|
الإبعاد جريمة ضد الإنسانية
فروانة : معاناة مبعدي كنيسة المهد تتفاقم و تستدعي وضع حد لها
فلسطين- 13-1-2008- ناشد الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين ، عبد الناصر عوني فروانة ، اليوم ، المجتمع الدولي بكافة منظماته ومؤسساته الحقوقية والإنسانية ، الى التدخل العاجل والفوري من أجل وضع حدٍ لمعاناة مبعدي كنيسة المهد الآخذة بالتفاقم ، والسماح لهم بالعودة الى مناطق سكناهم وبيوتهم وأسرهم.
وأوضح فروانة ان هؤلاء المبعدين محاصرين بقطاع غزة ولا يستطيعون التنقل ، أو زيارة ذويهم و الإلتقاء بهم ورؤيتهم أطفالهم وأحبتهم ، رغم قُصر المسافة ما بين غزة وبيت لحم ، مشيراً الى ان سلطات الإحتلال الإسرائيلي ، منعت أحدهم قبل يومين من زيارة أهله في بيت لحم ، من أجل وداع جثمان والده قبل ان يوارى الثرى في مدينته في بيت لحم ، وتقبيله قبلة الوداع الأخير .
وبهذه المناسبة توجه فروانة بالأمس الى بيت العزاء المقام في بيت المبعد موسى شعيبات بمدينة غزة ، وقدم واجب العزاء ، وتعازيه الحارة الى المبعد شعيبات بوفاة والده ، مُعَبِراً عن ألمه وحزنه لما تعرض له شعيبات ولما يعانيه كافة المبعدين من حرمان وقهر .
ونسأل الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ، وأن يسكنه فسيح جناته ، و أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ، ويلهم ذويه الصبر والسلوان ، " وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعـون " صدق الله العلي العـظيم.
وأوضح فروانة الى أن المبعد موسى أحمد شعبات (39 ) عاما ، هو من سكان بيت ساحور ، وكان أحد المحاصرين في كنيسة المهد وأُبعد الى قطاع غزة بتاريخ 10-5-2002 ، حينما أقدمت قوات الإحتلال ، وفقاً لتفاهم فلسطيني – إسرائيلي آنذاك ، على ابعاد ( 39 ) مواطناً فلسطينياً احتموا داخل كنيسة المهد في بيت لحم ، مقابل إنهاء حصارها للكنيسة والذي استمر لمدة 39 يوماً ، لافتاً الى أن ( 13 مواطناً ) منهم تم إبعادهم الى عدة دول اوروبية ، فيما (26 ) مواطناً منهم نقلوا بحافلات الى قطاع غزة ، ولم تتح لأي من المبعدين الفرصة بالإتصال أو الإلتقاء بذويه أو زيارتهم ، كما لم يسمح لأي منهم بالعودة الى دياره منذ تلك اللحظة ، مشيراً الى أن فترة الإبعاد لم تكن محددة مما أتاح لحكومة الإحتلال المماطلة والتلاعب والإبتزاز .
وأكد فروانة على أن سياسة الإبعاد ليست بجديدة ، بل اعتمدت عليها سلطات الإحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية كوسيلة من وسائل العقاب للنشطاء وأقربائهم وذويهم وحتى ذوي الإستشهاديين ، وأبعدت وطردت بموجبها الآلاف من النشطاء من كافة التنظيمات خارج الوطن ، الا أن سياسة الإبعاد من الضفة الى غزة انتهجت وتصاعدت بشكل مضطرد ، خلال انتفاضة الأقصى .
وأضاف فروانة أن الإبعاد وفقاً للقانون الدولي يعتبر أمر خطير وغير مشروع ، ومن أقسى العقوبات الغير القانونية ، ويعتبر جريمة ضد الإنسانية ، بل جريمة حرب ، وخرق فاضح للمادتين 49 و 147 من اتفاقية جنيف ( يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة الى أراضي دولة الإحتلال أو الى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه ) ، فيما تنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان( لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ).
واعتبر فروانة استمرار " اسرائيل " في انتهاج سياسة الإبعاد ومنع المبعدين من العودة لديارهم ، انما يعكس استهتارها بحقوق المدنيين الفلسطينيين ، الأمر الذي يستدعي التحرك الفوري لوضع حد لهذا الإستهتار .
وأوضح فروانة بأن أي تفاهم او اتفاق ما بين طرفين على إبعاد أحدهما ، حتى وان كان لفترة محدودة الزمن ، فان هذا لا يعني منحه الشرعية على الإطلاق ، فالإبعاد أي كانت طريقته وشكله ، فهو غير شرعي وغير قانوني .
مؤكداً على ان الموافقة على ما يخالف إتفاقية جنيف هو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني ، فالمادة الثامنة من اتفاقية جنيف تنص على " لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئياً أو كلياً عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الإتفاقية " .
وبيَّن فروانة أن ابعاد محاصري كنيسة المهد ، شكَّل بداية لمرحلة جديدة ، مؤلمة وقاسية ، شهدت إبعاد عشرات الأسرى الفلسطينيين ممن يسكنون الضفة الغربية ، قسرياً ، إلى قطاع غزة ، كعقاب فردي وجماعي ونفسي لهم ولعائلاتهم , موضحا أن ظروف المبعدين سيئة جداً من كافة النواحي الاقتصادية والنفسية ، وجزء كبير منهم عادوا الى ديارهم بعد انقضاء فترة ابعادهم ، فيما ان مبعدي كنيسة المهد لا زالوا ممنوعين من العودة ولم يَعُد أي منهم لغاية الآن .
وبهذا الصدد يقول المبعد موسى شعيبات الذي فقد والده ، بأنه سبق وأن تقدم مراراً بطلبات لسلطات الإحتلال عبر مراكز حقوق الإنسان لمعرفة التهمة الموجه له وسبب الإبعاد أو الفترة المحددة للإبعاد ، الا انه لم يتلقَ رداً واضحاً وكانوا يبلغوه بأن قضيتكم قضية سياسية .
وأكد فروانة على أن كافة قرارات الإبعاد ، حظيت بقرارات من المحكمة العليا الإسرائيلية وهي أعلى هيئة قضائية ، مما يعني إضفاء الشرعية القضائية والقانونية على هذه السياسة والتغطية على جرائم حكومة وقوات الإحتلال.
وأعرب فروانة عن تفاؤله لما تردد لمسامعه ومما تناولته بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة من تصريحات صدرت عن بعض المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية ، توحي باقتراب انتهاء أزمة هؤلاء المبعدين واغلاق ملفهم ، والسماح بعودتهم الى ديارهم وأحبتهم ، ووضع حد لمعاناتهم المستمرة والمتفاقمة منذ قرابة ست سنوات ، آملاً أن يتحقق ذلك في أقرب وقت ممكن .