقيق معهم.
وتابع: “هذه الصور مطبوعة على أجسادنا، ورأيناها على أجساد الآلاف من الأسرى والمعتقلين، فهي حدثت من قبل وما زالت تحدث إلى يومنا هذا، دون رقيب ودون رادع”.
وأردف: “إن تأملنا بممارسات محققي جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، يجعلك توشك أن تظن أنهم ليسوا بشرا، لأن هذا الحجم الهائل من القسوة، التي تظهر على وجوههم، وبشاعة تصرفاتهم، حين يتلذذون بتعذيبنا ويرون ضحيتهم يتألم، يجعلك تعتقد ذلك”.
واعتبر فروانة التعذيب أيا كان نوعه وشكله انتهاكا أساسيا وخطيرا لحقوق الإنسان، وجرما فظيعا وبشعا يرتكب بحق الإنسانية، واستمراره يعد بمثابة وصمة قبيحة تدنس ضمير الإنسانية، ووصمة عار على جبين الحضارة العصرية والديمقراطية المنشودة والسلام المأمول.
وقال: “تعد دولة الاحتلال حالة فريدة وشاذة، فهي الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب قانونا في سجونها ومعتقلاتها، وكانت توصيات لجنة لنداوي عام 1987 هي أول من وضعت الأساس لشرعنته، ومنحت مقترفيه الحصانة الداخلية، وفي مرات عدة تمت مكافأة المحققين، ما فتح الباب على مصراعيه لاقتراف مزيد من جرائم التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين والعرب، فأضحى التعذيب نهجا أساسيا وممارسة مؤسسية وجزءا ثابتا في المعاملة اليومية للمعتقلين في إطار سياسة رسمية”.
وأشار إلى أنه عاش تجارب مريرة واستمع لشهادات أليمة روت بشاعة التعذيب، وقرأت تجارب لا يمكن تصورها أو مجرد تخيل حدوثها، تلك التي وثقتها ألسن النساء والفتيات والأطفال والشيوخ والجرحى والمصابين الذين مروا على السجون الإسرائيلية التي ما زالت ممتلئة بالآلاف من أمثالهم، وما تسرب من صور لتعذيب مورس بحق الأسير وليد حناتشة هو غيض من فيض.
وكشف النقاب السبت الماضي عن صور مسربة من سجون الاحتلال الإسرائيلي تظهر آثار التعذيب على جسد الأسير حناتشة، نشرتها مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان حيث ظهرت بشكل واضح آثار كدمات وضرب وتورمات في أماكن مختلفة من جسده.
وذكرت مديرة المؤسسة سحر فرنسيس في تصريح صحفي أنه جرى الحصول على الصور من طرف المحكمة بعد ضغط على القضاة لفحص احتمالية وجود التعذيب كون جلسات التمديد كانت تجرى دون وجود محام.
وأوضحت فرنسيس أن المؤسسة تعمل حاليا على الشكاوى المحلية لدى النظام القضائي الإسرائيلي، فيما يتم التحضير لتقديم هذه الشكاوى دوليا إلى المقرر الخاص بالتعذيب ولجنة مناهضة التعذيب، وسيتم إعداد ملف لمحكمة الجنايات الدولية لأن تعذيب الأسير يعتبر “جريمة حرب”.
يشار إلى أنه منذ عملية عين بوبين غرب رام الله تعرض أكثر من 50 أسيرا للتعذيب بشكل عنيف، وبأساليب مختلفة، غالبيتهم لم يوجه لهم أي تهم، وهذا ما يدحض ادعاء الاحتلال بأن جميع المعتقلين لهم علاقة بالعملية، إذ إن جزءا كبيرا منهم من طلبة الجامعات، فيما حول معظمهم إلى الاعتقال الإداري.
وفي السياق نفسه، قالت عائلة الأسير حناتشة، إن نشر الصور التي تظهر آثار الضرب، جاء نتيجة التحقيق العسكري الذي خضع له لمدة 45 يوما في مركز تحقيق المسكوبية، ويأتي لكشف فظائع الاحتلال الإسرائيلي للعالم، وجرائمه بحق الأسرى، وسنصل للجنائية الدولية.
وأوضحت زوجة الأسير أن العائلة حصلت قبل ثلاثة أيام على 13 صورة، من خلال محامي مؤسسة الضمير.
ولفتت إلى أن زوجها كان ضمن 50 أسيرا، اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ عملية عين بوبين، التي وقعت في أغسطس الماضي، تعرض معظمهم للتعذيب.
وأشارت إلى أنه كان هناك جلسات تمديد التوقيف تجرى لوليد طيلة 45 يوما، والتحقيق دون حضور المحامي، لافتة إلى أنه كان يرد للعائلة معلومات أن وضعه الصحي صعب، ويتنقل بواسطة كرسي متحرك.
وأشارت إلى أنه في إحدى جلسات المحاكمة، تم إحضاره إلى القاعة محمولا، وعندما سأله القاضي عن السبب، رد وليد بأنه يتعرض لتعذيب شديد، ولا يتمكن من السير على قدميه، وكشف له عن جسده ليرى آثار التعذيب.
وقالت زوجة الأسير: “بعد أن رفعت محكمة الاحتلال الحظر عن حضورنا لجلسة المحاكمة، دخلنا قاعة المحكمة لمدة دقيقتين وشاهدنا رجلا يبدو طاعنا في السن، لم نعرفه حينها، لكنه ناداني باسمي، ذهلت من فظاعة المنظر، كانت عيناه غائرتين، ولحيته طويلة ومنتفة وكذلك شعر رأسه، وكان همه الوحيد أن يطمئن علينا”.
ولفتت إلى أن المحققين استخدموا أساليب كثيرة في ممارسة التعذيب بحق زوجها، حيث أجلسوه في غرفة مقابلة لغرفة أخرى تجلس فيها ابنته ميس التي اعتقلت لمدة ثلاثة أيام كوسيلة ضغط، وعرض عليه بث مباشر أثناء اقتحام جيش الاحتلال لمنزله في رام الله، تمهيدا لهدمه.