أهالي أسرى غزة.. فرحة منقوصة في رمضان
غزة- 15-6-2016- معا - يستقبل المسلمون في بقاع الأرض شهر رمضان بفرح وسرور وتلتقي فيه الأحبة وتجتمع العائلات على مائدة واحدة مزينة بأكلات ومشروبات متعددة وتتبادل فيه التهاني ويصلون أرحامهم.. في المقابل هناك فلسطينيون لا يرون أبنائهم منذ 15 عاما منفيون داخل الزنازين الإسرائيلية وتمر عليهم المناسبات الدينية مثل رمضان والأعياد دون معرفتهم بها .
ويقبع في سجون الاحتلال 7 آلاف أسير بينهم قرابة 400 اسير من قطاع غزة في ظروف انسانية صعبة ومنهم مرضى وكبار في السن محكومين مؤبدات مدى الحياة .
ويستذكر أهالي الأسرى أبنائهم على موائد الإفطار في شهر رمضان المبارك حيث يخيم الحزن والألم وحرقة الفراق وجوه هذه الأسر لفقدانهم أحد أركانها.
"ملامح وجه ابني ما بعرفها" هذه كلمات الرجل الخمسيني عماد عريف والد الأسير باسل عريف من سكان مدينة غزة ومحكوم مؤبدين و 25 عاما ويقبع في سجن نفحة الصحرواي.
يقول عماد عريف البالع من العمر 55 عاما:" آخر رمضان عشته مع ابني باسل كان عمره 18 عاما واليوم عمره 34 عاما كيف سيكون الشعور حزن وألم على فراق ابني الذي لم أراه منذ 15 عاما بتهمه مقاومة الاحتلال ؟".
وتابع والد الأسير الممنوع من الزيارة:" ابني محكوم مؤبدين و 52 عاما بتهمة مقاومة لاحتلال حاضر معنا على مائدة الإفطار والسحور في هذا الشهر الكريم ونسال الله أن يكون الفرج قريب له ولجميع الأسرى في السجون ".
وأوضح والد الأسير فانه يطمئن على ابنه من خلال الأسرى الذين يفرج عنهم.
ودعا الرئيس محمود عباس والمقاومة الفلسطينية أن يضعوا قضية الأسرى على سلم أولوياتهم.
وناشد عريف المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بضرورة التدخل للإفراج عن الأسرى الذين يعانون ظروفا إنسانية صعبة.
بدوره، قال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى :"إن دولة الاحتلال و للأسف كعادتها لا تراعي خصوصية شهر رمضان ولا توفر احتياجات الأسرى بل تتعمد التضييق عليهم وتصعد من اعتداءاتها عليهم واجراءاتها القمعية بحقهم مما يفاقم من معاناة الأسرى وذويهم خلال هذا الشهر الفضيل".
وأضاف في حديث لمراسل "معا":" لذا فالمعاناة مزدوجة فكم من أم غص حلقها باللقمة لحظة الإفطار لتذكرها ابنها الذي يقبع هناك وراء القضبان، وكم من أب انهمرت الدموع من عينيه في أيام رمضان وهو يتصور ابنه مقيد اليدين في سجون الاحتلال".
وتابع :"ويحدث شيء شبيه بهذا داخل السجن كذلك حيث يتذكر الأسير المناسبة في الخارج ويتصور ما يحدث لأهله في هذه اللحظة دون حضوره فيزداد شعوره بالحرمان خاصة إن كان من القدامى أو ممن فقدوا أحد الوالدين خلال سني الاعتقال".
وأردف فروانة وهو أسير سابق لأكثر من مرة ومختص بشؤون الأسرى قائلا:"إن لشهر رمضان مذاق آخر في السجون فبالرغم من مرارة الحياة وقسوة الأحداث والإجراءات الإسرائيلية في شهر رمضان إلا أن الأسرى يدركون جيدا أن الحياة يجب أن تستمر لذا تراهم يحاولون تناسي ما بهم من هموم ويتعالون على آلامهم". واستطرد قائلا :" فيستقبلون هذا الشهر بما يليق به، ويتبادلون التهاني والتبريكات فيما بينهم ويقضون أيامه ولياليه بالتهجد وتلاوة القرآن والدعاء بأن يفرج الله كربهم وأن يفك قيدهم حتى إن بعض الأسرى يتمون حفظ القرآن في هذا الشهر".
وأوضح كما ينظم الأسرى الدورات في تعليم التلاوة والتفسير كل ذلك إلى جانب العديد من البرامج الترفيهية والمسابقات الوطنية والدينية والرياضية.
وقال فروانة :" كما يتفنن الأسرى في صنع الأطعمة والحلويات الخاصة بطرقهم الخاصة ووفقا للإمكانيات المتوفرة بما يتناسب وشعائر هذا الشهر العظيم". من جانبه ، اتهم مركز أسرى فلسطين للدراسات إدارة سجون الاحتلال بتعمد التنغيص والتنكيد على الأسرى في شهر رمضان المبارك وكسر فرحتهم باستقبال هذا الشهر الفضيل بعدة إجراءات وممارسات قمعية تزيد من أوضاعهم صعوبة وقساوة.
وقال الناطق الإعلامي لمركز اسرى فلسطين الباحث رياض الأشقر إن الأسرى كل عام يأملون مع قدوم شهر رمضان بان تكون الأوضاع أفضل من ذي قبل وأن ينعمون بأجواء إيمانيه خاصة ويتفرغون فيها إلى العبادة وقراءة القران وحفظه والصلاة الجماعية والابتهال إلى الله بالدعاء ولكن الاحتلال يبدد آمالهم في كل مرة بمزيد من الممارسات القمعية والتعسفية بحقهم خلال هذا الشهر الكريم. وأشار الأشقر إلى أن إدارة السجون تتعمد إرباك الوضع الاعتقال بشكل مستمر حتى لا يشعر الأسرى بخصوصية شهر رمضان وذلك عبر عمليات الاقتحام والتفتيش والاستنفار الدائمة تحت حجج وذرائع واهية والتي تستمر أحيانا منذ الصباح وحتى موعد الإفطار أو تبدأ بعد الإفطار وتنتهي بعد أذان الفجر بعدة ساعات، والتي كان آخرها قبل أيام باقتحام قسم 12 في سجن نفحه تزامنا مع أداء الأسرى لصلاة التراويح بحجة التفتيش حيث رفض الأسرى هذا الإجراء التعسفي المتعمد في مثل هذا الوقت .
وأوضح الأشقر أن الاحتلال يتعمد في رمضان تقديم طعام سئ للأسرى كما ونوعا ويرفع الأسعار في كنتين السجن بشكل مبالغ فيه عن الأيام الأخرى في غير رمضان وذلك لإرهاق الأسرى ماليا واستنفاذ مخصصاتهم المالية التي تصل إليهم من ذويهم وتفرض عليهم كذلك شراء أصناف محددة قد لا يرغب بها الأسرى إضافة إلى رفض إدخال مبلغ كنتين إضافي للأسرى في شهر رمضان من أجل تمكينهم من شراء احتياجاتهم الأساسية وذلك إمعاناً في التضييق عليهم .
وبين الأشقر بان من أساليب التنكيد على الأسرى خلال رمضان هي قيام الإدارة بمصادرة المراوح من غرف الأسرى أو منعهم من شراء مراوح إضافية وخاصة في السجون التي تقع في الأجواء الصحراوية حيث الحرارة والرطوبة مرتفعة وتزداد صعوبة مع الصوم مما يحول الغرف إلى أفران حارة وكذلك تنفيذ تنقلات بين الأقسام والسجون لعدد من الأسرى وهذا يخلق حالة من الإرباك والتوتر لدى الأسير الذي يحتاج لعدة أسابيع حتى يتكيف مع الوضع الجديد، إضافة إلى مضاعفة عمليات عرض الأسري على المحاكم في رمضان لما فيها من معاناة وتعب وسفر عبر البوسطة لساعات طويلة وقد يرافقها اعتداء على الأسرى . كما تعطل إدارة مصلحة السجون إدخال الأغراض الخاصة بشهر رمضان كالتمور وزيت الزيتون والحاجيات التي يستخدمها الأسرى لصناعة الحلويات والتي تحضرها المؤسسات المختصة أو الأهل خلال الزيارة.
وطالب المركز المؤسسات الحقوقية الدولية بضرورة التدخل لوقف اعتداءات الاحتلال على الأسرى خلال هذا الشهر الفضيل، وتوفير أجواء مناسبة لهم ، لإقامة الشعائر الدينية التي تخص المسلمين في هذا الشهر، وتوفير كل مستلزمات الحياة لهم .