" قراقع " واستحقاق أيلول
*بقلم / عبد الناصر فروانة
17-9-2011
الساعة : 06:00
قرأت في الأسابيع الأخيرة واستمعت للكثير من الكلمات والتصريحات الصادقة التي طالبت بطرح ملف الأسرى على جلسة الجمعية العامة للأم المتحدة في سبتمبر الجاري ، وهي مطالبات مشروعة وجب دعمها ومساندتها والعمل من أجل تحقيقها حاضرا أم مستقبلا .
ولكن ومع احترامي لكل الآراء ، فان طلب التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لأحكام القانون الدولي ذات الصلة، لم بكن طلبا جديداً أو موسميا بالنسبة لوزير الأسرى " عيسى قراقع " وكوادر وزارته .
فلقد أدرك السيد " قراقع " أهمية ذلك مبكرا وبعد توليه وزارة الأسرى بفترة وجيزة ، لأنه يعلم جيدا ما سيترتب على ذلك من استحقاقات تخدم قضية الأسرى وتغير من واقعهم المؤلم كثيرا ، فسار بكل الإتجاهات ، وسعى بكل ثقله من أجل تحقيق ذلك والوصول لتلك اللحظة الهامة ، فطرق كل الأبواب ، وطالب بذلك عبر المنابر الإقليمية والدولية التي تمكن من اعتلائها ، وأبرزها كانت كالتالي :
فلقد طرح الأمر بدايةً على السيد الرئيس " محمود عباس " والذي تبنى هذا التوجّه وطلب من جميع الجهات المختصة التعاون بهذا الشأن .
وفي الرابع عشر من تشرين ثاني / نوفمبر عام 2009 وبناءً على طلب وزير الأسرى " عيسى قراقع " وبمشاركته بالجلسة اتخذ مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية ، عدة قرارات هامة أبرزها تكليف المجموعة العربية في نيويورك بدراسة تقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي .
وبعد ايام قلائل وفي الخامس والعشرين من نفس الشهر تبناه المؤتمر الدولي الأول لنصرة الأسرى الفلسطينيين والعرب الذي عقد في مدينة أريحا بفلسطين ونظمته وزارة الأسرى بالشراكة مع مؤسسات وشخصيات حقوقية فلسطينية وعربية ودولية .
وفي الخامس والعشرين من أكتوبر / تشرين أول عام 2010 تبنى مجلس الوزراء الفلسطيني برئاسة د.سلام فياض في جلسته المنعقدة برام الله هذا التوجه ، وشكّل لجنة لدراسة ذلك مكونة من وزارة الأسرى ووزارة الخارجية ووزارة العدل.
وفي التاسع من مارس/ آذار 2011 ، اعتلى السيد " قراقع " منبر الأمم المتحدة في " فيينا " وألقى خطابا غير مسبوق في مؤتمر خصصته الأمم المتحدة وللمرة الأولى لمناقشة أوضاع الأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، وقد طالب " قراقع " المؤتمرين بتبني ودعم التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة بطلب إصدار قرار يطلب فيه من المحكمة الدولية رأي استشاري يحدد المركز القانوني للمعتقلين والمحتجزين الفلسطينيين لدى دولة الاحتلال ، وتحديد طبيعة المسؤولية القانونية التي تفرضها قواعد القانون الدولي على المحتل في هذا الشأن .
وفي اجتماع خصص لمناقشة قضية الأسرى هو الأول من نوعه في تاريخ اجتماعات دول عدم الإنحياز والذي عقد في مايو الماضي في مدينة " بالي " في اندونيسيا وبحضور 120 دولة من دول حركة عدم الانحياز ومشاركة الأمين العام الحالي للجامعة العربية السيد نبيل العربي ، طالب " قراقع " في كلمته بدعم التوجه لإدراج ملف الأسرى على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر من هذا العام.
وفي مايو / آيار الماضي وخلال لقائه بالسيد " ريتشارد فولك " المقرر الخاص للأمم المتحدة بخصوص الأراضي الفلسطينية ، في العاصمة الأردنية عمان ، طالبه بالعمل على تبني هذا التوجه ، الأمر الذي من شأنه فيما لو تحقق أن يلزم إسرائيل بتطبيق المواثيق الدولية في تعاملها مع المعتقلين في سجونها .
هذا بالإضافة الى طرح الأمر والبحث عن دعم لهذا التوجه في لقاءات ومؤتمرات أخرى وفي أماكن متعددة ، كما واننا قد تبنينا هذا الموضوع في وزارة الأسرى وعملنا على طرحه في لقاءاتنا الرسمية ومع الوفود الأوروبية التي تزور القطاع وعبر المذكرات التي نُسلمها للمؤسسات والشخصيات الدولية .
ولا يزال " قراقع " يسير بخطى ثابتة في هذا الإتجاه ، يرنو الى تلك اللحظة التاريخية والتي من المؤكد بعدها بان تتغير أوضاع وأحوال الأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، ولكن كما يقول المثل العربي " اليد وحدها ( لا ) تصفق " و " قراقع " وحده ( لا ) يمكن ان يحقق الهدف المنشور .
فنحن بحاجة الى تكاثف الجهود وتوحيدها والسير سويا بهذا الإتجاه ، فالعمل المنظم ، الموحد ، الممنهج ، المتراكم والمتكامل من قبل كافة المؤسساات .. بالتأكيد سيجني ثمارا ان لم يكن اليوم ، فسيكون حتما يوم غد .
وبالتالي المهم هنا ليست الجهود الموسمية المرتبطة باستحقاق " أيلول " وما قد يترتب عليه فحسب ، وانما تواصل الجهود على كافة الصد والضغط بكافة الوسائل وعلى كافة الجبهات ، وأن ( لا ) تتجمد الأقلام عن الحديث حول أهمية ذلك ، كما يجب أن ( لا ) تتوقف الأنشطة الداعمة لهذا التوجه ، ( لا ) سيما وأن الهجمة الشرسة بحق الأسرى تتصاعد يوما بعد يوم ، وأن اسرائيل لا تزال تعتبر نفسها دولة فوق القانون وتضرب المواثيق والأعراف الدولية بعرض الحائط أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع .
وفي الختام فمن الأهمية بمكان التأكيد على ضرورة استثمار التوجه الفلسطيني للحصول على اعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر الجاري ، لاثارة قضية الأسرى دولياً واعادة الإعتبار لها ولمكانتها القانونية ، بما يحفظ للأسرى كرامتهم ويحميهم من خطر الأمراض والموت ويصون حقوقهم المسلوبة .
كما ومن الضروري دعم التوجه الذي قاده وزير الأسرى والمحررين السيد " عيسى قراقع " منذ فترة ليست بالقصيرة لإدراج ملف الأسرى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بالتوجه الى محكمة لاهاي الدولية واستصدار فتوى حول المكانة القانونية للأسرى ، بصفتهم أسرى حرب وفق القانون الدولي الإنساني ، وأن انتصار الإعتراف بالدولة الفلسطينية هو بالتأكيد انتصار للأسرى وقضيتهم ، .
واختتم بقول السيد الرئيس في خطابه التاريخي مساء يوم أمس الجمعة ( إننا نذهب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بحق مشروع لنا وهو الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في هذه المنظمة، نحمل معنا كوفد فلسطيني كل آلام وآمال شعبنا، لتحقيق هذا الإنجاز وإنهاء الإجحاف التاريخي بحقنا، لننعم كبقية شعوب الأرض بالحرية والاستقلال في دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
لنتمكن بعد ذلك من العودة إلى المفاوضات على أساس مرجعية واضحة أقرّها العالم، نتفاوض من خلالها على قضايا الوضع الدائم، المتمثلة في القدس واللاجئين والحدود والمياه والأمن والمستوطنات، وقضية أسرانا الصامدين الصابرين، لأنه في ذلك الوقت سيكونون أسرى حرب.. وليسوا مخربين أو مجرمين ) .
عبد الناصر فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
0599361110
Ferwana2@yahoo.com
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان