أسرى فلسطين..أرقام صادمة
بقلم / د.حازم أبو شنب
القيادي بحركة فتح
عضو المجلس الثوري-حركة فتح
15-4-2013
في فلسطين النكبات والصدمات والمعاناة كثيرة، وأحيانا ينحدر البعض ليكون سببا ً في زيادة المعاناة العامة لينافس متسببون خارجيون في إيلام الفلسطينيين كما في حالة قطع الرواتب التي تصدمنا جميعا ً في فلسطين وخاصة أبناء قطاع غزة الذين انتفضوا تأييدا ً لفتح ومنظمة التحرير والتيار الوطني في 4/1/2013 حيث أكثر من ثلاثة أرباع تعداد أهالي قطاع غزة هبوا نصرة للحرية والوطنية وفتح والحركة الوطنية الفلسطينية التي أصّلت للمقاومة في فلسطين وما بعدها، ورغم ذلك جاء المتفذلكون ليقطعوا رواتب الموظفين المسحوقين أصلاً ليُسحقوا من جديد، ولكن سُحقا ً لهم .
ما يؤلم أكثر من ذلك ويستدعي منا التوقف عنده هم أسرى فلسطين في سجون الإحتلال الإسرائيلي والذين تجاوز عددهم ثلاثة أرباع المليون مناضل مقاوم مجاهد أو سمه ما شئت إلا إنه الفلسطيني المناضل العنيد الرافض المقاوم للإحتلال.
السجلات الرسمية بإحصاءاتها التخصصية محفوظة عند الباحث عبد الناصر فروانة وهو أسير محرر خاض تجربة الأسر عند السجان الإحتلالي كما معظم أبناء شعب فلسطين، إلا أنه برع في أرشفة وتصنيف ما يتعلق بالأسرى ، ونسبة لأرشيفه تخزن أجهزة الأمن الإسرائيلية في سجونها ذخرا ً كبيرا ً مهما ً من مناضلي فلسطين يصل عددهم في هذه الأيام نحو 4900 أسير، منهم 105 وجب الإفراج عنهم منذ نحو عشرين سنة بعيد اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية كأمر واجب النفاذ مع تطبيق الإتفاق. ولكن أولئك وهؤلاء منهم ما يقارب الثلاثين أسير وأسيرة ممن يعانون أمراضا ً مزمنة يحتاج بموجبها المريض إلى رعاية طبية مكثفة وخاصة لا تتوفر في السجون، إلا أن السجان الإسرائيلي المدمن لرؤية عذابات الفلسطينيين لا يوفر لهم الرعاية الطبية اللازمة ولا يقبل بتدخلات وطلبات كثير من المؤسسات الحقوقية والقانونية بل والسياسية لأجل إفراج طبي لهؤلاء يؤمن لهم علاجا ً طبيا ً أو رعاية أسرية معنوية قبل أن ينفذ أمر الله كما تشير إحصاءات فروانة.
رقم صادم آخر عن أسرى فلسطين هو بقاء مائتين وخمس وثلاثون طفلا ً في سجون الإحتلال لأسباب لا تبدو مقنعة كما الروايات الإسرائيلية، ففلسطين أرض قتال وسجال والمقاومة أمر حلال واجب الممارسة قانونا ً وشرعا ً وأخلاقا ً.والمؤسسات الدولية والشخصيات الزائرة معظمها طلبت تحريرهم والكف عن ملاحقة مثلائهم لكن السجان الإحتلالي لا يستجيب..
في الأسابيع الأخيرة ضجت الساحة الفلسطينية بوفاة أسيرين كاللواء ميسرة ابوحمدية الذي نهش السرطان جسده واتهم أهله والمؤسسات الحقوقية سلطات الإحتلال بالتقصير الطبي والإنساني بحق الأسير الشهيد والأسرى المرضى الآخرين. وفتح ملف مهم حول الرعاية الطبية للأسرى في السجون الإسرائيلية والتي تتجرأ كلها على القوانين والمعاهدات الدولية خاصة وأن الإحصاءات تبلغنا بصوت عال ٍ أن 204 أسير قد استشهدوا حتى الآن في سجون دولة الإحتلال، وبالمناسبة وجب علينا الإشارة إلى أن أسرى الحرية في سجون الإحتلال الإسرائيلي والذين قاوموه مع أبناء فلسطين هم من جنسيات مختلفة وليسوا فقط من الفلسطينيين، فنذكر مثلا ً اسرى عراقيين ومصريين وأردنيين ولبنانيين ومغاربة (نادية البرادلي) وغيرها وغيرهم كثر ممن لن ننساهم لا في فلسطين ولا في كل التاريخ الذي يلاحقه الأحرار.
وفي غياهب هذا المشهد البطولي لأسرى الحرية ورغم الظلمة التي تفرضها السجون يضيء لنا وللبشرية كلها نموذج النضال اللافت شاب اسمه "سامر العيساوي" والذي يبلغ 34 عاما ً من القدس العربية يُضرب عن الطعام منذ الأول من أغسطس من العام الماضي أي نحو ثمانية أشهر ونصف في قهر للإحتلال والسجن والسجان بيد مناضل مقاوم مجاهد من الحركة الوطنية الفلسطينية، والعيساوي المقدسي يرفض الافراج المشروط بالابعاد والخروج من بلده ومدينته وحارته التي تنتشر فيها رائحة فلسطين والمسجد الأقصى والمقدسات الأخرى.
كل الفلسطينيين أسرى .. كل الفلسطينيين محبوسين لدى الإحتلال الإسرائيلي وسياساته القمعية التي تحاصر فلسطين كل فلسطين في الضفة وغزة والقدس وسماءنا كلها أيضا ً وبحرنا، وسرطان الإستيطان والإستيلاء على الأراضي يجري كما السرطان في جسد بلادنا ومستقبلنا وأطفالنا، ولكننا لن نرحل..
ولأجل كل هذه الأرقام الصادمة عن أسرى الحرية في فلسطين وجب علينا قرع جرس ذو صوت عال ٍ لننبه إلى أهمية هذه القضية، فقضية فلسطين هي قضية ارض ولكنها قضية إنسان أيضا ً، نأمل جميعا ً أن تنتهي قضية سجن أسرى الحرية ليعودوا إلى بيوتهم وأهلهم بصحتهم، لا أن يتحولوا إلى جثث وأرقام.