أسرى القدس:

فلسطينيون في الزنازين وإسرائيليون في صفقات التبادل!

حلقات تعرض واقع قدامى الأسرى المقدسيين، تصدرها إدارة الإعلام والمعلومات في

مؤسسة القدس الدولية- بيروت

 

 ( الحلقة 46 )

 

الأسير المقدسي /  سليم إسحق عبد السلام الجعبة

 

فلسطين – 23-10-2008-

طرقاتٌ متواليةُ على باب المنزل، لا تلبث أن تزداد عنفاً وحدّة، ثمّ تتصاعد من خلفها الصرخات بلكنةٍ عربيّة ركيكة يشوبها الكثير من الاضطراب والحروف العبريّة. وما أن فتح أهل المنزل بابهم حتى تدّفقت إلى داخله عُصبةٌ من الجند تكاد أجسادهم تختفي خلف أرتال السلاح التي يحملونها، وبكلّ الغطرسة التي تمنحها فوّهة البندقيّة، سأل جنود الاحتلال عن سليم.     

 

سليم هذا الذي لم يكُن قد أتمّ سنيّ عمره العشرين بعد، خرج إليهم لا يحمل إلاّ الإيمان في صدره، فاقتادوه معصوب الأعين مقيّد اليدين إلى سيّارتهم، التي أوصلته بعد رحلةٍ طويلةٍ إلى أوّل مكانٍ سيعرف فيه طعم سجن الاحتلال.

 

كان ذلك عصر اليوم السادس من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر عام 1993، أي قبل 15 عاماً من  اليوم، وبعد جولاتٍ من التحقيق والتعذيب المتواصل عُرض سليم على "عدالة" المحتلّ، فُحكم عليه بالسجن لـ19 سنة بتهمة إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة على دوريّات الاحتلال، والانتماء لحركة حماس، لكنّ الحكم خُفّف بعد الاستئناف لـ17 عاماً.

 

خلال هذه الأعوام الـ15 تنقّل سليم بين معظم سجون المحتلّ، وتعرّض لكلّ أساليب التحقيق والتعذيب، وشارك في كلّ الإضرابات التي نفّذها الأسرى في السجون خلال فترة اعتقاله، ومنها إضرابات 1995، 1998، 2000، 2004.

 

ورغم طول الأسر وشدّته، إلا أنّ سليم لم يترك عنان أيّامه للمحتلّ يقودها كيف يشاء، فبعد أسره ببضع سنين أعلن سليم خطوبته على الأسيرة آمنة منى التي تقضي هي الأخرى حكماً بالسجن مدى الحياة في سجون الاحتلال، كما أنّه أطلق من سجنه مشروعاً لتوثيق أسماء الأسرى ومذكّراتهم ومقالاتهم وشعرهم وخواطرهم وإبداعاتهم التي يخطّونها أو يرسمونها أو حتى يروونها في أيّام وليلي أسرهم الطويل، وتُساعده في هذا المشروع شقيقته الصغرى أنغام وهي ترى فيه "بارقة أملٍ لشقيقها سليم، وأبسط شكرٍ وعرفان وإمتنان تُقدّمه له".

ويضمّ هذا المشروع حتّى الآن لائحةً بأسماء الأسرى من كافّة الفصائل الفلسطينيّة،ومقدّمةً كتبها سليم بعنوان "وتمضي القافلة"، ورسائل وخواطر وقصائد، ورسائل وبرقيات مقدسية خاصة، ومعاناة الأهالي بالصوت والصورة والكاريكاتير، ولوائح بأسماء الأسرى المنسيّين، وأسماء من تبقّى من أسرى الدوريّات العرب، وأسماء الأسرى الذين قضوا في الأسر أكثر من عشر سنوات، وخواطر وكلمات لكلّ من الأسرى سليم الجعبة ، مؤاب جبارة ، تيسير سليمان، مازن علوي، محمد أيمن الرازم، أكرم القواسمي، عبد الناصر حليسي، شعيب أبو اسنينه، عصام القضماني، الأسير المحرر بسام الأطرش، وشهيد الحركة الأسيرة محمد حسن أبو هدوان، لكن هذا  المشروع لن يرى النور إلا إذا حصل على رعايةٍ ودعمٍ لطباعته ونشره.

 

واليوم ينتظر سليم خلف قضبان سجن رامون ولم يبق على موعده للحريّة غير سنتين ونيّف، سيقضيها وهو يحلم بيومٍ يرى فيه بلاده وليس فقط نفسه حرّةً أبيّةً لا يحكمها قيدٌ ولا يطوّقها حصار.

 

ملاحظة / من يرغب بالإستعانة بالمعلومات أو اعادة النشر يرجى الإشارة للمصدر / مؤسسة القدس الدولية - بيروت

 

للتضامن مع الأسرى:

رقم الفاكس :  00 961 -1751726

Email  :  info@alquds-online.org