السيد الرئيس في خطاب بالاحتفال المركزي لمناسبة يوم الأسير: البدء بالإفراج عن الأسرى مقدمة ضرورية لإنجاح العملية السياسية

استطعنا تثبيت هذه القضية كقضية تفاوضية أسوة بقضايا التسوية الدائمة

 

رام الله 17-4-2008 وفا- قال السيد الرئيس محمود عباس، إننا نُصر على أن البدء في الإفراج عن الأسرى هو مقدمة ضرورية لا بد منها لإنجاح العملية السياسية وتوفير المناخات المناسبة التي تجعل شعبنا يؤمن بهذه العملية.

وأوضح سيادته في خطاب مسجل بث في الاحتفال المركزي لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني في مقر الرئاسة بمدينة رام الله في الضفة الغربية، أن قرارنا كان ولا يزال قاطعاً بأنه لا يمكن تحقيق السلام مع إسرائيل دون تحرير كل الأسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات الاحتلال، ولا توقيع على أي اتفاق لا يتضمن الإفراج عنهم جميعاً.

وأضاف: لهذا السبب نحن نطرح موضوع الإفراج عن الأسرى في كل لقاءٍ مع الجانب الإسرائيلي وبخاصة في لقاءات القمة واللقاءات التفاوضية، وهذا يشكل أولوية واضحة بالنسبة لنا، والتزاماً لا يمكن أن نحيد عنه تحت أي ظرف، وفي هذا السياق أود طمأنة إخوتي وأبنائي وبناتي من أسرانا الأبطال وذويهم وكل أبناء شعبنا بأننا استطعنا تثبيت هذه القضية كقضية تفاوضية أسوة بقضايا التسوية الدائمة الست: القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات والمياه والأمن.

وتابع سيادته: اللافت أن إسرائيل بدلاً من أن تقوم بالإفراج عن آلاف الأسرى والمعتقلين تتعمد الإفراج عن أعداد قليلة جداً منهم في إطار الإصرار على معاييرها الظالمة، أي أن الإفراجات بالقطارة والاعتقالات بالقنطار، وهذا عملياً يفاقم من مأساة أسرانا ويزيدها تعقيداً.

وقال: إننا بأمس الحاجة إلى توحيد جهود الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقطاعاته وفصائله ومنظماته، فالوحدة الوطنية هي البديل للانقلاب والسعي لتجزئة الوطن، وهي التي تساهم بصورة جدية وملموسة في حشد الدعم للقضية الفلسطينية وعدم إفساح المجال أمام إسرائيل لمحاولة التهرب من استحقاقات العملية السياسية.

 وكرر السيد الرئيس دعوته لحركة حماس للتراجع عن انقلابها وتغليب المصلحة الوطنية العُليا على أي مصالح حزبية أو فئوية ضيقة.

وفي ما يلي النص الحرفي  لخطاب السيد الرئيس: 

بسم الله الرحمن الرحيم

' يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون'

صدق الله العظيم

الأخوات والإخوة الكــرام،،،

يا أبناء شعبنا العظيم في كل مكان ،،،

أسـعد الله أوقـاتكم ،،،

 

تُطل علينا اليوم مناسبةٌ تحمل في طياتها مشاعر الألم  العميق وفي نفس الوقت الكثير من معاني الصمود والتحدي والإصرار على انتزاع الحقوق. إنها يوم الأسير الفلسطيني الذي تحدد بقرار من مجلسنا الوطني في مثل هذا اليوم من كل عام، والذي أضحى مناسبةً يُحييها كل الأشقاء العرب بعد صدور قرار من القمة العربية الأخيرة في دمشق بتحويله إلى يوم عربي، يتضامن فيه أشقاؤنا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، فألف تحية إلى أبطالنا الصامدين خلف القضبان في يومهم المجيد هذا. 

إن إحياء يوم الأسير الفلسطيني لا يعني بأي حال أنه المناسبة الوحيدة التي يتم فيها تذكر أسرانا البواسل واستذكار مآثرهم وبطولاتهم، بل إن كل يوم يمر على شعبنا المناضل هو يوم للشهيد ويوم للأسير ويوم لكل من يصر على حقوقه الوطنية المشروعة التي تقرها قرارات الشرعية الدولية. فقضية الأسرى والمعتقلين حاضرة على الدوام في تفكيرنا، وفي كل جهد نقوم به من أجل إنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني. لقد كان ولا يزال قرارنا قاطعاً بأنه لا يمكن تحقيق السلام مع إسرائيل بدون تحرير كل الأسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات الاحتلال. ولا توقيع على أي اتفاق لا يتضمن الإفراج عنهم جميعاً.

بل إننا نُصر على أن البدء في الإفراج عن الأسرى هو مقدمة ضرورية لا بد منها لإنجاح العملية السياسية وتوفير المناخات المناسبة التي تجعل شعبنا يؤمن بهذه العملية، ويُعبر عن دعمه الأكيد لها في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة منذ العام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية، وتضمن حلاً عادلاً ومتفقاً عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين كما تنص على ذلك المبادرة العربية للسلام.

ولهذا السبب نحن نطرح موضوع الإفراج عن الأسرى في كل لقاءٍ مع الجانب الإسرائيلي وبخاصةً في لقاءات القمة واللقاءات التفاوضية. وهذا يشكل أولوية واضحة بالنسبة لنا، والتزاماً لا يمكن أن نحيد عنه تحت أي ظرف. وفي هذا السياق أود طمأنة إخوتي وأبنائي وبناتي من  أسرانا الأبطال وذويهم وكل أبناء شعبنا بأننا استطعنا تثبيت هذه القضية كقضية تفاوضية أسوة بقضايا التسوية الدائمة الست: القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات والمياه والأمن.

الأخوات والأخوة الأعزاء:

كما تعلمون نحن نمر بظروف صعبة للغاية في ظل استمرار سياسات الاحتلال وإجراءاته التي تتناقض مع القوانين والقرارات الدولية ومع مرجعيات العملية السياسية بما فيها 'خارطة الطريق'، وبخاصة مواصلة الاستيطان بكثافة في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، وبالذات في مدينة القدس المحتلة وضواحيها بهدف عزلها التام عن باقي المناطق الفلسطينية، وخلق حقائق على الأرض يصعب معها التوصل إلى اتفاق على أساس حل الدولتين، كما أن القوات الإسرائيلية تكثف اجتياحاتها للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بصورةٍ غير مسبوقة مما يؤدي إلى قتل وإصابة واعتقال أعداد كبيرة من المواطنين.

واللافت أن إسرائيل بدلاً من أن تقوم بالإفراج عن آلاف الأسرى والمعتقلين تتعمد الإفراج عن أعداد قليلة جداً منهم في إطار الإصرار على معاييرها الظالمة، أي أن الإفراجات بالقطارة والاعتقالات بالقنطار، وهذا عملياً يفاقم من مأساة أسرانا ويزيدها تعقيداً.

ومن جهة أخرى تواصل إسرائيل فرض حصارها الجائر على قطاع غزة، وتعرض حياة مليون ونصف المليون من المواطنين الفلسطينيين للخطر، وتُحول القطاع إلى سجن كبير لا مثيل له في العالم.

وللأسف تستغل إسرائيل انقلاب 'حماس' على الشرعية الفلسطينية، وسعيها المتواصل لتكريس إمارتها القمعية وغير القانونية في قطاع غزة على حساب المصلحة الوطنية، من أجل تعزيز فصل القطاع عن الضفة، التي يتصاعد فيها  الاستيطان ويقضم المزيد من أرضنا وجدار الفصل العنصري وما يسببه من أضرار وكوارث، والحواجز العسكرية الإسرائيلية منتشرة في كل مكان في الضفة، وعلى الرغم من المطالبات الدولية المتكررة لإسرائيل بوقف الاستيطان وإزالة الحواجز والتسهيل على المواطنين اقتصادياً واجتماعياً وامنياً.

إننا أيتها الأخوات والإخوة في أمس الحاجة إلى توحيد جهود الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقطاعاته وفصائله ومنظماته، فالوحدة الوطنية هي البديل للانقلاب والسعي لتجزئة الوطن، وهي التي تساهم بصورة جدية وملموسة في حشد الدعم للقضية الفلسطينية وعدم إفساح المجال أمام إسرائيل لمحاولة التهرب من استحقاقات العملية السياسية.

في هذا اليوم الذي يشكل عنواناً لوحدة الشعب الفلسطيني بأسره خلف قضية الأسرى، أكرر دعوتي لحركة حماس للتراجع عن انقلابها وتغليب المصلحة الوطنية العُليا على أي مصالح حزبية أو فئوية ضيقة. نقول لهم اتقوا الله في شعبكم الذي يعاني الأمرّين في قطاع غزة الحبيب، وعودوا إلى رشدكم وتخلوا عن انقلابكم، واقبلوا بالشرعية الفلسطينية والاحتكام مجدداً للشعب الذي يشكل مصدراً لكل السلطات والصلاحيات، والحَكم الفصل في كل الخلافات والاختلافات. فهذا هو السبيل الذي يحقق وحدة الشعب والوطن، ويحمي حقوقنا، ويعزز قدرتنا على مواجهة سياسة الاحتلال، ويسرع في الوصول إلى الحرية والاستقلال.

 

أبناء الوطن الأعزاء:

أؤكد لكم أننا مهما فعلنا من أجل أسرانا الأبطال لا نستطيع أن نفيهم حقهم أو نعوضهم عن معاناتهم وآلامهم، كيف لا وهم يتقدمون صفوف المدافعين عن الوطن والشعب، ويضحون بزهرة شبابهم وأعمارهم وحريتهم من أجل أن يحيا شعبهم حراً كريماً على أرض وطنه. ولكن الاحتفال بيوم الأسير، الذي هو واجبٌ وطني، هو إشارة وفاءٍ وتكريم لأحبائنا وعنوان صمودنا.

مرةً أخرى أبعث بأسمى آيات التقدير والاحترام لكل أسرانا  وأسيراتنا في سجون الاحتلال وفي المقدمة منهم الأسرى القدامى وعلى رأسهم عميد الأسرى سعيد العتبة والقيادات السياسية: مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعزيز الدويك وجمال حويل وحسن يوسف وحسام خضر وجمال الطيراوي وأبو علي يطا وفؤاد الشوبكي وكل القادة في سجون الاحتلال والأسيرات البطلات والأشبال والمرضى والشيوخ، لهم جميعاً منا ومن كل شعبنا التحية.

الحرية للأسرى والمعتقلين،،،

والنصر لشعبنا المكافح،،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته