قصص من ظلمة السجون

 

واحدة من 20 أما فلسطينية أسيرة تركن 75 طفلا

الأسيرة اخلاص ابو سعود ونجلها البكر ناصر في سجن واحد وظروف قاهرة

 

17/10/2004 م

الحياة الجديدة / أعلنت وزارة شؤون الاسرى ان محامية الوزارة موران خوري زارت عددا من الأسيرات في سجن تلموند، من بينهن الأسيرة اخلاص ابو السعود 33 عاما من نابلس. واعتقلت ابو السعود بتاريخ 26/8/2004 الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، حيث اقتحم الجنود منزل عائلتها وأخرجوا كل من بداخله، وفتشوه وقلبوه رأسا على عقب ، بعد ذلك اقتادوا اخلاص معهم وقد فقدت والدتها الوعي وسقطت مغشيا عليها عندما رأت الجنود يجرون ابنتها بعيدا ونقلت اخلاص الى معسكر حوارة، ومن هناك الى سجن تلموند، وقدمت ضدها لائحة اتهام بشأن نيتها تنفيذ عملية استشهادية، وحكمت لمدة ستة أشهر دون ان يتم التحقيق معها على الاطلاق ولم تسأل عن أي شيء.
وأفادت اخلاص لمحامية الوزارة، والدموع تملأ عينيها، وهي ترتجف من الخوف: أنا لم أفعل أي شيء، ولا أفهم بالسياسة، ولم أشترك في أي نشاط سياسي حتى الأخبار لا أتابعها .
وكانت اخلاص تزوجت وهي صغيرة السن 15 عاما، وانجبت طفلين: ناصر 18 عاما، وعبدالرحمن 31 عاما، وفي سن التاسعة عشرة من عمرها طلقت من زوجها، وانتقلت مع طفليها للعيش مع أهلها، ومنذ ذلك الحين وشغلها الشاغل تربية ولديها، وابنها ناصر هو الآخر معتقل في سجن تلموند منذ آذار 2004، ولا يزال موقوفاً بانتظار المحاكمة. أما عبدالرحمن فهو يعاني من ضعف في النظر وهو بحاجة الى رعاية خاصة، ووالدته قلقة عليه.
واخلاص الأم الأسيرة، وناصر الابن الأسير، موجودان في سجن واحد لكن تفصل بينهما القضبان والجدران ويتبادلان الزيارة من وراء حاجب زجاجي، لا تستطيع الأم ان تلمس ابنها

ولا تستطيع ان تحتضنه.

والأسيرة اخلاص واحدة من بين 129 أسيرة فلسطينية في السجون الاسرائيلية، وهي واحدة من بين 20 أماً فلسطينية معتقلة ممن تركن وراءهن 75 طفلا دون رعاية ودون حضانة ودون حنان.

 

الاطفال الفلسطينيون في سجون الاحتلال الاسرائيلي يعيشون ما بين عنف
المحققين وارهاب العملاء
 
      2004/10/08
القدس العربي /  روي الاطفال الاسري في سجون الاحتلال حكايات مأساوية عن ظروف التحقيق والاعتقال في السجون والمعتقلات ومراكز التحقيق الاسرائيلية. وجاء ذلك خلال زيارة قامت بها محامية وزارة شؤون الأسري والمحررين، لعدد من الأطفال في سجن تلموند الإسرائيلي حيث روي بعض الأطفال حكايات مأساوية عن ظروف التحقيق والاعتقال التي يتعرضون لها. وعرض تقرير للوزارة، بعض الإفادات التي أدلي بها عدد من الأطفال، والتي بينوا من خلالها أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، التي يتعرضون لها علي أيدي المحققين والسجانين الإسرائيليين. وأشار التقرير إلي وقائع اعتقال الطفل ماهر (17 عاماً)، من محافظة جنين، الذي اعتقلته قوات الاحتلال من منزل عائلته في السابع والعشرين من شهر آذار من العام الجاري.  
فماهر الذي اعتقلته قوات الاحتلال من منزل عائلته الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، لم يعرف بسبب الاعتقال، ولم يبلغ بحقوقه كمعتقل، اخبروه فقط انه مطلوب، ضربه الجنود ضربا مبرحا من لحظة اعتقاله من منزله حتي وصل الي معسكر سالم، مكث في سالم يوما واحدا، ثم نقل الي سجن الجلمة الي قسم التحقيق، حققوا معه لمدة ست ساعات متواصلة، وهو جالس علي كرسي ويداه مقيدتان خلفه، بعدها نقل الي الزنزانة.
وأشار التقرير إلي أن المحققين الإسرائيليين استمروا بالتحقيق مع ماهر 24 يوماً، وسمحوا له بالاستحمام بعد اليوم الخامس عشر. ويقول ماهر الزنازين في الجلمة صغيرة الحجم 2.2) متر)، وفي كل زنزانة أسيران، وما يتعب حقا هو الضوء الأحمر الذي يسلطه جنود الاحتلال علي أعيننا أثناء وجودنا في الزنزانة.  
وأضاف يوجد مكيف هواء بارد وساخن يتحكم فيه المحققون علي أمزجتهم، ولون الزنازين رمادي غامق، وحيطانها خشنة الملمس، ومن الصعب الاتكاء عليها، والأسري ينامون علي الأرض، والفرشات والأغطية نتنة الرائحة، والمرحاض عبارة عن فتحة في أرضية الزنزانة . ونوه إلي أن ماهر كغيره من الأطفال يتعرض لتحرشات جنسية من قبل المحققين الإسرائيليين، كما يهدد دوماً بالاغتصاب. وكان ماهر يتعرض للتحقيق بمعدل 7 ساعات يومياً، وخلال التحقيق هدده المحققون باعتقال اهله وبهدم منزله، وهددوه باعتقال امه، بأنه في حال لم يعترف سوف ينقل الي التحقيق العسكري وانهم سيجلسونه علي الخازوق ، وعندما سأل المحقق: ماذا تعني بالخازوق؟ اخبره المحقق: مش مليح تعرف، انت الان رجل وسوف تطلع مفتوح لاهلك ، وفي احد الايام حضر محقق جديد للتحقيق مع ماهر يدعي ايدي ، وقام بوضع يده علي عضوه التناسلي وبدأ يتلمسه، وقال له: تعال المسه، كيف تراه رفض ماهر ذلك واخذ يرتجف من شدة الخوف،
هدده المحقق بأنه اذا لم يعترف فسوف ينقل للتحقيق العسكري ويجلس علي الخازوق ، وبدأ المحقق بضرب ماهر علي اعضائه التناسلية وتحديدا الخصيتين، وكان يضغط عليهما بقوة، ويقول: بعدهم طريات .
 اعيد القاصر الي زنازين حيث وجد اسيرا اخر نصحه ان يعترف لكي يتفادي التحقيق العسكري، وفعلا اعترف ماهر في اليوم التالي، بعد ذلك نقل الي مجدو عند العملاء العصافير لكنه لم يكن يعلم بذلك، وهناك اخبره هؤلاء انه لديهم معلومات بأنه لوطي وانهم سيفحصون ملفه الامني، وبأنه عميل للمخابرات الاسرائيلية، خاف الطفل من هذه التهم، واعترف بأشياء لم يعملها، مكث ماهر عند العصافير 12 يوما، بعدها اعيد ثانية الي التحقيق في الجلمة، حيث وجد ما اعترف به عند العصافير، فأنكر ذلك واخبر المحققين ان هذه الاشياء اعترف بها من الخوف، فهدده المحققون بقتل والده، واضطر للاعتراف بأن التهم صحيحة، ثم امره المحققون
بالاعتراف علي ابن خاله، ومن شدة الخوف فعل ذلك، مكث ماهر في الزنازين مدة 76 يوماً علما بان التحقيق معه انتهي في اليوم الرابع والاربعين من الاعتقال. 
بعد ذلك، نقل ماهر الي سجن تلموند حيث هو موجود لحد الان بانتظار المحاكمة. هذا ويعاني الأسري والمعتقلون الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي من ظروف معيشية قاسية، وأوضاع غير إنسانية، تفرضها عليهم مصلحة السجون الإسرائيلية داخل الزنازين ومراكز التحقيق.
 

يخضع للعزل منذ ثلاث سنوات في السجون الاسرائيلية..
مأساة معتقل أردني حكم بالسجن 35
عاما بدون دفاع..!

كتب علي سمودي

القدس- 3 تشرين أول 2004

على مدار السنوات الثلاث الماضية اصبح الشغل الشاغل للمواطنة الاردنية خيرية عويضة التنقل بين المؤسسات والجهات الاردنية المختلفة والصليب الاحمر للحصول على موافقة اسرائيلية بالسماح لها بزيارة ابنها الشاب ناصر نافع صالح دراغمة (25 عاما) الذي يحمل الجنسية الاردنية على أمل الحصول على إذن يتيح لها زيارته.

ورغم مرور ثلاث سنوات على اعتقاله وانقطاع اخباره ورسائله تقول خيرية فانها لا زالت تعيش على امل واحد ان تتكحل عينيها برؤية ناصر الذي اعتقلته السلطات الاسرائيلية في 1-1-2001 لدى عبوره الجسر. وتضيف: "لم ولن افقد الامل والارادة والتصميم مهما مارست قوات الاحتلال من اساليب لحرماننا من ناصر الذي يعيش ظروف قاسية في السجون الاسرائيلية ويتعرض للاعتقال بتهم باطلة" .

رحلة المعاناة..

وبدأت رحلة معاناة خيرية وابنها المعتقل ناصر، كما تقول، عندما اوقفته المخابرات الاسرائيلية على الجسر خلال عودته من مدينة طوباس القريبة من جنين حيث كان في زيارة اقاربه. وتضيف: "منذ سنوات اعتاد ناصر على التردد على اقاربنا بعدما منعت سلطات الاحتلال والده من دخول الوطن لانه كان معتقلا وتلك ذريعة استخدمتها طوال اكثر من 40 عاما لعقابه وعقاب عائلتنا وحرماننا من التواصل مع اقاربنا في طوباس التي ولد وتربى وعاش فيها زوجي حتى ابعاده".

ابعاد الوالد..

وعن اعتقال زوجها تقول في عام 1969 اعتقلت قوات الاحتلال زوجي بتهمة المشاركة في تنفيذ عمليات عسكرية ومقاومة الاحتلال وحوكم بالسجن المؤبد بعد تحقيق وعزل حتى عام 1975 حيث قررت سلطات الاحتلال ابعاده للاردن ومنعته من العودة لمسقط رأسه، واستقر في الاردن وتزوجنا وانجبنا ثمانية ابناء. وطوال السنوات الماضية حاولت وزوجي زيارة الوطن بعد فشل محاولات العودة ولكن قوات الاحتلال رفضت مما أثر علينا كثيرا وحول حياتنا لماسي واحزان فلا يوجد اصعب في الكون من ان يفقد الانسان حياته ووطنه وارضه واهله" .

صدمة الاعتقال..

الغربة والمنفى لم ينسي عائلة دراغمة الاهل والوطن " الذي زرعنا محبته"، كما تقول الوالدة خيرية، " في قلوب وذاكرة ابنائنا وكانت فرحتنا كبيرة عندما تمكن ناصر من تحقيق ما عجزنا عنه طوال العمر فبدأ يتردد على الوطن ويزور الاهل ويتواصل مع عائلتنا، ولكن المفأجاة والصدمة الكبرى كانت باعتقاله لدى عبوره  جسر "اللنبي" في طريق عودته من طوباس، بعد زيارة اقاربه فاقتادوه للتحقيق واتهموه بمساعدة خلايا عسكرية تابعة لكتائب شهداء الاقصى ونقل معلومات للخارج" .

الحكم القاسي..

وتقول الوالدة: "تعرض ناصر لجميع اشكال الضغط والتعذيب في سجن المسكوبية وفي السجن السري الخاضع للادارة العسكرية للجيش لارغامه على الادلاء باعترافات حول قضايا لم يكن له علاقه بها، ومنعت زيارته وهدد بالسجن المؤبد والعزل الابدي. وبعد ثلاثة شهر استمر خلال ناصر بالتمسك بموقفه ورفض التهم كانت الصدمة الثانية بعرضه على محكمة سجن عوفر التي اصدرت بحقه حكما بالسجن لمدة 35 عاما دون السماح لمحاميه بزيارته او الدفاع عنه ضاربة عرض الحائط كافة الاعراف والقوانين الدولية، ولم نتمكن من معرفة مصيره او الحكم الا بعد مرور فترة طويلة لمنع أي محاولة للاعتراض ونقض الحكم التعسفي وغير القانوني. وقالت جمعية اصدقاء المعتقل والسجين ان محاميها حاول عدة مرات الحصول على ملف ناصر وحيثياث القضية ومقابلته ولكن السلطات الاسرائيلية رفضت واستمرت في المماطلة تارة بذريعة الملف السري، واخرى لاسباب امنية، وثالثة بانكار اعتقاله حتى جرت محاكمته بجلسة سرية. ولا زالت ترفض تزويد الجمعية بملف القضية لمنع كشف الثغرات القانونية التي تدحض الاجراءات التي موست بحقه وتؤكد عدم قانونيتها .

العزل المستمر..

عاشت عائلة ضراغمة لفترة طويلة لحظات قاسية ورهيبة، كما تقول الوالدة، جراء انقطاع اخبار ناصر الذي واصلت قوات الاحتلال اجراءاتها التعسفية بحقه عبر نقله من سجن لآخر ومنعه من الاستقرار وحرمانه من التواصل مع المعتقلين وعائلته حتى تبين مؤخرا ان ادارة السجون تحتجزه في سجن العزل المسمى "ايالون" والذي يعيش فيه المعتقلون ظروفاً قاسية، ويحرم فيه الاسير من كافة حقوقه ويمنع من الاختلاط بالمعتقلين الذين يتعرضون لشتى اصناف القمع والعقاب والاعتقال المحظورة دوليا .

كل شيء ممنوع..

وتقول خيرية: "بعد تاكدنا من مكان اعتقال ناصر توجهنا لعدة مؤسسات وخاصة الصليب الاحمر في محاولة لزيارته، ولكن سلطات الاحتلال اكدت للمحامين ان كل شيء ممنوع بالنسبة لناصر لاسباب امنية". وتضيف: "أي ممنوع بعد هذا الحكم القاسي؟ واي اسباب التي تحرم أسيراً من ابسط حق كفلته الاعراف والقوانين الدولية؟ انهم يمنعون ولدي من الاتصال بنا او السماح له بمراسلتنا ويشمل المنع المحامين والجمعيات المختلفة علما ان الصليب الاحمر لا زال ممنوعا من دخول معتقل ايالون."

وتضيف: "وحتى عائلة رفيقه المعتقل جمال ابو محسن من طوباس التي تبنته وتمنكت من زيارته مرتين يشملها المنع، فادارة السجون تمنع زيارة جمال وناصر وكل معتقل محتجز في ايالون بشكل تعسفي" .

مناشدة..

ازاء هذا الواقع المأساوي وجهت خيرية باسم عائلتها في الاردن الحكومة والمؤسسات والفعاليات الاردنية التدخل والضغط لإثارة قضية ناصر وكافة المعتقلين الاردنيين في السجون الاسرائيلية، ودعت المؤسسات والفعاليات والمنظمات الفلسطينية والانسانية الدولية لتوحيد جهودها والتدخل للضغط على سلطات الاحتلال لالغاء الاجراءات التعسفية بحق الاسرى الاردنيين، وضمان كافة حقوقهم وتأمين حقهم في زيارات ذويهم والتواصل معهم والعمل على الافراج الفوري عنهم لان اعتقالهم غير قانوي كونهم يحملون الجنسية الاردنية، ويقيمون في دولة وقعت اتفاق صلح مع اسرائيل .

 

تهاني نصار شاهدة حية على معاناة الأسيرات الفلسطينيات

 

خاص – المركز الصحافي الدولي

22/9/2004

لم تصدق والدة تهاني نصار ما سمعته أذناها، عندما تلقت اتصالاً هاتفياً من ادارة سجن تلموند الاسرائيلي يبلغها بأن ابنتها أفرج عنها، فذهبت والدة الاسيرة المحررة الى حاجز الطيبة العسكري لتنتظر ابنتها، حيث جلست لعدة ساعات في انتظار ابنتها الى وصلت مكبلة اليدين.

تهاني نصار تبلغ من العمر (19 عاماً) حكمت عليها قوات الاحتلال الاسرائيلي مدة عام لتقضيها في سجن تلموند برفقة ما يقارب 52 أسيرة، أفرجت قوات الاحتلال عن تهاني لتكون شاهدة على المعاناة والقهر والاذلال داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي.

ففي لقاء خاص مع المركز الصحافي الدولي تحدثت الاسيرة المحررة تهاني نصار عن المعاناة والاذلال داخل السجن، حيث قالت: لقد واجهت أنا وجميع الاسيرات الـ 52 في سجن تلموند أشد المعاناة والقهر والاذلال، فهناك اقتحام للغرف في ساعات متأخرة من الليل بشكل وحشي وهمجي واستعمال الصاعقات الكهربائية ضد الاسيرات مما يسبب الاغماء لمعظم الاسيرات، اضافة الى استعمال المياه الباردة جداً في الصيف أو في الشتاء ورشها على السجينات، كذلك رش الغاز السام داخل الغرف أثناء النوم ما يسبب الكثير من الامراض الجلدية.

وأضافت نصار بأن السجانون يقومون بالاعتداء على الاسيرات من حين الى آخر بالضرب المبرح بالهروات، وتوجيه الشتائم، اضافة الى اجبار الاسيرات على خلع ملابسهن بالكامل حيث يتم تطبيق سياسة التفتيش العاري، والتي كانت السبب الرئيسي لاعلان الاضراب عن الطعام في السجون الاسرائيلية من أجل انهاء هذه المعاناة، كذلك تقوم ادارة السجن بمصادرة جميع ملابس الاسيرات وخصوصاً الداخلية منها.

أما بخصوص وضع غرف الاسيرات أوضحت نصار ان الغرف الحالية سيئة جداً ولا تطاق، حيث الجردان والصراصير والعقارب التي لا تفارق الغرف خصوصاً وقت النوم، اضافة الى التهوية السيئة فهانك شباك واحد صغير محاط بالشبك والصاج ما يحول دون وصول الهواء والضوء بشكل مناسب.

وأشارت نصار الى سوء المواد الغذائية التي تقدمها ادارة السجن، حيث ان الأكل سيئ للغاية ولا يوجد غير الجبنة الصفراء السيئة والمعكرونة على الغذاء، مما أجبر الاسيرات على ارجاع الوجبات الغذائية في الكثير من الاحيان.

وأوضحت نصار ان قوات الاحتلال قامت بالافراج عن عدد محدود من المعتقلين غالبيتهم انهوا حكمهم أو تبقى لهم مدة قصيرة جداً، على عكس ما تدعيه سلطات الاحتلال بأنها سياسة تسهيلات داخل السجون، وأضافت انه يجري الآن عمليات لاغلاق سجني مجدو والنقب وانه سيتم ايداع الاسرى في سجون مركزية يجري العمل على افتتاحها.

وفي ختام حديثها طالبت نصار جميع المؤسسات الحقوقية والقانونية والوقوف الى جانب الاسرى ومساندتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم داخل السجون والمعتقلات الاسرائيلية خصوصاً الاسيرات، علماً بأن هناك اسيرات تركن ورائهن أولادهن،  وهناك أسيرات كبار في السن ومرضى داخل السجن.

 

أشـقاء بالجملـة قيد الأسـر ….


15 أغسطس 2004

قبل أربعة أيام, اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي، عتبة فالح أبو ناصر، من مدينة طوباس, فكان وقع الخبر رغم قساوته على الأم غير مفاجئ وعادي، إذ تعودت على أكثر من ذلك قسوةً ورهبة، حينما كان خمسة من أبنائها الست يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي دفعة واحدة. وباعتقال عتبة، باتت هذه الأم تعاني لوعة فراق ثلاثة من أبنائها، الذين يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي, حيث اعتقل نجليها محمد وعبد السلام قبل حوالي الثلاث سنوات، وهي ذات الفترة التي كان قد اعتقل فيها ثلاثة آخرون من أبنائها، وهم عتبة، وعتيبة، وفراس، والذين قضوا في السجن عدة أشهر، قبل أن يتم إطلاق سراحهم الواحد تلو الآخر.
"لم أكن أفرح بإطلاق سراح واحد منهم حتى أفجع باعتقال آخر", قالت أم عمار، وقد غالبتها الدموع، فبكت بحرقة وألم، إلا أنها سرعان ما لجأت إلى مسح دموعها، وشرعت في الحديث عن مواقف القوة والشرف التي تعايشها جراء اعتقال أبنائها "بالجملة " كما تقول.
وبعد مشوار مضني ومذل ومهين، امتد لحوالي أربع وعشرين ساعة متواصلة، وبينما كانت هذه الأم عائدة للتو من زيارة نجلها عبد السلام، الذي يقبع منذ ثلاث سنوات في سجن بئر السبع، والمحكوم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً، تلقت نبأ اعتقال نجلها الثالث، وهو الأمر الذي قابلته بالقول " الحمد لله رب العالمين".
وأشارت أم عمار إلى المعاملة اللاإنسانية واللاأخلاقية التي يعاملونها بها أثناء الزيارة، حيث الإهانة والازدراء والتفتيش الجسدي الدقيق والمذل، قبل أن يسمح لهم في النهاية بالالتقاء بأبنائهم لدقائق معدودة، ومن وراء الشبك والزجاج.
وعن اللحظات الأجمل في بحر العذاب الذي تعايشته أم عمار، رغم الحواجز الزجاجية والشائكة التي تفصلها عن فلذة كبدها عبد السلام تقول: " كم أشعر بالعزة والفخر وقتها، لأنني أدرك أن أبنائي وكما الآلاف من الأسرى الفلسطينيين, أسرى للشرف…, للبطولة…, للوطن فلسطين.. .".
وكل حركة لأم عمار داخل منزلها، تخلف غصة في القلب لذكريات أبنائها، حين تتذكر أمتعة وأشياء أولادها القابعين في السجن، الغائبين عن العين، الحاضرين في القلب دوماً .وبزيارتها لنجلها هذا شهرياً، تخفف من لوعتها للآخر القابع منذ ثلاث سنوات في سجن النقب الصحراوي، والمحكوم عليه بالسجن لثلاث سنوات أيضاً، حيث أنها لم تحظ بأية زيارة له منذ اعتقاله مع ثلاثة من أشقائه وقتها.
وعلى النقيض من أمهات كثيرات يستسلمن للبكاء لحظة التقائهن بأبنائهن المعتقلين، تحاول أم عمار قدر استطاعتها أن تكون صابرة وقوية، بل على العكس من ذلك، أحاول شد عزيمته وإعطاءه شحنة للأمام لأن فلسطين ليست ليوم أو سنة، وإنما للعمر كله كما تقول .وأكدت أم عمار أنها ستكون اليوم في طليعة المسيرة التي ستنطلق ظهراً في المدينة، تضامنا مع الأسرى الذين شرعوا اليوم في خوض إضراب تاريخي عن الطعام.
وتشكل ظاهرة الأشقاء الأسرى شيئاً مميزاً في محافظة طوباس. ويشير محمود صوافطة، مدير نادي الأسير الفلسطيني في طوباس، إلى أن الأشقاء المعتقلين يشكلون 10% من إجمالي المعتقلين في المنطقة , إذ أن هناك ثلاثين حالة لأشقاء معتقلين من إجمالي المعتقلين، والبالغ عددهم ثلاثمائة معتقل.
وقال صوافطة: "إن ظاهرة المعتقلين الأشقاء ليست بالغريبة, ففي منطقة طوباس هناك حالات لشقيقين معتقلين، ولثلاثة، ولأربعة، وأحياناً كان هناك خمسة من الأشقاء معتقلين في آن واحد ".عائلة فيصل أبو زايدة صوافطة من طوباس، تعاني ذات المشكلة، إذ أن ثلاثة من أبنائها الست، يقبعون في سجون الاحتلال منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات، حيث اعتقل الشقيقان سمير (25 عاماً) و(أحمد20 عاماً) في ذات الليلة، فيما اعتقل شقيقهم الثالث منير( 23 عاماً) بعد أشهر قليلة من اعتقالهم.
وتشير أم مالك إلى أنها ورغم المعاناة والألم التي تعايشهما جراء اعتقال أبنائها الثلاث، إلا أنها تشعر بالعزة والفخر جراء ذلك، لأنها أماً لأبطال حقيقيين، دفعوا أعمارهم وأرواحهم فداءً للوطن، مشيرة إلى ابنها باسم، والذي استشهد مطلع الانتفاضة الأولى في العام 1987.
ويقبع سمير في سجن شطة المركزي، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد، فيما يقبع أحمد في سجن شطة، ومحكوميته لست سنوات، أما منير فيقضي مدة محكوميته البالغة أربع سنوات في سجن هداريم.
وأبدت أم مالك أسفاً كبيراً جراء عدم تمكنها من الوقوف إلى جانب أبنائها الأسرى في يومهم التاريخي هذا، نتيجة لمرض يلازمها ويمنعها من الحركة والتنقل، وهو الأمر الذي لولاه لكانت أول المتضامنين مع الأسرى على حد تعبيرها.
وتنفي أم مالك أن تكون ضعيفة أو باكية لحظة لقائها بفلذة كبدها سمير، أثناء الزيارة، مبينة أن مشاعر الفخر والعزة تتغلب على مشاعر الضعف والبكاء في كل لقاء.
وتشير انتصار دراغمة، وهي أخت لثلاثة معتقلين أشقاء، أنها اعتادت على ضعف هذا العدد من أشقائها الذين اعتقلوا جميعهم ذات مرة...وقالت دراغمة في أية لحظة أتوقع أن يقتحم جنود الاحتلال بيتنا، ويقتادوا بقية إخوتي أسرى، ويدمرون البيت قبل أن ينسحبوا.

وتقول: منذ آخر مرة اقتحم فيها جيش الاحتلال بيتنا، وبدأنا نحس بالأمن والأمان وننام الليل دون هواجس، إلا أنهم وتقصد (جيش الاحتلال)، عادوا الكرّة من جديد، واعتقلوا الشقيق الثالث.

هديل وهدان: صراع نفسي على خبر اغتصاب فلسطينية أمام زوجها المعتقل !
مفاجآت في بيت العزاء
قتلوا الأسرة إلاّ صبية واحدة
طفل مفلوق الرأس لم يره أحد
الزميلة هديل وهدان
دبي - خالد عويس
في مخيم "جنين" ذهبنا للتصوير فصادفنا طفل في السابعة من عمره اندفع نحونا وهو يصيح "عمو.. عمو هاتلي ماما" وكانت أمه حينئذ مدفونة تحت أنقاض بيتها، هكذا شرعت مراسلة "العربية" في فلسطين الزميلة هديل وهدان في سرد حكايات لا تنتهي عن عملها في واقع يشجع فقط على الألم.
ولم تكن تجربة الأم الفلسطينية التي انتحرت بعد أن تم اغتصابها بواسطة الإسرائيليين أمام مرأى زوجها المعتقل في سجن "عسقلان" لانتزاع اعترافات منه إلا واحدة من القصص الحزينة التي تختزنها ذاكرة هديل وهي تكابد الوجع الفلسطيني اليومي وتحاول جاهدة نقله بصوتها المخنوق بالعبرات –أحيانا- إلى المشاهدين في كل مكان.
تروي هديل حكايات باعثة على الألم عن الصراعات النفسية التي يخوضها الصحفيون هناك بين ما يرونه على الأرض من فظاعات وبين ضمائرهم الإنسانية وهي تتلوى ألما وتعاطفا مع الضحايا، وهي تقول إن العمل الصحفي بالنسبة للمراسلة الصحفية الأنثى في فلسطين يبدو صعبا على الرغم من أن الصحفيات الفلسطينيات اعتدن على "الوضع المأسوي" القاسي ومناظر الدمار ومشاهد القتل.
لكن أحداثا بعينها ترسخ في الذاكرة ويصعب على الإنسان صحفيا كان أولم يكن أن يتناساها ويطردها من خيالاته. حين همت هديل بقص حكاية تلك السيدة الفلسطينية التي تركت 3 أطفال خلفها بالإضافة لزوج موقوف ، لم تسيطر إلا بصعوبة على دموع وجدت سبيلها لتبيّن حقيقة الآلام الرهيبة التي يواجهها الصحفي "الإنسان" في فلسطين.
مفاجآت في بيت العزاء
أشارت هديل إلى أن معظم حالات الاغتصاب تجري بداخل المعتقلات الإسرائيلية كطريقة وحيدة لإجبار الموقوفين على الإدلاء باعترافات عن زملائهم. وتضيف أنها عاشت صراعا نفسيا عندما علمت بنبأ وفاة زوجة أحد كوادر حماس الموقوفين مخلفة وراءها 3 أطفال.
تقول هديل إنها توجهت إلى طولكرم بحثا وراء الحقيقة خصوصا أن زوج هذه السيدة كان مطلوبا بارزا لدى الإسرائيليين حتى تم توقيفه لاحقا. تفاجأت هديل حين وصولها إلى منزل السيدة المنتحرة بعدم وجود معزيين ولا سرادق للعزاء مما كان حافزا على السؤال والتدقيق غير أنها لم تحظ بأية إجابة.
حين خرجت من المنزل علمت أن السيدة انتحرت فاتصلت من فورها بالزوج المعتقل في سجن "عسقلان" عبر هاتف هرّب إليه. تفاجأت هديل للمرة الثانية بالزوج وهو يحدثها عن زوجته "الشهيدة" قائلا لها "يكفي أنها ماتت طاهرة".
إجابة الزوج شكلت علامات استفهام كبرى لدى هديل، خصوصا أنها شعرت بالغضب يغلي في دواخله على الرغم من أنها لم تر وجهه. لكن الزوج المعتقل لم يطل حيرتها إذ كشف لها عن استشهاد زوجته وهي تدافع عن عائلتها. ورجاها أن تعفيه من ذكر حكاية الاغتصاب وكيف تم لأنه يعتبر ذلك "تمثيلا بجثة زوجته".
تقول هديل إنها شعرت بواجب مهني يدعوها لذكر الحادثة برمتها مع الاحتفاظ بالأسماء بعد أن استأذنته، لأن كثير من النساء الفلسطينيات المتزوجات بمطلوبين لدى الأجهزة الإسرائيلية يتعرضن لمثل هذه المواقف ويهربن من وجه الاغتصاب إلى الأردن.
قتلوا الأسرة إلا صبية واحدة
وضعت هديل فنجان القهوة ببطء وهي تداري دمعة فرت من عينها وكانت جالسة قبالتي في مقصف مجموعة MBC لتروي حكاية أخرى آلمتها، إذ توجهت كالعادة مع فريق التصوير لتغطية محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها حسين أبوكويك _من حماس واغتيل لاحقا- لتجد أن سيارة من نوع "تويوتا" شبه متفحمة ومشطورة إلى نصفين بفعل قذائف أطلقت عليها من مروحية "أباتشي" إسرائيلية.
السيئ في الأمر -كما تقول هديل- إن 3 من أطفال أبي كويك كانوا رفقة أمهم في طريق عودتهم من المدرسة ولم يكن أبوكويك نفسه معهم إذ كانت المعلومة التي سربت للإسرائيليين بوجود في السيارة خطأ. تضيف هديل أن المشهد كان بشعا بكل المقاييس، وكانت تفوح رائحة الدماء النفاذة من السيارة المعجونة.
وتذكر هديل جيدا كيف استرعت انتباهها يد صغيرة ملقاة قرب السيارة. وقالت إن طفلين من بين الأطفال الثلاثة كانا عبارة عن أشلاء لا يمكن جمعها فيما أخرجت جثة الثالث (في الخامسة من العمر) إلى جانب الحقائب المدرسية والأقلام.
لم تتمالك هديل نفسها حين واجهت الكاميرا فانخرطت في نوبة من البكاء المر لدرجة أن أحد زملاءها بادرها بالسؤال "هل هم يمتون إليك بصلة قربى". وتذكر هديل أيضا أن مذيعة "العربية" في الاستديو طلبت منها العودة لاحقا عندما لاحظت بكاءها لكنها أصرت على الاستمرار في تلاوة أسماء القتلى وتوقفت طويلا عند اسم "فراس" لتتبين لاحقا أنه الطفل الذي حمل إلى خارج السيارة.
لم يبق لأبي كويك إلا بنت في الـ16 من عمرها. ولما ذهب فريق "العربية" للتصوير وجدوه متماسكا غير أن الصبية كانت منهارة ويغمى عليها في كل مرة. طلبت هديل من المصور أن يكف عن التصوير ليترك الفتاة في حالها.
في الأثناء كان الوالد والزوج المكلوم يتحدث مع الأطباء وينسق للدفن. ذهبت هديل معه إلى ثلاجة الموتى فوجدت أشلاء لا ملامح لها في كيس أبيض. تقول هديل " شعرت ان من أوما في هذا الكيس كان إنسانا له أحلام وطموحات وئدت بلحظة".
طفل مفلوق الرأس لم يره أحد
بعد ذهابي من المستشفى إلى البيت –تتابع هديل- كنت مترددة في أن أحكي لأمي " يرحمها الله".
كنت أود التخلص من رائحة الدماء التي لاحقتني من هناك. ذهبت إلى الحمام، فلحقت بي أمي وكانت لا حظت على غير العادة اضطرابي وتشتتي. أفرغت قنينة عطر كاملة للتخلص من الرائحة.
في اليوم التالي استطاعت هديل أن تغطي القصة لتدور كاميرا "العربية" مع الأب.
 وتوضح هديل أن القصة قد تبدو عادية ومكررة بالنسبة للكثيرين، إلا أنها تختلف كليا عند صحفي شهد التغطية ولامس جوانبها الحية.
وتم اغتيال الأب فيما بعد كما تشير هديل، لكنها ظلت على علاقة طيبة بـ"آية" الصبية الوحيدة التي بقت على قيد الحياة بعد أن قضى الإسرائيليون على أمها وأشقائها أولا ثم قتلوا والدها. وتضيف أن هذه العلاقة تندرج في إطار دورها الإنساني لا الصحفي فحسب.
ولن تنسى هديل أيضا اتصال طبيب فلسطيني من مستشفى رام الله يدعى موسى أبوحميد بفريق "العربية" في رام الله أثناء الاجتياح الإسرائيلي لمعسكر الأمهري في أبريل/نيسان 2003 ليبلغهم بإصابة بليغة تعرض لها طفل لم يتعد العامين.كان المعسكر ما زال يتعرض لنيران المدفعية الإسرائيلية ورام الله بأسرها تعيش أجواء الحصار.
 لم يدر بخلد هديل وزملائها أنهم سيشاهدون منظرا قاسيا في المستشفى حين انتقلوا إلى هناك لتغطية الحدث، فقد كان محمد الصغير ذو العامين غارقا في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن فلق رأسه تماما لشطرين.
لم تتمكن هديل من بث الصورة إلى المشاهدين لفظاعتها البالغة و"مرت قصته كأي قصة عادية" أضافت هديل وقد لمعت عيناها بالدموع مرة ثالثة.تقول هديل إنها متألمة لكون عذابات هذا الطفل إلى مماته لم يطلع عليها أحد.