هل تستثنى الأسيرات المحررات من مكرمة الحج.. ؟!

الأسيرات المحررات يؤكدن لـ"البيادر السياسي" أنهن دفعن ثمناً باهظاً داخل الأسر ومن حقهن الحصول على مكرمة الحج

* أبو دقة:ـ  لن نكل أو نمل من المطالبة بحق الأسيرات في حياة كريمة تحفظ كرامتهن وحقوقهن.

* فروانة:ـ لا يمكن استثناء الأسيرات أو تجاهل نضالاتهن ومكرمة هذا العام بالتأكيد ستشملهن وسيكون لهن حصة متميزة

 

غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ تقرير/ محمد المدهون

نشر بالعدد 1010 -7 أكتوبر 2011

تشتكي الأسيرات المحررات من إهمالهن وعدم إعطائهن حقوقهن، وتوفير حياة كريمة لهن بعد أن أمضين زهرات عمرهن داخل سجون الاحتلال، حيث تفتقر الأسيرات المحررات لأي راتب يعتشن عليه، ومما زاد الطين بلة عدم حصولهن على حقهم بالحج ضمن مكرمة خادم الحرمين الشريفين،  أسوةً بزملائهن الأسرى، فما كان من هؤلاء الأسيرات إلا الاعتصام أمام مقر الصليب الأحمر بغزة لإيصال صوتهن لأصحاب القرار..

 

"البيادر السياسي" التقت بالعديد من هؤلاء الأسيرات واستمعت لهمومهن ومشاكلهن، كما طرحت قضيتهن  على وزارة الأسرى والمحررين.

 

مر وهوان

الأسيرة المحررة فتحية الطلاع :

 قالت أنها أسرت في عام 1971، حيث تم اعتقالها من مستشفى الشفاء أثناء عملها كممرضة في ذلك الوقت، مؤكدة أن الأسيرات الفلسطينيات تعرضن لأبشع أنواع القهر والحرمان والذل في سجون الاحتلال، ومن حقهن أسوة بزملائهن الأسرى أن ينعموا بمكرمة الحج وبكل المميزات التي ينعم بها الأسرى، من رواتب وغير ذلك، وأضافت أنها تبلغ الآن الستين من عمرها، وتعاني من أمراض عدة، فهي لا تقوى على الحج على نفقتها الخاصة، لذلك لا بد من إدراج الأسيرات ضمن مكرمة الحج لهذا العام، معتبرة أن هذا حق لهن، لاسيما وأنهن شاركن في مختلف محطات النضال الوطني الفلسطيني، وضربن أروع الأمثال في التضحية والصمود ومقارعة الاحتلال.

أما الأسيرة لمعة مراد فقد ضمت صوتها لصوت زميلتها الطلاع مطالبة بحقها في مكرمة الحج، وأضافت يجب ألا نفرق بين أسير وآخر حسب سنوات المدة التي قضاها في سجون الاحتلال، مؤكدة في الوقت نفسه أن يوماً واحداً في الاعتقال يعني أن الأسير ذاق المر والهوان، ومن هذا المنطلق نطالب كأسيرات فلسطينيات بأبسط حق من حقوقنا بأن نذهب للحج.

 

حلف يمين..!!

أما الأسيرة المحررة والمبعدة هند أبو عمشة

فقد أوضحت أنها أسرت من قبل الاحتلال وأبعدت وهدم بيتها، وبالرغم من ذلك حرمت من حقها براتب أسوة بزملائها، مطالبة بحقها في الحج ضمن المكرمة المقدمة من خادم الحرمين الشريفين، وقالت أن هذا حق لها، ولزميلاتها الأسيرات، مشددة على ضرورة أن تكون هناك أولوية للأسيرات.

في حين قالت الأسيرة عواطف الدرة التي أمضت في الأسر عامين، أنها توجهت لوزارة الأسرى في غزة من أجل مكرمة الحج، لكن ُطلب منها كأسيرة قديمة أن يتم التعريف بها كأسيرة، بمعنى إثبات أنها أسيرة محررة، مشيرة إلى أنها تحمل وثائق من مؤسسة الأسيرات ووزارة الأسرى في الضفة، لكنهم لم يعترفوا بذلك، وطلبوا مني أن أتوجه للمحكة وأحلف "اليمين" أنني كنت أسيرة، وأوضحت أنها عملت لمدة ست سنوات في نادي الأسير، وأكدت أنه حتى بعد حلف اليمين، فإن هناك قرعة وغير مضمون أن تحصل على المكرمة، مؤكدةً أن الأسيرات دفعن ثمناً باهظاً داخل الأسر ومن حقهن الحصول على مكرمة الحج.

 

ظلم بني جلدتنا

الأسيرة زهية نوفل

 أسرت من سنة 1969-1970، كما أسرت من سنة 1971- 1972، وأسرت في عام 1973، تقول " أسرت ولم أكن أبلغ من العمر سوى ستة عشر عاماً، ودخلنا السجون منذ نعومة أظافرنا، ودفعنا ثمن أسرنا على عدة اتجاهات، وما أسوأ من ظلم بني جلدتنا لنا وما واجهناه في ذلك الوقت من إشاعات مغرضة، فالمجتمع لم يرحمنا. أما عن ظلم السجن وما عانيناه من قمع وإرهاب السجانين فحدث ولا حرج، مشيرةً إلى أنها لا تزال تعاني من كسر في الرقبة، وكلما زاد سنها زاد ألمها، وتحتاج إلى عملية جراحية ولا تجد من يقف إلى جانبها، خاصة أنها لا تتقاضي أي راتب ولا يوجد لديها أي دخل تعتاش منه، مؤكدةً أن الأسيرات من حقهن أن توفر  لهن السلطة راتباً يجنبهم ذل السؤال.

 وأضافت أنه عندما نطالب بحقنا في مكرمة الحج، فإننا نطالب بأدنى حق من حقوقنا، وهو حج بيت الله الحرام، ولكن للأسف يتنكرون لحقوقنا، موجهة التحية لكافة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، داعية إلى الإفراج الفوري عنهم جميعاً، مؤكدة أن الأسرى هم دعاة وحدة وليس لهم ذنب في الانقسام الحاصل، وليس من المعقول أن يدفعوا ثمناً لهذا الانقسام، مشددة على ضرورة العمل الجاد من أجل إنهاء الانقسام وتوحيد الصفوف الفلسطينية.

أما الأسيرة عايشة محمد خلف أبو الكاس فقد أسرت في عام 1972 وخرجت من الأسر في عام 1976، كما أسرت في عام 1985 لمدة عام كامل، وهي اليوم تطالب إلى جانب زميلاتها بحقها في الحج، كما طالبت براتب شهري للعيش بكرامة .

 وأكدت أن استثناء الأسيرات من مكرمة الحج هو انتقاص من حقوقهن، متسائلة ماذا تبقى من العمر بعد أن بلغنا الستين عاماً ؟ أليس من حقنا أن نكرم أسوةً بزملائنا الأسرى ؟ وأضافت أن أقل شي ممكن أن يكرموا به الأسيرات إدراجهن ضمن مكرمة الحج لهذا العام.

 

بطاقة تعريف

هذا وفي لقاء لـ"البيادر السياسي" مع الدكتورة مريم أبو دقة مديرة جمعية الدراسات النسوية التنموية الفلسطينية التي ترعى الأسيرات المحررات وجهت ثلاث رسائل، الأولى للقيادة الفلسطينية طالبتها فيها بحق الأسيرات الفلسطينيات في مكرمة الحج، وأن هذا حق لهن وليس منة من أحد، مشيرة إلى أن هذه المكرمة لم تحدد أي قيود، ولم تحدد المكرمة سنوات الاعتقال التي يفترض أن تكون قضتها الأسيرة في الأسر أو أي قيود أخرى، لذلك لابد من منح هؤلاء الأسيرات حقهن في الحج ضمن المكرمة السعودية.

أما الرسالة الثانية فاقترحت أبو دقة تشكيل لجنة تتضمن مندوبين من وزارتي الأسرى في رام الله وغزة وجمعية الدراسات النسوية تمنح الأسيرات المحررات بطاقات تعريف، فليس من المعقول عندما تذهب الأسيرة لإتمام معاملة لها يطلب منها شهادة من ثلاثة شهود ومختار ليشهدوا أنها أسيرة رغم أن السجن ترك بصماته عليها.   

وأوضحت أبو دقة أن السنوات المشترط توفرها في الأسير الذي من حقه الحصول على مكرمة الحج لا تنطبق على الأسيرات المحررات، لذلك لا بد أن تكون هناك أولوية للمرأة وللأسيرة المحررة وتستثنى من هذه الشروط، مؤكدةً أن الأسيرات الفلسطينيات ناضلن من أجل فلسطين ومن أجل وحدة هذا الشعب حتى إقامة الدولة، وبالتالي من حقنا كأسيرات على قيادتنا حمايتنا ورعايتنا النفسية والجسدية والاقتصادية، والحج هي نقطة في بحر من حقوقنا.

وأضافت أنه تم مراسلة كافة الجهات المعنية بذلك وطالبناها بحق الأسيرات في حياة كريمة تحفظ كرامتهن، لكن حتى اللحظة دون جدوى، لذلك لن نكل أو نمل من المطالبة بحقوقنا كاملة، مشيرة إلى أن الأسيرات المحررات لا يتعدين السبعين أسيرة وهو عدد قليل لا يشكل عبئاً على أحد، كاشفة أن هناك من يذهب للحج مرات عدة تحت مسميات عدة، وأن الأسيرات أحق منهم في مكرمة الحج. 

 

أما أزهار أبو شعبان من جمعية الدراسات النسوية فقد أكدت على أهمية إدراج الأسيرات ضمن مكرمة الحج، حيث حرمن العام الماضي من هذه المكرمة، وفي هذا العام هناك مكرمة من الملك عبد الله لعائلات الأسرى والمحررين وذوي الشهداء، لذلك نطالب بإدراج الأسيرات ضمن هذه المكرمة أسوةً بالأسرى، منتقدة الشروط الموضوعة في هذا الشأن لاسيما وأنها لا تنطبق على الأسيرات، وهذا يعني حرمان شريحة هامة من أبناء شعبنا من حقهن في أداء فريضة فرضها الله عز وجل، ودعت إلى ضرورة السماح لكافة الأسيرات بالحج ضمن مكرمة الملك عبد الله وخاصة أنهم لا يتجاوزون السبعين أسيرة.

 

هذا ولمعرفة رأى وزارة الأسرى والمحررين في هذه القضية التقت "البيادر السياسي" الباحث المختص في شؤون الأسرى والمحررين، مدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة الذي وجه الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على استضافة ألفي حاج فلسطيني للسنة الثالثة على التوالي من ذوي الشهداء والأسرى، ومن الأسرى المحررين ومن العائلات الفلسطينية المحتاجة على نفقته لأداء فريضة الحج لهذا العام، وهذا يندرج في سياق المواقف النبيلة والتاريخية للمملكة العربية السعودية وملوكها المتعاقبين وشعبها العظيم تجاه شعبنا وقضيته العادلة .

 وأضاف: لطالما أننا نتحدث عن الحركة الأسيرة، فبالتأكيد ينطبق الأمر على الأسيرات داخل سجون الاحتلال وكذلك المحررات، فهن - أي الأسيرات - جزء لا يتجزأ من الحركة الأسيرة ولا يمكن استثناءهن أو تجاهل نضالاتهن، بل على العكس يمنحن امتيازات خاصة  لا تمنح للأسرى الذكور، على سبيل المثال مكرمة العام الماضي شملت ذوي كافة الأسيرات اللواتي كن في الأسر آنذاك ومنحن استثناءً خاصاً، وكذلك بعض الأسيرات المحررات استفدن من المكرمة وتمكن من أداء فريضة الحج.

وتابع فروانة: نحن بوزارة الأسرى ندرك جيداً الخصوصية التي يتميزن بها، و نقدر معاناتهن ونحترم نضالاتهن، ونراعي مصالحهن واحتياجاتهن في كل ما نقدمه من خدمات لهذه الشريحة المناضلة التي قضت أياماً وشهوراً وسنوات قاسية في سجون الاحتلال، ومكرمة هذا العام بالتأكيد ستشملهن وسيكون لهن حصة متميزة لا سيما في قطاع غزة أكثر من العام الماضي، حيث أن العدد الإجمال الممنوح للقطاع يسمح بذلك، وأنا شخصياً أدفع بهذا الاتجاه لمنحهن أكبر عدد ممكن، لا سيما وأن أعمارهن متقدمة، وأن الأمراض داهمت أجساد غالبيتهم أن لم أقل جميعهن .

 ولقد آن الأوان لمنح ما يمكن منهن فرصة أداء فريضة الحج كنوع من التكريم لهن ولتضحياتهن الجسام قبل رحيلهن الأبدي .

 

 ولكن حقيقة تواجهنا مشكلة لم نعالجها بعد، وهي أن غالبيتهن اعتقلن في السبعينيات ولا يمتلكن أوراقاً ثبوتية واضحة ( أوراق الصليب الأحمر ) توضح فترة الاعتقال، وبعضهن يمتلكن أوراق صليب مدون بها تاريخ الدخول للسجن ولا يوجد فيها تاريخ الخروج، وهذه مشكلة ستبقى قائمة حين اختيار الأسماء وفقاً للعدد المتاح، وبالتالي يجب العمل من الآن لإيجاد آلية لمعالجة ذلك وعدم ترحيلها للحظات الأخيرة . 

 

إلى أن يأتي موعد الحج.. يبقى السؤال هل سيتم التغلب على هذه المشكلة أم أنها ستكون مبرراً لحرمان عدد كبير من الأسيرات من حقهن في الحج ..؟

ويجيب فروانة بصفته أيضا عضو في لجنة الحج المشتركة بغزة ، على هذا السؤال بعد نشر التقرير في مجلة البيادر اليوم ، بالإيجاب وبالتأكيد على أن اللجنة المشتركة ستتغلب على هذه المشكلة ، والتي لن تكون مبررا لحرمان عدد من الأسيرات من حقهن في الحج ، وطمئن الأسيرات المحررات بقوله : وزارة الأسرى والمحررين ستقف دائما بجانبهم و( لا ) فرق بين شهادة صادرة من الصليب الأحمر وشهادة صادرة ومعتمدة من جهات وشخصيات فلسطينية موثوقة ونزيهة .. 

 

رابط التقرير بمجلة البيادر السياسي :

http://www.al-bayader.com/readarticle.aspx?articleid=20680