تقرير شهر آب المشترك حول سياسة الاعتقال التعسفي في الأراضي الفلسطينية المحتلة
شهر آب/ أغسطس 2017م
مقدمة
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر آب/ أغسطس 2017م، سياسة الاعتقال التعسفي بحق المئات من المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرت في جملة ممارساتها وإجراءاتها التي تنطوي على انتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأضحت عمليات الاعتقال التعسفي تُشكل ظاهرة خطيرة تواصلها سلطات الاحتلال على أوسع نطاق في مختلف المحافظات الفلسطينية وتطال الفئات كافة ولا سيما فئتي الأطفال والنساء.
وفي هذا الإطار تُصدر المؤسسات الشريكة (مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، نادي الأسير الفلسطيني، هيئة شئون الأسرى، ومركز الميزان لحقوق الإنسان)، تقرير شهر آب/ أغسطس 2017م؛ الذي يستعرض الإحصاءات والأرقام الناتجة عن أعمال التوثيق التي قامت بها المؤسسات الشريكة خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وينقسم التقرير إلى أربعة محاور، يتناول الأول إحصاءات عن أعداد المعتقلين، فيما يركز الثاني على اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان، أما الثالث فيتطرق إلى القتل خارج نطاق القانون (حالة الشهيد رائد الصالحي) ويتناول الرابع اعتقال الأطفال وفرض غرامات مالية باهظة عليهم.
كما يقدم التقرير معالجة قانونية لمختلف الأحداث التي يرصدها، احتكاماً لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويخلُص التقرير في نهايته إلى جملة من النتائج والتوصيات.
أولاً: إحصاءات حول عمليات الاعتقال:
واصلت سلطات الاحتلال اعتقالاتها التعسفية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي هذا السياق يرصد التقرير حالات الاعتقال التي وقعت خلال الفترة التي يغطيها التقرير، ويقدم في هذا الشأن أرقاماً وإحصاءات استناداً إلى أعمال الرصد والتوثيق التي قامت بها المؤسسات الشريكة خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وتشير حصيلة أعمال الرصد والتوثيق إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال شهر آب/ أغسطس 2017م (522) فلسطيني/ة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من بينهم (130) طفلاً، و(16) من النساء.
ووفقاً لأعمال الرصد والتوثيق فإن سلطات الاحتلال اعتقلت (194) مواطناً من القدس، و(70) مواطناً من محافظة الخليل، ومن محافظة رام الله (50) مواطناً، فيما اعتقلت من محافظة نابلس (45) مواطناً، ومن محافظة بيت لحم اعتقل الاحتلال (38) مواطناً، أما في محافظة جنين فقد اُعتقل (33) مواطناً، و(27) مواطناً من محافظة طولكرم، وكان عدد المعتقلين في محافظة قلقيلية (24) مواطناً، و(19) مواطناً من محافظة سلفيت، و(11) مواطناً من محافظة أريحا، و(7) مواطنين من محافظة طوباس، ومن غزة (4) مواطنين.
وبذلك بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين الإجمالي في سجون الاحتلال نحو (6300) أسير، منهم (64) أسيرة، بينهن (10) فتيات قاصرات، ونحو (300) طفل، ونحو (450) معتقلاً إدارياً، علاوة على وجود (12) نائباً في المجلس التشريعي قيد الاعتقال.
وعلى صعيد عدد أوامر الاعتقال الإداري، فقد أصدرت سلطات الاحتلال (134) أمراً إدارياً، من بينهم (61) أمراً جديداً، و(73) أمراً أُصدرت بحق أسرى للمرة الثانية والثالثة.
ثانياً/ اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان
على الرغم من أن المادة (1) من إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان التي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1998، تنص على أنه: "من حق كل شخص بمفرده وبالاشتراك مع غيره، أن يدعو ويسعى إلى حماية وإعمال حقوق الإنسان والحريات الأساسية على الصعيدين المحلي والدولي"، إلا أن الاحتلال يستمر في اعتقال وملاحقة الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ففي تاريخ 23/8/2017 اعتقلت قوات الاحتلال الناشط الحقوقي والباحث الميداني في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان "صلاح الحموري" عقب اقتحام منزله في بلدة كفر عقب شمال مدينة القدس وتفتيشه. والأسير الحموري اعتقل أكثر من مرة كان آخرها عام 2004، حيث قضى حكماً بالسجن لمدة تقرب ال7 سنوات لكنه تم تحرريه بموجب صفقة وفاء الأحرار في عام 2011. وبعد أيام من توقيفه تم الإفراج عنه بشروط وهي : 1- حبس منزلي لمدة 20 يوماً في قرية الرينة في الداخل المحتل 2- منع من السفر لمدة 3 شهور 3- إبعاد عن مدينة القدس لمدة 90 يوماً 4- كفالة قيمتها 10 آلاف شيكل، إلا أنه وبعد انتهاء الجلسة تم صدور أمر اعتقال إداري بحقه لمدة 6 شهور، وفي جلسة التثبيت ألغى قاضي محكمة الصلح قرار الاعتقال الصادر بحقه وتم الحكم عليه بإعادة ما تبقى له من حكم سابق بلغت قرابة الثلاثة شهور علماً أنه من محرري صفقة وفاء الأحرار، وعليه قدمت النيابة استئنافاً ضد القرار.
إن اعتقال الأسير الحموري هو اعتقال تعسفي يندرج تحت الاستهداف الواسع للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الحقوقيين في الملاحقة والاعتقال، بهدف منعهم من ممارسة دورهم المجتمعي في التوعية والدفاع عن حرية الأفراد وحقوقهم، يذكر أن الحموري اعتقل لأكثر من مرة تعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة، كان آخرها عام 2004 حيث قضى حكماً بالسجن لمدة تقرب ال7 سنوات لكنه تم تحرريه بموجب صفقة وفاء الأحرار في عام 2011، وخلال اعتقاله عام 2004، عرضت عليه سلطات الاحتلال أن يُبعد إلى فرنسا لمدة 10 سنوات كونه يحمل الجنسية الفرنسية بدلاً من اعتقاله والحكم عليه، إلا أنه رفض هذا العرض وبقي أسيراً إلى أن تم تحريره. وبعد الإفراج عنه تعرض للعديد من الإجراءات التعسفية من قبل قوات الاحتلال منها، في عام 2015 حيث صدر بحقه أمر منع من دخول مناطق الضفة الغربية في مرتين، حيث بلغت فترة المنع عام ونصف، وفي عام 2016 أبعدت زوجته "إلسا" التي تحمل الجنسية الفرنسية من الأراضي الفلسطينية بشكل قسري لمدة 10 سنوات وكانت حينذاك حامل بطفلها "حسن" الذي أنجبته خارج البلاد بعيداً عن والده. ومؤخرا تم رفض كافة الإجراءات القانونية المتعقلة بلم شمل العائلة، كإجراء عقابي تعسفي بحق صلاح وعائلته.
ثالثاً/ القتل خارج نطاق القانون "حالة الشهيد الأسير رائد الصالحي" من مخيم الدهيشة:
لم تكن سياسة الإعدامات الميدانية وإطلاق النار بقصد القتل، ردة فعل مفاجئة من قبل سلطات الاحتلال، بل كانت سياسة مدروسة وممنهجة من أعلى مستويات دولة الاحتلال سواء من خلال تصريحات ناطقي حكومة دولة الاحتلال في وسائل الإعلام أو من خلال مقترحات مباشرة من قبل أعضاء الحكومة بضرورة خفض المتطلبات القانونية لاستخدام الذخيرة الحية ضد الفلسطينيين للحد الذي شكل خرقاً واضحاً وصريحاً للقانون الدولي.
فمنذ شهر أيلول من العام 2015 عمدت المؤسسات الحقوقية على رصد وتوثيق الحالات التي قامت فيها قوات الاحتلال بإعدام مدنيين فلسطينيين خارج نطاق القانون، وقيام قوات الاحتلال بإطلاق النار على أماكن الجسم العلوية بقصد القتل (المناطق بين البطن والرأس)، إبان المظاهرات والمواجهات التي اندلعت في معظم المناطق الفلسطينية المحتلة.
وبذلك لم يتوانَ الاحتلال على استخدامه هذا الأسلوب حتى أثناء تنفيذه لحملات الاقتحامات والاعتقالات التي ينفذها الجيش في المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية، ففي تاريخ 9/9/2017 وفي ساعات الفجر الأولى اقتحم جيش الاحتلال معززاً بآلياته العسكرية مخيم الدهيشة شرقي مدينة بيت لحم من أجل تنفيذ حملة اعتقالات لأبناء المخيم، وأثناء تنفيذها للحملة قامت قوات الاحتلال بإطلاق النار المباشر من مسافة صفر على كل من الشاب عبد العزيز عرفة الذي أصيب في ساقه اليسرى برصاص الدمدم المتفجر، والشاب رائد الصالحي (22 عاماً) الذي استشهد بتاريخ 3/9/2017 متأثراً بجراحه التي أصيب بها أثناء اعتقاله نتيجة اختراق جسده 6 رصاصات أدت إلى حدوث إصابة مباشرة في منطقة الكبد والكلى، ومن خلال الشهادات الميدانية التي تم جمعها من العائلتين والتي أكدت على تعمد أفراد الجيش في إطلاقهم الرصاص الحي على الشابين بهدف إعدامهم ميدانياً:
فشقيق الأسير والشهيد مؤخراً بسام الصالحي، صرح بالآتي:
" بتاريخ 9/8/2017 وفي تمام الساعة 3:43 صباحاً استيقظت من نومي على أصوات صراخ داخل البيت وتحديداً صوت والدتي وهي تصرخ وتبكي وتقول أن الجيش قتلوا رائد وأنهم أطلقوا عليه النار واعتقلوه وهو مصاب، وعندما نهضت خرجت إلى الصالون وإذ بوالدتي تبكي وتصرخ وتقول لي أن رائد يستشهد وهو مصاب وموجود خلف السور الموجود خلف منزلنا، وكان برفقة والدتي أخي الصغير محمد كما يطلق عليه، بعدها تحركت فوراً لمحاولة إنقاذ رائد وخرجت من باب الصالون المؤدي إلى السور الخلفي، وفوراً قفزت على برندة منزل جيراننا من أجل أن أصل إلى الخلف بحكم أن المنازل لدينا في المخيم قريبة من بعضها البعض، وإذ بجنود الاحتلال يطلقون النار صوبي فاحتميت بسور البرندة لجيراننا، وكان الجنود يطلقون النار بشكل كثيف، وأثناء ذلك شاهدت جندياً ممدداً على سور منزلنا وبدا لي أنه مصاب، علمت فيما بعد أن الجنود أثناء إطلاقهم النار على رائد أصابوا هذا الجندي وكان كل تركيز الجنود على أن يقوموا بإخلاء الجندي المصاب، وقتها استغللت انشغالهم وقفزت على بيت جيران آخرين كان رائد ملقى على الأرض بالقرب من منزلهم الذي يقع مباشرة خلف منزلنا، فشاهدت رائد الذي كان ممدد وتسيل منه الدماء، وأثناء ذلك اقتربت منه ومددت يدي له من أجل سحبه، لكنه في هذه اللحظة صوب أحد جنود الاحتلال الليزر علي وتحديداً عند المنطقة العلوية لدي، فما كان أمام رائد إلا أن يرفع رجله اليسرى من أجل حمايتي وتلقى رصاصة في رجله، ففوراً قمت بسحب رائد من يديه بسرعة وحملته وهو مليء بالدماء وهربت من المكان، وتنقلت بين البيوت إلى أن استقررنا في بيت بعيد عن حارتنا التي كانت محاصرة ومليئة بالجنود في ذلك الوقت. وطوال هذه الفترة كان رائد ينزف دماً ويقوم بالحديث في أمور ويوصيني في العديد من الأشياء، كأنه يفارق الموت، فوضعته على رجلي وهو بين يدي فبدأ في إخراج دم من فمه بكثرة، وبعد 15 دقيقة تقريباً اقتحم عدد من جنود الاحتلال المكان علينا وكان برفقتهم كلاب هي التي وجدتنا بسبب دمائه التي نزلت منه على الأرض أثناء هروبنا، طلب مني أحد الجنود أن أبتعد عنه ولكني رفضت، وقتها هجم علي جندي آخر وسحب أقسام بندقيته وأطلق علي رصاص صوتي فقط من أجل إخافتي لكنني لم أتحرك من مكاني، بعدها ضربني نفس الجندي برجله على كتفي اليمين ورجلي اليمين وأبعدني بالقوة عن رائد. بعدها أخذوا رائد مني وأبعدوه عني، تقدم نحوه جندي وقام بفحص نبضه ولم أعلم بماذا تحدث، ومن ثم قام جنديان أحدهما حمله من يده اليمنى والآخر من رجله اليمنى، ولم أعلم أين أخذوه بعد أن غادر الجيش المخيم".
وتشكل ممارسة سلطات الاحتلال لسياسة الإعدامات والقتل خارج نطاق القانون جريمة حرب بموجب القانون الدولي، فبحسب المادة (8) الفقرة (أ)/1 من نظام روما الأساسي، تم اعتبار القتل العمد جريمة حرب، وعليه فإن الاحتلال يتحمل مسؤولية كاملة ضمن هذا السياق وقيامة بجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني ككل.
رابعاً/ اعتقال الأطفال وفرض غرامات باهظة عليهم
أصدرت محكمة عوفر الإسرائيلية أحكاماً متفاوتة بحق 39 قاصراً خلال شهر آب المنصرم، وفرضت غرامات مالية باهظة وصلت إلى أكثر من 110000 شيكل.
وتُشير أعمال الرصد والتوثيق التي تواصلها المؤسسات الشريكة إلى أنه خلال الشهر الماضي، تم إدخال 59 أسير قاصر إلى قسم الأشبال في سجن "عوفر"، 40 اعتقلوا من منازلهم، و10 من الطرق، و3 عند الحواجر العسكرية، و4 تم اعتقالهم بعد الاستدعاء، و2 لعدم حيازتهم تصاريح عمل.
وسُجل من بين هؤلاء 4 أطفال تم اعتقالهم بعد إطلاق الرصاص عليهم، و13 آخرين تعرضوا للضرب والتنكيل أثناء اعتقالهم واقتيادهم إلى مراكز التحقيق، علماً بأن الأحكام التي صدرت بحقهم تراوحت ما بين شهر إلى 32 شهراً.
وتعتبر المؤسسات الشريكة، أن فرض الغرامات المالية الباهظة بحق الأسرى الأطفال، يشكل عقاباً جماعياً لذوي الطفل ويثقل كاهلهم في ظل حالة الفقر السائدة، الأمر الذي يؤثر وينتهك جملة حقوق الإنسان الأخرى بالنسبة لهم ولعوائلهم، حيث بلغت الغرامات خلال الشهر ما قبل الماضي، ما قيمته 87 ألف شيكل.
خامساً/ المعالجة القانونية:
تُقدم المؤسسات الشريكة من خلال هذا المحور أوجه الحماية والضمانات القانونية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني والقانوني الدولي لحقوق الإنسان للمعتقلين، ويربط التقرير بين أنماط الانتهاكات الإسرائيلية والقواعد القانونية التي تشكل حماية وتحظر مثل هكذا انتهاكات، وذلك على النحو الآتي:
1- تُعد عمليات اعتقال المواطنين الفلسطينيين، انتهاكاً للضمانات القانونية المتعلقة بحظر الاحتجاز التعسفي، والتي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال المواد (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م، والمادتين (9) و(10/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1976م.
2- تشكل سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها دولة الاحتلال، ويجري من خلالها احتجاز الأشخاص بناءً على مواد سرية ودون إسناد أي تهمة للشخص انتهاكاً مباشراً لضمانات المحاكمة العادلة التي كفلتها القواعد القانونية الآتية:
أ- تعتبر مخالفة للمادة (11/1) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م، والتي نصت على أن: "كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية، تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه."
ب-تشكل انتهاكاً جسيماً للمادتين (9)، (14)، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1976م، والتي تكفل لكل شخص الحق في إجراء محاكمة عادلة، خاصة إبلاغه بالتهمة الموجهة ضده، وتمكينه من الدفاع عن نفسه.
ت-إن عدم الكشف عن التهمة المسندة للشخص المحتجز بموجب أمر الاعتقال الإداري، يحول دون إمكانية التحقق من مدى امتثال دولة الاحتلال للأسباب الأمنية والقهرية التي تجيز الاعتقال على هذا النحو، ودون معرفة ماهية تلك الأسباب التي اعتمدتها وهل هي فعلاً قهرية أم لا، وفقاً لما ورد في المادة (78) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، والتي نصت على أنه: "إذا رأت دولة الاحتلال لأسباب أمنية قهرية أن تتخذ تدابير أمنية إزاء أشخاص محميين، فلها على الأكثر أن تفرض عليهم إقامة جبرية أو تعتقلهم...".
ث-إن عدم إبلاغ الشخص المحتجز بالتهمة المنسوبة إليه، كما يجري بموجب سياسة الاعتقال الإداري، يشكل انتهاكاً للمادة (71) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، والتي تلزم دولة الاحتلال، بالإبلاغ عن التهمة دون إبطاء. كما تشكل مساساً بالمبدأ (10) من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذي يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988م، التي تستوجب الأمر نفسه.
3- يشكل قتل المواطن رائد الصالحي من إخلال إطلاق النار عليه بشكل مباشر، انتهاك للحق في الحياة المكفول بموجب المادة (3) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتشكل ممارسة سلطات الاحتلال لسياسة الإعدامات والقتل خارج نطاق القانون جريمة حرب بموجب القانون الدولي، فبحسب المادة (8) (2/أ/1) من نظام روما الأساسي، تم اعتبار القتل العمد جريمة حرب، وعليه فإن الاحتلال يتحمل مسؤولية كاملة ضمن هذا السياق وقيامة بجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني ككل.
4- يشكل احتجاز الأطفال مخالفة للمبدأ (13) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شئون الأحداث (قواعد بكين)، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1985م، والذي نص على أن لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة، كما نص على وجوب تقديم الحماية والمساعدة الاجتماعية والنفسية والتعليمية والمهنية والطبية، الأمر الذي لا توفره إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، بل يفرض عليهم القضاء الإسرائيلي غرامات مالية باهظة، وهي تندرج ضمن إطار العقوبات الجماعية المحظورة وقفاً لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
النتائج:
يشير التقرير إلى جملة من النتائج، من خلال تحليل ممارسات سلطات الاحتلال وواقع المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، والمعالجة القانونية لأنماط الانتهاكات الإسرائيلية، وهي على النحو الآتي:
1- تواصل سلطات الاحتلال انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
2- تُفضي الانتهاكات الإسرائيلية إلى معاناة قاسية يتكبدها المعتقلون الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية.
3- صمت المجتمع الدولي شجع سلطات الاحتلال على المضي قدماً في انتهاكاتها بحق المعتقلين الفلسطينيين.
4- عدم اضطلاع الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف بأدوارها، شجع سلطات الاحتلال على تصعيد انتهاكاتها.
التوصيات:
يخلُص التقرير في نهايته، إلى جملة من التوصيات استناداً إلى الوقائع سالفة الذكر، والتي تشير في مجملها إلى ارتكاب دولة الاحتلال انتهاكات منظمة وجسيمة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، على النحو الآتي:
توصيات على المستوى الدولي:
1- تشكيل لجنة تقصي حقائق من قبل مجلس حقوق الإنسان، بشأن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المعتقلين.
2- تفعيل أدوات المسائلة والمحاسبة من قبل المجتمع الدولي تجاه مقترفي الانتهاكات، وفاءً لالتزاماته القانونية والأخلاقية.
3- اضطلاع الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بمسؤولياتها والضغط على دولة الاحتلال لاحترام قواعد القانون الدولي الإنساني.
4- اللجان التعاقدية بتفعيل دورها في الرقابة على دولة الاحتلال وإجبارها على احترام معايير حقوق المعتقلين.
توصيات على المستوى المحلي:
1- تفعيل حملات التضامن المحلية مع قضية المعتقلين الفلسطينيين.
2- وسائل الإعلام بدعم المعتقلين من خلال تكثيف الحملات الإعلامية.
انتهى.