|
السجون الإسرائيلية "بنك" للـمبادرات الطيبة !
بقلـم : أُسرة التحرير ( صحيفة الأيام – الجمعة 23 نوفمبر 2007 )
لـماذا تحرر
إسرائيل 440 سجيناً فلسطينياً بالذات قبل مؤتمر أنابوليس، وليس 500
أو 300، أو 2000
كما توقعت الولايات الـمتحدة؟ نشأ الانطباع بان احداً لا يتأثر
بالخطر الامني
الكامن في تحرير سجناء (باستثناء سياسيين يريدون استثمار ذلك
سياسيا) وان كل
الـمساومة تتناول مسألة كم من السجناء "يجدر تبذيرهم" على هذا الحدث
أو ذاك.
هذه اللعبة الدائمة بمصائر البشر - نحو 10 الاف شخص، يحتجزون في اسرائيل دون صلة بفترة محكوميتهم التي فرضت عليهم بل فقط حسب الاستخدام السياسي الخارجي والداخلي الذي يمكن عمله بمصيرهم، تشوه صورة اسرائيل كدولة قانون. اذا كان في كل لحظة هناك مخزون من الـمرشحين للتحرير، فمن الـمعقول الافتراض بانه كان في وسعهم تحريرهم منذ زمن بعيد.
نشأ الانطباع بان السجون اصبحت بنك بادرات طيبة، تعمل بواباتها بطريقة الدوران: في الليل يعتقلون عشرات الـمطلوبين، وفي الصباح يقررون تحرير بضع مئات، على الا ينتهي مخزون السجناء ويكون هناك دوما امكانية لايجاد بضع عشرات من الـمرشحين للتحرير الفوري.
وكذا الاجراء الذي يصبح فيه الفلسطينيون سجناء لا يشبه ما هو دارج في الاجراء الجنائي العادي. في الليل يُختطفون من منازلهم او من شوارع الـمدن في الضفة وفي القطاع، وبعد ذلك تجرى لبعضهم محاكمة، من الـمشكوك فيه أن تكون الادلة فيها تجتاز الاختبار الجنائي الـمتشدد الـمتبع في البلاد، وعندما لا تكون هناك أدلة يعتقل الاشخاص دون محاكمة لفترة اعتقال يجري تمديدها حسب الحاجة. الـمثال البارز هو اعضاء البرلـمان الفلسطيني عن "حماس"، الذين اختطفوا بعد سقوط جلعاد شاليت في الاسر.
9800 سجين أمني نقلوا في السنوات الاخيرة الى تصرف مصلحة السجون، بعد أن كان بعضهم في معسكرات تحت تصرف الجيش، جعلوا السجون مأهولة بكثافة ومحملة بشكل لا مثيل له في العالـم الغربي. في التسعينيات حررت اسرائيل نحو 10 الاف سجين في اطار اتفاقات اوسلو، ولكن السجون عادت لتمتلئ مجددا ويوجد اليوم 10 الاف فلسطيني محبوس.
قبل مؤتمر انابوليس كانت هناك عدة جولات من تحرير السجناء. 250 سجيناً قبل لقاء شرم الشيخ، 90 سجيناً لعيد الفطر والان 440 آخرون قبل لقاء الاسبوع القادم. البوابة الـمستديرة تخلق الاحساس بان هناك غمزة متبادلة بين الحكومة وجهاز القضاء العسكري وان القضاة يعرفون ايضا بان العقوبة الـمقررة هي فقط اساس للـمفاوضات والسجناء هم مخزون من اوراق الـمساومة. مقابل اسير يحرر آلاف، مقابل مؤتمر انابوليس بضع مئات فقط، وبمناسبة العيد بضع عشرات.
حبس السجناء لاهداف الـمساومة تشويه لقواعد احقاق القانون والعدل. اذا كان في السجن الاف السجناء ليسوا خطرا امنيا، فمن الـمرغوب فيه تحريرهم ليس مقابل او قبل حدث، بل في أقرب وقت ممكن. عندما يقول ايهود اولـمرت إن البادرة الطيبة الاسهل لاسرائيل هي تحرير سجناء ينشأ الانطباع بانهم فقط لهذا الغرض هم محبوسون. هذه ذريعة سجن اشكالية جداً.
عـن "هآرتس"