آمنة منى .. غزة بانتظارك

 

*بقلم / عبد الناصر فروانة

17-10-2011

 

مَن لم يعرفها  ، و لم يسمع باسمها ، أو لم يقرأ عن بطولاتها وجرأتها.. كأنه يعيش في كوكب آخر ، غير كوكبنا ، وفي عالم هو ليس عالمنا ..

فمن أحب الوطن والقضية ، أو امتهن النضال وعشق المقاومة لتشرق شمس الحرية ، يدرك بأنها تستحق منا أكثر من مجرد تحية احترام وتقدير ، وكلمات الثناء والمدح .

فهي أول من سخر التكنولوجيا وعالم الإنترنت لخدمة المقاومة ، وحينما تقرأ مسلسل حكايتها ، تشعر وكأنك تقرأ سيناريو فيلم من أفلام هوليود ، وربما هذا يدفعنا لدعوة الشباب لإستثمار الإنترنت وشبكة التواصل الإجتماعي لخدمة الأسرى وقضاياهم العادلة سلمياً ، فمن المفيد قراءة قصتها .. وحينما تتابع تفاصيل تجربتها قبل وبعد الإعتقال ، وترى صورتها ، تشعر انك امام نموذج نسوي رائع ماركة " آمنة منى " . 

 

 إنها الأسيرة المقدسية التي تقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عشر سنوات ، وهي " عميدة الأسيرات " وأقدمهن في الأسر ، وتقضي حكماً بالسجن المؤبد مدى الحياة ، وهي الأسيرة الوحيدة التي تضمنتها قائمة الأسرى المبعدين إلى قطاع غزة ، في إطار صفقة التبادل التي من المرجح أن تنفذ مرحلتها الأولى يوم غد الثلاثاء وسيطلق بموجبها سراح ( 450 ) اسيراً ، بالإضافة إلى ( 27 ) أسيرة .

 

 إنها الأسيرة التي رفضت " إسرائيل " مراراً إدراجها ضمن صفقة التبادل وتخشى تحررها، لأنها كانت تعتبر ما قامت به من العمليات المؤلمة لها ، وبعد أن أرغمت على إدراج اسمها أصرت على إبعادها إلى قطاع غزة ، لمعاقبتها والانتقام منها ومن والدتها وعائلتها الذين سيحرمون من رؤيتها .

وأرادوا أن تشكل لها غزة مكان للنفي ، وأن تعيش كالغرباء فيها وبين أهلها وسكانها ، وبالطبع غزة لم ولن تقبل بأن تكون كذلك ، فهي أحبت آمنة قبل أن تعرفها ، وأشادت في مناقبها ومآثرها حينما سمعت عن بطولاتها وصمودها في سجون الاحتلال ، وستفتح ذراعيها لاستقبالها بما يليق بمكانتها وتضحياتها حينما تحل ضيفة عليها .

إنها الأسيرة المقدسية المحررة ( آمنة منى ) " 34 عاماً " التي كانت تدرس في جامعة بير زيت ، والتي اتهمتها " إسرائيل " باستدراج " إسرائيلي " يدعى 'أوفير راحوم' عبر الإنترنت الى منطقة رام الله ومن ثم قتله من قبل مجموعة من كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح بمدينة رام الله، واعتقلت في العشرين من يناير / كانون ثاني عام 2001 ، وحكم عليها بالسجن المؤبد مدى الحياة ، وتعرضت خلال فترة اعتقالها لصنوف مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي وللعزل الانفرادي لفترات طويلة .

وداخل السجن لم تكل أو تلين ، ولم تفقد بوصلتها كما لم تتزعزع إرادتها ، وخاضت الإضراب عن الطعام عدة مرات احتجاجاً على عزلها وسوء معاملتها .

وأعلم جيداً بأنها متابعة جيدة لكل ما يحدث خارج السجون ، وآذانها صانتة لكل ما يرد إليها عبر وسائل الإعلام ، وتقرأ الصحف والكتب كلما أتيح وتوفر لها ذلك ، وتحاول التواصل مع الخارج عبر المحامين والأهل قدر الإمكان ، وكثيرة هي الرسائل التي وصلتني منها .

 

" آمنة منى " ... غزة  بانتظارك ، وشعبها سيحتضنك ، ونطمئن والدتها التي عبرت عن قلقها على ابنتها المحررة المبعدة لغزة ، ونقول لها اطمئني يا أماه .. فابنتك هي ابنتا واختنا جميعا ، وغزة لن تخذلك ، وبتقديري أن حركة " فتح " بغزة التي تنتمي إليها المحررة " آمنة " هي جزء من حركة فتح الأم ، التي كانت وستبقى حاضنة لأبنائها وبناتها ، هكذا عرفناها وهكذا يجب أن تكون ، وسبق لغزة أن استقبلت مبعدين ومبعدات وأحسنت ضيافتهم قبل أن يعودوا إلى بيوتهم .

فهنيئا لك ولكافة الأسرى والأسيرات الحرية .. وهنيئا لنا معرفتك واستقبالك ولقائك فوق تراب غزة

 

 

ملاحظة / في اللحظات الأخير لإتمام الصفقة يوم ( 18-10 ) تم ابعاد الأسيرة آمنة منى الى تركيا بعدما كان مقرر ابعادها الى غزة

عبد الناصر فروانة

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية

0599361110

Ferwana2@yahoo.com

الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org