في الذكرى الـ 6 لوفاء الأحرار.. هل اقتربت صفقة "كسر المعايير"؟
وكالة "قدس برس انترناشيونال"- 18-10-2017- يُحي الفلسطينيون اليوم الأربعاء الذكرى السنوية الـ 6 لصفقة "وفاء الأحرار"، صفقة تبادل تمت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بوساطة مصرية، أطلق خلالها الاحتلال سراح 1027 أسيرًا/ة؛ جلهم من قادة الفصائل الفلسطينية وقدامى الأسرى وأصحاب الأحكام العالية، مقابل الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط".
ولم تنحصر "وفاء الأحرار 1" بتاريخ 18 تشرين أول/ أكتوبر 2011؛ تاريخ تنفيذها فعليًا، فقد بدأت حكايتها منذ 25 حزيران/ يونيو 2006، وقت أسر المقاومة الفلسطينية في غزة لـ "شاليط" من داخل دبابته في معسكر للاحتلال على تخوم القطاع.
وقد بدأت قوات الاحتلال مفاوضات إطلاق سراح جنديها، بعد ساعات من اختطافه بـ "النار" عبر ضربات جوية مكثفة ومركزة على قطاع غزة طالت منشآت حيوية فيه، وأدت لاستشهاد 550 فلسطينيًا.
حاولت العديد من الدول؛ وصل عددها إلى 7، أن تلعب دور الوسيط بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة "حماس" وبين دولة الاحتلال، دون أن يُكتب لها النجاح؛ قبل أن ينجح بذلك الوسيط المصري.
وكان أول عرض قدم للمقاومة الفلسطينية مقابل الإفراج عن شاليط؛ إطلاق سراجه فورًا دون أي مقابل كي لا تقوم دولة الاحتلال بتدمير قطاع غزة، ثم عرضت تل أبيب الإفراج عن أسير واحد ثم 5 أسرى فقط، ما أنهى المرحلة الأولى من التفاوض بعد 6 أشهر من أسر الجندي الإسرائيلي.
توقفت المفاوضات لفترة طويلة وظنت دولة الاحتلال أنها من خلال عملية عسكرية في غزة سوف تسترجع جنديّها الأسير، فشنت حربًا على القطاع في 27 كانون أول/ ديسمبر 2008، استمرت لمدة 21 يومًا دون أدنى معلومة.
وضعت الحرب أوزارها، وتوصلت دولة الاحتلال إلى نتيجة مفادها بأنه لا يمكن استرجاع شاليط بالقوة، عاد الوسيط المصري مرة أخرى، وكانت مفاوضات غير مباشرة بين وفد المقاومة والوفد الإسرائيلي وصلت إلى 50 جلسة بمعدل 500 ساعة تفاوض قدم خلالها 10 مقترحات وغير الاحتلال خلالها 4 شخصيات كانت تقود هذا الملف.
نجحت المقاومة بعدها بإطلاق سراح الأسيرات والأطفال من سجون الاحتلال، مقابل شريط فيديو لا يزيد عن دقيقين يظهر فيه شاليط بأنه على قيد الحياة، في 30 أيلول/ سبتمبر 2009، والتي فتحت الباب لإتمام الصفقة الكبيرة والتي تمت في 18 تشرين أول/ أكتوبر 2011.
وتمت الصفقة الكبرى على مرحلتين؛ الأولى في 18 تشرين أول/ أكتوبر 2011 حيث أفرج الاحتلال بموجبها عن 477 أسيرًا حددت المقاومة أسمائهم، وذلك بعد أن تم تسليم الجندي شاليط للوسيط المصري في الجانب المصري من معبر رفح، فيما كانت المرحلة الثانية بعد شهرين أفرج الاحتلال عن 550 أسيرًا حدد الاحتلال أسماءهم وفق شروط المقاومة.
انتصار تاريخي
اعتبر المختص في شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، في حديثه لـ "قدس برس"، أن الصفقة "شكّلت انتصارًا تاريخيًا للمقاومة الفلسطينية".
وأضاف: "المقاومة أثبتت قدرتها على تنفيذ عملية فدائية نوعية، نجحت من خلالها في أسر الجندي الإسرائيلي شاليط بلباسه العسكري ومن داخل دبابة كانت تقوم بمهام عسكرية على تخوم قطاع غزة".
ورأى الحقوقي الفلسطيني أن الاحتفاظ بشاليط مدة خمس سنوات في مساحة ضيقة (قطاع غزة) وإفشال كل المراهنات والمحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى استعادته بالقوة "نجاحًا ثانيًا".
وقال إن النجاح الثالث كان حينما فرضت (التبادلية) وحققت مبتغاها بإتمام صفقة تبادل الأسرى، رغمًا عن الاحتلال وأجهزته المختلفة.
ولفت النظر إلى أن وفاء الأحرار؛ الصفقة التاريخية الأولى التي تتم وبنجاح فوق فوق الأراضي الفلسطينية، لتضاف لسلسلة عمليات التبادل التي نفذتها فصائل منظمة التحرير منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة.
وانتقد فروانة ما وصفه بـ "ضبابية نصوص الاتفاق وغياب الوضوح، للأسير المحرر وكذلك المتابع، حيث لم ينشر الاتفاق لغاية اللحظة ولم يطلع المحررين على تفاصيلها".
وأفاد بأن "الضمانات الفعلية" التي يمكن أن تُلزم الاحتلال بترجمة ما أتفق عليه، أو كبحه في حال انتهاكه وتجاوزه للاتفاق "قد غابت".
وصرّح الحقوقي فروانة، بأن الفلسطينيين يُعلقون آمالًا كبيرة على ما لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من "أوراق مهمة تمكّنها من اتمام صفقة تبادل جديدة تُعالج ثغرات الأمس وتضمن الإفراج عن الأسرى القدامى ورموز المقاومة وكافة الأسيرات والأطفال".
وأكد: "نثق بقدرات حركة حماس على إدارة هذا الملف"، لافتًا: "لا شك بأن هذا الملف فتح مرارًا في عواصم عربية وأوروبية مختلفة، وأن العديد من المسؤولين الأمميين الذين زاروا غزة بعد الحرب الأخيرة (2014)، قد تطرقوا لهذا الموضوع".
وتابع: "الحكومة الإسرائيلية لا زالت غير جاهزة لدفع استحقاقات التبادلية التي تطالب بها حركة حماس، وهي (حماس) محقة بها، في ظل المعطيات القاسية التي تحاكي واقع الأسرى".
ونوه فروانة: "اليوم اعتقد وفي ظل التطورات الأخيرة، أننا أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق صفقة تبادل جديدة، ربما تكون في النصف الأول من العام القادم".
واعتبر أن "السلوك الإسرائيلي الشاذ" في التعامل مع الأسرى والمعتقلين، "يعزز الشعور لدى الفلسطينيين بأن خيار القوة المتمثل في أسر الجنود هو الخيار المجدي بكسر قيد الأسرى".
حماس: موعد الحرية يقترب بصفقة تُكسّر كل المعايير
ومن جهتها، أكدت حركة "حماس" أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام تقدم كل التضحيات في سبيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وصرّحت الحركة في بيان صحفي لها، اليوم الأربعاء، بأن "الاحتلال سيدفع ثمن حرية الأسرى، بكل وسيلة وتحت أي مطرقة في صفقة وطنية تكسر كل المعايير في احتفال وطني مهيب، منبهة أن موعد الحريّة يقترب".
وشددت على أن حرية الأسرى "غاية ثوريّة"، وأنها تعمل بكل ما تملك من طاقات وستسخرها نصرة للإنسان وانتصارًا للحرية.
وأردفت: "المقاومة ستجدد مع شعبنا الفرح بانتصارات قادمة وعودة حميدة مجيدة لهم، فالحرية ممهورة بالدم، ولا كرامة من غير تضحية، ولا حياة للجبناء، (...)، عقارب الساعة تبشّر بالحريّة، تسير للأمام ولا ترجع للوراء".
وأشارت إلى أن المقاومة هي خيار الشعب الذي يدفع أثمان الانتصارات، "وستظل عند حسن ظن شعبها بها، تدافع عن كرامته، وتحرس حقه في الوجود والحياة والحرية والاستقلال"، وفق البيان.
http://www.qudspress.com/index.php?page=show&id=37140