رسالة من الأسير مسلمة ثابت إلى الأخ الرئيس

 

 

الاسير: مسلمة عبد الله أحمد ثابت - ابو ثابت/سجن هدريم

رسالة مفتوحة للاخ الرئيس محمود عباس " ابو مازن "

 

 

25 / 5 / 2005

الاخ القائد محمود عباس " ابو مازن "

رئيس منظمة التحرير الفلسطينية

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية

سلام والف قيد وخيمة وبعد ،،

لقد اعتدنا كأسرى وهذا من الاعراف والقوانين الاعتقالية والنضالية لدينا ان نجلس معا في جلسات للتثقيف والتحليل والنقد وجلسات النقد عندنا امر مقدس والزامي للجميع دون استثناء نتناول فيها شؤون حياتنا السياسية والادارية والوطنية، وسلوكنا اليومي وطبيعة علاقاتنا الاخوية والرفاقية وكذلك حالة الالتزام والانضباط لدى كل واحد فينا، وهذه من الامور التي نفتخر بوجودها في نظام حياتنا الاعتقالية وفي سيرتنا النضالية والشخصية، كما ان الوعي والثقافة المولودة من رحم القهر والمعاناة هي التخصص العلمي الذي نتسلح به بعد تحريرنا، بالرغم من اننا كثيرا ما نطمح بأن ندعم هذه الحقبة من دراستنا في قلاعنا العلمية والثورية (السجون) بشهادة كرتونية مصدقة، تعلقها امهاتنا او زوجاتنا في صدر بيوتنا، كما هو الحال عند الاغلبية الساحقة من ابناء شعبنا.

علمنا، سيادة الرئيس - بل تابعنا - رغم عزلنا عنكم - جلساتكم في التقييم ونقد الاداء ومراقبة السلوك وضبطه، ولمسنا فورا، قدرتكم وجرأتكم على الحسم والتغيير والسعي لبناء الجسم المؤسساتي السليم، وطفنا معكم بعيوننا وعقولنا ارض وسماء اميركا اللاتينية والصين واليابان وتشيلي وباحات البيت الابيض وغيرها من البلدان العربية والاجنبية، وسررنا رغم ثقل اجسادنا التي اضناها القيد، بسياستكم الحكيمة وبراعتكم في اعادة وتفعيل العلاقات مع المجتمع الدولي والاقليمي، وبنجاحك المعهود في تنشيط وتفعيل الدبلوماسية الفلسطينية والارتقاء بمكانة قضيتنا الوطنية والسياسية في كل محفل من المحافل الدولية.

وما زلنا نتابع، سيادة الرئيس، وهذا شغلنا الشاغل - جهودكم الحثيثة للاصلاح والتطوير وتثبيت القانون وترسيخ القضاء وانصاف المرأة وتعميم الديمقراطية والسعي لاطلاح سراح الاسرى والمعتقلين ورعاية اسر الشهداء والجرحى وحماية اخوتنا المطاردين وترسيخ حق الانتخاب وما الى ذلك من البرامج الاجتماعية والاقتصادية والامنية، والتي وان تم تحقيق ايا منها ستساهم بلا شك في تحسين اوضاع شعبنا السياسية والاقتصادية والادارية.

وعلمنا ايضا ان حكومة شارون وبكل اذرعها وهياكلها وشخوصها، لازالت تضرب بعرض الحائط وتتنكر لاي التزامات او تفاهمات تم الاتفاق عليها، وان تفاهمات شرم الشيخ " شرمها " الجيش الاسرائيلي بتصعيده العسكري، وان الحصار مازال حصارا واشد، والاستيطان تفاقم والجدار شبرا واحدا لم يرتد، ورأينا ان مطاردينا يغتالهم الرصاص وشوارعنا تغلق بمتراس، ونقرأ يوميا عن المزيد من الاختراقات والانتهاكات والتملص من الانسحاب والوعيد والتهديد بالاقتحام واحتلال غزة اذا فازت حماس.

رئيسنا الحبيب سلام ومليون اعتذار

اقول  مليون اعتذار " لانني اعرف تماما انك لا تملك عصى موسى ولا تحمل الفانوس السحري وانك ورثت ارثا تضيق به الارض والجبال واعرف تماما ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن واننا نعيش في عصر وعالم تحكمه القوة وترسم معالمه عقول طاغية مستبدة، ولا حول لنا ولا قوة!!.

واقول " مليون اعتذار " في وقت لم يعتذر به مدعو الديمقراطية والعدالة واباطرة نظرية العولمة والحريات الفكرية عن كل ما جرى ويجري على ارضنا المقدسة من قتل وذبح وانتهاك واعتقال واغتيال وتدمير!!.

اقول " مليون اعتذار"  لانعدام ثقتنا - نحن الاسرى على الاقل - في نوايا الحكومة الاسرائيلية واستعدادها للتقدم او الالتزام في التفاهمات والاتفاقيات المبرمة بيننا وبينهم، وخاصة تلك المتعلقة بقضيتنا كأسرى ومعتقلين، ولنتجاوز مسألة اننا ما زلنا معتقلين وان السجون الاسرائيلية تتكاثر لتأسر الالاف منا لكن ما ذنب زوجاتنا وابنائنا واهالينا عندما يحرمون من رؤيتنا ولو من خلف الاسلاك والسواتر الزجاجية واجهزة الهاتف المرصودة؟.

اقول " مليون اعتذار" لحالنا التي يرثى لها نتيجة اوضاعنا الداخلية المتهلهلة ولكثرة الالغام والمصائد التي زرعناها بايدينا كي تمنعنا من التقدم ولو بخطوة واحدة الى الامام؟؟ وقد يزعج البعض هذا الكلام وعلى كل حال لن يموت الامل المزروع فينا بقدرتنا على النهوض والاستمرار وببراعتنا في كظم الغيظ ومواصلة المشوار.

نعتذر للمرة المليون على ما نسمعه يوميا من حالات الفوضى والانفلات والاعتداء على الابرياء والممتلكات العامة والخاصة والقتل مع سبق الاصرار وعن غياب المحاسبة وتنفيذ الاحكام الرادعة بحق مرتكبي الجرائم والاعتداءات السافرة، واعتذارنا اكبر عن عدم ملاحقة المجرمين الفارين من العدالة والذين اشتركوا او ساعدروا بزهق ارواح الابرياء من الوطنيين والشرفاء!!.

ونقدم " مليون مليون اعتذار "  لشهدائنا وجرحانا ومنكوبينا وكافة اسرانا ولذويهم. فهؤلاء هم الذين خطوا بدمائهم مواثيق السلام المزعوم هؤلاء هم الذين ذاقوا وبرضى وقناعة تامة ويلات الاحتلال وقاوموا جرائمة البشعة وقهرة المشؤوم.

نعم، سيادة الرئيس لدينا "  مليون اعتدار " و " امل جديد " اعتذاراتنا كثيرة واسبابها معروفة ومثيرة واملنا الوحيد هو امل كل فلسطيني مهما صغر او كبر، هو الامل الوطني والانساني الذي يطمح ويسعى من اجله اي مخلوق على وجه الارض، املنا هو حريتنا جميعا، حرية مدننا وقرانا ومخيماتنا واسرانا واسيراتنا واطفالنا، حرية اقتصادنا وتنميتنا وزراعتنا وتعليمنا وقضائنا حرية معابرنا واراضينا وسماءنا وهو ايضا حريتنا في حقنا الشرعي والقانوني بالتصويت والانتخابات والترشيح في الانتخابات المحلية والتشريعية.

وعذرا سيدي ...  كل العذر ان بدا " املنا صعب ومستحيل