د.إياد السراج .. في ذمة الله

 

 

بقلم / عبد الناصر فروانة

19-12-2013

 

قرأت وسمعت عنه الكثير قبل أن ألتقيه ، وأعجبت بعطائه وتاريخه النضالي ومسيرة حياته قبل أن أعرفه أو أجالسه ، وازددت اعجاباً به بعدما التقيته وجالسته مراراً ، وافتخرت بعلاقتي معه  وصداقتي به بعدما تعرفت عليه عن قرب .

 

خمس عشرة عاماً وما يزيد ، من العمل المباشر معه ، والاحتكاك المتواصل به ، والالتقاء والجلوس معه عشرات الساعات عبر مئات المرات ، كانت كفيلة للتعرف على شخصيته ومكوناتها ، وهي كفيلة أيضاً لأن يحوز على جل احترامي وتقديري ، بل على احترام وتقدير الجميع ليحجز له مكانة في عقولنا وقلوبنا ، وله الفضل على كل من عرفه وتعامل معه أكانوا أفراد أم جماعات .

 

 التقيته منفرداً وتناقشنا وتحاورنا في مواضيع عدة ، والتقيته جماعة واستمعت منه لأحاديث قيمة وثرية ، والتقيته مراقبا في اجتماعاته العائلية ، وفي كل الاجتماعات كنت أستفيد وأزداد معرفة وخبرة ، من سلوكه وحديثه وتعامله . 

 

فهو الرجل الحر والأخ الصادق والصديق الوفي الذي لم تمل من محادثته أو مجالسته ، وكلما جالسته استفدت وتعلمت منه ، فالاحتكاك به فائدة وللجلوس معه فوائد ، وكنت أبحث دوما كي أجلس معه لأستفيد من مخزون معارفه وخبراته وينبوع معلوماته القيمة وقاموسه الخاص ورؤيته المستقبلية وتحليلاته الصائبة .

 

فهو طبيب بارع ، ومدرس مؤثر ، وحقوقي مقنع وسياسي محنك وجريء ، بل هو مدرسة تجمع كل لغات العالم ، وجامعة تضم كافة التخصصات الوطنية والعلمية والأكاديمية والإنسانية .

    

وهو من أبرز المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، والمتميزين في مجال الطب النفسي ومؤسس برنامج غزة للصحة النفسية ، وهو من أفنى سنوات عمره في سبيل وطنه وقضايا شعبه وحقوق أبنائه .

 

وهو من الشخصيات الوطنية التي تعاملت معها ، وأخلصت لقضايا الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، ودافعت بقوة عن حقوقهم الإنسانية الأساسية ، ودعمت فعاليات ورعت أنشطة مميزة تؤكد على حقهم المشروع في الحرية ، وكثيراً ما أتاح لي فرصة اللقاء بشخصيات دولية مهمة لأطلعهم على أوضاع الأسرى ، فكان خير نصير لهم ولقضاياهم   .

 

وهو من الشخصيات الفلسطينية القلائل التي استطاعت أن تنسج علاقات مفتوحة وقوية مع كل الأطراف في العالم أكانت فلسطينية أم إقليمية أم الدولية ، أو حتى الإسرائيلية ، وحظي بمصداقية عالية وحضور دولي مميز ومؤثر ذو وزن كبير لدى كافة الأوساط وعلى مختلف المستويات .

 

 وعلى مدار سني حياته حاز على العديد من الجوائز ، وخزائن مكتبه ورفوف مكتبته الخاصة مكدسة بالجوائز الإقليمية والدولية التي حاز عليها ، تقديراً لكفاءته ومساهمته بالنهوض بالصحة النفسية للمريض النفسي ، وإنصافاً عالمياً لرجل عظيم كرَّس حياته من أجل كرامة الإنسان وحقوقه وترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني بشكل عام.

 

لعب دورا مهما وأساسيا في تشكيل لجنة الوفاق والمصالحة لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني وإنهاء الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني ، وشكّل على الدوام محورا أساسيا وجامعا فيما بين الأطراف الفلسطينية كافة على اختلاف توجهاتها السياسية والفكرية والأيدلوجية ، وبذل جهدا  كبيرا وعقد اجتماعات عديدة ، وحاول تقريب وجهات النظر وتقليص الفجوة فيما بين الأطراف المتخاصمة .

 

 

د.إياد .. فقدناك أخاً كبيراً ، وصديقاً عزيزاً ، ومدافعا صلبا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريصاً جداً على ترسيخ الوحدة الوطنية ، ومناصراً قوياً لقضايا الأسرى وحقهم بالحرية .

 

وكما كنت في حياتك شخصية الاجماع الوطني ونجحت مراراً في دعوتهم وتجميعهم على طاولة مستديرة في فناء بيتك ، فإن الكل الفلسطيني وعلى اختلاف انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم الفكرية وقناعاتهم الأيدلوجية ، التقى اليوم واجتمع طواعية بعد مماتك وفي تشييع جثمانك تكريماً ووفاء لشخصك وعطاءك اللامحدود ، وتقديرا لتاريخك العريق ومسيرتك المظفرة .

 

نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته

وأن لله وان اليه راجعون

 

 

عبد الناصر عوني فروانة

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في دولة فلسطين

عضو اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة

ايميل / ferwana2@gmail.com

       Ferwana1@yahoo.com

0599361110- 0598937083

الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org