الشـقائق
تنبُتُ في سـجن نفحـة
* شعر : محمود الغرباوي
سـتبقينَ واحةَ حبٍ وزعتر
وتبقين عشـقاً ، وشـوقاً ، وخنجر
وتبقين روحـاً لهذا الخلاءِ
وتبقين نفحـة
ونفحـة ُ في الليل قطرةُ ضـوءٍ
بأشداقِ مقبرةٍ معتمة
وفي الصـبحِ عاصمةٌ للحياة
تعلمتْ الفنَّ نفحـةُ
وأولُ ما أتقنتهُ
على الأفقِ خطّتْ إشاراتِ نصـرٍ
وزهرةَ برًّ
وقيداً تكسّرْ
أتقنتْ الدفءَ في قسـوةِ البردِ
غازلتْ الجبلَ المكفهرْ
شدّتْ من السفحِ مرساتها
ثم أشرعتْ الحبَّ صـوبَ الشـواطئ
بشمس الشواطئ تحلمُ نفحـة
وتحلمُ بالدفء بين رمالكْ
بكثبانكِ الشقر تحلُمْ
بألسنةِ النارِ تنضجُ شاي الصباح
بأنفاس أرغفةِ الخبزِ سـاخنةٍ
تُلَفَّعُ الذاكرة
بالأزقةِ تكتظُّ بالخيرِ والطيبين
وتحلمُ
إن قضّها الجوعُ تحلمُ
تحلمُ رغم قطار الأرقْ
تبتلع الدمعَ قسراً وتحلمُ
منذ الصباحْ
تقاومُ ، تقرأُ حتى الغسق
نفحةُ ليست ثمانين شخصاً
نفحة واحةُ حبٍ وزعتر
مجتمعُ الثقةِ الوارفةْ
نفحةُ عاصمةٌ للحياة
نفحةُ ليست ثمانين شخصاً
نفحةُ اسحقُ ، راسم ، علي
ثرى ليس يزهرُ إلاّ الشقائقُ
والوحدةُ الرائدة
جيلٌ يرى الغدَ من خلف نافذةٍ ضيقة
فيرسمُ جنتهُ في العراءْ
وترحلُ للشوفِ نفحةُ
لمجدل شمسٍ
ليافا
لأرض الجليل
ترحلُ للقدس
أو تستضيفُ الخليلْ
تبسمُ للشمسِ
تنبضُ في قلبها الأرضُ
والنارُ في كفها القاسية
لكِ المجدُ يا نارنا الساطعة
لكِ المجدُ أيتها الفكرةُ الشاملة
انتظرتكِ فلسطينُ مُذ أُودِعَت في السـجون
انتظرناكِ دهراً ... بحثنا
لعقنا فتاتَ الفكيرات دهراً
تعبنا ... تعبنا
وآن لنا نحتسيك إلى أن نكونْ
ستبقين واحةَ حبٍ وزعتر
وتبقين عشـقاً ، وشـوقاً ، وخنجـر
وتبقين روحاً لهذا الخلاءْ
وتبقين نفحـة
سجن نفحة
26/6/1987م
* محمود محمد الغرباوي .. من مواليد 1951 م في مخيم النصيرات ويسكن في مخيم البريج بقطاع غزة ، وإعتقل ثلاث مرات وأمضى 21 عاماً في السجون الإسرائيلية ، ويعمل الآن بوزارة الإعلام بغزة .