يأتون شوقاً للعائلة: طلاب فلسطينيون تبتلعهم مراكز التحقيق الإسرائيلية على المعابر

 

رام الله1-11-2007وفا- كتبت: شيرين ياسين
مراكز التحقيق الإسرائيلية المتواجدة على المعابر، والمتأهبة دوما لالتقاط الفلسطينيين وابتلاعهم في مراكز التوقيف أو السجون، باتت أمرا مألوفا بالنسبة للمسافرين الفلسطينيين، في ظل سيطرة إسرائيل على تلك المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية بالعام الخارجي.
.
معاذ الحمد الله من مدينة طولكرم بالضفة الغربية، الشاب المتميز في المدرسة والجامعة، اختفى دون سابق إنذار، أو بالأحرى دخل إلى الضفة الغربية بعد غياب استمر ثلاثة أعوام بسبب انشغاله في دراسة الطب في الأردن وعزوفه عن تكبد عناء السفر والإذلال كل مرة، لكن زنازين التحقيق الإسرائيلية سرقته وسرقت فرحة العيد من عائلته.
قالت شقيقته والدموع تسيل من أعينها: إن معاذ أجرى اتصالاً هاتفياً مع العائلة وهو على الجانب الإسرائيلي من المعبر لطمأنتهم على حاله، لكن آثاره اختفت منذ تلحظة إغلاق هاتفه النقال، وظلت عائلته تنتظر حول مائدة الإفطار في رمضان لكن دون جدوى.
وأضافت:"بعد ثلاثة أيام من الحيرة والدهشة والتساؤل والبحث، علمنا أن معاذ يخضع للتحقيق في أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي التي تطوق مدينة نابلس".
ثم قررت السلطات الإسرائيلية تمديد اعتقال معاذ لثلاثة أيام أخرى، وثلاثة أخرى وثلاثة أخرى، وهكذا مضى على اعتقاله شهر كامل دون أن يسمح لعائلته بالزيارة أو بالاطمئنان عليه ودون توجيه تهمة ضده.
.
تقول شقيقة معاذ "إنه حضر لإمضاء الأيام العشر الأخيرة من رمضان في وطنه الحبيب، وعيد الفطر مع عائلته التي يفتقدها، ولكن لو بقي بعيداً لسمعنا صوته على الأقل عبر الهاتف يتمنى لنا عيداً سعيداً".
وتضيف أن الذي يؤرق العائلة أيضاً هو غياب معاذ عن الجامعة وما قد ينجم عنه من أضرار في مسيرته التعليمية وفي حياته الجامعية، ولكنها تؤكد من جانب آخر أن أصدقاءه على اتصال مع عائلة معاذ وتواصل مع الجامعة والمحاضرين الذين أبدوا بعضاً من التفهم للوضع الفلسطيني في الضفة الغربية.
وتقول شقيقة معاذ الأخرى، أن الخشية الآن هي من احتمال حيلولة السلطات الإسرائيلية دون عودة معاذ للدراسة في الخارج وإتمام العام الأخير من دراسته للطب في أحد الجامعات الأردنية.
يقول مدير مؤسسة الحق التي تعنى بحقوق المواطن شعوان جبارين أن السلطات الإسرائيلية تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية.
ويضيف جبارين أن الكثير من الطلاب الفلسطينيين يعانون جراء الممارسات الإسرائيلية، والكثير منهم يقرر الخروج دون عودة حتى الانتهاء من الدراسة خوفاً من احتجازهم أو التعرض لهم أو منعهم من السفر مرة أخرى إلى الخارج.
ويؤكد مدير مؤسسة الحق أن إسرائيل تبدو بذلك وكأنها تستهدف الفئات الشابة والمثقفة من الشعب الفلسطيني، وتحاول جاهدة إلصاق التهم بهم أو إذلالهم بشتى الوسائل وتضع العوائق أمام مستقبل الشباب في الوطن.
وتؤكد المحامية بثينة دقماق مديرة مؤسسة مانديلا للأسرى السياسيين أن هناك العديد من الحالات المشابهة لحالة معاذ الحمد الله، ولكن غالباً ما تنتهي ظروف اعتقال الطالب الجامعي سريعاً في حال لم يثبت شيء ضده، ويضطر المحقق الإسرائيلي إخلاء سبيل الأسير.
.
وحول ما إذا كانت مراكز التحقيق الإسرائيلية عنواناً للتعذيب والمهانة للطالب الفلسطيني، تقول المحامية دقماق أن الحالة النفسية التي يتعرض لها الطالب أو الخريج هي أسوأ من التعذيب الجسدي. وتضيف أنه في بعض الحالات يضيع العام الدراسي للطالب ويضطر إلى ترك الدراسة.
وفيما يتعلق بالتعذيب الجسدي، تقول المحامية دقماق من أكثر الأساليب المستخدمة في زنازين التحقيق هي تكبيل الأطراف، والجلوس بطريقة مؤلمة ومرهقة لعدة ساعات.
وحتى اللحظة، لا تزال عائلة معاذ بانتظاره منذ شهر تقريباً، وتأمل أن يعود إليها، وأن يكون وجوده خارج البلاد في الأعوام الثلاث الأخيرة وابتعاده عن تطورات الأحداث عاملاً مسرعاً له للخروج من زنازين التحقيق الإسرائيلية الضيقة.
وكما في كل مرة، لا يوجد للمخابرات الإسرائيلية تعقيب على ما حدث، سوى أن ما يحدث وما يتخذ من إجراءات هو من أجل أمن إسرائيل، وتحقيق السلامة للمواطن الإسرائيلي. في حين تبقى أم معاذ التي فقدت بكرها شهيداً خلال سنوات الانتفاضة الأولى تنتظر ابنها الثاني ليعود إليها بعد غياب استمر ثلاثة أعوام، لا إلى مراكز الشاباك التي ستشكل نقطة سوداء في حياته أثناء تنقله بين الحواجز والمعابر الإسرائيلية منذ لحظة اعتقاله.