|
صلابة أشد من القيد
أسرى القدس:
فلسطينيون في الزنازين وإسرائيليون في صفقات التبادل!
حلقات تعرض واقع قدامى الأسرى المقدسيين، تصدرها إدارة الإعلام والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية
فلسطين 29-5-2008
60 عاماً مضت، ولا يزال الاحتلال الصهيوني جاثماً على صدر مدينة القدس، يعبث بقداستها، ويشوّه وجهها، ويفرض على أهلها القوانين التعسفية الظالمة.
الأسرى المقدسيون في سجون الاحتلال هم أبرز شاهد على وحشية التعامل الصهيوني مع أهل القدس، حيث يعتبرهم الاحتلال فلسطينيين متى طالبوا بحقوقهم، و" مواطنين إسرائيليين " لا يدخلون في إطار النقاش عند تبادل الأسرى أو في الطروحات السياسية.
" صلابة أشد من القيد " هو عنوان حلقات من دراسة أعدتها " مؤسسة القدس الدولية " ، وينشرها " فلسطين خلف القضبان " يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع، وتتناول أوضاع وأحوال قدامى الأسرى المقدسيين المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو ولا زالوا في سجون الاحتلال، بعدما نجحت المؤسسة في اختراق قضبان السجون ومحاورة الأسرى، ثم أهلهم، لتكشف مدى الظلم والوحشية اللذين تمارسهما سلطات الاحتلال الصهيوني بحق أسرى القدس، الذين تجاهلتهم الإتفاقيات واستثنتهم صفقات التبادل .
ولقد نشرت مؤسسة القدس الدولية التقرير الموجز ، فيما ستنشر سلسلة حلقات موجزة تعرض واقع ومعاناة كل أسير ، ومن ثم ستنشر في النهاية كل ما يتعلق بالدراسة من موضوعات وصور بشكل كامل .
( الحلقة التاسعة )
الأسير المقدسي يوسف موسى الخالص
الأسير الصغير والعذاب
ذاق مرارة الأسر وهو صغير، حيث ولد بتاريخ 6 – 6 – 1973، واعتقل بتاريخ 19-8-1991 ، وقضى قرابة سبعة عشر عامًا من مدة حكمه القاضية بسجنه مدى الحياة، نال خلالها مرارة التعذيب الجسدي المتعددة مثل الصعقات الكهربائية التي أفقدته جزءًا من شعره وحاجبه، والكلاب البوليسية التي تسببت بجروح في جسده، وقد أدى التعذيب إلى إصابته فيما بعد بمرض القلب وعدة أمراض أخرى، وقامت سلطات الاحتلال بتوجيه تهم عدة إلى الأسير يوسف ومنها تهمة قتل يهودي كان يعمل شرطيًا بالقرب من باب الحديد والانتماء لحركة فتح.
عذاب انتظار الزيارة
ولاتقل معاناة الأهل عن معاناة الأسير فقد عمدت إدارة مصلحة السجون بنقل الأسير يوسف بشكل مستمر من سجن لأخر ومنها المسكوبية، الرملة، عسقلان، السبع، نفحة، هدريم، شطة، أوهلي كيدار، وهو معتقل حاليًا في سجن إيشل في بئر السبع.
تقول أخته أم بلال " شقيقي يوسف معتقل في سجن إيشل ببئر السبع منذ خمس سنوات، لكن لا يمكننا زيارته بسهولة حيث نتعرض خلال زيارته للتفتيش الدقيق جدًا والاذلال، والانتظار لساعات طويلة، نمر عبرها بثلاثة نقاط تفتيش لدى دخولنا للزيارة، حتى الحذاء ننزعه كل تلك الاجراءات ويوجد بين الأهل وابنهم الأسير الزجاج ولا يتحدثون معه إلا عبر الهاتف، هذا عدا عن تعب السفر وطول الطريق والمشقة التي نتكبدها حتى الوصول للسجن كما نضطر لسلوك نفق طويل جدًا يوجد فيه أكثر من 120 درجة صعودًا ونزولاً حتى نصل لغرفة الزيارة، ولا تسمح الإدارة إلا بزيارة أقرباء السجين من الدرجة الأولى، كما تمنع إدخال الأولاد خلف الزجاج، حتى أن طفلة أقاربنا الأسير مالك بكيرات البالغة من العمر أربع سنوات لا يسمحوا لها بالدخول خلف الزجاج ليعانقها والدها .
فقدان يوسف لشمعتي أمله بالإفراج
رغم قساوة التعذيب والأسر، إلا أن يوسف كان عنده أمل بالعودة إلى والديه ولكن قدر الله لهما أن يتوفيا، الأمر الذي خلف في نفس يوسف جرح كبير وبئر من الحرمان لن يعوض، حتى أصبح يقول بعد فقدانهما، " لا أريد الإفراج، فوالدي اللذان كنت أنشد الإفراج من أجلهما توفيا، فلمن سأخرج " ..!!
تقول أخته أم بلال:" عندما توفي والدي كان محروم من رؤية يوسف لمدة ست سنوات، ولم يخرج من المنزل لمدة ثلاث سنوات، وخلال الثلاث سنوات الأخيرة قدم يوسف طلبًا لإدارة السجن مرفقًا بالتقارير الطبية الخاصة بوضعه الصحي للسماح لوالدي بزيارته في مركز شرطة المسكوبية، إلا أن إدارة السجن رفضت".
وتابعت: " كان والدي قبل أن يموت يبكي يوميًا ويقول: "يا رب كما أخرجت سيدنا يوسف من سجنه أخرج ابني يوسف، فقد كان عزيز على قلبه كثيرًا لأنه أصغر أولاده وأنجبه وعمره 75 عامًا ."
أما بالنسبة لزيارة الوالدة فقد قدم الأسير يوسف التقارير الطبية الخاصة بوالدته لإدارة السجن لأنها كانت تغسل الكلى، فسمحوا لها بزيارته بعد معاناة.
ووصفت أخته أم بلال زيارة والدتها قبل أربع سنوات بقولها: " الله لا يوريها لأحد هذه اللحظات، لحظات مؤلمة وصعبة حيث أمسك يوسف بيد والدتي رافضًا تركها أبدًا وعانقها بشدة وحرارة ونام على صدرها كما كان يتمنى، فقد كان يسأل ابن شقيقه قبل سنوات أين تنام ؟ فأجابه أنام بين جدتي وجدي، فيقول له نيالك إني أتمنى النوم بين والدي ."
وأضافت:" في فترة احتضار والداتي كانت تبكي وتدعو ليوسف بحرارة، وفي آخر أيامها كان يصدر من غرفتها صوت، فذهبت لأرى مصدر الصوت، فسألتها مع من كنت تتحدثين فأجابت كنت أحكي مع صورة يوسف، متى سيفرج عنه، يا رب ما أموت قبل أن أراه محررًا ".
ولكن أمنية الوالدة لم تتحقق فقد توفيت والدتي قبل أن يحرر يوسف.
تقول أخته:" توفيت والداتي في نفس اليوم الذي كان من المفترض أن نزور فيه يوسف، وفي الزيارة التي تلتها أخبرناه بوفاة الوالدة، فبكى بشدة ثم قال لنا"عندما لم تأتوا لزيارتي انهارت أعصابي وشعرت بحدوث مكروه لوالدتي وأنها توفيت فقرأت لها تلك الليلة القرآن الكريم كاملاً، ثم استأنف قائلاً:" أمي وأبي ماتا لماذا سيفرج عني ...!!
وتابعت أخته " أصعب لحظة أن تموت الأم قبل أن ترى ولدها الأسير أو أن تموت الأم دون أن يرها ابنها، لقدد أصيب يوسف بصدمه لدى وفاة والداي، فهو سجن صغيرًا وتوفي والده ووالدته وهو ما زال داخل السجن، لقد كان يوسف يحب أمي كثيرًا، فهو كل سنة في عيد الأضحى يطلب منا شراء أضحية وتوزيعها عن روحها".
صمود في الأسر
ورغم المعاناة فقد تمكن الأسير يوسف من تقديم التوجيهي، ولدى تقديمه آخر مادة في امتحانات التوجيهي سحب منه الحراس الورقة ولم يدعوه يكمل الامتحان، ومن ثم قدم الامتحان في الأعوام التالية، والتحق منذ عامين في الجامعة العبرية ويدرس التاريخ على حسابه الخاص، علما أنه من المفروض أن تدفع تكاليف دراسته وزارة الأسرى والمحررين، ولا يتقاضى يوسف سوى معاشه من الوزارة وقدره 2800 شيكل ( 800 $ ) .
تقول أخته:" لقد غرس والدي الحاج موسى الذي قاتل إلى الجانب المناضل عبد القادر الحسيني في ولده يوسف حب الوطن والعزة منذ نعومة اظافره، فعندما كان عمر يوسف ستة أعوام حضر مسيحيين لشراء أرض والدي، وعندما استشاره والدي بخصوص عملية الشراء رفض يوسف، وقال له " نحن لا نبيع أرضنا ولا يوجد لدينا أراض للبيع، وهذه الأرض لنا ، وكبر يوسف ووالدي بقي يردد قوله هذه الأرض لنا ."
للتضامن مع الأسرى
رقم الفاكس : 00 961 -1751726
Email : info@alquds-online.org