فروانة لـ"قدس برس": كورونا والسجان الإسرائيلي فيروسان قاتلان
"اجتماعهما يفاقم معاناة الأسرى"
الجمعة 15-1-2021
"لا فرق بين كورونا والسجان الإسرائيلي، فكلاهما فيروس قاتل، يُهاجم الأجساد ويُعذِب الإنسان ويؤذي النفس والجسد ويقتل الروح، هكذا كان السجان دوماً، وهذا هو فيروس كورونا".
بهذه الكلمات، بدأ رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى (حكومية)، عبد الناصر فروانة، حديثه، معلقا، على وضع الأسرى في سجون الاحتلال، في ظل زيادة أعداد الأسرى المصابين بفيروس "كورونا" إذ وصل إلى 250 أسيرا، وسط مراوغة إسرائيلية بعدم تقديم اللقاح لهم.
وقال "فروانة"، في حوار مع "قدس برس": "اجتماع السجان الإسرائيلي وكورونا المستجد، يفاقم معاناة الأسرى، في ظل عدم تقديم أي أدوات وقاية أو نظافة أو مواد غذائية لتقوية المناعة لديهم".
وأضاف: "الأوضاع الصحية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، هي صعبة وقاسية، والرعاية الصحية متردية جداً، حيث ظروف الاحتجاز الصعبة، والمعاملة القاسية والبيئة الملوثة والأماكن المغلقة والغرف المكتظة التي تفتقر إلى التهوية المناسبة وتدني مستوى الخدمات الطبية المقدمة، وتخلي الأطباء العاملين في عيادات السجون عن أخلاقيات مهنة الطب".
وتابع: "أجازت دولة الاحتلال لنفسها مخالفة اتفاقيتي جنيف، الثالثة والرابعة، وانتهاك المواثيق الدولية الأخرى، وتجاوزت كل القوانين والأعراف الإنسانية ومتطلبات المعايير الدولية في تعاملها معهم، ما داموا خاضعين للحجز".
وشدد على أن "كورونا" داهم جدران السجن بالفعل، وبات ضيفاً ثقيلاً يتنقل بين السجون ويُهاجم أجساد الأسرى ويُؤذيها، فأصاب 250 أسيراً، منذ بداية انتشاره، وذلك وفقاً للرواية الإسرائيلية المشكوك فيها دوماً وأبدا، و"نخشى أن تكون الأرقام أكبر من ذلك، حيث لدينا تجارب سابقة ومريرة مع إدارة سجون الاحتلال".
وتابع: "يعيش الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي أوضاعاً صحية استثنائية، قلما يعيشها أسرى أو معتقلون في مناطق أخرى من العالم، فصور معاناتهم متعددة، والانتهاكات بحقهم كثيرة، ولدينا مئات الشهادات الحية والقصص القاسية، التي تروي تفاصيل سوء الظروف المعيشية، وأشكال الاستهتار المتعددة، وبشاعة التعامل الإسرائيلي مع القضايا الأكثر إنسانية".
وتعتقل سلطات الاحتلال في سجونها ومعتقلاتها زهاء أربعة آلاف وثلاثمائة أسير فلسطيني، بينهم - وفقاً لإحصائيات رسمية- نحو سبعمائة أسير فلسطيني، يعانون من أمراض مختلفة وإعاقات جسدية ونفسية وحسية متعددة، ومن بين هؤلاء ثلاثمائة أسير يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة وبحاجة إلى تدخل علاجي عاجل.
وحول عدد الأسرى المصابين بفيروس كورونا، والذي أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية أنهم 250 مصابا، قال فروانة: إن "عدد الأسرى المرضى لا يقتصر على هذا، فهذا العدد يشمل فقط من ظهرت عليهم أعراض المرض فتم تشخيصهم، حيث يُعتقد أنه ليس كل من لم تظهر عليه أعراض المرض سليماً، وليس كل سليم ومعافى هو بمنأى عن الإصابة بالمرض، فلو أجريت فحوصات شاملة على الآخرين، فلا شك أن الرقم الحقيقي سيزيد عن العدد المعلوم".
وأضاف: "اليوم يزداد القلق والخشية على الأسرى أكثر، مع إصابة المئات منهم بكورونا، وضعف جهاز المناعة لدى بعضهم، وجراء استمرار الإهمال الطبي المتعمد والاستهتار الإسرائيلي المتواصل وسوء النظام الغذائي".
واتهم "فروانة" إدارة السجون الإسرائيلية بعدم اتخاذ أي وسيلة لحماية الأسرى، وعدم توفير سبل الوقاية، كما لم تُجرِ أية تحسينات على النظام الصحي أو الغذائي، بما يساهم في تقوية الأسرى وتعزيز المناعة لديهم وخاصة المرضى منهم، كما ولم توقف الاقتحامات والاعتداءات.
وحذر المسؤول الفلسطيني من مصادرة إدارة السجون عشرات أصناف المواد الغذائية وأدوات النظافة من مقصف السجن "الكانتينا"، والتي كان يشتريها الأسرى على نفقتهم الخاصة، ما يؤكد على أنها تتعمد إلحاق الأذى بالأسرى، غير مكترثة بما قد يصيبهم من خطر.
وقال: "لم تكتفِ سلطات الاحتلال بذلك، وإنما سعت إلى توظيف كورونا لمعاقبة الأسرى وذويهم ومفاقمة معاناتهم، فصادرت الحق في زيارة الأهل ووضعت عراقيل أمام زيارات المحامين وفرضت إجراءات استثنائية بذريعة الفيروس، والتي يُخشى أن تتحول إلى قاعدة يحتاج تغييرها، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل زمن كورونا، إلى كثير من التضحيات والخطوات النضالية".
وأضاف: "أمام هذا الوضع الصعب وتردي حال الأوضاع الصحية في سجون الاحتلال فإن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية تكبر أمام المؤسسات الدولية، وتستدعي تدخلاً عاجلاً من أجل إنقاذ الأسرى المرضى، وتوفير الحماية للآخرين من خطر الموت أو الإصابة بالأمراض المختلفة وفايروس كورونا".
وحول تصريح وزير الصحة الإسرائيلي "يولي إدلشتاين"، بأنه سيتم تسليم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إلى مصلحة السجون اعتبارًا من الأسبوع المقبل، لتطعيم الأسرى الفلسطينيين، قال فروانة: "يأتي هذا الإعلان بعد التصريحات العنصرية لوزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، والذي رفض إعطاء الأسرى الفلسطينيين اللقاح المضاد، والاكتفاء بتطعيم السجانين والعاملين في إدارة السجون، تلك التصريحات التي قُوبلت برفض فلسطيني وتحرك قانوني، وبالمقابل أحدثت جدلا على الساحة الإسرائيلية".
وأضاف: "التصريحات الجديدة لوزير الصحة الإسرائيلي، لا تعني أنه يتمتع بإنسانية، حيث غيابه المتعمد وصمته المطبق أمام سوء الأوضاع الصحية في السجون وتردي إجراءات الوقاية والسلامة والخدمات الطبية المقدمة للأسرى منذ انتشار الجائحة".
واعتبر صدور قرار إسرائيلي بإعطاء الأسرى اللقاحات المضادة، "ثمرة جهود قانونية وسياسية، وانتزاعا للحق وانتصارا نظريا ومعنويا وأخلاقيا وإنسانيا وقانونيا لحقوقهم المشروعة، لكنه من الناحية العملية لا يعني إعطاء الأسرى كافة اللقاحات اللازمة، فإدارة السجون ستعمل على تقسيمهم وتجزئتهم إلى فئات ومراحل، ومن الممكن أن تلجأ إلى المماطلة أو الضغط والمساومة".
وأكد على غياب الرقابة الدولية على طبيعة اللقاح وفعاليته، وآلية إعطائه للأسرى، في ظل انعدام الثقة بإدارة السجون والتشكيك الفلسطيني الدائم بنواياها العنصرية، استنادا إلى التجربة المريرة والقاسية معها.
وحول موقف منظمة الصحة العالمية، التي طالبت دولة الاحتلال، بتوفير اللقاح للأسرى، قال فروانة: "هناك جهود حقوقية وقانونية وإنسانية تبذل من قبل منظمات ومؤسسات دولية عديدة لإنقاذ الأسرى من خطر الإصابة بالفيروس وضمان اتخاذ إدارة السجون التدابير اللازمة لحمايتهم، وتوفير اللقاحات المضادة لهم".
ودعا "فروانة" إلى استمرار الضغط على المؤسسات الدولية، وخاصة منظمتي الصحة العالمية والصليب الأحمر لإرسال وفد طبي دولي محايد لزيارة السجون، والإطلاع عن كثب على حقيقة الأوضاع الصحية الصعبة هناك، وإجراء فحوصات شاملة لكافة الأسرى وتوفير العلاج اللازم للمرضى منهم وحماية الآخرين من خطر الإصابة بالأمراض.
وحث على الاستمرار في المطالبة بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين ذوي الحالات الخطيرة، والأسيرات وكبار السن والأطفال، باعتبارهم الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بفيروس "كورونا" القاتل، خاصة وأن دول كثيرة أقدمت على مثل هكذا خطوة منذ انتشار "الجائحة"، بما فيها دولة الاحتلال التي سبق وأفرجت عن سجناء إسرائيليين في خطوة تعكس العنصرية والتمييز العنصري.
https://www.qudspress.com/index.php?page=show&id=66352