يا عمال فلسطين ثقوا في الغد ..
*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
30-4-2011
الأول من آيار من كل عام ، هو اليوم العالمي الذي تحتفي به الطبقة العاملة عموماً في كافة أنحاء العالم وتحييه بطريقتها الخاصة ، تحتفي بانتصاراتها وانجازاتها ، بتدشين مؤسساتها و مصانعها ، تبرز ابداعاتها و ابتكاراتها ، تعتز بمساهماتها في تحرر أوطانها وازدهار مجتمعاتها ، وتفخر بما حققته لضمان مستقبل زاهر لأطفالها ، وفي المقابل تحظى بتكريم شعبي ورسمي مميز تقديراً لها من كافة الشعب لدورها في الحياة والبناء والإعمار ، لمساهماتها المميزة في تقدم مجتمعاتها وشعوبها وازدهارهم ، ولقد اثبتت تجارب الشعوب أن ( لا ) انتصار لثورة و ( لا ) حرية لوطن دون نضال الطبقة العاملة ، و( لا ) ازدهار للأوطان وتقدم شعوبها دون عرق وجهد الطبقة العاملة .
ولهذا اسمحوا لي بداية وبهذه المناسبة أن أهنئ عاملات وعمال فلسطين في يومهم ، لدورهم الريادي في الثورة الفلسطينية المعاصرة ، وانخراطهم في النضال بكافة أشكاله من أجل تحرير فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية من دنس الإحتلال الإسرائيلي ، ومن أجل القضاء على كل أشكال الظلم والإضطهاد والقهر التي مارسها ولا يزال يمارسها الإحتلال ، وتحقيق حياة كريمة في وطن حر يُكفل للإنسان فيه حريته وكرامته وقوت أبنائه بشرف ودون ابتزاز أو ملاحقة ، فهم من أدركوا مبكرا أن الخلاص من الظلم والإضطهاد ، يبدأ بالخلاص أولا من الإحتلال وافرازاته وأدواته القمعية ، فكانوا فعلاً وقوداً للثورة وعصبها وزادها الحقيقي .
فشكلت بذلك الطبقة العاملة وعلى مدار العقود الماضية طليعة متقدمة في خضم النضال الوطني الفلسطيني من أجل الحرية والإستقلال ، وقدمت عبر تاريخها العديد من التضحيات ، ورفدت الثورة والمقاومة والانتفاضة بنضالاتها العريقة ، ورموز بارزين وقادة مميزين ، كما وقدمت من بين صفوفها آلاف الشهداء والإستشهاديين والجرحى والمعاقين ، وعشرات الآلاف من الأسرى والمعتقلين ، فيما لا يزال الآلاف منهم قابعين في سجون الإحتلال ، وآخرون على الكراسي المتحركة بسبب الإعاقات المستديمة ، وجزء لا بأس به يرقد على أسرة المستشفيات للعلاج و... .
فكانت ولا زالت الطبقة العاملة الفلسطينية هي الأكثر تضرراً ومعاناة ، هي الأكثر تميزاً بنضالاتها وعطائها وتضحياتها ، هي الآكثر تهميشاً ولم تحظَ بالحد الأدنى من الإهتمام الرسمي والشعبي ، المحلي والقومي .
وتحل علينا هذه المناسبة هذا العام وأوضاع الطبقة العاملة الفلسطينية تزداد بؤساً ومعاناة ، وتتعرض لأبشع أنواع الحصار والتجويع والقتل ، التي ووصلت الى ذروتها ، لا سيما في قطاع غزة ، وتستشري البطالة صفوفها ، وتُقصف مؤسساتها وتدمر مصانعها ، وتُنهب منشآتها ، وتضطر الى دفن بعض بقايا مصانعها طواعية ، نتيجة الحصار الخانق ومنع استيراد المواد الخام و مواد الصيانة ، بل و نسبة كبيرة منهم يعيشون تحت خط الفقر ، وفي اوضاع مزرية ، يرثى لها ولا يمكن تخيلها او تحملها .
فيما لا يزال جنود الإحتلال ومستوطنيه يرتكبون جرائمهم ومجازرهم ضد عاملات وعمال فلسطين وهم في طريقهم لكسب رزق عائلاتهم وقوت أطفالهم، فيسقطون ما بين شهداء و جرحى ، أو معتقلين ، على حواجز جيش الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة على في الضفة الغربية وفي أحياناً كثيرة يتم ابتزازه العامل و مساومته بالعمل لصالح سلطات الأمن الإسرائيلية مقابل منحه حرية الحركة والتنقل ومنحه تصريح للعمل .
وعليه فاننا نطالب العالم أجمع بالعمل العاجل والجاد ، لازالة كابوس الظلم والقهر الذي يتعرض له العامل الفلسطيني في فلسطين ، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة ، كما ونطالب وبشكل خاص الأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالوقوف أمام مسؤولياتهم الإنسانية والإغاثية وتفعيل دورها تجاه العمال بما يتناسب وحجم الكارثة التي يعيشها الفلسطينيون عموماً والعمال خصوصاً.
ونؤكد على أنه من حق الطبقة العاملة الفلسطينية أن تحتفي بهذه المناسبة كباقي عمال العالم ، وأن تحيا حياة آمنة بعيدة عن الظلم والإضطهاد والإستبداد ، في وطن حر بلا سجون وقضبان ، و بلا حواجز وجدار الفصل العنصري ، بلا استيطان وحصار ، حياة تسودها الحرية الحقيقة والعدالة الإجتماعية ويُكفل فيها العمل بحرية وكرامة دون حرمان أو ابتزاز .
ويا عمال فلسطين ثقوا في الغد والمستقبل ، فمعاناتكم حتماً ستنتهي ، والإحتلال زائل لا محالة ، وفلسطين الدولة المستقلة آتيه حتماً ، وحُلمكم بمستقبل زاهر مشرق لأبنائكم لا بد وأن يتحقق ، فالنصر آتٍٍ آتٍ آتٍ لا محالة .
ملاحظة / المقال مُحدث حيث سُبق وأن نُشر في مايو / آيار عام 2008