"تظاهرات إلكترونية" إحياء ليوم الأسير في "حضرة" كورونا
17/4/2020
ائد موسى-غزة
لا يتذكر أسامة مرتجى أنه تغيّب يوما عن المشاركة في الفعاليات الميدانية، لدعم صمود الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصا في "يوم الأسير" الذي يصادف 17 أبريل/نيسان من كل عام.
وأقر المجلس الوطني الفلسطيني في 17 أبريل/نيسان 1974 وخلال دورته الـ12 التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة يوما وطنيا للأسرى، عرف بيوم الأسير الفلسطيني.
وعلى نحو غير معتاد، غابت الفعاليات الجماهيرية عن الشوارع الفلسطينية خلال هذا العام، وحلت مكانها "تظاهرات إلكترونية" في ذكرى يوم الأسير لهذا العام، عملا بالتدابير الوقائية خشية تفشي فيروس كورونا.
وقال مرتجى للجزيرة نت "لم يكن مقبولا أن يمر يوم الأسير من دون أن نظهر كفلسطينيين، ومعنا أحرار العالم، حبنا وإسنادنا لآلاف الأسرى والأسيرات، وكان لابد من البحث عن أفكار خلاقة وإبداعية".
وشارك مرتجى مع آلاف النشطاء في فلسطين والخارج في التغريد على وسوم، أبرزها "يوم الأسير الفلسطيني" و"أسرانا في القلب" و"أسرانا قضيتنا"، لاقت تفاعلا كبيرا واحتلت مراكز متقدمة في قائمة الأكثر تداولا على موقعي تويتر وفيسبوك.
وبالنسبة لمرتجى فإن المشاركة في هذه الفعاليات تشكل "أضعف الإيمان" وأقل ما يمكن أن يقدم للأسرى، الذين يقضون أجمل سني أعمارهم في غياهب السجون والزنازين.
مرتجى الحاصل -قبل بضعة شهور- على درجة الماجستير عن دراسة حول صفقات تبادل الأسرى الفلسطينية الإسرائيلية، يؤمن بضرورة العمل بكل الوسائل والسبل من أجل تحرير الأسرى.
ووفق بيانات فلسطينية رسمية، تعتقل إسرائيل في سجونها زهاء خمسة آلاف فلسطيني، من بينهم 42 أسيرة و200 طفل وقاصر، ومن إجمالي الأسرى 700 أسير من أصحاب الأمراض المزمنة والحرجة.
ولا يكاد يخلو بيت فلسطيني من فرد أو أكثر ذاق مرارة الاعتقال في سجون الاحتلال، التي دخلها -بحسب البيانات الفلسطينية- أكثر من مليون فلسطيني منذ هزيمة يونيو/حزيران 1967.
وينظر الفلسطينيون بكثير من الاحترام للأسرى باعتبارهم أحد أبرز الصفحات المشرقة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، بحسب مرتجى.
وحرص المغردون على إظهار معاناة الأسرى المحرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، عير نشر أرقاما وإحصاءات وصورا ورسومات، مع ربط واقع الأسرى السيئ بجائحة فيروس كورونا.
ونشرت روان المغاري على حسابها في تويتر صورة تعبيرية تظهر أسرى مرضى مقيدون، وقالت "في الوقت الذي يصارع فيه العالم فيروس كورونا هناك أسرى يصارعون العذاب ويتمنون الحرية.. يطول الليل عليهم والصحة تسلب منهم كما سلبت الحرية".
ونشر محمد عبد العزيز صورة لأطفال من أبناء الأسرى يحملون لافتات تطالب بالحرية لآبائهم، وقال في تدوينة على حسابه في تويتر "يا كل الآباء والأمهات تعبتم من الحبس المنزلي لأيام، بابا كمان تعب من الحبس لسنوات كثيرة في زنازين الاحتلال، رجاء ادعو لنا وتضامنوا معنا".
وأظهر مغردون في مئات التدوينات الأخرى أملا بالإفراج عن الأسرى في صفقة تبادل قريبة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
وفي وقت غابت فيه صلوات الجماعة عن المساجد منذ نحو شهر ضمن التدابير الوقائية، صدحت مكبرات الصوت في عدد من مساجد الضفة بخطبة جمعة موحدة حول الأسرى، ولكن من دون مصلين، في حين صدحت مكبرات الصوت في مساجد غزة بدعاء للأسرى لمدة خمس دقائق ضمن حملة "آمين" التي دعا لها الأسرى في بيان مسرب من داخل السجون.
وفتحت الإذاعات المحلية موجات موحدة، وألغت برامجها الاعتيادية، وركزت على إحياء "يوم الأسير" عبر مشاركات لأهالي الأسرى وأسرى محررين ومسؤولين في منظمات حقوق الإنسان.
قال قدري أبو بكر رئيس هيئة الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير للجزيرة نت، إن "الظروف التي فرضها فيروس كورونا حتمت علينا هذا النمط من الفعاليات الإلكترونية التضامنية مع الأسرى".
وأضاف "أرسلنا رسائل بسبع لغات عبر السفارات الفلسطينية في الخارج لمئات الدول والمؤسسات الدولية في أنحاء العالم، تتحدث عن معاناة الأسرى في السجون، وواقعهم الحالي الصعب مع تفشي كورونا".
وجدد أبوبكر اتهامه لإسرائيل بالتعامل دون مبالاة واستهتار مع حياة الأسرى، حيث لم تتخذ إجراءات وقائية كافية، وتستغل الانشغال العالمي لمواصلة انتهاكاتها بحقهم".
وشاركت مؤسسات عربية ودولية رسمية وأهلية، وشخصيات اعتبارية، في الفعاليات الإلكترونية إحياء ليوم الأسير.
وقال مدير وحدة التوثيق في هيئة الأسرى، الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، للجزيرة نت، إن الحملات التي نظمها التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين"، هذا العام، كانت الأكثر تفاعلا خلال السنوات الماضية، رغم الانشغال بأزمة كورونا.
وتفاعلت أكثر من 500 مؤسسة دولية وبرلمانيون وشخصيات اعتبارية يمثلون 44 دولة في ست قارات، مع فعاليات يوم الأسير، ووقعوا على وثيقة تدعو إلى إنقاذ الأسرى في سجون الاحتلال، بحسب فروانة.
وأوضح أن البعض ممن وقعوا على هذه الوثيقة، لم يكن لهم موقف مساند في السنوات الماضية، وقال "ربما أن الحجر المنزلي والصحي الذي خضعت له مليارات البشر حول العالم، جعلهم يشعرون بمعاناة الأسرى القابعين في عتمة السجون منذ سنوات وعقود طويلة".
المصدر : الجزيرة