فلسطين خلف القضبان www.palestinebehindbars.org
|
مداخلة : واقع الحركة الوطنية الأسيرة وما تتعرض له بشكل عام ويتعرض له
القائد الوطني " أحمد سعدات " مقدمة من أ . عبد الناصر عوني فروانة*
خلال ندوة نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اليوم السبت 17-10-2009
في مدينة غزة
الأخوات والرفيقات الماجدات
الإخوة والرفاق الأعزاء .. الحضور الكريم كل باسمه ولقبه
تحية حارة وبعد ،
بداية لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمنظمي هذه الندوة ، ويشرفني حقيقة أن أتحدث فيها وفاءً للأسرى عموماً وللرفيق القائد أحمد سعدات وأبطال 17 أكتوبر خصوصاً .
وبداية وقبل كل شيء ننحني اجلالا واكبارا لكافة شهداء الحركة الأسيرة الذين استشهدوا داخل سجون الإحتلال وعددهم ( 197 شهيداً ) ، والمئات ممن استشهدوا بعد تحررهم وهنا القائمة تطول وتطول .
وفي السياق ذاته اسمحوا لي باسمي وباسمكم أن أبرق أحر التحيات وأصدقها لعموم الأسرى " الشهداء مع وقف التنفيذ " دون تمييز أو استثناء وفي المقدمة منهم القدامى و رموز المقاومة والقادة السياسيين والأسيرات ، وأينما وجدوا في نفحة ، عسقلان ، النقب ، عوفر فالسجون واحدة وان تعددت الأسماء واختلفت الأمكنة الجغرافية .
معطيات وأرقام ..
وعلى عجالة أستعرض أمامكم بعض الإحصائيات حيث أن قرابة ( 8200 ) أسير فلسطيني يقبعون في تلك السجون والمعتقلات ، منهم ( 32 أسيرة ) و ( 320 طفل ) وقرابة ( 400 معتقل اداري ) .
ويوجد من بينهم ( 323 ) اسيراً معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية في مايو / آيار 1994 وهؤلاء يطلق عليهم مصطلح " الأسرى القدامى " وقد تجاهلتهم الإتفاقيات واستثنتهم صفقت التبدل وقفزت عنهم افراجات ما تُسمى " حسن النية " ، ومن بين هؤلاء يوجد ( 111 ) اسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ، بل ومن بينهم أيضاً ( 13 ) أسيراً أمضوا أكثر من ربع قرن ، وأن ثلاثة من بين هؤلاء أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً .
والأخطر أن من بين الأسرى المئات ممن يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة كالقلب والسرطان والفشل الكلوي والشلل ..الخ ومنهم دائمي الحضور والإقامة في ما يُسمى مستشفى سجن الرملة .
أوضاع الأسرى عموماً
سلطات الإحتلال لا تميز في تعاملها ما بين أسير وآخر ، فالكل مستهدف ، والكل يتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب النفسي والمعنوي والجسدي ، وحقوقهم الأساسية تُنتهك وتُسلب على مدار اللحظة ، بدءاً من أشكال الاعتقال ومروراً بالتعذيب واستخدام القوة المفرطة وليس انتهاء بالحرمان من الزيارات والعزل الإنفرادي والتنصل من توفير الإحتياجات الأسسية للأسير من مأكل ومشرب وعلاج ..الخ .
ولا يمكنني هنا سرد تلك القائمة الطويلة جداً من الإنتهاكات ، لأن ذلك يحتاج لساعات طويلة وربما لأيام ، ولكن باختصار شديد يمكن القول بأن قائمة الانتهاكات تُعتبر جسيمة ، وبعضها وبدون شك ترتقي إلى مصاف جرائم حرب ، وليس هناك من تشابه على الإطلاق ما بين الواقع المرير للسجون والمعتقلات الإسرائيلية من كافة النواحي وما بين نصوص المواثيق والإتفاقيات الدولية.
وإذا كانت القاعدة هي احترام حقوق الإنسان مع انتهاكات محدودة هنا وهناك تتنصل منها الدولة الحاجزة ، فان القاعدة في سجون الاحتلال عكس ذلك تماماً ، فهي انتهاكات لا حدود لها ، وبتبجح وعلانية .
الأخطر من كل ذلك يكمن في أن تلك الإنتهاكات لم تعد حالات نادرة واستثنائية أو محصورة في سلوك ادارة السجون ، بل أصبحت ظاهرة وممارسة يومية من قبل كل من يعمل في المؤسسة الأمنية بمن فيهم الطبيب والممرض ، وبمباركة الجهات السياسية والقضائية والقانونية ، بمعنى كافة الجهات في " اسرئيل " تشارك في التضييق على الأسرى والإنتقام منهم بشكل علني وصريح لاسيما بعد الإعلان عن فشل اتمام صفقة التبادل في مارس الماضي وتشكيل اللجنة الوزارية .
بالمقابل هناك انقسام و تشتت فلسطيني قاد الى اضعاف حضور قضية الأسرى على كافة المستويات ، مما شكل سبباً من الأسباب التي ساعدت حكومة الإحتلال في تصعيد اجراءاتها ضد الحركة الأسيرة وتماديها .
ولهذا وبدون مبالغة أقول بأن الحركة الأسيرة تمر اليوم في أخطر مراحلها ولربما هي الأخطر منذ العام 1967 ، خطورة تجعلها عاجزة عن الرد وتفقدها الوحدة واتخاذ القرار على المواجهة في ظل ضعف الدعم الشعبي والرسمي .
الرفيق القائد " أحمد سعدات "
ويضيف فروانة بأن القائد الوطني الكبير الرفيق " أحمد سعدات " هو ليس بمعزل عن هذا الواقع المرير ، لكنه يتعرض لما هو أكثر من ذلك منذ لحظة اختطافه من سجن " أريحا " ، وربما تتصاعد تلك الإجراءات بحقه لتصل في مرحلة متقدمة إلى التصفية الجسدية ، ولهذا نقول بأن هناك خطر حقيقي على حياته .
ولهذا نرى - وعبرنا عن موقفنا هذا في أكثر من مناسبة سابقة - بأن اختطاف " سعدات " كانت مؤامرة وبتواطؤ أمريكي – بريطاني ، ومحاكمته لا شرعية ، واستمرار اعتقاله لا مبرر له حتى وفقاً لقوانين الإحتلال الظالمة وما يتخذ ضده من اجراءات ، إنما هي بمجملها اجراءات سياسية انتقامية ثأرية بالدرجة الأولى تستهدف " سعدات " وما يمثله ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي يقف على رأس الهرم فيها لما قامت به من عمل جريء وغير مسبوق ، تمثل في قتل الوزير المتطرف " رحبعام زئيفي " ، ونهج المقاومة بشكل عام ، وأن سلسلة الإجراءات العقابية التي تتخذها ادارة السجون بحقه بما فيها العزل الإنفرادي ، تحت ذرائع واهية ومتقلبة تندرج في هذ الاطار .
وأقول وبكل مرارة بأن هذه الإجراءات لن تتوقف ، حتى وان أنهت ادارة السجون فترة عزله بعد أيام ، فانها ستعود وتعزله مرة أخرى وستتخذ اجراءات عقابية بأشكال جديدة بحقه لاحقاً ، ما لم نغير نحن في آلية تعاملنا وتضمامنا مع " سعدات " ، والإنتقال من ردات الفعل الى العمل الممنهج المتواصل والمتراكم من أجل حرية سعدات وعموم الأسرى .
سعدات قائد وطني كبير ..
وسعدات بالمناسبة هو ليس ملكاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فحسب ، فهو قائد وطني كبير وهو مفخرة لكل فلسطيني ، وليس لرفاقه فحسب ، كيف لا ؟ وأن فلسطين أنجبته ، ليثأر لكل من هو فلسطيني وعربي عانى من الإحتلال وبطشه وبالتالي النضال من أجل حرية سعدات والتمسك بادراج اسمه ضمن صفقة التبادل التي تدور المفاوضات بشأنها ، هو واجب وطني وعلى الجميع العمل بهذا الإتجاه .
لكن في الوقت ذاته وهنا دعوني أدعو وبشكل خاص الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي نفخر بارثها النضالي العريق ومسيرتها الرائدة ، لأن تفكر جدياً في اطرها التنظيمية برفاقها المعتقلين والبحث عن آلية والعمل وفق خطة ممنهجة للتضامن مع أمينها العام الرفيق سعدات ورفاقه ، وتحريرهم وعدم ابقائهم رهينة في قبضة الإحتلال لعقود قادمة .
17 أكتوبر
وقال فروانة حينما نتحدث عن سعدات ونستحضر السابع عشر من أكتوبر ، فمن الضروري جدا أن نجدد فخرنا واعتزازنا بأبطال عملية السابع من أكتوبر ( حمدي قرعان ، عاهد أبو غلمة ، باسل الأسمر ، مجدي الريماوي ) هؤلاء من سطروا مجداً لم يسطر مثيلاً له أحداً من قبلهم ولا حتى من بعدهم ، وحينما حاولت احدى المجموعات تكرار هذا الفعل واغتيال " عوفاديا يوسف " كانت أيضاً تنتمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
فالتحية كل التحية لهؤلاء الأبطال ولكافة الأسرى في سجون الإحتلال ، الذين هم بحاجة ماسة لوحدتنا وللعمل الجدي من أجل اعادة الإعتبار لقضيتهم على كافة المستويات وتجنيبهم آثار الإنقسام وتداعياته الخطيرة ، وتفعيل الأنشطة المساندة لهم ولقضاياهم العادلة وفق خطة استراتيجية متكاملة تعتمد على العمل التراكمي التكاملي في الفعل والتوثيق والإعلام والملاحقة أيضاً ، وبالإستعانة بمؤسسات حقوق الإنسان وهي كثيرة ورائدة في فلسطين ، ففعلنا ضعيف لا يوازي حجم الجرائم التي تُرتكب بحق أسرانا ، وحتى ما يبذل لا يزال مشتت ويعتمد على ردات الفعل ولهذا فهو غير مجدي وغير مثمر .
فلننفض غبار الكسل ولننطلق صوب الفعل المؤثر وفاء للرفيق سعدات ورفاقه الأبطال وعموم الأسرى البواسل الذين يتعرضون للقتل البطيئ من خلال منظومة من الإنتهاكات الجسيمة والقوانين التعسفية والجرائم متعددة الأشكال .
المجد للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى
ومنا العهد والوفاء
17-10-2009
*عبد الناصر عوني فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
0599361110
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان