استخلاصات من كتاب

" فلسفة المواجهة وراء القضبان "

 

    قرأت هذا الكتاب قبل أن أخوض أول تجربة إعتقالية ، واستفدت منه كثيراً ، وكانت كلماته حاضرة في ذهني أثناء التحقيق ، وبعد انتهاء فترة التحقيق وتحرري من المعتقل ، قررت قراءته مرة ثانية لأهميته ولاستيعابه جيداً ، مما ساعدني ذلك في مرات الإعتقال اللاحقة وفي جولات التحقيق المختلفة ... ولهذا أنصح بقراءة هذا الكتاب إذا توفر ، على الرغم أنني أبحث عنه منذ فترة وأتمنى أن أجده لأعيد طباعته ونشره على موقعنا ، ... ولكني اليوم أعيد نشر ملخص عنه مقدم من الأخ علي قبل أربعة أعوام ، مع الإشارة بأن أساليب التحقيق والتعذيب تطورت ، واستحدثت أساليب خداعية جديدة ، ولكن " فلسفة المواجهة وراء القضبان " يصلح لكل الأوقات والأزمنة ، ومع ذلك ندعو كافة المناضلين والمجاهدين قراءته وقراءة كل ما يتصل بهذا الموضوع والإطلاع على كتابات وتجارب سابقة ، فتاريخ الحركة الأسيرة حمل بين طياته تجارب مضيئة ومميزة في الصمود في أقبية التحقيق ، ومن المناضلين والمجاهدين من فضلَّ الإستشهاد على أن يحرك عضلة لسانه ويعترف عن رفاقه وإخوانه وأبناء شعبه.

 آمل أن نساهم جميعاً في تثقيف مناضلينا ومجاهدينا بثقافة الصمود والإنتصار لعلنا نستطيع أن نحد من حجم الإعترافات وتقديم المعلومات المجانية للمحققين ، وتجنب الإعتقالات والأضرار الجسيمة التي تنتج عن ذلك    .

كما أدعو من يمتلك من القراء هذا الكتاب أو مواد ودراسات ذات صلة بالموضوع وتجارب التحقيق أن يرسلها لنا لنشرها 

مع التحية

عبد الناصر فروانة

 

استخلاصات من كتاب

" فلسفة المواجهة وراء القضبان "

 

إعداد علي حتر

2003 / 4 / 8

 

المقدمة:

     لشعبنا العربي الفلسطيني في الأرض المحتلة خبرة طويلة تراكمية في أقبية التحقيق، وزنازين الاعتقال وسجون الاحتلال الصهيوني وسجون بعض الدول العربية والأجنبية، بدأ بتجميعها منذ بداية الصراع العربي الصهيوني، وما زال مستمرا بذلك. وتضاف إلى هذه الخبرة الآن، خبرة معتقلي وأسرى المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان.

كذلك فإن للاحتلال الصهيوني مدرسته العنصرية الفاشية التلمودية في التحقيق مع المعتقلين واستخدام مختلف الوسائل للحصول منهم على معلومات، الهدف منها تثبيت إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم، ثم استعمال المعلومات التي يحصلون عليها في التحقيق، لكشف جوانب العمل السري المتعلقة برفاقهم، ومحاربة المناضلين الآخرين، وقهر الشعب الفلسطيني.

ومن أجل تثقيف المناضلين، قامت مجموعة من الأسرى الذين خبروا التحقيق والسجون، قبل عدة سنوات، بإصدار كتاب بعنوان، (فلسفة المواجهة وراء القضبان). يحدد مجموعة من المفاهيم والبديهيات، ولخص مجموعة من التجارب، ويبين الأساليب المختلفة التي يتعرض لها المعتقلون في معتقلات العدو الصهيوني، في محاولة منهم لتسليح المناضلين ضده، بالمعرفة المسبقة والعلمية حول التحقيق وأساليبه، لمساعدتهم على الصمود والتحدي امام المحققين، ولحماية الثورة والمناضلين والمجاهدين الآخرين، وذلك بتعريفهم عما ينتظرهم في أقبية التحقيق، وشرح أفضل الطرق للتعامل مع المحققين، فلا يفاجؤون مفاجأة قد تدفعهم إلى الإنهيار.

ونظرا لعدم توفر الكتاب في الأسواق، ولأن سلطات الإحتلال تجمع أي أعداد منه تنزل إلى الأسواق، ولأن الكتاب في 250 صفحة، لا يستطيع أن يقرأه الجميع، فقد قمنا بدراسته واستخلاص مفاهيم وتوصيات ونقاط محددة ومختصرة منه، ليستفيد منها كل مناضل، مهما كان مستواه الثقافي والتعليمي، وحتى نوفر الوقت لمن لا يملكه، وتبقى قراءة الكتاب ضرورية فقط لمن يريد أن يستزيد من الشروحات والمفاهيم.

ونلفت انتباه المناضلين والمجاهدين، إلى أن العدو الصهيوني قد يلجأ إلى أساليب أخرى غير ما ورد هنا، نظرا لتمرسه وإبداعه في مجال التعذيب والتحقيق، لكننا نؤكد أن قراءة هذه الأوراق المبسطة، تساعد على أن يدرك المعتقل ما يدور حوله خلال التحقيق، وحجم ما يمكن أن يتعرض له، ليستطيع بعد ذلك حماية نفيه من الإنهيار.

ومن المهم أن نؤكد أننا لا نضع أية حقوق ملكية على هذه الدراسة، تماما مثل الذين ألفوا الكتاب الأصلي، ومن الممكن لأي مناضل أن يصورها ويمررها للمناضلين الآخرين للإستفادة منها، بل إننا نرجوه أن يفعل ذلك..

وسوف ننشر الدراسة مقسمة إلى صفحات عادية، ليتمكن أي شخص من تصويرها، ولتسهيل تداولها والتعامل معها، عسانا نكون قد قدمنا هذه الخدمة للمناضلين والمجاهدين، لحمايتهم وحماية الأنتفاضة والثورة، في الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضتنا الباسلة..

خطوات الإعتقال:

إذا اعتقلت فتوقع الخطوات التالية كحد أدنى، حتى لا تفاجأ:

قد يداهمون بيتك، أو مقر عملك، أو يعتقلونك من الشارع، وإذا طلبوا منك التوقيع على أية ورقة، فلا نفعل ذلك، ولا تقر بتوقيعك أنهم لم يأخذوا شيئا منك أو من المكان الذي أخذوك منه.

سيدفعونك بعنف إلى داخل السيارة، وربما يمددونك تحت أرجلهم، ويضربونك بالبنادق، ويدوسون عليك، كما يمكن أن يغموا عينيك ويكبلوا يديك، حتى وصولك إلى مكان الإعتقال، دون أن يخلو الأمر من شتائم وإهانات.

يسلمونك إلى الجهة التي ستكون مسؤولة عنك خلال التحقيق، حيث يفك قيدك مؤقتا، وتنزع الغمامات عن عينيك، ثم تستبدل ملابسك، وتفتش وتصادر أغراضك، وبعضها يوضع في الأمانات. بعد ذلك مباشرة، أو بعد حين، يقص شعرك، ثم توضع على صدرك لوحة ثم تصور كالمجرمين من كل الجهات، وتؤخذ بصمات أصابعك جميعها.

يعاد تكبيلك وتغميم عينيك، وتنقل إلى الزنزانة مع الضرب والشتم، وللوصول إلى الزنزانة، يسيرون بك مسافات طويلة جدا، ويركبونك في مصاعد ويهبطون ويصعدون أدراجا متكررة، لخلق حالة من الضياع والتهويل لديك، حيث أنهم يدورون في دوائر محددة، لا تلاحظها بسبب تغميم عينيك.

يضربونك ويشتمونك قبل بدء التحقيق بطرق مختلفة، ويسمعونك أنين بعض المعتقلين، وقد يفتحون عينيك في بعض الغرف لترى بعض أدوات التعذيب.

قد لا يبدأ التحقيق معك في اليوم الأول أو الثاني، إن الزمن يفقد قيمته عندهم، إلا إذا كانوا هم في عجلة من أمرهم. كل شيء هناك بطيء، فلا تتأثر نفسيا وحافظ على صلابتك التي دفعتك إلى المشاركة في نضال شعبك.

بدايات التحقيق:

يقودونك من الزنزانة مغمم العينين، مكبل اليدين.. محاطا بجنود أو شرطة، يدفعونك ويجرونك بهمجية.

قد يمررونك خصيصا في مناطق تسمع فيها أصوات عذاب وألم وضرب.

من حقك أن تأكل وتشرب وتستعمل المرافق الصحية، ولكن هذه الحقوق ليست مضمونة أبدا، فيمنعونك عنها، ويستعملونها للضغط عليك ولمضايقتك، وعليك أن تصمد .

لا تخف من زنزانتك فهي بر الأمان المرحلي لك. وفيها ستعزل عن العالم وعن الأخبار. وقد يسمعونك هم بعض الأخبار التي يريدونها، إياك أن تصدق أنك أصبحت وحيدا، بل عليك أن تتذكر دائما أن رفاقك في الخارج لا ينسونك، وأن الثورة مستمرة، وأن أهلك ورفاقك يعتمدون على صمودك، ويفعلون المستحيل لإنقاذك..

ثم تبدأ مراحل التحقيق:

إنسان ذو قضية، مناضل عقائدي وحيد صلب عنيد، معزول لا يملك سلاحا إلا إيمانه بأن مصير شعبه وأهله وقضيته يعتمد على قدرة احتماله وصموده، وهذا هو أنت، في مواجهة موظف ينتظر راتبه في نهاية الشهر، غالبا ما يكون بلا عقيدة أو مبدأ، يستمد قوته من جدران قلعته، ومن أسلحة آلاف الجنود الذين يحيطون به، دون أن يكون لهم أي شأن معك، ومن صلاحيات محددة له لا يستطيع تجاوزها، وهذا: هو المحقق. والمكان: أقبية التحقيق..

التحقيق والمحققون:

الامتناع عن كتابة الإفادة بداية التمرد والتحدي.

كل المعلومات مهما صغرت أو بدت لك تافهة، تكون هامة بالنسبة للمحقق.

تذكر أن للتحقيق نهاية مهما طال، وأنه سيصبح ذكريات، فاجعله ينتهي دون اعتراف ودون استسلام.

في أول لقاء، يكون المحقق قد جمع عنك بعض المعلومات، وهذا لا يعني انه يعرف كل شيء، لكنه يحاول أن يوحي بذلك خلال التحقيق. إنه لا يستطيع معرفة وضعك النفسي، لكنه يحاول أن يفهمه من تصرفاتك وردود فعلك. إنه لا يعرفك، ومن أهدافه الحقيقية، التعرف على شخصيتك لفهمها، وهو بحاجة لهذه المعرفة لبناء خططه لمهاجمتك وتفسيخ ثقتك بنفسك لتوصيلك الى الطاعة والتعاون. إنه لا يعرف ان كنت ستصمد أو تنهار، فاخلق عنده فكرة صمودك وصلابتك من البداية، ولا تقدم له ما يفيد خططه.

لا تنس أن رجل التحقيق موظف بأجر، ويعتبر التحقيق معك عملا روتينيا، وقوته نابعة من صلاحياته لا من شخصيته. بينما تمثل أنت القطب المقابل، وقوتك ناتجة عن إيمانك بقضيتك، كما إنك مناضل لا مأجور، لهذا كن أقوى لأنك فعلا أقوى.

تأكد أن الصراع بينك وبين المحقق لا يحسم إلا في نهاية التحقيق، وحسمه يعتمد على صلابتك، ونجاح المحقق يعني سيطرته عليك وعلى شعبك وأرضك.

تذكر دائما أن المحقق لا يمكن أن يكون صديقا، ولا رؤوفا بك، فهو وحش وعدو، لكنه قادر بحكم صلاحياته، أن يبدل لونه وأسلوبه.

لا تقاطع المحقق أبدا خلال التحقيق، فهو لا يعنيك.

مبدأ هام: الأغبياء فقط يصدقون المحققين

فشل ونجاح المحقق:

مبدأ هام: المحقق قابل للتضليل بسهولة.

إذا اجتزت التحقيق بسلام فإنك تزداد صلابة وقوة واحتراما.

إذا فشل المحقق في نقطة ما، فهو يعود للتجربة مرة أخرى، ودائما يحاول المحاولة الأخيرة، فاجعلها تفشل.

إذا استبدلوا محققا بعد فشله معك بمحقق آخر، أي إذا استبدلوا موظفا بموظف آخر، فإن هذا يحصل بسبب نجاحك، والمحقق الثاني سيبدأ ضعيفا بسبب فشل المحقق الأول، فضاعف صمودك، لأن المحققين يتراجعون أمام مناضل صلب لا يلين.

وسائل المحقق تجريبية، وأنت من يقرر فشلها أو نجاحها.

عند فشل التحقيق مع أحد المناضلين الصامدين، قد يدفع به إلى السجن، مع المحكومين، حيث تتاح له فرصة الإحتكاك مع المناضلين الآخرين، بوجود بعض الجواسيس، فربما يكشف خلال الحديث معهم، بعض المعلومات السرية.

مجريات واساليب التحقيق:

المحقق يعمل دائما وفق طرق محددة ومنهج محدد، وليس لديه مبادرات ذاتية، ويحاول أن يظهر لك أنه عالم نفس ليضمن تفوقه عليك، بينما أنت حر في اختيار وسائلك، فأفشل طرقه وتمرد، وابق دائما متفوقا عليه.

يقول المحقق لك أنه قادر على اطالة التحقيق كما يريد وهو كاذب بذلك، لأن صلاحياته محدودة، وهو ليس حرا ليفعل ما يريد. ويدعي أن رضاه هو الخير لك. إنه يكذب، وعندما تصدقه في أية مرحلة، تقع في المصيدة

قد يفتح المحقق معك، بعض المواضيع الهامشية والعامة، ويمكنه أن يستنتج منها بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من الرفاق دون أن تلاحظ أنت. فلا تتحدث معه حتى لا تمنحه هذه الفرصة.

المحقق يعود للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، ليوقعك في الخطأ والتناقض، فكن حذرا.
يجب ألا يخيفك أو يقلقك احضار الأقارب واستعمالهم للضغط عليك خلال التحقيق.
يتبادل الأدوار في التحقيق، محققون شرسون، وآخرون لطفاء، عليك ألا تنخدع وألا تكترث بذلك، ولا تتعامل مع أي منهم على أساس أنه لطيف معك، فهم في داخلهم جميعا متشابهون وهدفهم واحد، هو إسقاطك.

يلجأ المحقق إلى تبسيط التهمة وتقليل شأن عواقب إعترافك، ويدعي أن ما يقوم به ليس تحقيقي ولكنه مجرد عمل روتيني لإقفال الملف. كن حذرا لإنه في ذلك يريد أن يصطادك، فلا تصدقه أبدا.

يحاول المحقق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويوهمك أن التحقيق هو نهاية المطاف، وأن تعاونك هو خلاصك. أنه ينصب لك مصيدة، فكن حذرا..

يلجأ المحقق إلى التشكيك بالثورة والقادة والرفاق والأقارب، وزعزعة علاقتك مع تنظيمك، بكل وسائل التشكيك الممكنة، فلا تسمح له. ولا تصدقه إذا قال أن رفاقك هم الذين وشوا بك. ولتكن اجابتك إما الصمت، أو الإصرار على عدم وجود علاقة لك بهذا التنظيم، أو: امدح مناضلي التنظيم دون الاعتراف بوجود أي علاقة لك معهم.

من وسائل المحقق الاستخفاف بالمناضل قائلا له (أنت لا شيء)، فتحمل الإهانة لأن القصد منها استفزازك للإعتراف.

لا يحترم المحققون أية عقيدة أو دين، ولذلك يدسون عناصر في ثوب ديني لتشكيك المعتقلين بجواز ما يفعلون دينيا، كما يهاجمون مسلكيات بعضهم لإثارة الفتنة والخلافات بين المعتقلين.

قد يضربك المحقق اذا رفضت أن تأخذ سيجارة، أو اذا جلست أو وقفت، والسبب الحقيقي للضرب يكون إما إحساسه بالفشل أو إحساسه أنك تخاف من الضرب، فيحاول أن يجبرك على الطاعة والتعاون بالقوة
من وسائل المحقق: عزلك عن العالم وعن الآخرين، والايحاء لك ان التحقيق أبدي.. والتهديدات المختلفة والأسئلة السريعة المتلاحقة والشتائم والضرب على أماكن حساسة والشبح والوقوف عدة أيام وليالي وعدم النوم عدة أيام، كل ذلك لخلق انفعالات لديك، تؤدي الى ارهاق الدماغ، الذي يؤدي إلى إضعاف النشاط المخي الواعي، والإخلال بالتوازن الجسماني، إلى درجة تجعل الدماغ يتوقف تلقائيا عن النشاط والعمل للإستراحة ولو لعدة ثوان، ويضعف الدماغ خلال هذه الإستراحة التي يحاول المحقق توصيله إليها، لاستغلالها بالإنقضاض على شخص منهك، والضغط عليه وابتزازه لأخذ المعلومات منه. لا تستسلم أبدا ولا تخف من هذه الحالة لأنها تزول، ولا تتحدث خلالها مع المحقق، وتذكر أن ثورتك وشعبك يعتمدون على صمودك

يستعمل المحقق أيضا، لغايات إرهاق الدماغ، الأساليب العصبية مثل الضرب بشدة على رؤوس أصابع اليدين والقدمين والشفاه والآذان والأعضاء الجنسية وشد الشعر، كما ينقل الضرب من مكان إلى آخر بشكل مستمر لإثارة جو من الإرهاب والتشكيك والإرهاق للدماغ، والمؤثرات النفسية. كل ذلك له نهاية، ونهايته تعتمد على صمودك أنت فقط.


تذكر أنه على المحقق في النهاية، أن يقرر إما أن المعتقل بريء، أو أنه صامد مصمم على عدم قول أي شيء حتى بوجود الأدلة والمواجهات، أو أنه ضعيف خائن لرفاقه، انها الخيارات الثلاثة الوحيدة أمامه، فلا تكن ثالثها.

الصمود والتعذيب

مبدأ: إن البطل قبل الاعتقال.. بطل خلال الاعتقال، لأنه يبقى مؤمنا بقضيته إلى درجة التضحية بنفسه.

ومهما كان المعتقل بسيطا فالصمود ممكن، لأن الصمود لا يحتاج إلى شهادات جامعية.

للصمود والتغلب على الانهيار: ثق دائما بعدالة قضيتك، وتذكر قبل التفكير بمصيرك، أن صمودك يدعم رفاقك معنويا في المستمرين في النضال في الخارج، ويجنبهم الاعتقال الذي يتعرضون له بسبب اعترافك، وتذكر من صمدوا قبلك، كذلك تذكر معاناة أهلك وشعبك وأن مصيرهم يعتمد عليك، وتذكر أن الانهيار سيجعل أهلك يعتبرونك جبانا خائنا، كما أن الدوافع التي دفعتك للنضال والصراع قبل الاعتقال، لم تتغير، ويجب أن تستمر معك بعد الاعتقال بنفس الاستعداد والحماس.

إذا كنت مستعدا للقتال والشهادة بالرصاص في الشارع والجبل، من أجل قضيتك، فلا يجوز السقوط خلال التحقيق ولا يجوز أن تسقط في المعتقل وتضحي بكل ما فعلت من أجل الثورة، تحت ضربات بعض العصي غير القاتلة، بل حتى ولو كانت قاتلة! وإذا حصلت على شرف الإستشهاد، وهو قليل الحصول في التحقيق، فإن الإستشهاد سيجعل منك رمزا شعبيا لا ينسى.

التحقيق هو المرحلة الوحيدة من النضال التي لا تكون فيها تحت الخطر إذا صمدت، فخطر الضرب والتعذيب لا يقارن بالرصاص والقنابل والصواريخ.

التحقيق معركة، وما يقرر نتائجها هو ارادة المقاتل التي تعتمد على شخصيته وايمانه بأهدافه وقضيته..

والصلابة والصمود يأتيان من داخله، وهما التحام مع القضية مهما كان نوع القضية، والتحلي بهما يدفع المحقق الى الافلاس والهزيمة.

تذكر أن بين النصر والهزيمة صبر ساعة.

التحدي مرة يقودك الى استمرار التحدي والانتصار. وهزيمة المحقق لا تكون الا بالتمرد والتحدي. فواجه أي هجمة منه بهما، فتضعفها وتنفسها

الضعفاء يفضلون أنفسهم على الجماعة، ويتجنبون التحدي لضمان النجاة، لكنهم لا ينجون بعد السقوط والإعتراف، بل يحترقون ويحرقون غيرهم معهم.

اذا حدث وانهرت لأي سبب، فارجع للتمرد مباشرة قبل أن يتحول الانهيار الى سلسلة انهيارات والى كارثة عليك وعلى وطنك.

السقوط هو فقدان كل رصيدك الكفاحي، وهو انتقالك إلى صف الأعداء، مع دفع الثمن أيضا، لأنك ستدان وتحكم، ويقال عنك "أنك حتى لو لم تكن جاسوسا، إلا أنك إعترفت مثل الجواسيس، فاعتقلوا رفاقك"

اذا اعترفت يعاقبونك ويعاقب من تعترف عنهم، واذا صمدت يعذبونك مدة محدودة، ولا يعاقب أحد إذا لم تتوفر الإدانة. إن الصبر مسألة إرادية وليست جسدية. ونفاذ الصبر أيضا مسألة إرادية واعية.

لا تقبل أن تشهد ضد آخرين، فالإعتقال لا يلزمك بالشهادة على غيرك.

حول أي مواجهة مع زميل معتقل، إلى حافز للصمود لكما، وإذا واجهوك بمعتقل معترف، فاجعله يخجل من نفسه ويعود للتمرد.

رد الفعل الصحيح على كل أنواع التهديد هو الصمود، حتى على التهديد بالإعتداء على العرض. وإذا هددوا بالإعتداء على أختك، اعرف أن لهم حدودا لا يستطيعون تجاوزها، وأن الإعتراف لحماية أختك لن يحميها منهم، بل سيعرض شرفها وكل الثورة للخطر، وستكون أختك مع شعبك ضحايا لأعترافك. كما لا تنس أن أي إعتراف، قد يقود إلى القبض على بعض مناضلات الثورة والإعتداء عليهن.
التحقيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والجبال والسجون، ويجب أن تنتصر بها لأنها تعتمد على انتمائك وصلابتك فقط. وهو تكثيف لحالة صراع عقائدي تناحري بين الحركة الوطنية وأبطالها من جهة، وأنت تمثلهم داخل أقبية التحقيق، وبين المحققين الذين يمثلون الأعداء والرجعية، وهدفهم النهائي انهيارك، واستعمال انهيارك للقضاء عليك ولضرب ثورتك ورفاقك. وتذكر أن الانتصار حتمي للأقوى عقائديا الذي هو أنت، ولهذا يجب أن تنتصر.

جهاز كشف الكذب خدعة، ويمكن تضليله بسهولة، وذلك بتحريك القدمين أو الأكتاف مع أية إجابة تضليلية على أسئلة المحقق، وبالتفكير المستمر خلال الجلسة بأمور مزعجة تؤدي بك إلى الضيق والحزن، فلا يعود الجهاز قادرا على التمييز بين قلقك وإجاباتك التضليلية.

بعض أساليب التعذيب والضغط والحرب النفسية خلال التحقيق:

التعذيب ليس هدفا لذاته، بل اعترافك هو الهدف من التعذيب.

تأكد تماما أن الأضرار الجسدية المحتملة في التحقيق، تصيب المنهارين والمعترفين بنفس القدر الذي يصيبك، فالصمود مع بعض الأضرار، أشرف من الخيانة مع نفس الأضرار.

من أساليب الضغط: إحضار الأخت والأم، والتهديد بالاعتداء على أي منهما، ان الانهيار لا يحمي أيا منهما، بل يزيد احتمال الاعتداء للحصول على مزيد من المعلومات منك، ويتوقف الاعتداء عليهما اذا لم تخضع للضغط.

سيشن المحقق حربا نفسية توحي لك أن الصمود مستحيل، وأن الجميع في يعترفون، وأنك لا تختلف عن الذين اعترفوا، بالقوة أو بالحسنى، ثم يقول لك: "تكلم أحسن لك، لتستريح من العذاب"، وهو بذلك يحاول أن يخلق وهما يبدو معقولا، ويستعمل أمثلة ونماذج منهارة، لوضعك تحت فكرة: (ما دام غيري قد تكلم، فأنا سأتكلم). هذا الأسلوب لا ينجح إلا مع الضعفاء، فلا تكن واحدا منهم.

عليك أن تعي أن الضرب حتمي، فارفض الأوامر لأن قبولها لن يحميك من الضرب، وسيضعك رفضك في موقف القوي.

مهما استخدموا ضدك من أدلة أو وشايات عملاء أو اعترافات آخرين، يجب الصمود. ومهما كانت الأدلة المقدمة ضدك بوسعك ردها والالتفاف حولها والخروج من المأزق بشرف.

حتى لو قالوا لك كجزء من الحرب النفسية، أن المسؤولين عنك انهاروا، أو شاهدت بعضهم فعلا ينهار، فعليك بالصمود، فسقوط مسؤول مهما كان موقعه لا يعني سقوط الثورة.

كلما تقف بصلابة عند مسألة، سيوقفها المحقق وينتقل الى غيرها إلى أن يفشل.

الانهيار تحت الضرب يشجع المحقق على مزيد من الضرب لتحقيق المزيد من الانهيار. والانهيار هو حالة انسجام ومقاومة مع العدو الذي يأمر المنهار فيطيع، ويضربه فيركع، ويسأله فيجيب، فيخضع بذلك لسلطة الاحتلال خضوعا تاما. وبعد انتصار المحقق، يستمر الضرب للإذلال أو لدفع المنهار الى تنفيذ أوامر أخرى مثل اقناع رفاق بالاعتراف، أو غير ذلك.

من الوسائل التي يمكن أن يلجأ لها المحقق، استعمال جهاز كشف الكذب أو اللجوء إلى التنويم المغناطيسي، وعليك التأكد أن هاتين الوسيلتين لا تشكلان أي خطر عليك، كما انهما تستخدمان لأسباب نفسية فقط، أي لتخويفك إذا كنت لا تعرف شيئا عنهما.

إن التنويم المغناطيسي يحتاج إلى موافقتك حتى ينجح به المنوم، وبإمكانك التمرد عليه. ويجب أن تعرف أنه لا يمكن أن يجبر أي إنسان على الإعتراف بأي شيء خلال التنويم المغناطيسي، وإذا قالوا لك أنك اعترفت خلال النوم، تأكد أنهم كاذبون، وأنهم فقط يريدون منك تأكيدا لمعلومات معينة يدعون أنك قلتها خلال النوم، بينما هي من مخبريهم أو من افتراضاتهم.

جهاز كشف الكذب خدعة، وهو يعتمد على اكتشاف بعض الإنفعالات عندك عندما تقدم معلومة غير صحيحة (للتضليل). ويمكن تضليل هذا الجهاز بسهولة، وذلك بالشد على عضلات القدمين أو الأكتاف مع أية إجابة تضليلية على أسئلة المحقق، أو بالتفكير المستمر خلال الجلسة بأمور مؤلمة ومحزنة، تسبب لك انفعالات ملحوظة، مثل استذكار الأصدقاء الشهداء، أو ألهل والأطفال.. فلا يعود الجهاز قادرا على التمييز بين قلقك هذا وإجاباتك التضليلية.

ليس هناك حالة وحيدة كشفت فيها الأسرار تحت الغيبوبة أو تحت التخدير، أو التنويم، فلا تصدقهم اذا قالوا انك اعترفت خلال الغيبوبة، أو خلال التنويم المغناطيسي.

يعرض المحقق حاستي السمع والنظر لديك، إلى مؤثرات مزعجة، مثل الأصوات الرتيبة المستمرة أو العالية المزعجة، والأضواء الباهرة، ومناظر تعذيب الآخرين للتأثير على حالتك العصبية. كل ذلك يجب ألا يؤثر عليك، وصمودك يلغي تأثيره بالكامل، وخصوصا إذا كنت تتوقع ذلك سلفا.

قد يمنعونك عدة أيام من النوم، بالتناوب على التحقيق معك، ثم يلجؤون إلى حقنك بالأنسولين وربما إلى تخديرك، لإحداث خلل في وظائف الجسم وللسيطرة على الدماغ. وقبل ذلك يتدخل المحقق للمساومة بعرض السماح بالنوم مقابل الوعد بالإعتراف. عليك أن تعرف أن النوم سيحصل رغم أنف المحقق، دون أي خطر على الحياة، إما على شكل غفوة، أو على شكل غيبوبة، ولا تصدق وواصل الصمود الذي يفشل مخطط المحقق، ولا يجب أن تخضع لأية مساومة مقابل السماح لك بالنوم. كل ذلك يجب ألا يدفعك

للإعتراف..

إن مجرد إعطاء الوعد بأي شيء تحت التعذيب لتخفيف وطأته، يساوي الخضوع، ويشجع المحقق على التمادي بالتعذيب، حتى لو أوقفه أحيانا لتحصيل بعض الإعترافات. إن المحقق سيصر على مطالبتك بالوفاء بالوعد.

قد يحشرك المحقق في زنزانة ضيقة وقذرة، مع معتقلين آخرين في ظروف سيئة جدا، حشرا مثل علب السردين، في وضع لا يسمح بالجلوس أو النوم ولا حتى بالتناوب، لعدة أيام، دون تهوية، مع العرق، وبدون تنظيف للفضلات، مع رش المحبوسين بمبيدات الحشرات ذات الرائحة الكريهة وشتمهم بشكل مستمر، مع إسماعهم أصوات مزعجة مستمرة، وتركهم بدون ماء أو طعام

وإذا كنت أنت وحدك المستهدف من عملية الحشر هذه، لإخضاعك، يطلب منك المحشورون معك أن تعترف لإنقاذهم من الوضع القاسي، وقد يمارسون عليك الضغوط والتهديدات، وقد يدس المحققون بين المحشورين، بعض العملاء الذين يحبطون من عزيمة المناضلين، بتكرار القول أنهم أصبحوا مستعدين للإعتراف، وأن الوضع لا يطاق. كل ذلك ليخلقوا لديك التفسخ والإنهيار. إن عدم الإنهيار بعد هذه العملية، تجعل المحققين يشكون في جدوى كل التحقيق معك من حيث المبدأ.

قد يوجهون لك بعض الشتائم والإهانات خلال التحقيق، فتذكر أن الخزي ليس في أن تسمع شتيمة داخل غرف التحقيق، من محقق نذل، بل الخزي هو في عملية الإعتراف والإنهيار، وتعريض ثورتك للخطر.

تذكر كل لحظة، أن التحقيق سينتهي والتعذيب سينتهي، وأنك ستبقى بعد ذلك، إما حقيرا منهارا معترفا خائنا محكوما بالسجن لأنك مدان، أو بطلا صامدا مشرفا يفتخر الجميع بك. اجعل التجربة تنتهي، بصلابتك، دون تقديم معلومات ودون استسلام.

 

دور العملاء خلال التحقيق:

حقيقة بديهية: وجود الثورة يعني وجود قمع مضاد يعني وجود مخابرات يعني وجود عملاء.

المتساقط مطية حقيرة لرجال مخابرات العدو، ويمكن لهم أن يوظفوه في أي موقع، أو لأية مهمة قذرة يريدونها، رغم أنهم يعصرونهم ويلقون بهم إلى المزابل بعد كل استعمال.

هدف العميل في حياته هو الإستجابة لكل ما يطلبه منه رجال المخابرات، الذين يضعونه دوما في حالة الخوف من فضحه وكشفه للمجتمع ولأهله، أو قتله إذا تهاون في التعاون معهم.

قد تبدأ المخابرات بعلاقة متوازنة مع العميل، حتى يتورط، فتحيله فورا إلى مطية حقيرة، وتلغي كل التزامات عليها تجاهه، (كما حصل مع كثير من العملاء).

تستمر مخابرات العدو في عملية إسقاط العميل خلقيا واجتماعيا، حتى يشعر بالغربة عن وطنه وعن مجتمعه، لأن هذا النوع هو الذي تضمن ولاءه لها، وتحوله إلى شخص لا يهتم إلا بتحصيل بعض المال منها، والحصول عبى رضاها.

تستعمل مخابرات العدو عدة وسائل للإيقاع بالعدو، منها المال وحمل سلاح في جيبه، وتوفير سبل الدعارة له، ووصلت الأمور ببعض العملاء، أن قدم له بعض رجال المخابرات عاهرة على أساس أنها أخت رجل المخابرات، وطلب منه أن يقدم له أخته (أي أخت العميل) بالمقابل، وعندما فعل العميل ذلك، كانت الورطة الكبرى بالتهديد بالفضائح التي لا يمكن مواجهتها.

يستعمل العملاء للمواجهة مع المناضلين المعتقلين، بوصفهم منهم، ويمثلون خلال المواجهة، الأدوار المطلوبة منهم مثل التساقط، والإعتراف بما لديهم من معلومات، والقيام بكل الأدوار الرخيصة لتثبيط عزم المناضلين.

يندس بعض العملاء على المعتقلين في زنزاناتهم، على أنهم مناضلون، ويمثلون إما دور البطل لكسب الثقة وجمع المعلومات، أو دور المتساقط لإضعاف وخلخلة الوضع النفسي للمناضلين، أو دور البريء الذي سيخرج إلى الحرية بعد مدة قصيرة لعم وجود أدلة عليه، ويقدم خدماته للمناضل ويسأله إذا كان يريد أن يحمله أية رسالة إلى رفاقه خارج السجن، في محاولة من المحققين لمعرفة علاقات المناضل التنظيمية واتصالاته.

 

من مهام العملاء خلال التحقيق وفي السجون:

تجميع المعلومات عن المعتقلين للإستفادة منها في التحقيق.

يجري دسهم على المعتقلين إما للتجسس عليهم، أو لإحباطهم وتيئيسهم.

ينخرطون في صفوف المقاومة المنظمة، وإذا نجح أي منهم بذلك، فإنه سيحصل على معلومات هتمة ومؤكدة عن الأشخاص الذين يتعامل معهم، وعن المعتقلين.

الدس بين المنظمات المختلفة في السجون، لدفعهم للخلافات والإقتتال.

الوصول الى مواقع القيادة لاستغلالها في جمع المعلومات وإحداث الفتن وحرق المناضلين الموثوقين والتشكيك بأخلاقياتهم، وطلب المعلومات عن المعتقلين والمساجين الجدد لتقديمها للأعداء.

تأجيج الخلافات العقائدية والدينية بين المساجين لشغلهم عن الصراع مع العدو، ولتبرير تصرفات إدارة السجون القمعية معهم، وقد مرت على بعض السجون حالات كان العميل يتقمص فيها دور رجل الدين لنيل الثقة، ثم القيام بحملات الطعن والتشكيك بأخلاقيات المناضلين.

قد يحتاج بعض المسؤولين القياديين في السجن إلى مرافقين لأداء مهام نضالية مختلفة، فيحاول العملاء الوصول إلى هذه المواقع، ويحسنون أداء الدور فيها لكشف كل الإتصالات والأعمال ذات الطابع السري.

مع أي مشارك لك في الزنزانة أو مع أي شخص تقابله خلال مراحل التحقيق، حافظ على أسرارك ومعلوماتك لنفسك، حيث لا مجال للثقة بأي إنسان، وحتى لو كان مناضلا حقيقيا، فإنه لن يلومك بإخفاء الأسرار عنه لأنه يتفهم الأسباب، وهو أصلا ليس بحاجة لها.

إحذر المتساقطين في أقبية التحقيق، لأن من يجند في أقبية التحقيق، أكثر خطرا ممن يجند خارجها. مع العلم أن بعض هؤلاء يجندون مقابل وعود تافهة بتحسين المعاملة أو إعطائهم بعض السجائر، أو وعدهم بتخفيف الحكم إذا قدموا خدمات تستحق ذلك.

أما مرحلة ما بعد التحقيق، فإن إخفاء المعلومات فيها لا يقل أهمية عن إخفائها في مرحلة التحقيق. وهناك حالات كثير تمكن العدو من الحصول فيها على معلومات في ساحات السجن، لم يتمكن من الحصول عليها خلال التحقيق.

يقوم بعض العملاء بأعمال من شأنها التشكيك بأخلاقيات المناضلين الصلبين أمام رفاقهم، مثل النوم بقرب أحد المناضلين بوضع معين، ثم الصياح واتهام المناضل أنه حاول الإعتداء الجنسي عليه..

كشف المناضلون هوية الكثيرين من العملاء في السجون، فعزلتهم سلطات العدو لحمايتهم من المناضلين في أقسام خاصة يسميها المناضلون "أقسام العار"، كما يسمون هؤلاء العملاء بالعصافير.

الإعتراف

كل ما يدور في أقبية التحقيق، وكل الجنود والمباني وأجهزة المخابرات، هدفها الحصول على اعترافك..

لإدانتك وتبرير معاقبتك..

تذكر أن التحقيق والألم ينتهيان ويصبحان ذكرى، فاما أن تجعل ذلك ذكرى فخر وشرف بصمودك، واما أن يصبح ذكرى خزي وعار باعترافك وانهيارك.

الانهيار والاعتراف حالة هزيمة واستسلام وتخاذل غير مبرة، تعبر عن ضعف المناضل وانتصار المحقق عليه، وعن تحوله بوعي كامل، الى مجند لصالح مخابرات العدو ولو لفترة محدودة هي فترة التحقيق التي هي كافية لالحاق أشد الأضرار بالثورة. كما يساويان الخيانة، مهما كانت مبرراتهما، حتى ولو تحت أقسى أشكال التعذيب. وتذكر وتأكد أن اعترافك لن يحميك، بل يدينك من لسانك، ويؤدي الى ضرب ثورتك من داخلها، وهذا أشد خطرا من العدو الخارجي، بالإضافة إلى ضربك أنت..

إن أي اعتراف تحت التعذيب، يؤدي الى المزيد من التعذيب للحصول على المزيد من الاعترافات، لأن المحقق سيفهم أنك تعترف بسبب التعذيب الذي لا تتحمله. كما إن الاعتراف بالنسبة للمحقق بغض النظر عن الطريقة التي حصل بها عليه، يمثل بداية سلسلة طويلة من التحقيقات والضغوط. ولا يجوز التعلل بأي سبب لتبرير الإعتراف مثل نفاذ الصبر من التعذيب، وعدم تحمله، أو التعلل بوجود الأدلة والمستمسكات الحاسمة عليك، لأن كل هذه الأسباب لا تبرر ما سيحصل لك ولثورتك بسببها..

من نتائج الاعتراف الحقيرة، أن تواجه برفاق يعتقلون بسبب خيانتك. على المناضل ألا يخذل رفاقه أو يخونهم. وأن يبقى دائما في دائرة الجماعة والثورة وعدم الانجراف الى الدائرة الذاتية والفردية التي يسحبه المحقق اليها.

الاعتراف الجزئي مهما أخفيت من المعلومات لا يعني الصمود، بل هو بداية الانهيار، فالصمود يجب أن يكون كليا، مما يعني إخفاء كل شيء. كما أن الاعتراف الجزئي هو بداية الخيط الذي يمسك به المحقق، ويحلله ويمكن أن يصل به إلى معلومات أخرى لم تفكر أنت بها.

ويجب أن تدرك أن الإنهيار والإعتراف لا يكونان إلا إراديين وذاتيين، وأن رفاقك يعرفون ذلك، كما أن الإعتراف يؤدي إلى كوارث لك ولشعبك، تفوق أية كارثة يمكن أن تنتج لك عن التعذيب بكل وسائله وأساليبه

 

حقيقة هامة:

الاعتراف يؤدي الى الادانة فالحكم فالسجن، وأذى الثورة والرفاق، بينما الصمود يؤدي الى توقيف الاداري فقط.

تذكر أن الكثيرين من رفاقك لا يعترفون، لأنهم أبطال فكن منهم. إن كل الاعترافات التي حصلت حتى الآن، قال أصحابها أنه كان بامكانهم تجنبها ببعض الصمود.

سيحاول المحقق استثارة عواطفك وأن يشرح لك أن اعترافك لا يشكل أي خطر، وأنها مجرد اجراءات روتينية، لاغلاق الملف، ثم الافراج عنك، كل هذا كذب وإياك أن تصدق أي وعد من المحقق..

معظم المعلومات التي يقولها لك المحققون تكون افتراضية، وناقصة يستكملونها من تعاونك واعترافاتك، أو من حديثك الذي تعتقد أنه غير مهم. وعندما يقولون لك أنهم يعرفون كل شيء، إسأل نفسك هذا السؤال: "ماداموا يعرفون كل شيء، لماذا يريدون اعترافي؟". إنهم يريدون اعترافك لإدانتك، وللتأكد من صحة المعلومات التي يملكونها والتي يريدون تأكيدها من فمك. لذلك عليك ألا تكترث بأية معلومات يكشفونها، حتى لو كانت صحيحة، فبالنسبة لهم، هناك فرق كبير بين معلومات تعتمد على الوشايات ومعلومات تعتمد على اعترافك المباشر.

إذا سألك المحقق عن رفاقك الأحرار أو المعتقلين، فارفض الإقرار بوجود أي علاقة نضالية بينك وبينهم، وأصر على عدم وجود أية معرفة حتى لو كان المحقق يعرف أنهم أصدقاؤك. كما إن التهمة التي يمكن أن تضاف اليك اذا اعترفت عن غيرك، هي تهمة عدم الاخبار، وينسف بيتك وتسجن لأجل ذلك.

إذا لم تتمكن لأي سبب من نفي علاقتك بأحد الأدلة التي وجدت بحوزتك، فلا داعي للإعتراف عن مصدر هذه الأدلة، ولا عن الهدف من وجودها، ولا عن أي شيء آخر.. غير أننا نؤكد لك أنك بمجهود ذهني بسيط، يمكن دائما أن تبرر وجود أي أدلة والخلاص من تبعاتها. طبعا يجب الإصرار والصمود.

خلال الاعتقال أو السجن، احذر البوح بأية معلومات لشركائك في السجن أو الزنزانة، لأن بعضهم قد يكون مدسوسا، وبعضهم يكون منهارا خطرا، كما أن المناضل الحقيقي المعتقل معك، لا يحتاج إلى معلومات عن الثورة أو عن أعمالك السرية.

 

خطورة التعاون مع المحقق

أهداف المحقق هي تحطيم المناضل، وتوصيله إلى الاعتراف عن نفسه وعن غيره، وأخذ أسراره وإلقاؤه بدون إرادة أو هدف، ليدينه، وليضرب الثورة: تذكر أنه سيعمل بكل الوسائل للوصول إلى هذا الهدف، وهو سيسعى إلى خلق حالة تعاون بينك وبينه، إما بالقوة، أو بالمراوغة وبالخداع، بأن يحاول أن يخلق جوا من التعاون بإظهار الانسجام وتبادل الحديث بمواضيع عامة وتافهة، كما يعود للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، وللحديث عن الماضي. كل ذلك ليوقعك في الخطأ. وبما أن هدف التحقيق ليس الدردشة وقضاء الوقت، فاحذر كل كلمة يقولها المحقق مهما بدت بريئة، ولا تتعاون معه في أي موضوع يحاول أن يخوضه معك، لأنه يستطيع أن يستنتج منه دون أن تلاحظ أنت، بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من الرفاق.

تذكر دائما أن حكومة العدو أو المخابرات، تدينك من لسانك.

الرد الوحيد الذي يحميك مهما فعلوا بك، هو رفض التعاون في أي شيء على الإطلاق، وهذا يربكهم، ويسقط عندك حاجز الخوف منهم.

تذكر دائما أن أي نوع من الصفقات مع العدو خيانة تقودك إلى مزبلة التاريخ وكلما حاول المحقق أن يعقد معك صفقة، تذكر أن العدو لا يحترم عهوده، وهو أصلا غير شرعي، وأنه بمجرد أن تعترف سيلجأ إلى استعمال اعترافك لإدانتك، وينسى كل الوعود التي التزم بها في الصفقة المعقودة معك، وإذا وعدك بضمان حريتك مقابل الاعتراف، فهو كاذب، لأنه لا يستطيع أصلا أن يسجنك إلا إذا اعترفت. وعندما تعترف يملك السبب القانوني لإدانتك ثم سجنك، وقد يقول لك عندئذ إذا قابلته: :سجنتك حتى أحميك من رفاقك الذين يعتقدون إذا لم أسجنك، أنك خنتهم، فيقتلونك"

وعندما يوجه أوامر بسيطة مثل الوقوف أو الجلوس وغيرها فهو يهدف إلى خلق عنصر الطاعة والتعاون عند المناضل، حتى يستمر بعد ذلك فالذي يطيع، يجيب على الأسئلة.

لا تقبل سيجارة أو قهوة ، فهي فخ لبدء التعاون، تذكر أن سيجارة واحدة قد تقبلها من المحقق، تجرك إلى بدء التعاون، الذي قد يؤدي إلى سنوات من السجن لك، والى الكشف عن رفاقك وضرب ثورتك، وهو لا يعرف سوى المساومة والمقايضة.

قد يضربك المحقق إذا رفضت أن تأخذ سيجارة، أو إذا جلست أو وقفت، والسبب الحقيقي للضرب هو إحساسه بالفشل أو إحساسه بخوفك من الضرب، فيحاول أن يوجد عندك حالة من الطاعة والتعاون.

المحقق يستطيع الضرب، التجويع، التعطيش… الخ، ولكن لا يستطيع تحريك اللسان دون تعاون المعتقل.

التحقيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والجبال والسجون وأقبية التحقيق، فكيف يمكن أن تتعاون فيها مع عدوك؟ ويجب أن تنتصر بها لأنه تعتمد على قدراتك وانتمائك وصلابتك فقط.

يستحلفك المحقق بالقرآن أو الإنجيل وبالصلاة والصيام ومختلف العقائد والأيمان، وكلها لا تجيز لك الانهيار أمام الظلم والعدوان، ولا تتعاون مع المجرم الذي يخالفها جميعا رغم أنه يحلفك بها للخداع.

أي نوع من الطاعة خلال التحقيق يساوي خضوعا للإذلال

لا تقاطع المحقق أبدا خلال التحقيق، فالحديث لا يعنيك أبدا.

أية معلومة مهما صغيرة تقدمها يمكن للمخابرات أن تستفيد منها كثيرا.

إذا أحسست أنك وقعت في فخ أو مصيدة ارجع فورا للتمرد ولا تعتبر أن الأمر انتهى.

استعمل ردودا متشابهة إذا ابتدأت بالرد، مثلا: لا أعرف، لا أعرف شيئا، لا يهمني ذلك، فهذه الردود تربك المحقق.

-اذا أمسك المحقق بطرف الخيط في لحظات التعاون معه يبدأ بالشد لتحصيل اعتراف أكبر.

لا تسمح للمحقق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويقنعك أن التحقيق هو النهاية، وأن التعاون هو الخلاص الوحيد.

كلما كنت متمرسا، يلجأ المحقق الى اساليب واضحة عن طريقة تقديم الأدلة والبراهين، فاستفد من ذلك في تحديد حجم التهمة ، واجعل المحقق يكشف جميع أوراقه، ولا تخلق أي صورة من صور التعاون، لأن الصمود سيجعلهم يكشفون المزيد من أدلتهم وبراهينهم للضغط عليك، لأنك حين تكون متمرسا، فأنت تعرف سلفا ما ينتظرك.

كل وسائل المحقق تجريبية، وعليك الاعتماد بافشال تجاربه. تذكر أن أي محقق قابل للتضليل بسهولة.