دراسة بحثية جديدة حول شهداء الحركة الوطنية الأسيرة

 

181  شهيداً كشفوا بصمودهم ودمائهم عنصرية الجلادين

مطلوب اقامة نصب تذكاري لشهداء الحركة الأسيرة وتوثيق بطولاتهم وصورهم في كتاب ،

ويجب تدخل المجتمع الدولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل بحق الأسرى ، وعليه أن يدرك بأن قضية الأسرى هي قضية مركزية بالنسبة للشعب الفلسطيني، و هم بوصلة الإستقرار في المنطقة

 

دراسة بحثية جديدة حول شهداء الحركة الوطنية الأسيرة

 ( 181 شهيداً منذ العام 1967 )

 

* إعداد / عبد الناصر عوني فروانة

 

6  أغسطس 2005

 

( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )               صدق الله العظيم

 

اجتهدنا لنساهم مع كل النشطاء والمخلصين في تسليط الضوء على قضية الأسرى بشكل عام ، وقائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة بشكل خاص ، واستناداً لما بحوزتنا من معلومات حصلنا عليها نتاج عمل جاد خلال السنوات القليلة الماضية ، ووفقاً للتقرير الرسمي الذي صدر عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين بهذا الصدد قبل اسبوعين ، وبالرغم من الإختلاف النسبي للأرقام هنا وهناك ، إلا أن الجميع متفق على أن الشهداء بالعشرات والشهداء مع وقف التنفيذ بالآلاف ، واستهتار حكومة الإحتلال بحياة الأسرى والمعتقلين قائم وبالتالي قافلة الشهداء مستمرة وقابلة للازدياد والارتفاع ، إذا ما انتفضنا جميعاً ووضعنا حداً لذلك الاستهتار.

 

للموت حق علينا .. وللموت أشكال عدة ولكن أعظمها وأقدسها هو الشهادة ... وللشهداء فينا مكانة مميزة ، وهم على رؤوسنا تيجاناً ولمستقبلنا قناديلاً ... فهم أكرم منا جميعاً وهم من دافعوا واستبسلوا وقاتلوا في سبيل الله والوطن والحرية .. وهم أيضاً من رووا تراب الوطن بدمائهم وسطروا صفحات مضيئة وحفروا تاريخاً لم يمحَ ولن ينسى أبداً ، تاريخاً كتبت حروفه بالدم ومعبقة برائحة البارود ، وتاريخنا الفلسطيني حافل بآلاف الشهداء ، ففي مسيرتنا شهداء وفي قادتنا شهداء ما زالت وجوههم مبتسمة في عيوننا ، و أصواتهم تتردد في آذاننا، ووصاياهم ماثلة أمامنا ، ولكل واحد منهم حكاياته وقصصه، فهم الأقوياء صانعو التاريخ  ... ويموت الناس ولا يموت الشهداء ، ولكن قصص وحكايات شهداء الحركة الأسيرة  تحمل في ثناياها تميزاً خاصاً ، فهم أسرى عُزل يفتقرون ومجردون من كل أدوات المقاومة ولا يملكون أي نوع من السلاح  ، سوى سلاح العزيمة والإرادة وسلاح الأمل في الحرية والإنتصار .

لكنهم ليسوا بمعزل عن شعبهم ، فهم  جزء وجزء أساسي منه ، وبالتالي بقوا في نظر الإحتلال أمام شواخص استهدافه ... فكانوا ضحايا لجرائم الإحتلال المختلفة ، ومُورس بحقهم أبشع الأساليب اللاإنسانية في إنتهاك فاضح لكل المواثيق والأعراف الدولية ، وخلال المسيرة الطويلة لذاك التاريخ الرائع للحركة الأسيرة استشهد (181 أسيراً ) وبأساليب مختلفة – حسب ما هو موثق لدينا في وزارة الأسرى والمحررين - وأتمنى أن يكون آخر من إلتحق بقافلة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة والذي حمل الرقم 181هو الشهيد جواد عادل أبو مغصيب من دير البلح وسط قطاع غزة والذي استشهد بتاريخ28 /7 /2005 في معتقل أنصار 3 العسكري الإسرائيلي في صحراء النقب  نتيجة للإهمال الطبي .

ليس هذا فحسب بل أن هناك المئات استشهدوا بعد التحرر نتيجة لتلك الممارسات وآثار السجن ومنهم فايز بدوي ، وليد الغول ، عبد الوهاب المصري ، طلال الطحان ، صالح دردونة ، أحمد خضرة ،  شيبوب ، محمود أبو مذكور  وكان أخرهم الشهيد العربي السوري الأسير المحرر هايـل حسـين أبو زيد، الذي استشهد في مستشفى رامبام بحيفا بتاريخ 7-7-2005 .

وهناك المئات من الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية يعانون من أمراض مزمنة واصابات مختلفة  بانتظار الموت المحقق نتيجة لسياسة الإهمال الطبي المتبعة من قبل إدارات مصلحة السجون وإدارات المعتقلات العسكرية .. كما أن هناك أيضاً آلاف المحررين يعانون من أمراض عديدة يعود سببها للسجن والتعذيب وآثارهما  .

وبالتالي نحن أمام جيش من الضحايا منهم من توفى وفارق الحياة خلف القضبان أو بعد الإنعتاق ، ومنهم الآلاف ينتظرون ... و بحكم علاقاتنا وعملنا ، ومن خلال متابعتنا للشهداء والمرضى من هذه الشريحة ، بات الواحد منا يشعر بأن آثار السجن تلاحقه باستمرار ويخشى  المرض اللعين ويتوقع الموت في كل لحظة ، رغم إيماننا بالله عز وجل وبالقدر وبالموت القادم لا محالة ، ولكن لكل موت سبب وقد يكون السجن هو السبب في موت الآلاف من الأسرى المحررين .

ولهذا الشعور دوافعه وأسبابه أهمها  أن العديد من الدراسات العلمية أثبتت أن الأعراض والأمراض المزمنة والمستعصية والتي ظهرت وبدأت تظهر على الأسرى المحررين لها علاقة بصورة دالة إحصائياً بخبرة السجن والتعذيب ومنهم من ظهرت عليهم الأمراض بعد سنوات من التحرر ، وما يعزز ذلك هو ما كشفته عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيس لجنة العلوم البرلمانية الاسرائيلية " داليا ايزيك " قبل بضع سنوات عن وجود (1000) تجربة لأدوية خطيرة تحت الاختبار الطبي تجري سنوياً على الأسرى الفلسطينيين والعرب في اسرائيل ، وقد اعتادت وزارة الصحة الاسرائيلية إصدار ألف تصريح لشركات الأدوية الإسرائيلية الكبرى لإجراء تجاربها على الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل ، كما كشفت ( أمي لفتات) رئيس شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية أمام الكنيست في ذات الجلسة أن هناك زيادة سنوية قدرها 15% في حجم التصريحات التي تمنحها وزارتها لإجراء المزيد من تجارب الأدوية الخطيرة على الفلسطينيين و العرب في السجون الإسرائيلية كل عام .

وهذا يتناقض بشكل فاضح والمادة 13 من اتفاقية جنيف الباب الثاني ( يجب معاملة أسرى الحرب معاملة انسانية في جميع الأوقات ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أى فعل أو اهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدها ، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الإتفاقية ، وعلى الأخص لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته ) .

 

سُقت كل ذلك في المقدمة لأقول بأن شهداء الحركة الأسيرة ليسوا فقط  ( 181 شهيداً ) ، بل أن هؤلاء جزء من قائمة طويلة وطويلة جداً من الشهداء منهم من إلتحق فعلياً ونال شرف الشهادة  ، وجزء كبير منهم شهداء مع وقف التنفيذ ينتظرون أن تضاف أسمائهم لقائمة الشرف والبطولة ، إذا ما سارعنا وأنقذنا حياتهم .

وعودة على قائمة من استشهدوا من الأسرى منذ العام 1967م وحتى يومنا هذا ( 181 أسيراً ) وحسب سبب استشهادهم سنجد أنها تعود لثلاثة أسباب رئيسية : التعذيب ، والإهمال الطبي ، والقتل العمد بعد الإعتقال ، وهناك بعض الحالات قتلت برصاص حراس المعتقل المدججين بالسلاح  .

 

ـ أولاً بسبب التعذيب :

فنتيجة التعذيب استشهد ( 70 أسيراً ) وأول هؤلاء الضحايا هو الشهيد يوسف الجبالي الذي استشهد بداية عام 1968م في سجن نابلس ، والشهداء يونس أبو سبيتان ، عون العرعير ، محمد الخواجا ، إبراهيم الراعي ، خضر الترزي ، مصطفى عكاوي ، عطية الزعانين وخالد الشيخ علي ، عبد الصمد حريزات .. إلخ

و " إسرائيل " هي الدولة الوحيدة في العالم، التي شرعت التعذيب قانوناً في سجونها وبات نهجاً أساسياً في معاملتها للمعتقلين عموماً ، حيث تعتبر توصيات لجنة لنداو عام 1987 والتي أقرتها الكنيست هي أول من وضع الأساس لقانون فعلي يسمح بتعذيب الأسرى وشكل حماية لرجال المخابرات .

 وبعد الضجة الإعلامية التي أثيرت حول قتل المعتقل عبد الصمد حريزات في 25/4/1995 في أروقة مركز تحقيق المسكوبية/القدس ، نتيجة الهز العنيف ، أصدرت ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية عدة قرارات خلال العام 1996 سمحت بموجبها لمحققي أجهزة الأمن الإسرائيلية باستخدام الضغط الجسدي المعتدل ، وإذا كان المحقق على يقين بأن المعتقل يخفي معلومات خطيرة من شأن  الكشف عنها حماية أمن الدولة والتي درجت الأجهزة الأمنية والقضائية على تسميتها بالقنبلة الموقوتة ، فمن حق المحقق أن يستخدم الضغط الجسدي المعزز وأسلوب الهز العنيف ضد المعتقلين أثناء استجوابهم شريطة أن يحصل المحقق على إذن من مسؤوليه وصولا إلى رئيس الشاباك إذا اضطر إلى استخدام العنف الشديد الأكثر من معتدل .

وبعد جهود بذلت من مؤسسات حقوقية وإنسانية أصدرت المحكمة العليا " الإسرائيلية " في التاسع من أيلول عام 1999 م قرارا منعت بموجبه استخدام الوسائل البدنية ضد المعتقلين ولكن لم تتم ترجمة هذا القرار بشكل فعلي  ولم يؤدِ الى إلغاء التعذيب أو الحد منه.

على الرغم من أن العديد من المواثيق الدولية حرمت التعذيب ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 ، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 ، وفي 10 كانون الأول / ديسمبر عام 1984 صدرت اتفاقية مناهضة التعذيب وفي 26 حزيران/ يونيه 1987  دخلت حيز التنفيذ الفعلي .

واستخدمت حكومة الإحتلال في هذا الصدد قرابة 80 شكلاً جسدياً ونفسياً مثل الشبح والهز العنيف والضرب و الحشر داخل ثلاجة  والحرق بالسجائر والحرمان من النوم والتحرش الجنسي والعزل الإنفرادي.. إلخ ولم يقتصر ممارسة التعذيب على الشبان أو على رجال المقاومة، بل مُورس ضد الأطفال والشيوخ والنساء، وحتى ضد أقارب وأصدقاء وجيران الأسرى .

و ليس كل من تَعرض للتعذيب نجا من الموت ليحدثنا عما تعرض له، كما ليس كل من نجا لديه القدرة على الحديث ، و لكن هناك الكثير مِمَن نَجوا تحدثوا وبمرارة عما تعرضوا له ، وهناك من لا زالوا متأثرين من ذلك رغم مرور سنوات طوال على تحررهم .

وأنا شخصياً عايشت أكثر من تجربة في التحقيق ، ولكن أقساها كانت أواخر عام 1989م ، حيث مكثت في أقبية التحقيق وزنازينها القذرة  قرابة مائة (100) يوم ، تعرضت خلالها لأبشع أنواع التعذيب ومكثت في الثلاجة أيام وليالي ولم أخرج منها إلا لجولات التحقيق ، ولا زالت صور المحقق وهو يستمتع بتعذيبنا ماثلة أمامي ، ولكن الصورة الأبرز هنا كانت صورة إستشهاد الأسير خالد الشيخ علي والذي استشهد في أقبية التحقيق في سجن غزة بتاريخ 12 ديسمبر عام 1989م ، وكنت في تلك اللحظة في " المسلخ " أو ما أطلقنا عليه " الباص " وهو عبارة عن ممر طويل  يشبه الباص ويصطف الأسرى على الجانبين وقوفاً وجلوساً على كراسي مخصصة للتعذيب ، وغرف التحقيق على الجانبين وإلى الوراء ،  وحينها استنفر المحققون وبدأوا يصرخون ووضعوا حاجزاً خلفنا كي لا نرى ما يحدث من أثقب الكيس ، لكننا فهمنا من أحاديثهم بالعبرية بأن شيئاً ما قد حصل لأحد الأسرى ... وقبلها بأيام معدودة وبالتحديد بتاريخ 3 ديسمبر كنت في زنزانة صغيرة قذرة لا تدخلها أشعة الشمس وتحمل الرقم 14 ، وفجأة سمعنا صوتاً وصراخاً بالعربية لأحد العملاء العاملين بالزنازين ، وهو يفتح طاقة الزنزانة رقم 12 ، وإذا بالشهيد الأسير جمال أبو شرخ ملقى بداخلها من شدة التعذيب ، فلقد عذبوه بشدة وقتلوه إنتقاماً لما قام به حيث اعتقلوه بعدما تمكن  من دهس عدد من الجنود الإسرائيليين في شارع النصر بغزة فقتل وأصاب عدداً منهم  .

فحينما أستذكر تلك الفترة بالذات أشعر بالألم والمرارة ، وينمو لدىّ شعور الإنتقام ، ليس من المحققين فحسب ، بل ممن أعطوهم الأوامر ومنحوهم الشرعية وكفلوا لهم الحماية ، وأشعر في الوقت ذاته بالخجل لأننا كأسرى محررين وحقوقيين ومؤسسات إنسانية لم نتمكن من وضع حد لهذا التعذيب وإيقافه ، كما لم نتمكن من ملاحقة مجرميه ولا من تعويض ومساندة ضحاياه .

وفي هذا الصدد كشفت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية"، في تقرير لها صدر حديثاً بأن المحققين الإسرائيليين يستمتعون بتعذيب الأسرى ، وأن كل فلسطيني أصبح عدواً وأن أسباب هذه التصرفات اللاإنسانية مع الأسرى هو شعور المحقق والجندي انه لن يحاسب على أفعاله وأنه سيحظى بإسناد من رفاقه وقادته ، ولم يسبق وأن قدم أي مسؤول إسرائيلي للمحاكمة والمسائلة عن جرائم حرب ارتكبت في أقبية التحقيق والسجون لأن القانون الإسرائيلي أعطى الحماية للمحققين ولم يسمح بملاحقتهم.

وأكد التقرير أيضاً على أن حياة الأسير الفلسطيني هبطت عند المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية إلى أدنى حد ووصل الأمر أن بعض الجنود قالوا إن ما يقومون به من سياسة إذلال وعمليات قمع وحشية بحق الأسرى ما هو إلا مجرد تسلية ومتعة.

إن ما يتعرض له الأسرى من إستخدام القوة المفرطة معهم يهدد حياتهم بصورة خطيرة مما يعتبر انتهاك للمادة 42 من اتفاقية جنيف الرابعة ، وتشير الإحصائيات بأنه نادراً من يعتقل ولا يتعرض للتعذيب أو أحد أشكاله ، حيث أن جميع من يعتقلوا يتعرضون للمعاملة السيئة واللاإنسانية وإلى الشتائم وتكبيل الأيدي وعصب الأعين ، و 99 % ممن أعتقلوا تعرضوا للضرب ، و93 % تعرضوا للحرمان من النوم ،  و92 % تعرضوا للوقوف فترة طويلة ، و88 % تعرضوا للشبح ،  و68 % تعرضوا للمكوث ساعات وأيام في ما تعرف بالثلاجة .

السجون الإسرائيلية وأبو غريب

السجون والمعتقلات الإسرائيلية تشهد ظروفاً قاسية وأوضاعاً لا إنسانية  ومعاملة سيئة ، وتفتقر لأدنى شروط الحياة الآدمية ، فهي سجون قلما شهدها العالم ، وهي مُعدة كبدائل لأعواد المشانق ، وما رآها العالم من صور لما حدث في أبو غريب ، فإنه يحدث منذ سنوات وعلى مدار اللحظة في " مسالخ " الموت في السجون الإسرائيلية .

ووصفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير مفصل لها وعلى صفحتها الأولى : أن ما يحدث في السجون الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين أكثر سوءاً مما حدث في " أبو غريب " ، ولفت التقرير إلى أن " إسرائيل " هي الدولة الديمقراطية الوحيدة على النسق الغربي التي تعترف بتعذيب الأسرى، كما أن أساليب التعذيب بحق الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تحظى بتأييد الجمهور الإسرائيلي الذي لا يؤنبه ضميره ".

ويتحدث الصحافي الأمريكي " غرين فرانكل " مراسل الصحيفة للشؤون الدولية في تحقيقه، أن بث صور سجن أبو غريب لم يكن شيئاً غريباً بالنسبة للأسرى الفلسطينيين، الذين عاشوا ويعيشون ما هو أكثر سوءاً مما عاشه المعتقلون في سجن أبو غريب.

 

المتاجرة بأدوات التعذيب :

ولم تكتفِ " إسرائيل " بتشريعها للتعذيب ، بل تصدرت الدول المنتجة والمصدرة لأدوات التعذيب ، حيث جاء في تقرير نشرته منظمة العفو الدولية تحت عنوان " تجار الألم " أن دولة " إسرائيل "  هي أكثر الدول من حيث إنتاجها لوسائل تعذيب مختلفة واستخدامها والاتجار بها مثل القيود ، السلاسل ، الأصفاد وكراسي التكبيل ومواد كيماوية تسبب الشلل مثل غاز الأعصاب ، الغاز المسيل للدموع والسموم المخدرة ، أجهزة الصعق الكهربائي.

مقارنة سريعة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية

وبالمقارنة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية نجد أنه خلال سنوات الإنتفاضة الأولى السبعة  استشهد نتيجة التعذيب ( 23 أسير ) ،  بينما خلال سنوات إنتفاضة الأقصى الخمس استشهد ( أسيران فقط )  .

ـ ثانياً  بسبب الإهمال الطبي :

ونتيجة للإهمال الطبي استشهد ( 40 أسيراً ) منهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم وهو أول شهيد للحركة الأسيرة يستشهد خلال الإضرابات عن الطعام وذلك منتصف عام 1970م في سجن عسقلان ، بالإضافة للشهداء الحاج رمضان البنا ، عمر عوض الله ، عمران أبو خلف ، اسحق مراغة ، راسم حلاوة ، علي الجعفري ، أنيس دولة ، صلاح عباس ، سليم أبو صبيح ، عمر القاسم ، قنديل علوان ، حسين عبيدات ، يوسف العرعير ، محمد الدهامين ، وليد عمرو ، بشير عويس ، محمد أبو هدوان ،  راسم غنيمات ،  بشار بني عودة  ،.. إلخ وهذه سياسة ممنهجة ومتبعة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية التي تفتقر للعيادات المناسبة  ولأطباء مختصين ، كما تفتقر العيادات الشكلية  إلى الأدوية المناسبة ، وحبة الأكمول هي العلاج لكل الأمراض وهذا يتناقض و المادة 91 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على انه " يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية وكذلك على نظام غذائي مناسب ".

وقد أشارت " أصدقاء الإنسان الدولية " وهي منظمة حقوقية دولية تتخذ من فيينا مقراً لها في تقرير لها صدر منتصف هذا العام  " أن الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يعيشون أوضاعاً استثنائية من الناحية الصحية، قل ما يعيشها أسرى أو معتقلون في مناطق أخرى " وذكر التقرير بعض الإنتهاكات الصحية منها الإهمال الصحي المتكرر والمماطلة بتقديم العلاج للمحتاجين له، أو عدم إجراء العمليات الجراحية للأسرى، عدم تقديم العلاج الناجع للأسرى المرضى كل حسب معاناته، فالطبيب في السجون الإسرائيلية هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص حبوب يسمى الأكامول وهو يحتوي على مادة الباراسيتامول الخاصة بمعالجة الصداع ، ولا يتورع أحياناً عن العلاج بالماء كأن يقدم للأسير المريض فقط كأس من الماء، و عدم وجود أطباء اختصاصيين داخل السجن، كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة ، عدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين ، عدم توفير الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبية، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو وإلتهابات القصبة الهوائية المزمنة ، عدم وجود غرف أو عنابر عزل للمرضى المصابين بأمراض معدية، كالتهابات الأمعاء الفيروسية الحادة المعدية، وكذلك بعض الأمراض الجلدية مثل الجرب، مما يهدد بانتشار المرض بسرعة بين الأسرى نظراً للازدحام الشديد داخل المعتقلات ، مضاعفة معاناة الأسرى المرضى من خلال نقلهم لتلقي العلاج في المستشفيات، وهم مكبلو الأيدي والأرجل، في سيارات شحن عديمة التهوية، بدلا من نقلهم في سيارات إسعاف مجهزة ومريحة، تقديم أدوية قديمة ومنتهية الصلاحيات للأسرى .

بالإضافة لسوء التغذية كماً ونوعاً وقلة العناصر الغذائية الأساسية والتي تؤدي لفقر الدم والدوخة لدى العديد من الأسرى ، وقلة المواد المحتوية على الكالسيوم مما يسبب بهشاشة العظام خاصة لمن أمضوا فترات طويلة ، وانتشار الحشرات والرواح الكريهة والمجاري أدت للتسبب في إلتهابات حادة في الأمعاء ، والحر الشديد وما يسببه للإنسان خاصة في معتقل النقب الصحراوي في ظل شحة المياه ، افتقار السجون والمعتقلات إلى الفرشات الصحية مما يسبب آلاماً في الظهر والعمود الفقري ، العقم والضعف الجنسي نتيجة الضغط على أعضاء الأسير التناسلية، وكذلك بسبب التهابات البروستاتا المزمنة بسبب الرطوبة والبرد الشديدين ، والأخطر ارتفاع ضغط الدم والإصابة بمرض السكري الناتجة عن الضغوط النفسية الكبيرة التي يتعرض لها الأسرى، ومضاعفاتها  تؤدي في بعض الحالات إلى حصول جلطات في القلب والدماغ ، كما وان الهز العنيف والضرب على الرأس يؤدى الى الجلطات الدماغية والشل النصفي مباشرة أو بعد فترة من الزمن .

 

 

دور الطبيب اللاإنساني :

بالإضافة الى كل ذلك يأتي الدور الحقير لما يسمى " الطبيب " حيث يتعامل مع الأسير المريض على انه عدو وليس إنسان ، وأحياناً كثيرة يمارس التعذيب معه ويؤلمه أو يهمله يتألم عن قصد ، وفي بعض الأحيان يتم ابتزاز المعتقل المريض ومساومته بتقديم العلاج له مقابل التعامل معهم ، وهذا يتنافى مع مهنة الطب التي تعتبر إنسانية بحتة ، وجميعنا يستذكر تصريحات وزير الصحة الإسرائيلي ، داني نافيه خلال إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام في آب 2004 حينما أعطى تعليماته لكافة المستشفيات بعدم استقبال أي أسير مضرب عن الطعام في المستشفيات الإسرائيلية .

ومنذ اللحظة الأولى للاعتقال يُعرض المعتقل على طبيب السجن الذي يحاول التأكد من الوضع الصحي للمعتقل ، وتوصياته هنا ليس بهدف علاجه ، بل لمساعدة رجل المخابرات في تحديد نقاط الضعف الصحية الموجودة عند المعتقل والتي يمكن استغلالها من قبل المحقق في الضغط عليها ، كما تحدد نوعية وطبيعة التعذيب المناسب لهذا المعتقل ، حيث يحدد الطبيب المناطق التي من الممكن أن يضرب عليها بحث تؤلم المعتقل ولا تقتله كما لا يظهر آثارها على جسم المعتقل .

هذه بعض الأمراض المنتشرة ما بين الأسرى ، وبعض الأسباب التي تؤدي لبروزها واستفحالها ، حيث أن في حال ظهور بعض الأعراض تواجه بعكس المنطق ، باللا مبالاة وعدم الإكتراث أو الاهتمام ، وعدم الرعاية الطبية من قبل إدارات السجون ، كما وأن السجون والمعتقلات تفتقر لسبل الوقاية من الأمراض والحماية من الطوارئ ، وهذا ما أدى لنشوب عدة حرائق في النقب ومجدو نتيجة تماس كهربائي ناتج بالأساس عن شبكة كهرباء تالفة وسيئة أدت إلى حدوث حرائق وإصابة العديد من المعتقلين ، ولافتقار المعتقل لأدوات الإطفاء والتدخل السريع  ، وأسوأها كانت في سجن مجدو بتاريخ 27 يناير من العام الحالي واستشهد نتيجتها الأسير راسم غنيمات ، وفي 24 يوليو حدث حريق في معتقل النقب كاد أن يؤدي إلى كارثة إنسانية لولا العناية الآلهية وتمكن أحد الأسرى في كسر قفل القسم الذي إلتهمته النيران بعدما رفضت الإدارة فتح الأبواب ،  وتمكن الأسرى من الهروب للأقسام المجاورة في ظل متابعة بدون مبالاة أواكتراث من قبل إدارة المعتقل ، وهذه الحرائق تسبب إصابات للأسرى وحالات إختناق  .

 وفي ظل الإهمال الطبي تتفاقم الأعراض ومع الوقت تصبح مزمنة ومستعصية يصعب علاجها وتؤدي الى استشهاد الأسير أو بقائه يعاني طوال فترة الإعتقال أو حتى لما بعد التحرر ، وكما أشرنا سابقاً بعض هذه الأمراض تظهر بعد التحرر مباشرة أو بسنوات .

 

مقارنة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية

وبالمقارنة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية نجد أنه خلال سنوات الإنتفاضة الأولى السبع  استشهد نتيجة الإهمال الطبي 11 أسير ، وهم  قنديل علوان ، عطا عياد ، محمد حماد ، عبد المنعم كولك ، عمر القاسم ، محمد الريفي ، رائق سليمان ، جاسر أبو ارميلة ، حسين عبيدات ، يحيى الناطور ، أحمد اسماعيل .

بينما خلال أقل من 5 سنوات من إنتفاضة الأقصى استشهد 10 أسرى هم : محمد الدهامين ، أحمد جوابرة ، وليد عمرو ، بشير عويس ، فواز البلبل ، محمد أبو هدوان ، راسم غنيمات ، عبد الفتاح رداد ، بشار بني عودة ، جواد أبو مغصيب .

ـ ثالثاً بسبب القتل والتصفية بعد الإعتقال :

ونتيجة القتل العمد والتصفية استشهد ( 71 أسيراً ) ومنهم  قاسم أحمد الجعبري من الخليل والذي تمت تصفيته بتاريخ 27/5/1969م من خلال رميه من طائرة اسرائيلية بعد إعتقاله، والشهداء أحمد أبو دية ، حريص أبو حية ، على أبو سلطان ، حسن أبو ركبة ، خاطفي الباص الإسرئيلي رقم 300 ، محمود صلاح ، أبو جندل ، أحمد خميس عطية ، عبد العفو القصاص ، فلاح مشارقة .. إلخ  .

و هذه  سياسة قديمة جديدة مورست بحق الأسرى منذ السنوات الأولى للإحتلال ، لكنها تصاعدت بشكل ملحوظ خلال أقل من خمس سنوات من انتفاضة الأقصى ( 47 شهيداً ) ، في حين استشهد نتيجة لذلك ( 16  أسير ) فقط خلال العشرين عاماً الأولى ( من عام 1967 – عام 1987 ) .

 وتنفذ هذ السياسة بأشكال عديدة  فإما تتم تصفية الأسير بعد إعتقاله مباشرة من خلال إطلاق النار عليه بشكل مباشر عند إلقاء القبض عليه ومن مسافة قريبة جداً ، أونقله إلى مكان ما وإطلاق النار عليه والإدعاء أنه هرب من السجن ، أو إطلاق النار عليه عن بُعد والإدعاء أنه حاول الهرب رغم إدراكهم أنه غير مسلح ومن السهولة إلقاء القبض عليه .

 أو التنكيل بالمعتقل المصاب والاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه  وعدم السماح بتقديم الإسعافات الطبية للأسير الجريح  وتركه ينزف بشكل متعمد حتى الموت.

 

شهداء بسبب إطلاق الرصاص عليهم من قبل حراس المعتقل المدججين بالسلاح :

هناك بعض الحالات ( 6 معتقلين ) كان سبب إستشهادهم إطلاق نار وبشكل مباشر من قبل حراس المعتقل العسكري والمدججين بالسلاح الناري خلال مواجهات ما بين المعتقلين و إدارة المعتقل العسكرية ، أو الإدعاء أن المعتقل حاول الإقتراب من الجندي والإعتداء عليه أو محاولته الهرب فالمبررات كثيرة ، لكن من الجدير ذكره ان الأسير لا يملك أي سلاح ولا حتى اداة حادة ليشكل خطراً على حياة الجندي والشرطي .

و هؤلاء الشهداء هم أسعد جبرا الشوا من غزة وعلى ابراهيم السمودي من قرية اليامون اللذان استشهدا في معتقل النقب الصحراوي بتاريخ 16 آب 1988 ، و نضال زهدي  ديب من رام الله والذي استشهد بتاريخ 8/2/1989م في معتقل مجدو ، وعبد الله محمد  أبو محروقة من دير البلح بقطاع غزة والذي استشهد بتاريخ 12/9/1989م في معتقل  أنصار 2 بغزة ، وصبري منصور عبد الله عبد ربه من قرية الجيب والذي استشهد بتاريخ 7/7/1990م ، وموسى عبد الرحمن من قرية نوبا واستشهد بتاريخ  18/1/1992م .

مقارنة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية

وبالمقارنة ما بين الإنتفاضة الأولى والثانية نجد أنه خلال سنوات الإنتفاضة الأولى استشهد نتيجة لهذه السياسة ( ثمانية أسرى ) ،  بينما خلال أقل من خمس سنوات من إنتفاضة الأقصى  وحسب ما لدينا من معلومات فلقد استشهد ( 47 أسيراً ) وقد يكون الرقم أكبر من ذلك   .

- توزيع الشهداء حسب الفترة الزمنية :

وإذا ما وزعنا الشهداء وفق الفترة الزمنية سنجد أن ( 72 أسيراً )  استشهدوا خلال العشرين عاماً الأولى (من العام 1967 وحتى مطلع الإنتفاضة الأولى في 9 ديسمبر 1987م )  أي بمعدل ( 3.6 شهيد في العام الواحد).

و غالبيتهم استشهدوا نتيجة التعذيب ( 39 شهيداً ) ( 16 شهيداً منهم تمت تصفيتهم بعد اعتقالهم ) ( 17 شهيداً نتيجة للإهمال الطبي )  .

 وخلال الإنتفاضة الأولى ( 9 ديسمبر 1987- منتصف 1994 ) استشهد ( 42 أسيراً )  بمعدل ( 6 شهداء في العام الواحد) .

 وأيضاً هنا غالبيتهم ( 23 أسير ) استشهدوا نتيجة التعذيب ، و( 8 شهداء ) تمت تصفيتهم  بعد اعتقتالهم ، فيما استشهد (11 أسير ) نتيجة للإهمال الطبي .

  وما بعد هذا التاريخ  وحتى بداية إنتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 ونتيجة للهدوء النسبي إن جاز التعبير إنخفض عدد الشهداء ليصل إلى ( ثمانية أسرى فقط ) بمعدل ( 1.2 شهيد في العام الواحد ) لكن الملفت هنا أن غالبيتهم ( 6 أسرى ) أيضاً استشهدوا نتيجة التعذيب و( أسيرين ) نتيجة الإهمال الطبي .

 ولكن خلال أقل من خمس سنوات لإنتفاضة الأقصى ( 28 سبتمبر 2000 وحتى نهاية تموز 2005 ) إرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة ليصل إلى أعلى معدل ( 59 شهيداً ) بمعدل ( 11.5 شهيد في العام الواحد) وهي أعلى نسبة ، ولكن الفارق هنا أن ( إثنين فقط ) من الأسرى الشهداء كان سبب إستشهادهم التعذيب في حين أن غالبيتهم ( 47 شهيداً ) كان سبب استشهادهم التصفية والقتل العمد بعد الإعتقال والباقي جراء الإهمال الطبي .

وهذا ما يؤكد ما طرحنا سابقاً بأن سياسة القتل والتصفية بحق الأسرى تصاعدت بشكل ملحوظ خلال إنتفاضة الأقصى .

أسباب تصاعد سياسة القتل بعد الإعتقال

وبتقديري يعود أسباب ذلك إلى أن حكومة الإحتلال ومنذ إحتلالها لباقي المناطق الفلسطينية عام 1967 ومما سمح لها بالإنتشار والوجود المكثف في كل المناطق والمخيمات الفلسطينية كانت تركز على الإعتقالات الواسعة والعشوائية والضغط على المعتقلين وأقربائهم بهدف الحصول على معلومات منهم عن رجال المقاومة وأماكن تواجدهم ، وإرهابهم أيضاً مما زاد من إرتفاع عدد حالات الإعتقال خلال العشرين عاماً الأولى ( 1967-1987 بلغت ما يقارب من 400 ألف حالة اعتقال  ) أي بمعدل عشرين ألف حالة في العام الواحد .

، واستخدمت خلال تلك الفترة أساليب قاسية ومميتة في أقبية التحقيق بحق من تعتقد أنهم مسؤولين عن عمليات للمقاومة أو يحتلون مواقع قيادية في فصائل المقاومة ويملكون معلومات هامة عن رجالاتهم وأسلحتهم ويرفضون الإستجابة لضغوطات التحقيق وبالتالي يرفضون الحديث والإعتراف ... وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد من استشهدوا نتيجة التعذيب .

وخلال الإنتفاضة الأولى الأمر لم يختلف كثيراً بل الفارق هو أن الهبة الجماهيرية اتسعت وشملت كل مخيم ومدينة واتسعت المشاركة الشعبية مما أدى إلى ازدياد حالات الإعتقالات ( ديسمبر 1987م – منتصف 1994 م بلغت ما يقارب من 200 ألف  حالة )  أي قرابة 30 ألف حالة في العام الواحد .

وخلال الفترة الممتدة ما بين قيام السلطة الوطنية الفلسطينية منتصف عام 1994م ، وما بين إنتفاضة الأقصى 28 سبتمبر 2000 ، ونتيجة للوضع السياسي القائم وحالة الهدوء - بإستثناء بعض الأحداث والهبات هنا وهناك - فالأمر مختلف تماماً فحالات الإعتقالات إنخفضت بشكل كبير وملحوظ ( وفق التقديرات لم تتجاوز عشرة آلاف حالة ) وكذلك عدد شهداء الحركة الأسيرة أيضاً إنخفض إلى ( 8 شهداء ) .

أما خلال إنتفاضة الأقصى فالأمر مختلف نوعاً ما ، فلم تعد قوات الإحتلال تسيطر على كل المدن ولم تعد متواجدة ومنتشرة في الكثير من المناطق على الرغم من إمتلاكها القوة العسكرية وانحطاط الأخلاق والقيم ، والذي ساعدها في إجتياح المدن وشن حملات إعتقال واسعة طالت الآلاف من الشبان والأطفال والشيوخ ( 28 سبتمبر 2000 – تموز 2005 بلغت ما يقارب 40 ألف حالة إعتقال ) أي قرابة ثمانية آلاف حالة في العام الواحد .

وهذا الوضع لم يسمح لقوات الإحتلال بالسيطرة الكاملة على السكان الفلسطينيين  ولم يمكنها من ملاحقة واعتقال نشطاء المقاومة ، لا سيما وأن المقاومة نجحت في تطوير آدائها وألحقت خسائر بشرية فادحة بقوات الإحتلال ، وبدلاً من ان تنسحب قوات الإحتلال من المناطق الفلسطينية وتمنح الفلسطينيين استقلالهم ، صعّدت حكومة الإحتلال من أساليبها الدموية واتخذت قراراً سياسياً واضحاً وعلنياً تمثل في تطبيق سياسة الإغتيالات والتصفية بحق أبناء شعبنا بشكل عام وخاصة النشطاء وطبقت هذه السياسة بشكل علني وواسع واستشهد نتيجة لذلك المئات من الفلسطينيين .

والأسرى العزل كانوا هم الآخرين ضحية لهذه السياسة ، حيث طبقت عليهم أيضا، وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد الأسرى، الذي استشهدوا بسبب ذلك خلال إنتفاضة الأقصى ( 47 شهيداً  ) في حين ( 16 أسير فقط ) استشهدوا نتيجة لذلك خلال العشرين عاماً الأولى من الإحتلال ، و( 8 أسرى فقط ) خلال الإنتفاضة الأولى .

وكثيرين منهم كان دافع قتلهم هو الإنتقام منهم لما قاموا به من عمليات ، أو لدورهم المميز في المقاومة والقيادة مثل أبو جندل وعلي الجولاني أو تصفيتهم بعد التحقيق معهم ، ومما دفع قوات الإحتلال للإستمرار والتمادي في ذلك هو غياب الرادع الحقيقي وغياب الدور الدولي في وضع حد لسياسة الإغتيالات التي تُعتبر إعدام خارج نطاق القانون وجريمة حرب وانتهاكاً صارخاً لمعايير حقوق الإنسان وبشكل خاص الحق في الحياة.

ـ التوزيع الجغرافي للشهداء :

وحول التوزيع الجغرافي للشهداء فالأمر أيضاً له علاقة في تواجد قوات الإحتلال المباشر وانتشارها المكثف فمثلاً في السنوات العشرين الأولى استشهد ( 72 أسيراً ) منهم  ( 28 أسيراً ) من قطاع غزة ، و(32 أسيراً ) من الضفة و و(4 أسرى ) من القدس و( 8 أسرى ) مناطق أخرى .

 وخلال الإنتفاضة الأولى الأرقام متقاربة حيث استشهد ( 42 أسيراً ) ، و من هؤلاء ( 18 أسير ) من قطاع غزة ، و ( 20 أسير )  من الضفة و( 4 أسرى ) من القدس  .

 وخلال فترة ما بعد الإنتفاضة الأولى وبداية انتفاضة الأقصى استشهد ( اسيرين فقط ) من قطاع غزة نتيجة الإهمال الطبي ، و( 6 أسرى ) من الضفة الغربية نتيجة التعذيب ، حيث أن التواجد العسكري لجيش الإحتلال الإسرائيلي في الضفة كان أكبر ومناطق عدة كان يسيطر عليها بشكل مباشر وبالتالي الإعتقالات كانت أكثر بكثير ممن هي بقطاع غزة .

 وخلال إنتفاضة الأقصى أخذت هذه الفوارق تتسع وتزداد أكثر في عدد المعتقلين وفي عدد شهداء الحركة الأسيرة أيضاً ، وهذا نتيجة للأسباب التي طرحناها سابقاً فاستشهد خلال هذه الإنتفاضة ( 11 شهيد ) من قطاع غزة ، و( 44 شهيداً ) من الضفة الغربية و( 4 شهداء ) من القدس  .

مقارنة :

وبالإجمال منذ العام 1967 وحتى إنتفاضة الأقصى إستشهد ( 122 أسيراً ) منهم ( 48 أسيراً ) من قطاع غزة أي قرابة 40 % ، و( 58 أسيراً ) من الضفة الغربية أي قرابة 48 % و(8 أسرى ) من القدس و( و8 أسرى ) مناطق أخرى .

أما خلال إنتفاضة الأقصى ونظراً وللأسباب المذكورة آنفاً فإن عدد الشهداء الإجمالي ( 59 شهيداً ) منهم ( 11 شهيد فقط) من قطاع غزة أي قرابة 18.6 % ،  و ( 44 شهيد من الضفة ) أي قرابة 74.6 % و ( 4 شهداء ) من القدس أي ما نسبته 6.8 % .

 

- أسرى شهداء من مناطق مختلفة :

والملاحظ هنا أن القائمة اشتملت في السنوات العشرين الأولى عل ( 7 أسرى شهداء ) من مناطق  مختلفة وهم : محمد خريزات من جنوب لبنان حيث تمت تصفيته بعد اعتقال بيومين ، حسن السواركة من العريش جراء التعذيب في سجن عسقلان ، عمر شلبي من سوريا واستشهد نتيجة التعذيب في سجن عسقلان ، نصار الحويطات من الأردن واستشهد نتيجة الإهمال الطبي في مستشفى سجن الرملة ، ناصر الهيب من سوريا نتيجة التعذيب في سجن الرملة ، صلاح عباس من العراق ، ميخائيل بابا لازارو من اليونان واستشهد عام 1983 في مستشفى سجن الرملة .

في حين افتقرت لذلك منذ بداية الإنتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 واقتصرت على الضفة وغزة والقدس .

- جميع الشهداء ذكور :

لوحظ أن قائمة الشهداء لم تشتمل على أية أسيرة ، لكنها لم تخلُ من الأطفال وكبار السن .

- الخلاصة والتوصيات :  

 تتصدر دولة الاحتلال "الاسرائيلي" قائمة الدول التي تنتهك حقوق الانسان والقوانين الدولية ، وتتجاهل كل الحقوق المدنية للمواطنين العزل ، ولم تفرق في معاملتها ما بين مقاوم مسلح أو مواطن عادي ، أو ما بين شيخ وامرأة او شاب وطفل ، وحتى الأسرى والمعتقلين العزل حرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية وفق ما نصت عليها كل الأعراف والمواثيق الدولية ، بل يعيشون في ظروف قاسية لا تليق بالحياة الآدمية وغرف وخيام مكتظة ، ويُمارس ضدهم التعذيب المميت الممنهج والذي منح الغطاء القانوني ، كما ويُعاملون بوحشية ولا يتلقون أية رعاية طبية ولا حتى أدوات النظافة والوقاية من الأمراض ،  وإزداد استفحال أزمة حقوق الإنسان بشكل عام خلال إنتفاضة الأقصى ، وإزدادت الهجمة الشرسة أيضاً على الأسرى لسلب حقوقهم التي انتزعوها بفضل نضالاتهم عبر عقود من الزمن .

 وفي هذا السياق فإننا نناشد المجتمع الدولي بكافة مؤسساته للتدخل الفوري لوقف إنتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني الأسير ، والتدخل الفوري لإنقاذ حياة الألاف من المعتقلين الفلسطينين والعرب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية و الإفراج عنهم ، وخاصة المرضى وكبار السن وممن أمضوا فترات طويلة في الأسر كما وندعو وبشكل خاص اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتوجيه مندوبيها وطواقمها الطبية لزيارة كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية بصورة عاجلة للإطلاع على الأوضاع القاسية واللاإنسانية هناك، والتي تتنافى وكافة المواثيق والأعراف والإتفاقيات الدولية والضغط على حكومة الإحتلال لإجبارها على احترام المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الأسرى والمعتقلين وخاصة اتفاقية جنيف .

- على المجتمع الدولي ودعاة السلام والديمقراطية في العالم  أن يدركوا  بأن قضية الأسرى هي قضية مركزية بالنسبة للشعب الفلسطيني ، و هم بوصلة الإستقرار في المنطقة و أكثر الناس تواقون للعيش بسلام ، ولكي يتحقق السلام ولكي يكتب لأي إتفاق النجاح  لابد من الإفراج عنهم جميعاً دون قيد أو شرط أو تمييز .

- على كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية ـ وهي كثيرة ـ أن تعمل وبشكل جدي لتوثيق حالات التعذيب ، ومن ثم متابعتها قانونية ورفع قضايا في المحاكم الدولية ضد حكومة الإحتلال بهدف مساندة وتعويض هؤلاء الضحايا بما في ذلك إعادة تأهيلهم وتعويضهم مادياً ورد الإعتبار، وهذا حق للمُعذبين تكفله لهم إتفاقية مناهضة التعذيب خاصة في مادتيها الـ 13 ، 14 ، وهذا الحق لا يسقط بالتقادم ، كما أنه جزء من العلاج للتخلص من آثار التعذيب النفسية .

- على السلطة الوطنية الفلسطينية وكافة القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني أن تعمل بكل جدية لإعداد مراكز لتأهيل ومساندة ضحايا التعذيب من الأسرى المحررين إجتماعياً ومهنياً ونفسياً وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم ،  والبحث عن مصادر عربية ودولية لتمويل هذه المشاريع .

- كما ومن الواجب الوطني أن تمنح السلطة الوطنية الفلسطينية وعبر وزارة الصحة جميع الأسرى المحررين أو على الأقل من أمضوا عدة سنوات  إعفاء كامل لعمل فحوصات كاملة وشاملة  وبصورة دورية مرة كل عام للتأكد من خلوهم من الأمراض وإذا ما ظهرت بعض الأمراض فمن الواجب توفير العلاج الضروري لها  ، ليس هذا فحسب بل من الواجب منح كل أسير محرر تعرض لمرض يحول دون قدرته على ممارسة أي عمل ما .. منحه راتب يوفر له ولعائلته لقمة العيش بحدودها الأساسية .

- تخليداً وتقديراً لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة على كافة المؤسسات الحكومية و غير الحكومية التعاون لعمل نصب تذكاري ضخم لشهداء الحركة الأسيرة في أحد المواقع الهامة في فلسطين ، كما ومن الواجب إعداد كتاب شامل يتضمن سيرة حياة كل واحد منهم وصورته بعد حصرهم وتوثيق من هم غير موثيقين  ، وهذا أقل ما يمكن عمله لهم في الوقت الراهن .

 

المجد للشهداء والنصر حتماً للثورة ، والشفاء للجرحى والحرية للأسرى

ومنا العهد والوفاء

 

 

دراسة بحثية حول شهداء الحركة الأسيرة باللغة الفرنسية

 

Les martyrs du mouvement national des prisonniers

Abdel Naser Ferwana

directeur du département des statistiques du ministère palestinien aux affaires des prisonniers et libérés

ancien prisonnier

 

A partir des informations obtenues au cours des ces dernières années et des rapports officiels du ministère palestinien aux affaires des prisonniers et libérés, et malgré les légères différences d'estimation entre les uns et les autres, nous considérons que les martyrs du mouvement national de prisonniers se compte par dizaines, alors que des milliers de prisonniers sont en sursis. Les chiffres risquent à tout moment d'augmenter si nous ne prenons pas des mesures fermes pour mettre fin à l'indifférence générale concernant cette question.

La mort est ordinaire et elle prend plusieurs formes, la plus sacrée est le martyre. Les martyrs ont pour nous une importance particulière. Ils sont nos couronnes et illuminent notre avenir. Ils furent les plus généreux, ils ont défendu la voie, ont lutté dans la voie de la foi, de la patrie et de la liberté. Ils ont arrosé la terre de notre patrie par leur sang, ont écrit les pages illustres de notre histoire, qui ne peut jamais s'oublier. Notre histoire palestinienne est jalonnée de milliers de martyrs. Dans notre marche en avant, leurs visages sont toujours là, les yeux souriants, à chaque martyr ses histoires et ses récits, mais les histoires et les récits des martyrs du mouvement des prisonniers restent particulières : ils étaient des prisonniers, ils manquaient de tout, ils étaient dépourvus des moyens de résistance, ils ne possédaient que l'arme de la détermination, de la volonté et de l'espoir en la liberté et la victoire.

Ils étaient isolés, mais pas isolés de leur peuple, ils étaient une partie essentielle du peuple. C'est pourquoi ils furent la cible de l'occupation. Ils furent les victimes de divers crimes de l'occupation. Ils furent les victimes de méthodes barbares et inhumaines, méthodes condamnées par les traités, conventions et lois internationales.

 

Au cours de cette longue marche vers la liberté, 181 prisonniers sont tombés, de différentes manières, selon les sources du ministère palestinien aux affaires des prisonniers et libérés. Et j'espère que le dernier soit le martyr Jawad Adel Abu Mghayseb, qui a porté le n°181, de Deir el Balah, au centre de la bande de Gaza, décédé le 28 juillet dernier, dans le camp de détention militaire Ansar 3, situé dans le Naqab, du fait de la négligence médicale.

 

Mais ce n'est pas tout. Il y a des centaines de prisonniers décédés après leur libération, du fait de ces pratiques barbares, du fait des séquelles de la prison. Citons parmi eux Fayez al-Badawi, Walid Ghoul, Abdel Wahab Masri, Talal Tahan, Saleh Dardouna, Ahmad Khadra, Shayboub, Mahmoud Abu Madhkour. Le dernier martyr dans ce cas est le martyr arabe syrien, le prisonnier libéré Hayel Hussayn Abu Zayd, décédé à l'hôpital Rambam à Haïfa, le 7 juillet 2005.

Par ailleurs, des centaines de prisonniers souffrent de maladies chroniques, de blessures diverses, en attendant une mort certaine tant que la politique de la négligence médicale suivie par les directions des prisons israéliennes n'est pas changée. Tout comme il y a des milliers de prisonniers libérés qui continuent à souffrir des maladies dues à la prison, à la torture et autres mauvais traitements.

Nous sommes face à une foule de victimes, certains sont décédés en prison ou après leur libération, d'autres attendent...

 

Les prisonniers : cobayes des industries pharmaceutiques israéliennes

 

De par notre expérience, de par les enquêtes et les recherches, nous savons que plusieurs prisonniers libérés ont été atteints de maladies soit chroniques, soit difficiles, même plusieurs années après leur libération. Une étude statistique montre que l'expérience de la prison et de la torture ne sont pas étrangers à ces maladies. Ce qui renforce cette assertion, c'est le fait qu'un membre de la Knesset israélien, président d'un comité scientifique, Dalia Ezek, a fait état il y a quelques années de l'existence de 1000 expériences de médicaments dangereux, en phase d'essai, faites sur les prisonniers palestiniens et arabes en Israël. Le ministère israélien de la santé s'est habitué à donner des milliers d'autorisations tous les ans, à des formes pharmaceutiques, pour mener des expériences sur les prisonniers palestiniens, comme l'a découvert Ami Levtat, présidente du département des médicaments dans le ministère israélien de la santé, devant la Knesset, ajoutant que tous les ans, 15% d'autorisations supplémentaires sont données par le ministère pour mener les expériences de ces médicaments sur les prisonniers arabes et palestiniens.

Il est évident que de telles pratiques sont une violation flagrante de l'article 13 de la convention de Genève relative aux prisonniers.

 

Ce qui signifie qu'en réalité, les martyrs du mouvement national des prisonniers ne s'élèvent pas à 181 seulement, mais ceux-là font partie d'une longue liste qui risque de s'allonger si nous n'agissons pas rapidement.

 

Concernant les 181 martyrs du mouvement des prisonniers, décédés entre 1967 jusqu'à ce jour, nous pouvons relever trois causes principales : la torture, la négligence médicale et l'exécution de sang froid du détenu lors de son arrestation. Certains prisonniers ont été également éxécutés par les gardiens et milices des prisons.

 

La torture

70 prisonniers sont décédés du fait des tortures. Le premier martyr est Yousef Jabali, décédé au début de l'année 1968 dans la prison de Naplouse. Nous avons également les martyrs Younes Abu Sbitan, Awn al-Ar'ir, Muhammad al-Khawaja, Ibrahim Ra'i, Khadr Tarazi, Mustafa Akawi, Atiya Za'anin, Khaled Sheikh Ali, Abdel Samad Hurayzat,....

Israël est le seul Etat dans le monde à avoir légalité la torture dans ses prisons qui est devenue la méthode essentielle de son comportement avec les prisonniers. Les recommandations de la commission Landau en 1987, approuvées par la Knesset, ont mis les bases de la légalité de la torture en protégeant les services de renseignements qui en sont les principaux responsables.

Après le scandale suscité par les médias suite au décès du prisonnier Abdul Samad Hurayzat, le 25 avril 1995, dans les dédales du centre d'interrogatoire d'al-Moskobiyya, qui venait de subir la pratique des secousses, la cour suprême de l'Etat d'Israël a émis plusieurs décisions en 1996 qui autorisent les instructeurs de la sécurité israélienne à utiliser les pressions corporelles modérées, si l'instructeur est certain que le prisonnier cache des informations importantes pour la sécurité de l'Etat, ce que les services de sécurité et juridiques de l'Etat ont nommées "la bombe à retardement". L'instructeur a donc le droit d'utiliser la pression corporelle renforcée et la méthode de la secousse violente contre les détenus, lors des interrogatoires, à condition que l'instructeur ait reçu l'autorisation de son responsable hiérarchique, remontant jusqu"au directeur de la Shabak, s'il a "besoin" d'utiliser des méthodes de plus en plus poussées.

Mais en septembre 1999, la cour suprême de cet Etat a émis une décision interdisant l'utilisation des moyens corporels contre les détenus. Mais cette décision n'a pas été traduite dans les faits, ni n'a supprimé l'utilisation de la torture ni l'a limitée.

Bien que de nombreux traités et conventions internationales aient interdit l'usage de la torture, comme la déclaration universelle des droits de l'homme en 1948, le traité international pour les droits civiques et politiques de l'année 1966,  le traité contre la torture du 26 juin 1987 représente la date de son application effective.

 

Le gouvernement de l'occupation a utilisé, concernant la torture, près de 80 formes de torture physique et morale, comme le Shabeh, la secousse violente, les coups, la mise en frogi, les brûlures de cigarettes, l'interdiction de sommeil, le harcèlement sexuel, l'isolement. Ces formes n'ont pas été utilisées contre uniquement des jeunes gens ou des hommes de la résistance, mais contre les enfants, les vieillards et les femmes, et même contre les proches, les amis et les voisins des prisonniers.

Ceux qui furent torturés n'ont pas tous survécu pour nous parler de ce qu'ils ont subi, et ceux qui ont survécu n'ont pas tous les capacités de nous en parler, mais beaucoup de ceux qui ont survécu ont parlé, avec amertume, de ce qu'ils ont subi. Ils gardent toujours les conséquences de ces actes subis, bien qu'ils aient été libérés depuis plusieurs années.

J'ai personnellement vécu plus d'une expérience d'interrogatoires, mais la plus dure fut celle de la fin de l'année 1989, où je suis resté dans les cellules des interrogatoires près de 100 jours. J'ai subi les pires formes de torture : des jours et des nuits plié dans un frigo, où je n'en sortais que pour les interrogatoires. Je garde toujours en souvenir l'image de cet instructeur, qui jouissait de nous torturer. Mais je garde en moi surtout l'image du prisonnier martyr Khaled Sheikh Ali, qui est décédé dans les cellules de la torture dans la prison de Gaza, le 12 décembre 1989. J'étais à ce moment dans "al-maslakh" (l'abattoir) ou ce que nous avons appelé al-bass (le bus) qui est un long couloir ressemblant à un bus, où les prisonniers étaient alignés, sur deux côtés, debout ou assis sur des chaises, spéciales pour la torture, les cellules de la torture sur les deux côtés, à l'arrière. Les instructeurs se mettent tout à coup à gesticuler, à crier, mettant une barrière derrière nous afin que nous ne voyons pas ce qui se passe, par les trous des sacs qui enfermaient nos têtes. Mais nous avions compris, par leurs dicussions en hébreu, que quelque chose est arrivé à l'un des prisonniers. Quelques jours plus tôt, le 3 décembre, j'étais dans une cellule minuscule, sale, où les raysons du soleil n'arrivaient jamais. Elle portait le numéro 14. D'un coup, nous avons entendu une voix, un cri, en arabe, venant d'un traître qui travaille dans les cellules. Il venait d'ouvrir la cellule n°12, et avait trouvé le martyr Jamal Abu Sharkh étendu après les séances de torture. Ils l'avaient torturé sauvagement et ensuite, exécuté, pour se venger, car il avait écrasé plusieurs soldats israéliens dans la rue an-Nasr, à Gaza, tuant et blessant plusieurs d'entre eux.

C'est un sentiment de vengeance qui s'élève en moi lorsque je me remémore ces faits, avec la douleur et l'amertume. Vengeance non seulement envers les instructeurs mais envers ceux qui leur ont donné les ordres et le droit de le faire, leur assurant toute la protection nécessaire. Mais je ressens également de la honte, car en tant que prisonniers libérés, en tant que juristes et acteurs dans des institutions humanitaires, nous n'avons pas réussi à mettre fin à cette torture, comme nous n'avons pas encore réussi à poursuivre ces criminels ni à soutenir leurs victimes.

 

Le quotidien Haaretz a dévoilé il y a peu de temps dans un rapport que les instructeurs israéliens se réjouissaient en torturant les prisonniers. Pour eux, tout Palestinien était un ennemi. La cause de ces pratiques inhumaines envers les prisonniers est leur certitude, au soldat et à l'instructeur, qu'ils ne seraient pas sanctionnés pour leurs actes, mais au contraire, qu'ils seraient soutenus par leurs collègues et responsables. Aucun responsable israélien n'a jamais été traduit devant une quelconque instance pour être jugé ou questionné à propos des crimes de guerre qu'il a commis dans les cellules des interrogatoires et dans les prisons, car la loi israélienne lui a assuré la protection et interdit de les traduire en justice.

Le rapport indique aussi que la vie du prisonnier palestinien ne vaut plus rien pour l'institution militaire et sécuritaire israélienne, jusqu'au point où des soldats ont déclaré que les actes et pratiques de d'humiliation et de déshumanisation, de répression sauvage qu'ils menaient envers les prisonniers ne représentaient pour eux qu'un des moyens de passer le temps et de se réjouir.

Les pratiques envers les prisonniers menacent leurs vies tous les jours. Les diverses statistiques indiquent qu'il est rare qu'un prisonnier ne soit pas soumis à une au moins des formes de torture, la plupart sont traités de façon inhumaine et dégradante. 99% des prisonniers ont été soumis aux coups, 93% ont été soumis à la privation de sommeil, 92% ont été mis en position de bout pendant de longues périodes, 88% ont été soumis au shabeh (positions pour briser le dos du détenu),  68% ont subi la mise en frigo.

 

Israël : premier exportateur des outils de torture

Israël ne s'est pas contenté d'être le seul Etat à légaliser la torture, mais il est le premier Etat producteur et exportateur des outils de torture. Dans un rapport d'un organisme international spécialisé dans les droits de l'homme, intitulé "les marchands de la douleur", il est mentionné que l'Etat d'Israël est l'Etat qui produit le plus d'outils de torture, comme les menottes, les chaînes, les sièges, des produits chimiques divers comme les gaz pour les nerfs, les gaz lacrymogènes, les appareils de choc électriques.

 

Concernant les prisonniers décédés des suites de la torture, une comparaison entre les martyrs de la première Intifada et la seconde nous montre que pendant les sept années de la première intifada, 23 prisonniers sont décédés des suites de la torture, alors que pendant les cinq années de l'Intifada al-Aqsa, deux prisonniers sont décédés des suites de la torture.

 

La négligence médicale

40 prisonniers martyrs sont décédés du fait de la négligence médicale dans les prisons israélienne, le premier étant le martyr Abdel Qader Abul Fahem, qui est décédé au cours des grèves du mouvement national des prisonniers, au milieu de 1970, dans la prison de Ascalan. D'autres prisonniers martyrs sont décédés des suites de la négligence médicale, comme Hajj Ramadan al-Banna, Umar Awadallah, Umran Abu Khalaf, Ishaq Maragha, Rasem Halawi, Ali Jaafari, Anis Dawla, Salah Abbas, Salim Abu Sbeih, Umar Qasem, Qandil Alwan, Hussayn Ubaydat, Yousef Ar'ir, Muhammad Dahamine, Walid Amrou, Bashir Uways, Muhammad Abu Hadwan, Rasem Ghunaymat, Bashar Bani Odeh, ...

C'est une politique délibérée et systématique pratiquée dans les prisons israéliennes : elles sont dépourvues de centres de soin appropriés, de médecins spécialistes, et des médicaments nécessaires. La pilule de l'acamol est ce qui devrait soulager tous les maux. Cette pratique de la négligence médicale est en violation avec les conventions de Genève relatives aux prisonniers.

L'association internationale de l'amitié avec les humains, dont le siège est à Vienne, a écrit dans un rapport publié au milieu de cette année que les "détenus palestiniens dans les prisons israéliennes vivent des conditions exceptionnelles concernant la santé, il est rare que des détenus ou prisonniers vivent dans de telles conditons dans d'autres régions".

Le médecin dans la prison israélienne est le seul médecin au monde qui puisse soulager tous les maux sur cette terre, avec une seule pilule, qui s'appelle acamol, qui contient du paracétamol. Il est vrai qu'il utilise parfois l'eau courante, un simple verre d'eau soulagerait le prisonnier, selon lui. L'absence des médecins spécialisés, des soins spécialisés, ou les appareils médicaux spécifiques pour aider les prisonniers dont les membres sont artificiels, ou ceux qui ont besoin de lunettes, ou d'appareils respiratoires particuliers, l'absence de pièces spécifiques pour isoler les prisonniers atteints de maux qui se propagent, le transport des malades vers les hôpitaux dans des camions non aérés, les pieds et les mains attachés, tout cela concourt à accentuer la politique délibérée de la négligence médicale.

A cela il faut ajouter la malnutrition, avec le manque de calcium, la prolifération des insectes, des odeurs nauséabondes des égoûts, la forte chaleur et le froid mordant surtout dans les prisons situées dans le Naqab, ainsi que les pressions psychologiques auxquels sont soumis les prisonniers, tous ces facteurs favorisent les maladies, les crises cardiaques.

Le médecin de la prison se comporte avec le prisonnier comme s'il se trouvait en face d'un ennemi. Le médecin pratique souvent la torture du prisonniers et est un des éléments du chantage exercé sur le prisonnier, qui consiste à lui proposer un traitement en contrepartie de renseignements ou des renseignements.

Dès l'arrestation, lorsque le prisonnier est emmené dans le centre de détention, il est vu par un médecin qui devrait établir son état de santé, mais non pour le soigner en cas de problèmes, mais surtout pour en informer les services de renseignements qui déterminent ses points faibles au niveau de sa santé : ce qui est utile pour savoir quelle méthode de torture utiliser, quelles pressions exercer, les zones corporelles utiles à frapper, etc...

Une comparaison entre les prisonniers martyrs au cours de la première Intifada et l'Intifada al-Aqsa montre que au cours de la première Intifada (7 ans), 11 prisonniers sont décédés des suites de la négligence médicale, et 10 prisonniers sont décédés au cours de l'Intifada al-Aqsa (5 ans).

 

Les exécutions après les arrestations

71 prisonniers ont été exécutés après avoir été arrêtés. Qasim Ahmad Al-Jaabari de la ville d'al-Khalil, qui fut exécuté le 27 mai 1969 en le jetant d'un avion israélien après son arrestation. Il y a aussi les martyrs Ahmad Abu Diy, Haris Abu Haya, Ali Abu Sultan, Hasan Abu Rakba...

Il s'agit d'une ancienne politique pratiquée contre les prisonniers, dès les premières années de l'occupation mais elle s'est étendue au cours de l'Intifada al-Aqsa, avec 47 martyrs, alors qu'au cours des vingt années de l'occupation de 1967 à 1987, 16 prisonniers ont été exécutés.

Les exécutions sont menées sous différentes formes, soit juste après l'arrestation, le prisonnier est tué par un coup de feu, tiré de près, ou il est emmené à un lieu où il est exécuté, prétendant qu'il a essayé de fuit. Les coups de feu peuvent être tirés de loin en prétendant que le prisonnier essayait de s'enfuir, alors qu'ils savent qu'il n'est pas armé et qu'il est facile de le rattraper.

Il y a aussi la méthode de laisser un blessé se vider de son sang jusqu'à sa mort, en le frappant, le torturant et/ou en refusant de lui apporter les soins.

Certains martyrs ont été exécutés par les geôliers dans les prisons. Ils sont au nombre de 6. Ils sont décédés lors des affrontements entre les geôliers et les milices d'une part et les prisonniers de l'autre. Le prétexte des coups de feu et des exécutions est que le prisonnier s'est approché du soldat ou du geôlier pour l'agresser, ou bien qu'il cherchait à s'enfuir. Dans tous les cas, le prisonnier n'est pas armé, il ne représente aucunement un danger pour la vie de ces gardiens ou soldats armés jusqu'aux dents.

Parmi les prisonniers exécutés de cette maière, Asaad Jabra Shawa de Gaza, Ali Ibrahim Samoudi d'al-Yamoun (Jénine) qui furent exécutés dans la prison du Naqab, le 16 août 1988, Nidal Zuhdi Dib de Ramallah, exécuté le 8 février 1989 à Meggido, Abdallah Muhammad Abu Mahrouqa, de Deir Balah, éxécuté le 2 septembre 1989 à Ansar II.

D'après les chiffres fournis par le ministère palestinien aux affaires des prisonniers et libérés, les martyrs parmi les prisonniers furent les plus nombreux au cours de l'Intifada al-Aqsa, en comparaison avec les périodes 1967 - 1987 et celle de la première Intifada. Ce qui prouve que l'Etat d'Israël a adopté une politique systématique visant à tuer et exécuter les prisonniers.

 

Les raisons d'une telle politique

Lorsque l'Etat d'Israël a occupé le reste des régions palestiniennes, en 1967, sa présence s'est étendu dans toutes les régions et les camps. Il axait sa politique répressive sur les arrestations massives, de façon à obtenir des informations sur la résistance et le lieu de son action. Au cours des vingt années qui ont suivi l'occupation, de 1967 à 1987, 400.000 Palestiniens ont été arrêtés, ce qui représente 20.000 par an.

Au cours de cette période, les méthodes dures et mortelles ont été utilisées dans les cellules des interrogatoires envers ceux qui sont considérés comme étant les responsables des actes de résistance ou comme étant les dirigeants de la résistance. Malgré la torture, les résistants refusaient d'avouer, ce qui explique le nombre important de martyrs, décédés par suite des tortures, au cours de cette période.

Au cours de la première Intifada, les arrestations se sont encore étendues, 200.000 arrestations entre décembre 1987 et ma mi-1994, soit 30.000 par an.

Entre la mi-1994 et le début de l'Intifada al-Aqsa, au cours de l'instauration de l'Autorité Palestinienne, les arrestations furent moins importante, elles sont estimées cependant à 10.000, et le nombre de martyrs au cours de cette période chute à 8 martyrs.

Au cours de l'Intifada al-Aqsa, la situation est entièrement changée. Les forces de l'occupation ne domiment plus toutes les villes et ne sont plus présentes dans toutes les régions, malgré leur puissance militaire à laquelle il faut ajouter leur immoralité. Les forces de l'occupation ont envahi des villes et procédé à des campagnes d'arrestations massives, touchant toutes les catégories de la population (jeunes, enfants, vieillards). Entre le 28 septembre 2000 et juillet 2005, 40.000 Palestiniens ont été arrêtés, soit 8000 par an.

Mais les résistants actifs étaient toujours dans les régions palestiniennes. Les forces de l'occupation, au lieu de se retirer, ont au contraire intensifié leur politique d'assassinats. C'est ce qui explique que pour les résistants faits prisonniers, les forces de l'occupation les exécutaient par vengeance la plupart du temps, à cause de leur rôle dans la résistance, comme Abu Jandal et Ali al-Joulani.

Les autorités de l'occupation ont poursuivi leur politique d'assassinats parce qu'elles n'ont pas été fermement dénoncées par les gouvernements et les organismes internationaux de défense des droits de l'homme, alors qu'il s'agit de crimes de guerre. Aucune politique de dissuassion n'a été levée en face des pratiques israéliennes qui sont pourtant de graves violations des droits de l'homme, et notamment du droit à la vie.

 

Il faut ajouter que parmi les 181 martyrs parmi les prisonniers, 7 martyrs sont originaires des pays arabes et d'ailleurs, comme Muhammad Khurayzat, du Liban, qui a été exécuté deux jours après son arrestation, Hasan Sawarka, d'Egypte, décédé au cours de la torture à la prison de Ascalan, Umar Shalabi, de Syrie, décédé sous la torture dans la prison de Ascalan, Nasar Huwaytat, de Jordanie, décédé à cause de la négligencemédicale à l'hôpital de la prison de Ramleh, Naser Hayb, de Syrie, décédé sous la torture dans la prison de Ramleh, Salah Abbas, d'Irak, Mikhaël Baba Lazaro, de la Grèce, décédé en 1983 à l'hôpital de la prison de Ramleh.

 

Appel

 

En conclusion de cette étude, je m'adresse à toutes les organisations et organismes des droits de l'homme, à tous les hommes et femmes épris de paix et de démocratie dans le monde, leur demandant de considérer la question des prisonniers comme une question centrale pour le peuple palestinien. Seule la libération de tous les prisonniers peut permettre la réussite de tout accord pour une paix juste.

Il est nécessaire que des plaintes soient déposées devant les tribunaux internationaux contre les responsables des actes de tortures commis dans les prisons israéliennes.

L'Autorité palestinienne, les forces nationales et islamiques ainsi que les institutions civiles doivent agir pour mettre en place des structures d'aide aux victimes de la torture, pour les prisonniers libérés, des structures pour les aider à la réinsertin sociale, professionnelle et psychologique.

Afin de préserver la mémoire des martyrs du mouvement national des prisonniers, il est important de travailler à réunir toute la documentation nécessaire.

Et gloire à tous nos martyrs.