الاسير امير ذوقان حالة خاصة " لم يعش خارج السجن بقدر ما عاش داخله "

 

 

خاص شبكة الحدث الاخبارية –18 أغسطس 2008- تقرير: لارا كنعان

حين تصبح حريتنا في أيدي الآخرين ونحاول أن نسرق أحلام عابثة خلف جدران الزنزانة...باحثين عن أمل ينتشلنا من ظلم الاحتلال و عتمة السجون الى أحضان أهلنا وأحبائنا...

تلك الأحلام الثمينة لن يشعر بها سوى أسرانا في سجون الاحتلال ...الذين تناساهم كبار التهوا بخلافاتهم ...فكنا معهم دائما و أبدا بلمسة علها تصلهم حيث يقبعون...

أمير ذوقان 35 سنة، اعتقل في عام 1990 وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات وكان عمره آنذاك خمسة عشر عام وأفرج عنه في عام 1995 بعد اتفاق أوسلو، ثم اعتقل في العام نفسه بعد خروجه من السجن بأربعة أشهر وحكم عليه بالسجنلمدة خمسة أعوام وأفرج عنه في العام 1999.

ومع بدايةانتفاضة الأقصى عام 2000 أنضم امير إلى صفوف كتائب شهداءالأقصى الذراع العسكري لحركة "فتح" وبعدها تمت مطاردته من قوات الاحتلال وأصبح قائد كتائب شهداء الأقصى في "مخيم بلاطة" .

في ليلة 28-4-2002 اعتقل " جنرال الكتائب " بعد إن حوصر في بنايه في شارع 10 في نابلس جبل النار بعد اشتباك دام 7 ساعات لم يستسلم هو ورفيقه علام كعبي حيث اعتقلا بعد أن خطوا بالدماء وصية بجملة واحدة " ابقوا على العهد " فبقيت تذكار لهما خلفاه في ذلك المكان، فضلاعلى انه اعتقل وهو جريح وكان يصرخ في وجوه جنود الاحتلال واقفا على قدميه الجريحتين .

حكم على أمير بالسجن المؤبد ست سنوات وعشرين عاما مدى الحياة و قضى في سجون الاحتلال 16 سنة حتى الآن، وهو حاليا في عزل هداريم .

عائلة نصف أفرادها قابعون في سجون الاحتلال و نصفها الآخر يعاني حواجز الاحتلال و قسوة الطرق التي فرضها الاحتلال ليصل الى أقرب نقطة يستطيع أن يعطي أمل فيها لهم .

والعائلة تعاني أيضا ...

والدة أمير تعاني من أمراض السكري و الأعصاب و تعاني من آلالام في القدم و رغم ذلك لم يثنها عن زيارة ابنائها في المعتقل و لم يكتف الاحتلال باعتقال أمير حتى طالت أيديهم جميع أفراد الأسرة فهناك شقيقه عرابي 31 عاما معتقل في سجن رامون و محكوم 18 سنة، وشقيقه شريف الذي اعتقل لمدة سبعة سنوات وأخيرا أخوه مظفر الذي اعتقل مؤخرا .

معاناة زيارة أهل امير في سجون الاحتلال لا تختلف عن معاناة الكثير من الأهالي و لكن مع اشتداد المرض على والدته وحرمان الاحتلال لها من تصاريح الزيارة والرفض الأمني الذي لا ينتهي أبدا، فهناك شقيقة أمير التي تسكن في الاردن والتي لم تره منذ 17 عاما و ابن اخته 18عاما الذي رآه اخر مرة حين كان عمره ستة اشهر.

تبقى الآلام والاهات التي يصاب بها جميع اهالي الأسرى عاتية على صدورهم و لابد من سقوط الدمعات رغما عن الجميع فهناك قلب الأم المفطور على فراق ولدها و هناك المسافات الطويلة التي تجتازها لحظات لقاء تحول بينها وبين ولدها بلوح زجاجي يرفض حتى تلامس الأيدي .

أصعب اللحظات داخل سجون الاحتلال

وفي مواقف عصيبة مابين المعتقل وخارجه لحظات تحدث يصعب على الطرفين تحملها ويصعب على كل طرف مواساة الطرف الأخر فيقول شريف شقيق أمير الذي لم يره منذ خمسة سنوات، أنه عند وفاة خاله واستشهاد زوج شقيقته وعند مرض والدته كانت من أصعب المواقف التي مرت عليهم و تمنوا أن لا يصل الخبر لأمير كي لا تثبط عزيمته وصبره وقوته.

رغم كل تلك المعاناة الا ان أمير كما تقول والدته مازال يعانق حلم أمل في الحرية، فالتفاؤل أو ربما اظهار قوة أمام والدته ليرفع معنوياتها انه بخير وانه على أمل دائم بالخروج من غياهب المعتقل !!!

من لا يعرف أمير ذوقان في مدينة نابلس ومخيم بلاطة، يستطيع أن يسأل عنه فهناك النساء والرجال الذين سموا ابنائهم على اسم أمير لما له من فضل على الكثير من الناس .

فهو انسان اجتماعي محبوب من الجميع عرف بحسن خلقه وتبنيه لعدة عائلات ويذكر صاحب أحد محلات الألبسة أن أمير كان دائم التردد في مناسبات مختلفة، كانت احداها يوم عيد الأضحى المبارك حيث أحضر 17 طفلا وطلب منه أن يلبسهم جميعا أفضل ما يملك، وأيضا الصيدلي الذي يقول ان امير كان له حساب خاص لديه للمرضى يقوم بدفعه كل اخر شهرعن اشخاص الذين لا يستطيعون أن يدفعوا ثمن الدواء، عائلة أمير لم تكن على علم بما يفعله ولدهم الا عندما تم اعتقاله , عرفوا من الناس.

شهادة من رفيق اسره

الاسير المحرر محمد شويكه الذي امضى اربعه سنوات ونصف في انتفاضة الاقصى وافرج عنه العام الفائت، امضى مع امير ثلاثة سنوات عرفه عن قرب داخل الاسر ، يقول "امير كان محبوبا من جميع الاسرى في القسم مثلما كان محبوبا خارجه فهو شخص اجتماعي بطبعه ومقرب من الجميع على اختلاف انتمائاتهم وحتى اعمارهم"

" امير حالة خاصة بين الاسرى فهو لم يعش خارج السجن بقدر ما عاش داخله فكلما كان يخرج من السجن كان يرجع اليه بعد فتره قصيره فهو مناضل يمتاز بوطنية استثنائية لم يستطع معها رغم سنوات السجن التي عاشها الا ان يلتحق بركب المقاومة وها هو من جديد في السجن محكوما بستة مؤبدات وعشرين عاما فوقها"

"ورغم انه قد ودع الكثيرين في السجن الا ان المعنويات العالية التي يمتلكها تجعله قادرا على الثبات في عتمة الزنازين والقهر الذي يعيشه الاسرى داخل سجون الاحتلال"، "ومهما قلت لن استطيع ان اوفي هذا الشاب المناضل الوطني القائد الذي افنى ربيع عمره في سجون الاحتلال"

" كنت مع امير في عزل سجن هداريم منذ العام 2003 وهي عقوبة تفرضها إدارة سجون الاحتلال للناشطين ومن تصنفهم على انهم خطرين، في محاولةً لكسر إرادتهم وتحطيم نفسيتهم، حيث يعيش الاسير معزولاً عن العالم الخارجي لا يستطيع الاتصال مع أي إنسانٍ كان سوى السجان ورفيقه في العزل، ويقضي اغلب وقته في زنزانه صغيره، ولكن رغم ذلك لم تستطع كل تلك القوة الا أن تزيد من عزيمة و ثبات أمير وزملاؤه في العزل الذي ما زال فيه".

 

 

 

أخير و لن يكون أبدا آخرا فمازال جرح الأسرى ينزف...هؤلاء الأسرى الفلسطينين الذي ضحوا بأجمل أيام عمرهم لأجل قضية فلسطين...هم لايحتاجون منا أن نشفق عليهم فكلمة شفقة غير موجودة بقاموس الانسانية ..هم بحاجة لوقفة رجل واحد في كلمة واحدة ...حرية الأسرى على سلم أولوياتنا...

أسرانا...القابعون في غياهب السجون و تحت سوط جلاد لا يرحم ...أسرانا ...ماذا فعلنا لأجلهم ؟؟!!!!