الباص ( 300 ) ومرور ربع قرن على الجريمة

المجرمون طلقاء والجرائم مستمرة

فروانة : إسرائيل تتمسك بخيار القوة لاستعادة مواطنيها ومستمرة في قتل المواطنين الفلسطينيين بعد اعتقالهم

الأحد :12-4-2009

غزة – 12-4-2009 – أكد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، اليوم ، بأن " إسرائيل " لا زالت متمسكة بخيار القوة ، كخيار وحيد لاستعادة مواطنيها وجنودها المختطفين أو المأسورين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية ، كما ولازالت مستمرة في قتل المواطنين الفلسطينيين بدم بارد بعد اعتقالهم كسياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين وتمنحها الغطاء القانوني والحصانة القضائية .

جاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير وزعه اليوم بمناسبة مرور ربع قرن على جريمة اقتحام الباص الإسرائيلي رقم " 300 " بالقرب من دير البلح وسط قطاع غزة وقتل اثنين من المقاومين الفلسطينيين بعد اعتقالهم ، وبعدما ظهرا أحياء أمام وسائل الإعلام ، فيما لا يزال المجرمون طلقاء والجرائم المماثلة متواصلة .

" اسرائيل " لا تزال تتمسك بالقوة لإستعادة مواطنيها

وأوضح فروانة بأن " إسرائيل " لا زالت متمسكة بمبدأ استعادة جنودها ومواطنيها بالقوة ودون الرضوخ للمقاومة أو دفع أي ثمن يذكر حتى ولو أدى ذلك إلى مقتل جنودها ومواطنيها المختَطَفين ، معتمدة على عملائها وأجهزتها الأمنية وما تمتلكه من تكنولوجيا حديثة ومتطورة ، وبالتالي هي ترفض على الدوام مبدأ التبادل ، أو التفاوض من أجل التبادل ، وتعتمد على قرار استراتيجي ثابت لديها يقضي باقتحام المكان وتحرير مواطنيها بالقوة ، كما جرى في عنتيبي ومعالوت واختطاف الباص الإسرائيلي " رقم 300 " ، وقضية الجندي الإسرائيلي " نخشون فاكسمان " الذي خطفه نشطاء من حركة حماس عام 1994 في الضفة الغربية وتم مهاجمة المكان المحتجز فيه مما أدى لمقتله واستشهاد محتجزيه .

وأضاف إذا فشلت في محاولاتها هذه فإنها تُجبر على إجراء مفاوضات من أجل التبادل ، وفي الوقت ذاته تبقى تراهن على قوتها وعملائها وأخطاء الآسرين حتى اللحظات الأخيرة ، وان توصلت لقناعة بفشل هذا الخيار فإنها تجري عملية التبادل .

وقال فروانة بأن مجمل عمليات التبادل التي نُفِذَت بنجاح لم تأتي بسهوله ولم تتجاوب " إسرائيل " معها من البداية وماطلت كثيراً واستخدمت القوة والضغط والابتزاز قبل أن تتم عمليات التبادل ، مستحضراً حربها على لبنان عقب أسر الجنديين الإسرائيليين ( أيهود غولدفاسير ، إلداد ريجيف ) من قبل منظمة حزب الله ورفضها التفاوض والتبادل ، وبعد فشلها باستعادتهما بالقوة خضعت للمفاوضات وأتجزت " صفقة التبادل " في تموز من العام الماضي أي بعد عامين تقريباً من أسر الجنديين ، والأمر ذاته جرى ضد غزة عقب أسر " شاليط " ومن ثم قبلت بالمفاوضات وكادت أن تنجز الصفقة قبل أسابيع ، ومع ذلك لازالت " إسرائيل " تراهن على قوتها وعملائها لاستعادة " شاليط " بدون ثمن ، أو بأقل الأثمان ، وان تمكنت من الوصول إليه فإنها ن تتردد في ذلك وستنسف كل المفاوضات ونتائجها التي تم التوصل إليها بين الطرفين بوساطة مصرية .

الإحتلال اعتمد سياسة قتل المواطنين بعد اعتقالهم منذ احتلاله لفلسطين

وأشار فروانة بأن اعدام اثنين من المقاومين بعد اعتقالهم ، أو ما عرفت بفضيحة الباص 300 ، لم تكن الحادثة الأولى أو النادرة كما أنها ليست الأخيرة ، مؤكداً على أنها جزء من سياسة اسرائيلية ممنهجة اتبعتها قوات الاحتلال كسلوك ثابت منذ احتلالها لفلسطين ، وأعدم على ضوئها آلاف المواطنين بعد احتجازهم بشكل جماعي أو فردى حيث كان يتم إخراجهم من بيوتهم واطلاق النار عليهم وتصفيتهم مباشرة  ، بالإضافة إلى مئات المعتقلين الفلسطينيين والعرب بشكل فردي بعد اعتقالهم .

وأضاف بأن عمليات الإعدام تتم بطرق عديدة فإما بتصفية المواطن لحظة الاعتقال مباشرة ، أو نقله إلى مكان ما وإطلاق النار عليه والإدعاء أنه هرب من السجن ، أو إطلاق النار عليه عن بُعد والإدعاء أنه حاول الهروب من قوات الاحتلال ، أو التنكيل بالمعتقل المصاب والاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه انتقاماً منه ومما قام به ، وعدم السماح بتقديم الإسعافات الطبية له وتركه ينزف بشكل متعمد حتى الموت ،  أو تعذيبه بشكل قاسي جداً في أقبية التحقيق أو في زنازين العزل الانفرادي بهدف القتل ، ومن ثم الإدعاء بأنه انتحر ، والشهادات والأمثلة في هذا الصدد كثيرة ، .

 

 وأعرب فروانة عن قلقه من استمرر تلك السياسة منذ عقود ولغاية اليوم ، بل وتصاعدها لاسيما خلال انتفاضة الأقصى ، وهبوط حياة المواطن المعتقل بشكل ملحوظ لدى المؤسسة الأمنية والعسكرية وصلت إلى أدنى مستوياتها ، وهذا يندرج في سياق القرار السياسي العلني الذي اتخذته حكومة الاحتلال المتمثل في تصعيد سياسة الاغتيالات والتصفية والإعدام خارج نطاق القانون بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام .

عملية اختطاف الباص ( 300 ) والهدف الإفراج عن أسرى

وذكر فروانة بأنه وفي مساء يوم الخميس الثاني عشر من ابريل / نيسان عام 1984 ، صعَد أربعة مقاومين من سكان قطاع غزة ، إلى حافلة  ركاب رقم 300 في محطة الباصات المركزية في تل أبيب والتي انطلقت إلى عسقلان في الساعة السادسة مساءاً  وكانت تقلّ أكثر من أربعين راكباً وفى منتصف الطريق سيطر المقاومين على الحافلة وأعلنوا عن اختطافها ، واحتجاز ركابها كرهائن ، وسمحوا بعدها لامرأة حامل بالنزول من الباص و التى قامت بدورها بإبلاغ قوات الاحتلال بحادثة الاختطاف .

وبعدها أجبروا  سائقها على حرف مساره والمضي جنوباً  باتجاه قطاع غزة ، ومن ثم قاد أحد المقاومين الحافلة ، وكان الهدف الوصول بها إلى إلى جمهورية مصر العربية واحتجاز ركابها لمبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين محتجزين لدى سلطات الاحتلال مقابل الإفراج عن الركاب.

وبعدما اكتشف أمر اختطافها ، جرت عملية المطاردة جواً وبراً وأطلقت النيران على الحافلة ، إلا أن المقاومين رفضوا التوقف وأصروا على المواصلة في طريقهم وتمكنوا من قطع عشرات الكيلومترات ، إلى أن أجبروا على التوقف بالقرب من دير البلح وسط قطاع غزة بعد أن انهالت عليهم زخات كثيفة من الرصاص والقذائف المدمرة بعد مهاجمة الحافلة بقوة عنيفة من قبل قوات الاحتلال مما أدى إلى مقتل عدد من ركاب الحافلة ، واستشهاد مقاومين فلسطينيين ، فيما أعتقل مقاومين آخرين .

وفي صور وزعت على وسائل الإعلام شوهد فيها اثنين من المقاومين أحياء ومسيطر عليهم بالكامل ولكن فيما بعد تم قتلهم والانتقام منهم .

وأثارت هذه الفضيحة أصداء واسعة داخل " إسرائيل " وخارجها بعد أن قُتِلَ مقاومان ألقي القبض عليهما وهما قيد الحياة ، واللجنة التي شُكلت من قبل وزير "الدفاع " الإسرائيلي كشفت أن الخاطفين قتلا بعد القبض عليهما واتهم حينها قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال " اسحق مردخاي " بالمسؤولية عن ذلك .

على آسري " شاليط " أخذ الحيطة والحذر

ودعا فروانة آسري " شاليط " إلى أخذ الحيطة والحذر ، والانتباه لكل المحاولات والألاعيب الإسرائيلية التي تحاول إحداث اختراقات أمنية في محاولة لحصولها على معلومات تقودها إلى معرفة مكان احتجاز " شاليط "  ومن ثم اقتحام المكان واستعادة جنديها حتى ولو كان جثة هامدة .

كما ودعا فروانة المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية إلى التحرك الجاد لوقف جرائم القتل بدم بارد لمواطنين بعد اعتقالهم ، بل ومحاسبة كل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم مماثلة من قبل .

معتبراً بأن غياب الرادع الحقيقي والملاحقة القانونية والقضائية ، في ظل الصمت والتخاذل الدولي ، هو ما مكّن قوات الاحتلال من الاستمرار في تماديها بانتهاج هذه السياسة بحق المواطنين والمعتقلين العُزل ، والتي تُعتبر انتهاكاً صارخاً لمعايير حقوق الإنسان وبشكل خاص الحق في الحياة تستوجب الملاحقة والمحاسبة.

وأكد فروانة في ختام تقريره بأن قضية الباص 300 لا تزال عالقة في الأذهان بكل حيثياتها وأحدثها وتبعاتها ، وبالرغم من مرور ربع قرن عليها ، إلا أن المجرمين طلقاء والجرائم المماثلة مستمرة دون محاسبة أو ملاحقة رغم ما أعقب الجريمة من ضجة إعلامية واجرءات حقوقية وقانونية .