المنتصر سمير القنطار .. ينعم بالحرية ويعود للبزة العسكرية ..!

 *بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

غزة – فلسطين -17-7-2008

عبد الناصر مع والدته وشقيقته	المنتصر البطل سمير القنطار	عبد الناصر مع القائد الشيخ نبيل قاووق

لا يسعني بداية إلا أن أبرق أسمى آيات الفخر والإعتزاز وأصدق التهاني وأنبلها الى الشعب اللبناني عامة ، والى منظمة حزب الله وسماحة الشيخ حسن نصرالله خاصة .

تهانينا الى الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، والى الأسير المحرر القائد العربي الكبير البطل المنتصر سمير القنطار والى عائلته وأحبته وأصدقائه ، وأتمنى له حياة كريمة بين اخوانه وأشقائه اللبنانيين والفلسطينيين على أرض لبنان الحر .

تهانينا الحارة الى والدته أم سمير في قرية عبية بالجنوب اللبناني والى والدته بالتبني أم جبر وشاح في مخيم البريج بقطاع غزة .

تهانينا الى شقيقه بسام القنطار وأخيه ورفيق دربه في الأسر والمعاناة جبر وشاح والأسرى والأسرى السابقون عموماً .

تهانينا الى الأمتين العربية والإسلامية جمعاء باتمام ونجاح صفقة تبادل الأسرى التي تعتبر وبدون أدنى شك إنتصار كبير ورائع تحققه منظمة حزب الله ليضاف الى انتصارها في حرب تموز 2006 ، وانما تشكل أيضاً ترجمة حقيقة للوعد الصادق وتأكيداً على مصداقية سماحة الشيخ حسن نصر الله حينما قال عقب أسر الجنديين الإسرائيليين " بأن الجنديين لن يعودا إلا بالتفاوض غير المباشر واطلاق سراح أسرى " ، فتحقق ما أراد وما وعد به ، فكان صادقاً أميناً مخلصاً .. وهاهو سمير القنطار ينعم بالحرية بعد ثلاثين عاماً من الأسر ويعود للبزة العسكرية ، ومعه رفاقه الأسرى اللبنانيين الأربعة ليطوي بذلك ملف الأسرى اللبنانيين بشكل كامل .. وكما قال بالأمس سماحة الشيخ حسن نصر الله " الوعد والنصر أُنجز في تموز مرتين " .

السادس عشر من تموز من عام ألفين وثمانية ، سيبقى يوماً ساطعاً  في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي ، يوم أعلنت فيه دولة الإحتلال الإسرائيلي رسمياً هزيمتها العسكرية وهزيمة قادتها جميعاً وفشل مؤسستها الأمنية وقوة ما تسمى بالردع في استعادة جندييها بالقوة .

يوماً انتصرت فيه الإرادة والعزيمة وعدالة القضية ، وسجلت فيه المقاومة اللبنانية انتصاراً جديداً يضاف لسجل إنتصارات المقاومة اللبنانية والفلسطينية على قوات الإحتلال الإسرائيلي .  

يوم حطم فيه الفيتو الإسرائيلي المفروض على القنطار ، ليمنح المئات من الأسرى الفلسطينيين ممن يوصفون " بالأيادي الملطخة بالدماء " جرعات قوية من الأمل والتفاؤل ، بانتصار مماثل وقريب باذن الله.

سيبقى هذا اليوم نبراساً لأسرى الحرية وللأسرى العرب الأوفياء الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل فلسطين ، فتسلقوا الجبال وعبروا البحار ، وتخطوا الأسلاك الشائكة والمناطق المزروعة بالألغام ، ليقاتلوا العدو الصهيوني وجهاً لوجه ، من أجل تحرير فلسطين من دنس الإحتلال ومن أجل عودة القدس الى حضن الأمتين العربية والإسلامية .

السادس عشر من تموز ، مزدحم بالأحداث ، حافل بالإحتفالات والفعاليات ، مفعم بكل معاني السعادة والفخر ، الإعتزاز والإنتصار  بالنسبة للشعب الفلسطيني ، يوم عمت الأفراح والزغاريد شوارع وأزقة المدن والمخيمات ابتهاجاً بتحرر عميد الأسرى العرب سمير القنطار ، واستعادة جثمان عميدة الشهيدات دلال المغربي ومعها أبطال عملية الساحل ، يوم ذرفت فيه العيون الفلسطينية ، دموع الفرح والسعادة ، دموع الفخر والإنتصار ، لا سيما عيوننا وعيون أمهاتنا وأمهات وأبناء الأسرى وهم يشاهدون عبر شاشات التلفاز مشاهد استقباله الوطني الكبير وعناقه لوالدته ولأفراد أسرته وأصدقائه وأحبته الأوفياء ، بعد قرابة ثلاثين عاماً من الأسر حُرم خلالها من رؤيتهم وحرموا هم من زيارته .

سمير سامي القنطار ...

من لا يعرف سمير قنطار ، لا يعرف فلسطين وتاريخها ، لا يعرف المقاومة وانتصاراتها ، لا يعرف الحركة الأسيرة وصمودها ونضالاتها ، سمير القنطار هو قضية أختزلت بشخصه .. فهو الشاب المناضل المتسلح بالإرادة الفولاذية ، والأسير الصامد والشامخ رغم عتمة الزنازين ورطوبة الغرف ومرارة السجن وقساوة السجان ، والقائد الفذ المحنك صاحب الخبرة والتجربة الطويلة ، وبالتأكيد سيكون سمير الأسير المحرر صاحب شأنٍ ذي أهميه على الصعيد اللبناني .

سمير القنطار كان ولا زال وسيبقى شامخاً كشموخ جبال فلسطين وبيروت ، تعملق على سجانيه ، وغدى نموذجاً رائعاً للمناضل الشرس ، ومفخرة لنا كفلسطينيين ، لم ينحنِ لسجانيه لبرهة واحدة .. فشمخ وشمخنا به ، انتصر وانتصرنا به ، وسيبقى منارة لنا وللأجيال القادمة ونموذجاً أصيلاً يحتذى به ، وكل يوم يمر يزداد فيه سمير شموخاً ونزداد نحن شموخاً به …

 وفي خطوة ذات دلالة معنوية وسياسية فائقة و تكريماً للأسرى العرب من أعلى المستويات الرسمية الفلسطينية ، قررت السلطة الوطنية الفلسطينية في آب 2005 وبمصادقة السيد الرئيس أبو مازن ، منح مواطنة شرف ووسام القدس للأسير العربي سمير القنطار .

سمير القنطار .. اسم صُنع في خضم المقاومة في لبنان وفي ساعات البطولة في نهاريا .. وكُتب بنزيف الدم في أقبية التحقيق .. وسطَّر تاريخه العريق في معارك النضال والثبات والشرف في غرف مقابر سجون الإحتلال .. واكتسب محبة واحترام رفاقه الأسرى  بأخلاقه العالية وشجاعته ورجولته وعلاقاته الوطنية الواسعة .

كنت أتمنى أن أنل شرف الإلتقاء به داخل الأسر ، لكن حدثني والدي عن صداقته بسمير خلال معايشته له لسنوات طويلة وفي ذات الغرفة في سجن بئر السبع ..

وتشرفت ذات مرة بزيارة أسرته في بيروت وحظيت بشرف اللقاء بوالدته الرائعة الصابرة وأعتز بعلاقتي بشقيقه بسام ، الذي اتصلت به قبل ايام وهنأته بهذا الإنتصار وبحرية القنطار .. ومع ذلك أحلم بزيارة بيروت من جديد للقاء سمير المحرر .. سمير الذي طالما حلمت بلقائه ، ولقاء تحت شمس بيروت بالتأكيد له معاني خاصة  .

 سمير القنطار .. كان على قناعة راسخة بأن المقاومة لن تدعه في الأسر ، ووالدته ورغم حرمانها من زيارته ورؤيته طوال فترة اعتقاله ، وبكل ثقة قالت لي وهي تحتضن صورته يوم أن التقيت بها  "  منذ علمت باعتقاله وأنا أتوقع عودته في أية لحظة ، وأحيا على هذا الأمل الذي لابد وأن يتحقق  " ، وها هو الأمل تحقق يا أم سمير ، فهنيئاً لك عودة سمير لحضنك الدافئ .

سمير القنطار .. لن نتركك وسنبقى أوفياء لك ولكل أمثالك الشرفاء من الفلسطينيين والعرب الذين ضحوا بحريتهم من أجل حريتنا وحرية فلسطين ، وثقتنا بك كبيرة بأنك لم ولن تتركنا وستحمل قضية الأسرى اينما توجهت وستكون سنداً قوياً لنضالات الحركة الأسيرة وناطقاً باسمها وممثلاً عنها أينما تواجدت ، وبالتأكيد ستسعى جاهداً من أجل اعادة وحدتنا المفقودة وحرية أسرانا المسلوبة .

فهنيئاً لنا حريتك يا قنطار .. هنيئاً للبنان الحُر وهي تحتضنك ، وهنيئاً لك وأن ترسم بتحررك صوراً رائعة ومشاهد جديدة في الساحة اللبنانية لم نراها منذ فترة طويلة .. ونأمل أن يشكل تحررك بداية عهد جديد للبنان واحدة موحدة كما نتمنى أن نراها دائماً .. ومن نصر لبناني الى نصر فلسطيني عسى أن يكون قريباً بإذن الله  

وفي الوقت الذي نهنئ فيه أنفسنا وأشقائنا اللبنانيين بحرية القنطار وهذا الإنتصار .. فاننا كفلسطينيين نتمنى أن نرى قريباً سعيد العتبة عائداً الى بيته في نابلس ونائل وفخري البرغوثي الى رام الله ، وأبو علي يطا الى الخليل ، وفؤاد الرازم الى القدس ، وسليم الكيال ومحمد الحسني واحمد ابو حصيرة الى غزة ، وسامي يونس ووليد دقة الى المناطق التي عام 48 ، نتمنى أن نرى عمداء الاسرى عموماً عائدين منتصرين الى بيوتهم وعائلاتهم وأحبتهم والى شعبهم الذي انتظر عودتهم طويلاً ، نأمل ان نرى مشاهد فلسطينية جديدة تعكس وحدتنا الملحة ، لا سيما خلف قضية الأسرى العادلة ، فوحدتنا تعزز قوتنا في مطالبتنا بتحرير أسرانا .

* أسير سابق وباحث مختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الاسرى والمحررين