تـقرير عن قضية الأسـرى والمعتقلون

في السـجون والمعتقلات الإسـرائيليـة وتداعياتها

 

بقلم / جمال عوني فروانة

رئيس منظمة أنصار الأسرى

                                                                         نيسان 2004 م

 

كرد طبيعي على الإحتلال وممارساته ، نشأت حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية والتي تجيزها وتشرعها كافة القوانين والأعراف الدولية ، وفي هذا السياق وفي محاولة يائسة من قبل الإحتلال لقمع هذه الحركة والتي غدت تشكل ظاهرة تحظى بقاعدة جماهيرية واسعة ، وبالإضافة لممارساته القمعية والدموية بحق شعبنا من قتل وتدمير وإبادة وتشريد ، لجأ إلى شن حملات إعتقال واسعة طالت كل قرية ومدينة وأصبح الإعتقال ، السجن ،التعذيب مفردات ثابتة في قاموس الشعب الفلسطيني ... وعلى مدى سني الإحتلال وصلت حالات الإعتقال إلى أكثر من 600 ألف حالة ، وزج بهؤلاء في سجون ومعتقلات تتنافى وأبسط مفاهيم حقوق الإنسان وتفتقر لأدنى شروط الحياة البشرية مما عرّض ويعرض أسرانا للخطر وأدى إلى استشهاد أكثر من 170 معتقلاً  نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي أو التصفية الجسدية بعد الإعتقال مباشرة ، ليس هذا وحسب بل وأن هنالك المئات إستشهدوا بعد التحرر والسبب يعود للسجن وتبعاته أو التعذيب وآثاره المدمرة .

ورغم حالات الإعتقال وما يرافقها من مداهمة وقمع والعبث بمحتويات المنزل و..إلخ إلاّ أن الثورة لم ينطفئ نورها ، والجماهير لم تتراجع عن حقها المشروع في النضال من أجل الحرية والتخلص من الإحتلال ، وحولوا السجون والمعتقلات الى جامعات تخرج الأفواج الثورية وشكل ذلك رافداً مهماً للثورة وساهم في خلق قيادات مثقفة واعية كان لها دوراً مميزياً في قيادة الثورة ووقودها ..... وخلال الإنتفاضة الأولى ونتيجة لتصاعد واتساع رقعتها لجأت قوات الإحتلال إلى إفتتاح العديد من المعتقلات لإستيعاب تلك الأعداد الهائلة من المعتقلين ، وبعد إتفاق أوسلو وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية وحالة الهدوء النسبي إن جاز التعبير والإفراجات السياسية التي أعقبت ذلك تقلص عدد المعتقلين وحتى اندلاع إنتفاضة الأقصى لم يكن في السجون سوى 1450 أسيراً ...

وفي 28 سبتمبر عام 2000 م وكرد طبيعي على ممارسات الإحتلال المتزايدة والتي وصلت ذروتها بزيارة شارون للمسجد الأقصى ، وإشتعال الإنتفاضة وإتساع رقعتها لجأت قوات الإحتلال الى سياستها القديمة الجديدة وبأشكال أكثر وحشية وقساوة فشنت حملات إعتقال واسعة وإجتاحت واقتحمت المدن والقرى وإعتقلت الآلاف وإستخدمت المعابر والحواجز العديدة كمصائد لإعتقال المواطنين ولم تكتفي بذلك بل إقتحمت المستشفيات وأوقفت سيارات الإسعاف واعتقلت الجرحى والمصابين والطواقم الطبية  .. وفي إبريل عام 2002 أعيد افتتاح معتقلات سبق وأن أغلقت بعد قدوم السلطة مثل النقب وعوفر والدامون حتى وصلت حالات الإعتقال خلال إنتفاضة الأقصى الى حوالي 35 ألف حالة ، بقىّ منهم لحتى الآن في السجون ما يقارب من 7200 معتقل منهم 750 معتقلاً معتقلين منذ ما قبل إنتفاضة الأقصى ومن هؤلاء 400 فقط معتقلين منذ ما قبل إتفاق أوسلو ومن هؤلاء 16 أسيراً أمضوا أكثر من 20 عاماً ولا زالوا في السجون أقدمهم الأسير سعيد العتبة والمعتقل منذ 27 عاماً ، وإعتقلت قوات الإحتلال خلال إنتفاضة الأقصى العديد من القيادات السياسية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني مثل مروان البرغوثي وعبد الرحيم ملوح وحسام خضر وحسن يوسف وركاد سالم  .

وهؤلاء الأسرى والمعتقلون موزعون على أكثر من 23 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف وهذه السجون موزعة جغرافياً وتخضع لإدارتين ولكن يحكمها عقلية واحدة هي عقلية الإحتلال وسلوكه المشين ... فمنها ما يطلق عليها السجون المركزية مثل بئر السبع وعسقلان ونفحة ..إلخ وهذه تشرف عليها إدارة مصلحة السجون وهي عبارة عن مباني وغرف ... والقسم الآخر هي المعتقلات التي يشرف ويسيطر عليها الجيش الإسرائيلي وجنوده المدججة بالسلاح أي قيادة عسكرية مثل النقب وعوفر ومجدو  ، وهي عبارة عن أقسام وبداخلها خيام وأبراش من الخشب وبمجرد وصول المعتقل يتم التعامل معه بالرقم وليس بالإسم وجميع السجون والمعتقلات تقع في المناطق الإسرائيلية ومنها ما يقع في مناطق خطرة وهذا يعتبر جريمة حرب حيث أن نقل الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة الى منشآت داخل إسرائيل يتناقض والقانون الدولي الإنساني وفق المادة 147 من إتفاقية جنيف ويعتبر ذلك جريمة حرب.

وهنا لا يمكن الحديث عن وضع سجن على حدا فإدارة السجون هي واحدة والظروف متشابهة وما يمارس اليوم في نفحة قد مورس بالأمس في عسقلان ، وما مورس من قمع قبل شهر في بئر السبع مورس قبل أسابيع في عسقلان والرملة ، بمعنى آخر السياسة المتبعة من قبل إدارة مصلحة السجون هي واحدة من حيث الجوهر وإن إختلفت من حيث الشكل وتوقيت ومكان هذا السلوك أو ذاك ... ولكن قد يكون هناك إختلاف نسبي ما بين السجون المركزية وما بين المعتقلات التي تخضع للجيش والتي قد تكون أكثر قساوة ، ويبقى القاسم المشترك فيما بين الجميع هو أن من يشرف عليها هو الإحتلال ويهدف الى قمع الأسرى وإفراغهم من محتواهم الثوري والإنساني وسحق كرامتهم وإحالتهم إلى عالة على مجتمعهم وعبئاً على أسرهم وذويهم ...ويمكن لنا هنا أن نسلط الضوء على أبرز القواسم المشتركة فيما بين السجون والمعتقلات والمتعلقة بأوضاعهم وظروف حياتهم :

التعذيب .. يستخدم التعذيب بشكل قاسي ومميت وتشكل إسرائيل حالة فريدة حيث أنها الدولة الوحيدة في العالم التي شرّعت التعذيب وتفصح علناً عن مممارستها بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين والعرب وإستخدمت ما يقارب من 76 شكلاً منها الضرب والشبح والهز العنيف والوضع في الثلاجة وإسماع الموسيقى الصاخبة والحرمان من النوم ، الضرب المؤلم وإستخدام الماء البارد والصفع على المعدة ...إلخ وعادة ما يكون الهدف من وراء التعذيب هو التسبب بالحد الأقصى من الألم مع تجنب ظهور علامات على الجسد ونتيجة لذلك إستشهد داخل أقبية التحقيق حوالي 50 معتقلاً نستذكر منهم هنا إبراهيم الراعي ، محمد الخواجا ، عطية الزعانين ، خالد الشيخ علي ....

-   إنعدام الرعاية الصحية وإستمرار سياسة الإهمال الطبي المتعمد والمماطلة في إجراء الفحوصات والعمليات الجراحية خاصة وأن هناك العشرات بل المئات إعتقلوا خلال إنتفاضة الأقصى وهم مصابون دون أن يتلقوا رعاية طبية مما يضاعف من الألم واستفحاله وهناك المئات يعانون من أمراض مزمنة ، ليس هذا وحسب بل وأن الأجهزة الطبية العاملة في السجون تتواطأ وتعمل لحساب جهاز الأمن العام الشين بيت .

-   زيارات لأهل : في السنوات الأخيرة وتحت ذرائع ومبررات أمنية واهية فرضت قوات الإحتلال قوانين وإجراءات على زيارات الأهل تتمثل بالسماح فقط لذوي الأسير من الفئة الأولى وهذا الإجراء أدى الى حرمان الأقارب والأصدقاء من زيارة الأسير وحتى من هم مصنفون من الفئة الأولى كالأم العجوز أو الأب الكهل يتعرضون للمنع أحياناً بحجة أمنية ... علاوة على ذلك خط سير باصات الزيارات شاقة وطويلة ويتخللها الحواجز والإستفزازات وعذاب نفسي وجسدي وهذه المعاناة إزدادت خلال إنتفاضة الأقصى نتيجة زيادة الحواجز والإغلاقات المستمرة مما أدى إلى حرمان العائلات من رؤية أبنائهم والعكس لشهور طويلة بل وبعضهم لسنوات .

-   زيارات المحامين معقدة ومحاميي القطاع ممنوعين من زيارة ومقابلة الأسرى ويواجه المحامين صعوبات في الوصول للمحاكم أو لزيارة موكليهم وإن تمكنوا بعد عناء فإن الزيارات تتم لفترة قصيرة و في ظل رقيب وهذا مخالف للإتفاقيات الدولية.

-   الإزدحام والإكتظاظ والحرمان من وسائل التهوية والغرف معتمة وأشعة الشمس لاتعرف طريقاً للغرف سوى من خلال فتحات صغيرة جداً ويسمح فقط بالخروج للفورة لساعتين في اليوم ويضطر بعض الأسرى الى افتراش الأرض . 

-       الحرمان من التزاور الداخلي فيما بين الغرف أو فيما بين أقسام السجن الواحد .

-    بهدف خلق حالة من الإرباك وعدم الإستقرار فإن إدارة السجون والمعتقلات تجري بين الفينة والأخرى تنقلات مستمرة بين السجون أو فيما بين أقسام السجن الواحد .

-   رداءة الطعام وإفتقاره للمواد الأساسية وقلة الكمية كماً ونوعاً مما يدفع الأسرى لشراء بعض الحاجيات الأساسية من كنتينة السجن وعلى حسابهم الخاص وإدخال بعض المواد الغذائية المسموح بإدخالهاعن طريق الأهل وهذا يشكل عبئاً مادياً إضافياً على ذويهم والذين يعانون أصلاً من أوضاع إقتصادية صعبة .

-   شحة مواد التنظيف مثل الصابون مما أدى إلى إنتشار الحشرات والبعوض والبق والزواحف والروائح الكريهة وعلى أثر ذلك إنتشرت الأمراض الجلدية في ظل عدم توفر الرعاية الطبية والفحوصات اللازمة ومما يزيد من تفاقم ذلك تلوث الفرشات والأغطية وشحة المياه الساخنة .

-   خيام مهترئة وممزقة في المعتقلات مما أدى الى تسرب المياه في فصل الشتاء إلي داخلها وتلف حاجياتهم الأساسية وملابسهم في ظل عدم توفر الأغطية اللازمة لمواجهة البرد القارس .

-   الجدار العازل إمتد ليفصل ما بين الأسير وذويه حيث إستبدل شبك الزيارة وقضبان الحديد بجدار عازل  يحرم السجين من ملامسة أصابع أطفاله وذويه ويبعد مسافة 80 سم ما بين الأسير وذويه مما يؤثر سلباً على الإستماع للحديث المتبادل . 

-   محاكم جائرة تستند إلى الأجواء السياسية والأمنية وتفتقر لأبسط المعايير الدولية للمحاكم العادلة وإنتهاك هذه المعايير يعتبر إنتهاك خطير لحقوق الإنسان وكانت المحاكم العسكرية الإسرائيلية بإستمرار محل إنتقاد منظمات حقوق الإنسان لأنها لا تفي بالمعايير الدولية الخاصة بالمحاكم .

-   اتباع سياسة التجهيل من خلال حرمان الأسرى من مواصلة تعليمهم وأيضاً حرمانهم من إستلام الصحف والمجلات المحلية إلا نادراً ، كما ولجأت في الأشهر الأخيرة الى سحب ومصادرة الكراسات والأقلام والأوراق والعديد من الكتب .

-   الممارسات الإستفزازية  المتواصلة من خلال التفتيش المفاجئ ليلاً وإتلاف المقتنيات الخاصة بالأسرى مستخدمين الهراوات والغاز المسيل للدموع وأخيراً وفي خطوة قمعية جديدة أستخدموا رصاص مطاطي خطير ويستخدم للمرة الأولى وهذه العيارات تحدث دائرة بقطر 5 سم في جسد الأسير وتدخل بعمق 2 ملم مفرزة مادة حارة في جسم الإنسان إضافة لتخديره وشل حركته لبعض الوقت ... وفي الآونة الأخيرة شكلت إدارة مصلحة السجون فرقة خاصة أطلق عليها إسم " أمن السجون " وهذه ترتدي زياً خاصاً ومهمتها قمع الأسرى مستخدمة الهراوات والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ومنتهجة إسلوب الإقتحام والتفتيش المفاجئ في الليل والنهار متذرعة بحجج واهية وتعتدي بالضرب على الأسرى وهذه الأحداث أدت الى إصابة العديد من الأسرى ووصلت ذروتها في سجني بئر السبع وعسقلان ونقل العديد من الأسرى الى المستشفيات نتيجة إصابتهم برضوخ وبرصاص مطاطي أو إختناق من الغاز المسيل للدموع وتشكل هذه الفرق مؤشر خطير لهجمة شرسة تنوي إدارة السجون شنها ضد الأسرى وإنجازاتهم بهدف كسر شوكة الأسرى والمساس بكرامتهم خاصة وأنها تتزامن مع حملات لسحب إنجازات الحركة الوطنية الأسيرة والتي تحققت على مدى العقود الماضية وكان ثمنها التضحيات ودماء الشهداء .

-   فرض غرامات مالية على الأسرى وإستقطاعها من رصيد الأسيرة وهذه السياسة آخذة بالتصاعد في الأشهر الأخيرة وغدت تشكل ظاهرة وتستخدم كعقاب للأسرى لأتفه الأسباب  .

-   التفتيش العاري الإستفزازي والمرفوض من قبل الأسرى والأسيرات مما يؤدي الى إحتكاك مستمر فيما بين الأسرى والإدارة .

-       مياه الشرب ملوثة وقد تكون غير صالحة للشرب الآدمي في بعض السجون والمعتقلات وندرة المياه الساخنة للإغتسال .

-   الأسيرات : إعتلت قوات الإحتلال خلال إنتفاضة الأقصى ما يقارب من 250 أسيرة يوجد في السجون الآن  80 أسيرة منهن 3 أسيرات فقط إعتقلن قبل إنتفاضة الأقصى ، 24 اسيرة محكومة و56 أسيرة موقوفة  وتم نقلهم مؤخراً  من معتقل الرملة الى تلموند و الذي لاتتوفر فيه شروط الحياة الانسانية حيث أنه شديد البرودة والرطوبة ولا تتوفر فيه شروط الصحة العامة  ويحتجزن في أقسام مليئة بالصراصير والحشرات  و في ظروف سيئة للغاية ، و يتعرضن للتفتيش العاري أثناء خروجهن الى المحاكم العسكرية ، اضافة الى الاهمال الطبي و يواجهن أيضاً سلسلة من القمع والضرب والإذلال المستمر والتهديد بالإغتصاب من قبل السجانين إضافة الى العزل ورش الغاز والتعذيب النفسي والجسدي بكافة اشكاله مما اصبح يشكل خطورة حقيقية على حياتهن والأدهى أن الأوضاع الصحية  في تدهور بالنسبة للطفلين المولودين الجديدين داخل السجن و اللذين يعانيان من انعدام الرعاية الصحية حيث حرم الطفل أبن منال غانم من اية رعاية صحية منذ ولادته ، فيما يعاني الطفل الثاني  وائل من اصابة والدته الأسيرة مرفت طه بضيق النفس والأبشع أن إدارة السجن تلجأ بين الفينة والأخرى الى تهديد الأسيرات بالإغتصاب واسماعهن كلاماً بذيئاً يمس بمشاعرهن وكرامتهن.

-      العزل :

سياسة خطيرة انتهجت منذ سنوات وتصاعدت خلال إنتفاضة الأقصى وتستخدم كأسلوب عقابي صارم وفي ظروف قاسية ، ويحتجز المعتقلين بصورة إنفرادية بشكل دائم في غرف صغيرة تعرف بالإكسات داخل السجن أو في أقسام خصصت لذلك في سجن أيالون بالرملة وفي سجن بئر السبع ، والإكس صغير جداص معتم والحياة فيه بشعه بكل المقاييس وتختلف سوءاً عن باقي السجون حتى الأصفاد في العزل تختلف عن غيرها في السجون فهي عبارة عن حلقتين بينهما رزة صغيرة كرزة الباب لا تعطي مجالاً لحركة الرسغ على الإطلاق وطريقة القيد مختلفة حيث تقيد اليان خلف الظهر وكذلك القدمين ، وهناك قيود تكميم الأفواه ففي داخل العزل ممنوع الكلام والنشيد والصراخ والحديث مع الإكسات الأخرى ... ورائحة العفن تفوح من الفراش والحرامات والأسرى في العزل محرومين من بعض المزايا المتوفرة في السجون الأخرى كالتلفاز والمذياع والصحف وإدخال مواد غذائية عن طريق الأهل كالزين والشاي وحتى الساعات لمعرفة الوقت ممنوعة والهدف إذلالهم وإبقائهم في عزلة تامة عن العالم الخارجي وهناك من الأسرى من أمضوا سنوات في العزل .... والآن يوجد العشرات في أقسام وزنازين العزل .

 

-       أعداد الأسـرى :

7200 أسير منهم 2300 أسير محكوم ، و3700 اسير موقوف ، و1200 أسير إداري ، وهنا لا بد من تسليط الضوء على قضية الإعتقال الإداري :

الموقف الدولي من الإعتقال الإداري واضح ولا لبس فيه حيث يعتبر سجن أي شخص دون توجيه تهمة له أو تقديمه للمحاكمة خرقاً خطيراً لحق الفرد في الحماية من الإعتقال التعسفي والحماية الشخصية ... ولكن إسرائيل لا تعير إهتمام لذلك ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق الدولية وتنتهج سياسة الإعتقال الإداري منذ إحتلالها لفلسطين مستندة في ذلك على أنظمة الطوارئ الإنتدابية لعام 1945 المادة ( 111 ) بل وسنت تشريعها الخاص وأصدرت قرارات تمنح تسهيلات لضباط المخابرات من إعتقال المواطنين وتحويلهم للإعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة لمدة 6 شهور قابلة للتمديد وهناك من المعتقلين الفلسطينيين من أمضوا سنوات رهن الإعتقال الإداري وهناك من هم معتقلون منذ سنوات.

 

-               الأطفال :

بلغ عدد حالات إعتقال الأطفال خلال إنتفاضة الأقصى الى أكثر من 2200 طفلاً بقىّ منهم قيد الإعتقال لحتى يومنا هذا 350 طفلاً كما وشكل إعتقال الأطفال ظاهرة خطيرة وتصاعدت في الفترة الأخيرة ... والأطفال الفلسطينيون المعتقلون يعانون من إنتهاكات منتظمة لحقوقهم الأساسية ، والطرق المتبعة في إعتقالهم هي نفسها المتبعة في إعتقال الشبان والشيوخ فلا فرق في المعاملة ما بين طفل وشاب أو إمراة وعجوز ... ويمثلون هؤلاء الأطفال أمام محاكم عسكرية تعمل وفق أوامر عسكرية وعدم وجود محاكم خاصة للأحداث ، وأيضاً يتعرضون لصنوف متعددة من التعذيب منذ اللحظات الأولى لإعتقالهم والأسوأ يتعرضون للتهديد بالإغتصاب بل وفي حالات تعرضوا للإغتصلاب الفعلي وتؤخذ منهم إعترافات تحت التعذيب والتهديد ويجبروا على التوقيع على إفادات يجهلون محتواها ومن ثم يحاكموا عليها ، كما وتعرضوا للإعتداء بآلات حادة من قبل الجنائيين الإسرائيليين وسرقة أغراضهم الشخصية ، وهذا كله من شأنه بالتأكيد أن يترك آثاره السلبية على نفسياتهم وسلوكهم المستقبلي .. فهم يكبرون خلف القضبان ويتعلمون فلسفة المواجهة والمقاومة في الزنازين بدلاً من أن يتعلموا في المدارس وعلى مقاعد الدراسة .

 

-               القتل بعد الإعتقال :

سياسة القتل بعد الإعتقال ليست بجديدة لكنها تصاعدت خلال إنتفاضة الأقصى وشكلت سمة للقمع الإسرائيليى حيث تم قتل وتصفية العشرات من المواطنين بعد إعتقالهم والسيطرة عليهم تماماً دون أن يكونوا مسلحين ومن ثم أطلق النار عليهم من مسافة قريبة جداً وليس آخر هؤلاء الشهيد عبد الغفار القصاص من نابلس والذي إستشهد في يناير عام 2004 حيث أفاد شهوداً بأنهم سمعوا الجنود وهم يحققوا معه بعد القبض عليه وسمعوه وهو يصرخ لا أعرف لا أعرف وبعد دقائق سمعوا إطلاق عدة أعيرة نارية وبعد إنسحاب الجيش من المكان وجدوا جثته ملقاة غارقة بالدماء .

 

-               الإبعاد :

سياسة الإبعاد ليست بجديدة ولكن الجديد الإبعاد من الضفة الى غزة وتصاعد وتيرتها حيث أبعدت إسرائيل خلال إنتفاضة الأقصى أكثر من 30 معتقلاً من الضفة إلى قطاع غزة بالإضافة لمن أبعدوا بعد حصار كنيسة المهد ولم يسمح سوى للمبعدة إنتصار العجوري بالعودة الى بيتها في نابلس قبل أقل من شهر بعد أن أمضت ما يقارب من 17 شهراً في غزة في حين لم يسمح لشقيقها كفاح بالعودة وبالتالي بقىّ في غزة . 

 

 

الحركـة الجماهيريـة وبكل مرارة نقولها ليست بمستوى حجم المخاطر التي يتعرض لها أسرانا ، فأسرانا يموتون ببطئ خلف القضبان .. الأمر الذي يستدعي إستنهاض كل الهم والجهود وتفعيلها لخدمة قضية الأسرى ... من جانبنا نؤكد على عهد قطعناه على أنفسنا بأننا لن نترك أسرانا وحدهم في المعركة ... لن نتركهم فريسة للسجان المحتل وسنظل رافعين ومتمسكين بشعار فلنضحي من أجل من ضحوا من أجلنا ، وتحت هذا الشعار نظمنا العديد من الفعاليات والأنشطة التضامنية ونشارك بفاعيلية وبتميز في الإعتصام الإسبوعي أمام مقر الصليب الأحمر بغزة ولن نتردد في المشاركة الفاعلة في أية فاعلية أو نشاط داعم للأسرى وقضاياهم العادلة .. وحقيقة لنا رؤى وخطط إستراتيجية لتفعيل الحركة الجماهيرية وضمان مشاركة أوسع للمؤسسات المعنية لكن الأمر يحتاج الى بعض الوقت حتى لا تبقى قضية الأسرى موسمية .. وعلى عجالة نقول بأن من أولويات عملنا في الفترة القادمة على هذا الصعيد هو تفعيل قضية الأسرى إعلامياً والذي من شأنه أن يؤثر على الحركة الجماهيرية ويدفعها للتفاعل والإنخراط في الفعاليات التضامنية ومن هنا أناشد كافة الإعلاميين والصحفيين بتسليط الضوء وبإستمرار على هذه القضية الهامة كما وأناشد تلفزيون فلسطين بتخصيص حلقة إسبوعية ثابتة وبتوقيت ثابت حول قضية الأسرى وأتمنى من الفضائيات العربية أن تخصص هي الأخرى جزءاً من برامجها لقضية الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ... فقضية الأسرى هي قضية عربية وإسلامية وتحريرهم هو واجب وطني وقومي وإسلامي ... فهم دافعوا عن فلسطين ومقدساتها وضحوا بحريتهم من أجل فلسطين ومقدساتها والتي هي قضية عربية وإسلامية وسنبقى جميعاً مقصرين طالما بقىّ أسير واحد خلف القضبان .

 

فهي قضية هامة و تحتاج إلي ثورة إعلامية بكل معنى الكلمة وتستدعي توحيد الجهد الإعلامي على كافة المستويات وإنتاج أفلام وثائقية حول ذلك ، مؤتمرات في دول عربية ومهرجانات في أوروبا بالتنسيق مع الجاليات العربية وذلك لشرح ما يتعرض له أسرانا وظروفهم وبما يتناقض والإتفاقيات الدولية ..

وجاءت حملة التواقيع لتخدم ذلك ولتصب في هذا الإتجاه وحققت مردوداً إيجابياً وخلقت حالة نوعية من التفاعل في كل أنحاء العالم وليس في العالم العربي فحسب ، ووصلتنا عبر الإنترنت والبريد الأكتروني المئات من التواقيع والرسائل التضامنية من شخصيات وجاليات ومؤسسات عديدة ، وهذا بحد ذاته إنجاز وخطوة مهمة في تفعيل قضيتهم على كافة الصعد وحققنا تقدماً وسنواصل هذا الفعل بأشكال جديدة لترسيخ ونراكم ما أنجزناه ... إضافة لما حققناه داخل الوطن حيث حملات التواقيع في المدارس والجامعات والمؤسسات مما ساهم في خلق حالة من الإصطفاف والتفاعل الجماهيري ... وكنا بصدد التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لإجراء حملات إعلامية وتثقيفية في كافة المدارس في قطاع غزة تتعلق بقضية الأسرى ، ولكن العام الدراسي على وشك الإنتهاء والطلاب يحضرون للإمتحانات النهائية مما أعاق من إنجاز هذه المهمة لكنها لم تسقط من جدول أعمالنا وستبقى ماثلة أمامنا للعام الدراسي القادم لاسيما وأن الطلاب يشكلون نسبة كبيرة من مجتمعنا الفلسطيني ... ولدينا إقتراحات عديدة لتفعيل هذه القضية لكننا نولي أهمية الآن لتنظيم فعاليات متنوعة لإحياء يوم الأسير الفلسطيني والذي يصادف في السابع عشر من نيسان والذي خصص لتكريم الأسرى ومن هنا فإنني أدعو كافة جماهير شعبنا وخاصة الأسرى المحررين  للمشاركة الفاعلة في الإعتصام الإسبوعي أمام مقار الصليب الأحمر وأيضاً في إحياء هذه المناسبة تكريماً ووفاءاً للأسرى وتاريخهم الرائع المشرق  .

 

أما على صعيد العمل مع المؤسسات فإننا وبهذا الصدد نقوم بزيارات للمؤسسات وننسق معهم من أجل إشراكهم في إحياء هذه الفعاليات بمناسبة اليوم الوطني للحركة الوطنية الأسيرة وتوحيد الجهد والكلمة والفعل ولتصب جميعها في بوتقة واحدة والتي من شأن توحيدها وتفعيلها أن يحدث تغييراً إيجابياً لصالح قضية الأسرى .

 

الحكومة الجديدة وقضية الأسرى  :

الحكومات الفلسطينية المتعاقبة أولت إهتماماً بقضية الأسرى تمثلت بتشكيل وزارة الأسرى والمحررين عام 1998 م وتم تعيين الأخ المناضل هشام عبد الرازق وزيراً لها واعتبرت خطوة مميزة أثلجت صدورنا و شكلت عنواناً لكافة الأسرى والمحررين ، وما تقدمه الوزارة ووزيرها من خدمات للأسرى وذويهم وللأسرى المحررين يدفعنا للرضى عن السلطة الوطنية الفلسطينية عموماً ، وما لمسناه من زيادة نوعية في رواتب الأسرى إبتداءاً من يناير عام 2004 يدعونا للرضى أكثر عن الحكومة الجديدة  ... لكننا نأمل بإيلائها إهتمام أكبر في المفاوضات والتمسك بالإفراج عن الأسرى كشرط أساسي لنجاح أي مفاوضات ونؤكد هنا بأن أي إتفاق لن يضمن الإفراج عن الأسرى لن يكتب له النجاح فهم رقم صعب ولا يمكن تجاوزه ... كما نأمل من حكومتنا الفلسطينية أن تفعل دور المؤسسات الحكومية وأن يشارك الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي في الإعتصامات والفعاليات المختلفة وأن لا تقتصر المشاركة على عدد محدود منهم ، كما نأمل تفعيل  دور السفارات الفلسطينية في كافة العالم ودعوتها لتنظيم مؤتمرات دولية لخدمة هذه القضية وبمشاركة أسرى محررين وذوي وأطفال الأسرى .

 

المجتمع الدولي في غيبوبة :

لولا اللامبالاة والتخاذل والسكوت الدولي لما أمعنت إسرائيل في إنتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني عامة والأسير خاصة لهذا فإننا نناشد المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية وفي المقدمة منهم الصليب الأحمر الدولي للتحرك والتدخل الفوري لإنقاذ حياة الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين القابعين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ... فهؤلاء بوصلة الإستقرار في المنطقة وعلى المجتمع الدولي أن يحمي مواثيقه وقوانينه من الإنتهاكات الفاضحة التي تمارسها إسرائيل دون رادع .