الأسرى وتدويل قضيتهم ..
* بقلم / عبد الناصر فروانة
13-3-2011
" تدويل قضية الأسرى " شعار يتردد باستمرار ، بل وأصبح مطلباً أساسياً لنا وللأسرى وذويهم ، وحاجة ملحة ومهمة لإطلاع العالم على ما يتعرض له الأسرى والأسيرات في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي في ظل جهل المجتمع الدولي بما تقترفه سلطات الاحتلال بحقهم من جرائم وانتهاكات جسيمة ، وفي ظل صمت وتخاذل مقصود وغير مبرر من غالبية مؤسساته التي تُعنى بالأسرى وحقوق الإنسان .
" تدويل قضية الأسرى " " شعار" يحمل في ثناياه أهداف كبيرة وشاملة ، ونتفق حول أهميته وأهدافه ، وقد نختلف حول كيفية تطبيقه وآليات وأشكال ترجمته .
" شعار " رفعته وزارة الأسرى والمحررين عام 2005 ، وكان لي الشرف بأن أكون المنسق العام لأول حملة دولية منظمة تطلقها الوزارة آنذاك للانطلاق بملف الأسرى صوب المحافل الدولية .
و بعيداً عن تفاصيل تلك الحملة الدولية ومسيرتها ، وما حققته في هذا الصدد ، فإنني أرى بأن جهوداً عظيمة بُذلت بعد ذلك من قبل وزارة الأسرى والمحررين ومؤسسات حقوقية فلسطينية وعربية ودولية بهدف تدويل قضية الأسرى ، وهي بمجموعها جهود تُحترم وتُقدر .
ولكن للإنصاف ومن وجهة نظري المتواضعة فان الأمور أخذت تسير بشكل أكثر تنظيماً وفاعلية منذ تولي السيد " عيسى قراقع " حقيبة وزارة الأسرى والمحررين منذ قرابة العامين ، حيث تمكن من احداث نقلة نوعية في التعامل مع هذا الشعار والعمل وفق رؤية واضحة ومنظمة ، فبدأها بانعقاد مؤتمر دولي في أريحا هو الأول من نوعه في فلسطين لنصرة الأسرى وذلك في نوفمبر عام 2009 بمشاركة دولية واسعة ، ومروراً بالإعداد والتحضيرات للذهاب بملف الأسرى إلى محكمة " لاهاي " الدولية ، وليس انتهاءً بمشاركته بالمؤتمر الذي عقد في مكتب الأمم المتحدة في فيينا يومي 7 و 8 آذار/ مارس 2011 ، وهي المرة الأولى التي تخصص فيها الأمم المتحدة أحد اجتماعاتها لمناقشة أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل ضدهم ، والذي شارك فيه خبراء مرموقين على الصعيد الدولي، وممثلين للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومراقبين، وممثلين لمنظومة الأمم المتحدة ولمنظمات حكومية دولية أخرى .
وما بين هذا وذاك هناك الكثير مما يمكن أن يُقال ويُكتب عن نشاطات ولقاءات ومؤتمرات عربية واقليمية ودولية لنصرة الأسرى بمشاركة واسعة ومميزة ، في غزة ورام الله والقاهرة والجزائر والمغرب وفي أوروبا وخلال كتابة هذه السطور هناك مؤتمر منعقد في سويسرا ..الخ ، وهناك مؤتمرات ولقاءات دولية يتم التحضير لها ، وبتقديري فان كافة هذه الجهود تصب في اتجاه دعم وتجسيد شعار " تدويل قضية الأسرى " ووضع ملف الأسرى أمام المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والحقوقية بكل ما يعني ذلك من متطلبات واستحقاقات .
ولا شك بأن كافة المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية قد خرجت بقرارات وتوصيات في غاية الأهمية وعلى كافة الصعد القانونية والحقوقية والإعلامية ، وربما تشابهت في بعضها ، فيما تضمن البيان الختامي لمؤتمر فينا الدولي العديد من القرارات ذات الصبغة الدولية التي تدين تعامل " اسرائيل " مع الأسرى واستمرارها في انتهاكات حقوقهم واحتجازها لهم في أماكن وظروف مخالفة للإتفاقيات الدولية .
كما وشدد المنظمون في مؤتمر فينا على أن الحجة الأمنية التي تسوقها سلطات الاحتلال، ليست مبررا لانتهاك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بصورة اعتيادية ، وأعربوا عن قلقهم إزاء استمرار إسرائيل في ممارسة التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة ضد المحتجزين الفلسطينيين الذين يحتجون على سوء معاملتهم، والاعتداء على كرامتهم، وسوء الأوضاع التي يعيشون فيها.. هذا بالإضافة إلى العديد من القرارات الأخرى والتي لا تقل أهمية من حيث مضمونها ومكانتها والجهة التي أقرتها .
وفي الختام وكي لا تبقى القرارات حبراً على ورق ، وحتى نستطيع ترجمتها إلى واقع ملموس واستثمارها بما يخدم أهدافنا ويحقق مطالبنا ، لا بد من التنسيق والتشبيك والتعاون فيما بين كافة اللجان التي تُشرف على المؤتمرات ، كما ولابد وأن نتفق حول مفهوم الشعار ومضمونه وما يُعنيه ، وأن تتوحد الجهود للعمل وفق خطة واضحة المعالم ، وإستراتيجية ثابتة ، وآليات وأشكال متعددة ، تكفل العمل بشكل تكاملي ، وتقود في النهاية إلى إحداث نقلة نوعية في الموقف الدولي من قضية الأسرى ، وإلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة .
فـ " تدويل قضية الأسرى " هي ليست مجرد سفر وتجوال بين بعض البلدان ، كما يظن البعض ، وإنما هي حلقات متشابكة ومتعددة الأشكال ، وللحديث بقية حول هذا الموضوع .
- العدد الحادي عشر من ملحق الأسرى والقدس
صحيفة الشعب الجزائرية