حوار| عبد الناصر فروانة يتحدث لـ«الغد» عن كل ما يخص الأسرى
– 200 أسير أصيبوا بكورونا.. وإسرائيل تنفذ عمليات اغتيال بحق الأسرى
– مطلوب بشكل عاجل إرسال وفد طبي دولي محايد للاطلاع على أوضاع الأسرى
– استمرار الاحتلال منع توفير لقاح كورونا للأسرى بمثابة قرار اعدام
15-1-2021
يعيش الأسرى الفلسطينيون في سجن الاحتلال الإسرائيلي أوضاعاً إنسانية وصحية خطيرة وكارثية بسبب سياسة الإهمال الطبي، التي تنتهجها مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية، والتي أدت إلى استشهاد العشرات من الأسرى، علاوة على تفاقم الأوضاع الصحية للعشرات منهم.
وتزداد الأوضاع في السجون خطورة بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا في السجون الإسرائيلية، وإصابة 200 معتقل بالفيروس القاتل، ورفض ما يسمى وزير الأمن الإسرائيلي تزويد الأسرى بلقاح كورونا، الذي وفرته إسرائيل لكافة موطنيها.
وقال المختص بشؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، في مقابلة خاصة مع “الغد”، إن ظهور أعراض الإصابة بفيروس كورونا على العشرات من الأسرى الفلسطنيين في سجن “ريمون” الإسرائيلي وغيره من السجون ينذر بكارثة وجريمة ترتكب بحق الأسرى، أشبه بعملية إعدام جماعي لهم، في ظل التعنت الإسرائيلي أمام توفير اللقاحات اللازمة للأسرى وتمكينهم من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
الأسرى وكورونا
أوضح فروانة للغد، أن “الوضع الصحي والإنساني يزاد خطرة وتدهور مع انتشار وباء كورونا داخل المعتقلات الإسرائيلية”، موضحا أن “المئات من الأسرى يعانون من أمراض مزمنة وضعف في الجهاز المناعة لديهم بسبب الأمراض والإهمال الطبي”.
وأكد فروانة، في مقابلة مع “الغد”، إصابة 200 أسيرب فيروس كورونا، كان آخرهم إصابة 5 معتقلين يوم أمس الثلاثاء، في سجن “ريمون” جُلهم في سجني “عوفر وجلبوع والنقب، وريمون “، وذلك وفقاً للرواية الإسرائيلية المشكوك فيها دوما وأبداً، مبدياً خشيته كبيرة من أن تكون أعداد الأسرى المصابين بكورنا أكثر من ذلك بكثير في ضوء سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى.
وحذر فروانة، من أن الأوضاع في السجون باتت مقلقة وخطيرة مع ظهور أعراض الإصابة بفيروس كورونا على العشرات من الأسرى في السجون دون أن يتم توفير الرعاية الطبية اللائقة للأسرى، وإصرار ما يسمى وزير الأمن الإسرائيلي على عدم توفير لقاح كورونا للأسرى.
وأوضح أنه نتيجة لظروف الاحتجاز القاسية والعوامل المسببة، فلقد سقط من بين الأسرى والمعتقلين نحو 226 شهيداً منذ العام 1967، وأن 71 أسيراً منهم كان الإهمال الطبي سبباً رئيسياً في استشهادهم، ومن بين هؤلاء هناك 4 أسرى استشهدوا خلال العام 2020، لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 3 منهم.
جثامين الشهداء
أشار فروانة إلى أن سلطات الاحتلال تحتجز أكثر من 250 جثمانا لفلسطينيين استشهدوا في ظروف مختلفة وأزمنة متعددة، وما زالت دولة الاحتلال تحتجزهم في ما يُعرف بمقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى، وتستخدمهم كوسيلة للانتقام ومعاقبة الشهداء وعائلاتهم وأحيانا للابتزاز والمساومة، في واحدة من أبشع وأكبر الجرائم الأخلاقية والإنسانية والقانونية التي تقترفها دولة الاحتلال بحق الشهداء بعد موتهم.
وذكر أن إسرائيل تعتقل في سجونها ومعتقلاتها حوالي 4400 أسير فلسطيني، بينهم -وفقاً لإحصائيات رسمية- نحو 700 أسير فلسطيني، يعانون من أمراض مختلفة وإعاقات جسدية ونفسية وحسية متعددة، بالإضافة إلى مئات آخرين من الأسرى المحررين الذين توفوا بعد خروجهم من السجن بفترات قصيرة متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون جراء سوء الأوضاع الصحية والاهمال الطبي.
ظروف احتجاز الأسرى
وتحتجز إسرائيل الأسرى الفلسطينيين في ظروف احتجاز قاسية ومعقدة من الناحية النفسية، وسوء المعاملة لهم، وتردي النظام الغذائي، وتشريع التعذيب الجسدي والنفسي، واستمرار العزل الانفرادي، وغيرها من أشكال الضغط والقهر والحرمان والتنكيل بالأسرى والجرحى والمصابين ومنع الزيارات أحيانا، دون التزام بالضمانات الخاصة باحتجاز الأسرى.
وفي ذلك يبين فروانة، أن إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، تتعامل مع الأسرى وفقاً لقوانينها العسكرية وإجراءاتها الأمنية ورؤيتها السياسية، ومفهومها لهم كـ”مجرمين وإرهابيين” دون الاعتراف بهم كمناضلين من أجل الحرية، الأمر الذي انعكس سلباً على ظروف احتجازهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
وأشار إلى تردي مستوى الرعاية الصحية والخدمات الطبية المقدمة للأسرى والمعتقلين، وافتقار السجون والمعتقلات الإسرائيلية للعيادات المتخصصة، المجهزة بالأدوات والأدوية اللازمة، لأي من الجرحى والمصابين والمرضى العاديين، أو ذوي الاحتياجات الخاصة منهم، وكذلك افتقارها للأطباء والاخصائيين وفي بعض الأحيان تتحول تلك الغرف (العيادات) إلى أماكن للتحقيق والضغط والابتزاز.
القتل المتعمد
أكد فروانة في حديثة لـ”الغد ” على أن احتجاز الأسرى والمعتقلين في أماكن قديمة ومحكمة الإغلاق وغير ملائمة صحيا، ولا تتوافق مع المعايير الدولية، التي تنص عليها مجموعة قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا، لمعاملة السجناء، وخاصة في القاعدة 13 وغيرها من المواد والقوانين، بالإضافة إلى التعذيب وظروف الاحتجاز والإهمال الطبي تعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى وفاة الأسرى وإصابتهم بالأمراض المزمنة.
متابعا حديثه، والأخطر وجود بعض السجون (النقب ونفحة وريمون وبئر السبع) في صحراء النقب وفي محيط بيئة ملوثة بحكم قربها من “مفاعل ديمونا” وفي محيط المناطق التي تدفن فيها مخلفاته، ويقبع فيها قرابة نصف اجمالي عدد الأسرى.
وسبق لوزارة البيئة الإسرائيلية، أن نشرت تقريراً في يناير/ كانون الثاني 2010، حذرت فيه من وجود نفايات سامة وخطرة، في منطقة النقب، قد تسبب الإصابة بأمراض خبيثة ومنها السرطان، كونها منطقة قريبة من “مفاعل ديمونا” وتستخدم لدفن النفايات النووية ومادة الأسبست التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض مسرطنة، إلا أن سلطات الاحتلال لم تتخذ أية إجراءات لحماية الأسرى هناك، أو نقلهم إلى أماكن احتجاز أخرى.
حقل تجارب
أشار فراونة إلى ظاهرة الأخطاء الطبية، وقال إن هذا يعود إلى أن أغلب الأطباء داخل ما تُسمى بعيادات السجون، هم أطباءً حديثو التخرج، قليلو التجربة، يمكن وصفهم بالمتدربين، الذي لم يحصل بعضهم بعد على الإجازة الطبية القانونية، وهذا يعني بأن سلطات الاحتلال تدرب أطباءها على أجساد الأسرى، مما يعزز الاعتقاد بأن كل ذلك مقصود ومتعمد، تهدف إلى مضاعفة الآلام والمعاناة، وإلحاق الأذى بصحة الأسير.
وأضاف أن هناك اعتقادا سائدا لدى الفلسطينيين باستخدام أجساد الأسرى لتجارب طبية لأدوية مختلفة، وما يعزز هذا الاعتقاد أنه وفي إحدى جلسات الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، في العام 1997، كشفت عضو الكنيست ورئيسة لجنة العلوم البرلمانية في إسرائيل (داليا إيتسك) عن هذه التصرفات الإجرامية، حين قالت: “إن ألف تجربة طبية تجرى سنوياً على المعتقلين داخل السجون بشكل سري”.
أما رئيسة شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية (آمي لفنات)، فقد صرحت أمام الكنيست في ذات الجلسة، بـ”أن هناك زيادة سنوية قدرها (15%) في حجم التصريحات التي تمنحها وزارة الصحة لشركات الأدوية الإسرائيلية الكبرى لإجراء المزيد من تجارب الأدوية على الأسرى”.
وتابع فروانة، أن صحيفة البراﭬدا الروسية كشفت في عاك 2013 عن قيام سلطات الاحتلال بحقن الأسرى، الذين اقترب موعد إطلاق سراحهم، بفيروسات تؤدي لإصابتهم بالسرطان.
وهذا يدلل على ان الإهمال الطبي والاستهتار بحياة الأسرى سياسةً إسرائيلية ثابتة، وبمشاركة أطباء عيادات السجون الذين يتعاملون باستخفاف مع المرضى وهم شركاء في الجريمة.
مناشدات دولية
وطالب فروانة المؤسسات الدولية وخاصة منظمتي الصحة العالمية والصليب الأحمر بإرسال وفد طبي دولي محايد لزيارة السجون والاطلاع عن كثب على حقيقة الأوضاع الصحية الصعبة هناك، وإجراء فحوصات شاملة لكافة الأسرى وتوفير العلاج اللازم للمرضى منهم وحماية الآخرين من خطر الإصابة بالأمراض.
وشدد على ضرورة الاستمرار في المطالبة بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين ذوي الحالات الخطيرة، والأسيرات وكبار السن والأطفال، باعتبارهم الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بفيروس “كورونا” القاتل، خاصة وأن دول كثيرة أقدمت على مثل هكذا خطوة منذ انتشار “الجائحة”، بما فيها دولة الاحتلال التي سبق وأفرجت عن سجناء اسرائيليين في خطوة تعكس العنصرية والتمييز العنصري.
ودعا فروانة إلى توظيف كافة الأدوات السياسية والآليات الدولية بما يكفل انقاذ حياة الأسرى المرضى، ووضع آليات قانونية وعملية لحماية الأسرى الآخرين من خطر الموت أو الاصابة بالأمراض وفايروس “كورونا” القاتل.