http://www.al-bayader.com/readarticle.aspx?articleid=7494

أكد أن حكومة الاحتلال تسعى إلى استعادة شاليط بالقوة ..

الباحث عبد الناصر فروانة يؤكد لـ"البيادر السياسي" أن عمليات التبادل هي الطريق الأمثل لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال

 

*  فرض عقوبات على الحركة الأسيرة ما هي إلا مناورات اللحظات الأخيرة وانتهاج الضغط والابتزاز وسيلة للتهرب من استحقاقات الصفقة

* شاليط  لن يعود إلا بتبادل أسرى وإسرائيل ستضطر عاجلاً أم آجلاً للاستجابة لمتطلبات الصفقة الأساسية

* الأسرى القدامى وأسرى القدس ومناطق الـ48 والجولان يجب أن يتقدموا قائمة الأسرى المطلوب الإفراج عنهم

 

غزة- خاص بـ"البيادر السياسي:ـ تقرير/ محمد المدهون

العدد الجديد 968 - ابريل 2009

 

 كلما اقتربت صفقة تبادل الأسرى من نهايتها تصطدم مجدداً بشروط الاحتلال التعجيزية التي تفشل الجهود المبذولة لإتمامها، وتعود الأمور إلى بدايتها تحت ذرائع ومبررات واهية اعتاد قادة الاحتلال على إطلاقها، لتتبدد أمال وأحلام الأسرى وذويهم الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر إتمام هذه الصفقة ليروا النور من جديد ويخرجوا من نفق الاعتقال المظلم، فما هي الأسباب الحقيقية التي تدفع الاحتلال إلى إفشال الصفقة قبل إتمامها ؟ وهل التعنت الإسرائيلي سينجح في لي ذراع فصائل المقاومة ويجبرها على القبول بالشروط الإسرائيلية ؟ وما هي آخر تطورات هذه القضية ؟.. هذه الأسئلة وأخرى طرحتها "البيادر السياسي" على الباحث المتخصص في قضايا الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، في الحوار التالي،  حيث أكد أن حكومة الاحتلال تراهن على استعادة شاليط بالقوة، وتناور من أجل تحقيق ذلك، مستفيدة من أوراق الضغط التي تمتلكها ضد المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، من تشديد للحصار وإغلاق المعابر وربط التهدئة بقضية شاليط، مشدداً  في الوقت نفسه على أهمية التمسك بالمعايير الفلسطينية لإنجاز صفقة تبادل مشرفة.

هذا وفيما يلي نص الحوار.

 

إبعاد قسري

 

* بعد وصول صفقة تبادل الأسرى لمرحلتها النهائية عادت الأمور مجدداً إلى نقطة الصفر.. وبصفتكم من المختصين البارزين في قضايا الأسرى.. ما هي الأسباب الحقيقية وراء إفشال صفقة التبادل؟ وهل الجانب الإسرائيلي معني بإتمام هذه الصفقة، أم أن أولمرت أراد إلقاء هذا الملف في جعبة نتنياهو؟

 

- فروانة :  بالفعل المفاوضات حول صفقة التبادل قطعت شوطاً مهماً وطويلاً، ووصلت إلى مرحلتها شبه النهائية، وعُولجت معظم النقاط الخلافية، وكان بالإمكان أن تُنجز بشكل نهائي، لولا التعنت الإسرائيلي وإصراره على شروطه ومعاييره الظالمة، فيما يتعلق بعشرات الأسماء الذين لازال يرفض إطلاق سراحهم، والمسألة الأخرى إصراره على فرض الإبعاد القسري لعشرات آخرين ولأماكن هو يريد تحديدها، ولكن هذا لا يعني أن المفاوضات عادت إلى نقطة الصفر، بل  في تقديري ستستأنف قريباً من حيث ما توقفت.. هذه هي الأسباب المعلنة لفشل إتمام الصفقة، لكن ما هو غير معلن أعتقد أن " إسرائيل " لا زالت تراهن على قوتها وأجهزتها المختلفة وعملائها وتكنولوجيتها في استعادة " شاليط " دون ثمن، ومستمرة في مراهنتها هذه حتى اللحظات الأخيرة، وإن توصلت إلى إمكانية حدوث ذلك فإنها ستقلب الطاولة وستنسف كل ما تم التوصل إليه .

 وبالمناسبة تاريخياً فإن دولة الاحتلال ترفض مبدأ التبادل أو مجرد الحديث عن التبادل، وأقدمت في أحيان كثيرة على اقتحام المكان المحتجز فيه الجنود أو المواطنين مما أدى إلى مقتلهم أو مقتل بعضهم، وإن فشلت في كل محاولاتها، فإنها تقبل مُجبرة على التفاوض، وفي ذات الوقت تحاول من خلال مناوراتها وضغطها وابتزازها أن تدفع الفصائل الآسرة للتخفيض من سقف مطالبها، والإعلان الإسرائيلي عن فشل الصفقة والنية نحو اتخاذ إجراءات انتقامية بحق الشعب الفلسطيني عامة والحركة الأسيرة خاصة، ما هي إلا مناورات اللحظات الأخيرة وانتهاج الضغط والابتزاز وسيلة للتهرب من استحقاقات الصفقة، أو التقليل من الثمن الذي من الممكن أن تُجبر على دفعه لاستعادة "شاليط"، وهذا يقودنا للقول بأن حكومة الاحتلال برئاسة " أولمرت " معنية بشكل جدي منذ اليوم الأول لأسر شاليط باستعادته بالقوة ودون ثمن، وتدريجياً تطور هذا إلى استعدادها لدفع ثمن وفقاً لشروطها ومعاييرها، وعليه فهي لا تزال مصَّرة على عدم الاستجابة لمطالب الفصائل الآسرة.. بمعنى أن أولمرت يريد إغلاق هذا الملف واستعادة شاليط قبل رحيله، وسيعتبر ذلك نصراً فيما لو تحقق، لكنه غير مستعد بعد لدفع استحقاقات ذلك، ولهذا قد يُرَحَّل الملف قسراً إلى حكومة " نتنياهو "  مع بقاء احتمال إنجاز الصفقة في غضون الأيام المقبلة وارداً.

 

* هل تعتقدون أن المماطلة الإسرائيلية المتزايدة في قضية تبادل الأسرى من شأنها أن تخفض من سقف مطالب الفصائل الآسرة للجندي شاليط وبالذات حركة حماس؟

 

- فروانة :  " إسرائيل " تماطل تارة، وتضغط وتحاصر تارة ثانية، وحاولت ربط إطلاق سراح " شاليط " بجملة القضايا الأخرى، كالتهدئة ورفع الحصار وفتح المعابر وغيرها، وأخيراً شنت حرباً على غزة وربطت  السماح بإدخال المواد الأساسية لإعادة إعمار القطاع، بإطلاق سراح " شاليط " أولاً، وهي بدون شك تحاول وتراهن على الوقت، وتماطل وتضغط للتأثير على الفصائل الآسرة لإجبارها على التخفيض من سقف مطالبها، وصراحة يمكن أن تنجح بهذا القدر أو ذاك، لكن بكل الأحوال فإن " شاليط " لن يعود إلا بتبادل أسرى، وستضطر " إسرائيل " عاجلاً أم آجلاً للاستجابة لمتطلبات الصفقة الأساسية، ومصير " شاليط " لن يكون كمصير " رون أراد " كما لن يكون كمصير " نخشون فاكسمان " وهذا لا يعني أن مطالب الفصائل الآسرة ستلبى مائة بالمائة، فالمفاوضات تعني تنازل من الطرفين وعدم التصلب حول المواقف.

 

مضايقات الأسرى

 

* هناك دعوات إسرائيلية لتضييق الخناق على الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال للي ذراع حركة حماس وإجبارها على القبول بالشروط الإسرائيلية لإتمام صفقة التبادل.. هل تعتقدون أن مثل هذه المضايقات قد تجبر حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية؟.

 

- فروانة : نعم هي إجراءات انتقامية تشكل عقاباً جماعياً، وتحِّول الأسرى لورقة مساومة وابتزاز، والأمر لم يعد دعوات فقط، بل انتقل إلى الفعل الرسمي المتمثل بتشكيل لجنة وزارية برئاسة ما يُسمى وزير العدل الإسرائيلي " فريدمان " وعُرف أن من بين أعضائها  " ميني مازوز " المستشار القانوني للحكومة، بهدف دراسة كيفية تضييق الخناق أكثر على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بشكل عام، وممن وردت أسماؤهم في القائمة التي تطالب بها الفصائل الفلسطينية بشكل خاص، والهدف من وراء ذلك بالفعل لي ذراع حركة حماس والضغط عليها واستخدام الأسرى كورقة مساومة لإجبارها على الخضوع للشروط الإسرائيلية، وبالتالي التقليل من سقف مطالبها والتخلي عن بعض الأسماء، لإتمام الصفقة واستعادة " شاليط " قبل مغادرة " أولمرت سدة الحكم، ولكن في تقديري حركة " حماس " لن تقبل بالشروط الإسرائيلية بهذا القدر، وإنما من الممكن من خلال استئناف المفاوضات، التوصل إلى تفاهمات جديدة تؤدي إلى اتفاق جديد كحل وسط يرضي الطرفين، وهذا هو حال المفاوضات، فليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

 

* ماهي الشروط الإسرائيلية الجديدة لإتمام صفقة تبادل الأسرى ؟ وهل يمكن لفصائل المقاومة أن تقبل بها؟

 

- فروانة :  حسب ما طالعتنا به وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الشروط الإسرائيلية الجديدة تتمثل بطب من "حركة حماس" بقبول الشروط الإسرائيلي المتمثلة بإبعاد العشرات، ورفض إطلاق سراح عشرات آخرين، أو تقديمها قائمة أسماء جديدة تخلو من الأسماء التي سبق ورفضتها "إسرائيل"، والحديث يدور هنا عن أكثر من مائة أسير، وهذه شروط أعتقد بأن فصائل المقاومة لا يمكن أن تقبل بها، لكن من الممكن التوصل إلى صيغة مقبولة للطرفين والاتفاق على قائمة جديدة، طالما أن الطرفين قبلا الاحتكام للمفاوضات وسيلة للتوصل إلى اتفاق  .

 

قواسم وفوارق

 

 * شهدنا أن الاحتلال أتم صفقات تبادل أسرى مع حزب الله وفصائل فلسطينية سابقاً، لكننا نجد مماطلة وتسويف كبيرين في صفقة تبادل الأسرى مع شاليط.. هل هذا يعكس عدم جدية لدى الجانب الإسرائيلي لإتمام هذه الصفقة؟

 

- فروانة : صحيح هناك قواسم مشتركة، ولكن بالمقابل هناك فوارق كثيرة، فالظروف في غزة هي ليست ذاتها الموجودة في لبنان، وإسرائيل تعتبر نفسها قريبة من غزة وهي عملياً تحتلها وتسيطر عليها، وبالتالي تعتقد بأنها قادرة على اجتياحها والدخول إلى مدنها ومخيماتها وشوارعها في أي وقت، ولهذا فهي ليست في عجلة من أمرها، وتراهن على استعادة شاليط بالقوة، أو استخدام أوراق أخرى ولديها الكثير من الأوراق كالتهدئة والحصار والمعابر والاعتقالات، للضغط والابتزاز للتهرب من دفع أية استحقاقات، واستعادة شاليط وفقاً لشروطها .

 

* يرى البعض أن وجود شاليط في الأسر لدى المقاومة الفلسطينية يخدم حكومة الاحتلال التي اتخذت من ذلك ذريعة لخنق قطاع غزة وتشديد الحصار عليه.. إلى أي مدى تتفقون مع هذا الرأي؟

 

- فروانة :  قد يكون ذلك صحيحاً، فقطاع غزة دفع ثمناً باهظاً ومباشراً جراء وجود شاليط في الأسر لدى المقاومة، أو بذريعة وجوده، وتحول بسببه قطاع غزة إلى سجن هو الأكبر في العالم، سجن مُدمر بكل معنى الكلمة، يفتقر لمقومات الحياة الأساسية، ومع ذلك لا نفترض فيما لو لم يكن " شاليط " في الأسر، لما أقدمت إسرائيل على ذلك، أو أنها ستحترم حقوق الناس وتلبي احتياجاتهم الأساسية، وسيكون قطاع غزة حراً دون تدخلات أو إجراءات إسرائيلية، ولكن طالما أن الذريعة الإسرائيلية المعلنة الآن وراء ما يُمارس ضد قطاع غزة هو "شاليط"، فآمل أن تنجح الفصائل في سحب هذه الذريعة، وإغلاق هذا الملف بشكل مشَّرف، ولكن في المقابل وبلا شك فإن وجود "شاليط" في الأسر لدى المقاومة الفلسطينية هو "نعمة" من شأنه أن يضع حداً لمعاناة المئات من الأسرى، لاسيما ممن تصفهم "إسرائيل" "بالأيادي الملطخة بالدماء" من رموز المقاومة، وممن أمضوا عشرات السنين في الأسر أو ذوي الأحكام العالية والمؤبدات، وتُصر على الاستمرار في احتجازهم وعدم الإفراج عنهم، وهؤلاء ليس أمامهم من فرصة بالتحرر سوى في إطار صفقة تبادل، والواجب الوطني يتطلب السعي الدائم لتحرير من أفنوا زهرات شبابهم من أجل الوطن والقضية مهما كلف الثمن .

 

معايير مقبولة

 

* ما هي المعايير المقبولة فلسطينياً لإتمام صفقة شاليط من وجهة نظركم؟

 

- فروانة : أي صفقة تبادل توازي الثمن الباهظ الذي دفعناه في غزة جراء " شاليط " وأن تتجاوز أخطاء أوسلو في كل ما يتعلق بقضية الأسرى هي صفقة مشرفة ومقبولة فلسطينياً، بمعنى " صفقة " لا تحمل في طياتها أخطاء أوسلو ولا تكررها بأي حال من الأحوال، تلك الأخطاء التي انتقدناها مراراً وتكراراً، فالمقاومة يجب أن تفرض شروطاً تعجز عن فرضها المفاوضات، وبالتالي فإن أبرز تلك المعايير هي أن يحدد الجانب الفلسطيني قائمة الأسرى وفقاً للعدد المتفق عليه دون فيتو إسرائيلي على أي منها، وأن يقف كافة الأسرى القدامى في مقدمة القائمة دون استثناء بمن فيهم أسرى القدس والـ48 وأسرى الجولان، وأن تتضمن الأسيرات ممن يقضين أحكاماً بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى رموز المقاومة والقادة السياسيين، وأن يكون للمفرج عنهم حرية اختيار الجهة التي ينوون التوجه إليها بعد التحرر داخل فلسطين أو خارجها، وأن لا أن يُجبروا على الإبعاد القسري إلى غزة أو إلى أوروبا وغيرها.. أعتقد بأن هذه المعايير تحظى بإجماع فلسطيني، وهي أيضاً شروط وضعتها الفصائل آسرة "شاليط"، وأعتقد بأن الفصائل قادرة على إنجاز صفقة من هذا القبيل وبالمقابل فإنني أعتقد بأن أي " صفقة " يمكن أن تنجز بعيداً عن ذلك، ستكون غير مقبولة ومحط انتقاد من قبلنا ومن قبل الأسرى وذويهم .

 

الرابط الخاص بالمقابلة على البيادر السياسي ابريل 2009

http://www.al-bayader.com/readarticle.aspx?articleid=7494

 

للإطلاع على عدد المجلة كاملاً  pdf

http://www.al-bayader.com/archive.aspx