فلسطين خلف القضبان www.palestinebehindbars.org
|
في الذكرى الثانية للإنقسام
فروانة : معاناة الأسرى خلال عامين من الإنقسام تفوق معاناتهم خلال أربعين عاما من الإحتلال
غزة –14-6-2009 – أكد الأسير السابق ، الناشط المختص في الدفاع عن الأسرى عبد الناصر فروانة ، اليوم ، بأن الحركة الأسيرة عانت خلال عامين من " الإنقسام " ، وتعرضت لجملة من القوانين المجحفة والإجراءات التعسفية والإنتهاكات الجسيمة ، ما يفوق ما عانته وتعرضت له خلال أربعين عاماً من الإحتلال منذ النكسة ولغاية اليوم .
وأضاف الناشط في مجال الدفاع عن الأسرى عبد الناصر فروانة في بيان صحفي وزعه اليوم في الذكرى الثانية للإنقسام ، بأن الإنقسام وما ترتب عليه من نتائج سلبية مؤلمة ووخيمة ، كان من الأسباب الرئيسية التي أدت الى تفاقم معاناة الأسرى ، ووفر لإدارة سجون الاحتلال أرضية خصبة وفرصة غير مسبوقة للإستفراد بهم و التمادي بانتهاكاتها واجراءاتها وتصعيدها وسن بعض القوانين الظالمة .
وأوضح فروانة بأن انجازات الحركة الأسيرة آخذة بالتقلص والتلاشي ، فيما كانت تزداد وتتسع قبل " الإنقسام " ، وأن " الإنقسام " أدى إلى تحقيق ما عجزت عن تحقيقه إدارة السجون خلال أربعين عاماً بنسب متفاوتة لكنها واضحة ، من خلال محاولاتها المستمرة لتشويه صورة الأسرى أمام الرأي العام العالمي والإنتقام منهم من خلال منظومة اجراءات وقوانين تشريعية ووزارية ، ومحاولة تحويل السجون لأماكن للإستثمار والربح ، وإهانة الأسرى والتعامل معهم وكأنهم سلعة أو بضاعة دون أية قيمة إنسانية أو حقوقية .
الإنقسام امتد وقسَّم الأسرى ..
وتابع : " الإنقسام " أتاح لإدارة السجون الأرضية للتعامل معهم والفصل فيما بينهم وفقاً للسكن والانتماء الحزبي والتهمة أحياناً ، وتغذية الإختلافات والتعارضات الداخلية ، مما أفقدهم وحدة القرار في المواجهة والتصدي ، فتَسرَب الإحباط واليأس الى نفوسهم ، وتسلل لديهم شعور بالعجز وعدم القدرة على الرد على انتهاكات السجان والدفاع عن الإنجازات السابقة ، فشكَّل ذلك خطورة واضحة على حياتهم وعلى كل ما أنجزته الحركة الأسيرة طوال أربعين عاماً سبقت " الإنقسام " .
ورأى فروانة بأن أبرز ما ميز الحركة الأسيرة خلال أربعة عقود سبقت الإنقسام كانت وحدتهم ووحدة من يقف خلفهم ، وتسلحهم بمعنويات عالية وشعورهم بالقوة والقدرة على مواجهة السجان والتصدي لإستفزازاته وانتهاكاته في أي وقت .
مبيناً بأن الحركة الوطنية الأسيرة استطاعت بوحدتها وتماسكها أن تنتزع حقوق أساسية وأن تحقق انتصارات عدة وأن تحدث تغييراً جذرياً على ظروف الحياة الإعتقالية وآلية التعامل معهم من قبل السجان وحتى من قبل الجهات السياسية الإسرائيلية ..
الأسرى .. مجتمع متكامل معرّض للإنهيار
واستطاعت أن تنسج فيما بين عناصرها شبكة علاقات هي الأجمل والأروع ، وأن تشيد مجتمعاً صغيراً قائم على أساس الوحدة الوطنية ويحتكم لقاعدة الوحدة في مواجهة الصراع مع ادارة السجون ، مجتمع تسوده المحبة والإخوة ، التعاضد والتكافل ، ويعتمد على الحوار لغة أساسية لحل أية خلافات أو تعارضات يمكن أن تبرز فيما بينهم ، مجتمعاً لطالما حلمنا بتشييده خارج الأسر .
مؤكداً على أن كافة الأسرى ، وفي المقدمة منهم الشهداء الأسرى ، ضحوا وناضلوا واعتقلوا وأفنوا زهرات شبابهم وسنوات طويلة ، بل وعقود من أعمارهم ، من أجل قضية مقدسة موحدة غير قابلة للتجزئة أو القسمة ، من أجل وطن واحد ودولة مستقلة واحدة عاصمتها القدس الشريف وليس من أجل وطن مقسم ، ونسيج اجتماعي مفكك بشكل غير مسبوق ، ومجتمع ممزق يتشاجر فيه الإخوة ويتقاتل فيه المقاتلون .
وأعرب فروانة عن خشيته من استمرار " الإنقسام " ، لما سيؤول اليه من اتساع خطورة تأثيره وتوابعه الى ما هو أكبر وأخطر من ذلك بكثير على الحركة الأسيرة ، وأن يقضي على كل ما حققته من انجازات طوال أربعين عاماً مضت ، وأن يعيد أوضاعها الى ما كانت عليه عام 1967 بل واسوأ .
وقال : إذا لم يتحرك الجميع من الآن وقبل فوات الأوان لإنهاء الإنقسام والوقوف كرجل واحد خلف الأسرى ، فان الانتهاكات ستستفحل ، وربما حينها تضطر الحركة الأسيرة للبدء من الصفر في خوض نضال جديد وتقديم قوافل جديدة من الأسرى شهداء .
الإنقسام مزّق وحدة لأسرى وذويهم ومن يقف معهم
وأوضح فروانة بأن الإنقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية منذ الرابع عشر من حزيران عام 2007 ، مزقّ الوطن والمجتمع ، وفتت وحدة النسيج الإجتماعي للشعب الفلسطيني لاسيما في قطاع غزة الى جزيئات ، وأضعف نضالنا وأدى لتراجع مقاومتنا ، وامتد ومزقَّ وحدة أسرانا وأذاب متانتها ولين صلابتها ، وأحدث شروخات كبيرة بين صفوف ذويهم ، ووحدة من يقف خلفهم ، وأدى لبروز مشاهد مؤلمة خلال بعض الفعاليات والأنشطة القليلة التي تحمل عنوان الأسرى .
ورأى فروانة في بيانه بأنه وبسبب " الإنقسام " لم تعد قضيتهم تقف على سلم أولويات الفصائل ، فيما هموم " الإنقسام " والتجاذبات السياسية والحصار والبطالة هي من تقف على سلم أولويات المواطن ، لاسيما المواطن الغزي ، وانحصرت قضية الأسرى داخل الدائرة الإجتماعية الأولى للأسرى ونفر قليل من المهتمين والنشطاء والأسرى المحررين وحتى هؤلاء تأثروا من الإنقسام ومُزقت وحدتهم وتشتت فعلهم وانقسموا الى فئات ، وهذا ما يبرر عدم قدرة الحركة الأسيرة على اتخاذ قراراً بالمواجهة المصيرية أو بالإضراب المفتوح عن الطعام حتى هذه اللحظة .
تراجع اهتمام مؤسسات حقوق الإنسان ..
واعتبر فروانة بأن " الإنقسام " كان من الأسباب الرئيسية في تراجع اهتمام مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين بقضية الأسرى بشكل ملحوظ ، لصالح القضايا الخلافية والإنتهاكات الداخلية والإعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
" الإنقسام " غيّب قضيتهم خارج فلسطين
و قال فروانة : بأن هذا الوضع المؤلم أضعف قدرتنا على الضغط والتأثير على المؤسسات الدولية التي هي بالأساس صامتة وغير مبالية لما يجري في سجون الإحتلال ، مما أدى الى ترسيخ غياب الملاحقة والمحاسبة لمرتكبي تلك الإنتهاكات والجرائم ، فاستفحلت بعضها وباتت جزء ثابت من واقع الحياة الإعتقالية ، والبعض الآخر متوقع أن يكون كذلك إذا بقيت الأحوال على حالها .
كما وأدى الإنقسام لتغييب قضيتهم على المستوى العربي والإسلامي ، وانعكس سلباً على اهتمام وسائل الإعلام بقضيتهم ، وغدى هذا الإهتمام موسمي ، وذلك لصالح قضايا ناتجة عن الإنقسام .. الخ .
استمرار الإنقسام = مزيداً من الإنتهاكات ..
وأكد فروانة بأنه وبدون انهاء الانقسام وعودة الوحدة الجغرافية لشطري الوطن ، والوحدة الوطنية المتينة للشعب الفلسطيني ، وإعادة الاعتبار لقضية الأسرى بكل ما يعنيه ذلك من معاني ، لا يمكن للحركة الأسيرة داخل الأسر أن تدافع عن انجازاتها التي تحققت بدماء شهدائها ومعاناة وعذابات مئات الآلاف من المعتقلين ، ولا يمكن لها أن تنتصر ولا يمكن لنا أن نلاحق إدارة السجون على جرائمها بحقهم ، وإذا استمر الإنقسام ، فلنتوقع مزيداً من القوانين المجحفة والإجراءات التعسفية والإنتهاكات الخطيرة لحقوقهم الأساسية .
( 13000 ) مواطن ومواطنة اعتقلوا خلال عامي الإنقسام
خلال عامين من الإنقسام اعتقلت قوات الاحتلال قرابة ( 13000 ) ثلاثة عشر ألف مواطن ومواطنة بمعدل ( 18 ) حالة اعتقال يومياً ، منهم قرابة ( 2600 ) ألفان وستمائة من قطاع غزة والباقي من الضفة الغربية والقدس ، وسجل خلال نفس الفترة قرابة ( 4000 ) قرار اعتقال إداري ، ما بين اعتقال جديد وتجديد الإعتقال ، وطالت تلك القرارات أطفال ونساء وشبان وشيوخ ، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني ، ووزراء في حكومات فلسطينية سابقة ، فيما أبعد خلال نفس الفترة العديد من الأسرى والأسيرات الى الأردن والى قطاع غزة لأسباب مختلفة .
وفيما يتعلق بالأسرى القدامى فبعد عامين من الإنقسام ارتفع عدد عمداء الأسرى ممن أمضوا أكثر من عشرين عاماً ليصل الى مائة ( 100أسير ) أمضوا ما مجموعه ( 2289 سنة ) بعدما كان عددهم ( 64 أسير ) في 14 حزيران من عام 2007 .
فيما دخل كافة الأسرى القدامى المعتقلين قبل أوسلو وعددهم ( 327 ) أسير الى قائمة من أمضوا أكثر من ( 15 عاماً ) .
( 7 ) أسرى إلتحقوا بقائمة شهداء الحركة الأسيرة
وأوضح فروانة بأنه وخلال عامين من " الإنقسام " إلتحق ( 7 أسرى ) بقائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة أربعة من الضفة الغربية واثنين من قطاع غزة ، وسابع من القدس ، ومن بين هؤلاء خمسة أسرى استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي وهم شادي السعايدة ، عمر المسالمة ، فادي أبو الرُّب ، فضل شاهين ، جمعة موسى ، هذا بالإضافة الى الشهيد محمد الأشقر الذي استشهد في معتقل النقب بعد إصابته بعيار ناري في الرأس في أكتوبر 2007 ، والشهيد فواز فريحات من جنين الذي أعدم بعد اعتقاله مباشرة ، لترتفع بذلك قائمة الشهداء الى ( 196 ) شهيداً منذ العام 1967 ولغاية اليوم ، فيما تفشت الأمراض الخبيثة والسرطانية بين صفوف الأسرى .
بالوحدة ننتصر وينتصر الأسرى
وفي هذا الصدد قال فروانة : هذا لا يعني بأنه لو لم يكن هناك انقسام ، لما كان هناك إعتقالات وانتهاكات بحق الأسرى ، ولكن كان بالإمكان بوحدتنا صون مكانة قضية الأسرى ومساندتها ووضع حد لما يتعرضون له ، وبدلا من أن تفقد الحركة الأسيرة إنجازاتها وأن تتمادي إدارة السجون في انتهاكاتها كان بالإمكان الحفاظ على تلك الإنجازات ، وتحقيق المزيد من الإنتصارات وتحسين شروط الحياة الإعتقالية ، بل وتحرير العديد من الأسرى عبر المفاوضات وتحسين شروط صفقة تبادل الأسرى ، والسير وفق خطة نضالية لمواجهة ادارة السجون يشارك فيها الجميع بشكل موحد بمن فيهم الأسرى أنفسهم .
وفي هذا الصدد ناشد فروانة الإخوة الفرقاء المتخاصمين الى التحلي بالمسؤولية وبصدق النوايا وبروح الإخوة وبسماحة تعاليم الإسلام ، والعمل الجدي لإنهاء حالة الإنقسام والتشرذم ، وعودة الوحدة لشطري الوطن وللنسيج الإجتماعي الفلسطيني ، وفاءً لدماء الشهداء ، ومعاناة الأسرى ونضالاتهم ، واحتراماً لتضحياتهم وصوناً لكرامة الشهداء منهم ، وتقديراً لعذاباتهم ومعاناتهم من أجل القضية الفلسطينية ، فبالوحدة الوطنية أولاً ، وثانياً وثالثاً يمكن لنا ان نضع حد لمعاناة أسرانا وأن ننتصر وينتصر الأسرى .