الأسير أحمد أبو السعود ... ترك ابنه صغيراً ليلتقيه في الأسر بعد عشرين عاماً

 

نابلس/أمين أبو وردة- أسرة احمد أبو السعود من بيت فوريك من بين آلاف اسر الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، التي تتطلع بشوق ليكون أسيرها من  الأسرى المطالب بالإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل المقرر عقدها بين الفصائل الفلسطينية الثلاثة التي قامت بأسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" وبين الجانب الإسرائيلي وذلك بعد مرور عشرون عاما اعتقاله. وتعد حكاية الأسير أبو السعود من النماذج المؤلمة التي خلفها الأسر بين الفلسطينيين

فالأسير المذكور أب لخمسة أولاد ترك أولاده وهم في السنوات الأولى من عمرهم مرت الأيام والسنوات  ليلتقي هو واحد أبناءه في السجن بدلا من أن يلتقيا في منزل العائلة كباقي الناس .

وتقول سوسن أبو السعود(30 عاما) الابنة الأكبر للأسير في شهر أيار عام 1987 ، سهرت مع والدي في هذه الليلة، حدثني في الكثير من المواضيع، إلى أن غلبني النعاس، فلم استطع أن أقاوم رغم محاولات والدي أن أبقى مستيقظة، في تلك الليلة وبعد منتصف الليل صحونا على أصوات الضرب العنيف على الباب، جاء اليهود واخذوا والدي، لم أدرك حينها أنني لن أراه في البيت ثانية، حتى الآن أي بعد انقضاء عشرون عاما، حينها اعتقدنا جميعا أنها كما في كل مرة يتم فيها اعتقاله. ومع مرور الأيام وعند معرفة التهم الموجهة له، وبحديث الصحافة، وتردد الضباط شبه يومي على بيتنا .... أدركنا حينها أنها ليست ككل المرات، وبالفعل طالت المدة حتى اليوم.

منذ ذلك الوقت عشنا السنين والأشهر والأيام والليالي ... كانت قاسية جدا وباردة جدا، افتقدت فيها وجود والد حنون يعيش معنا، ويظللنا في حنانه ،كم تمنيت وجوده معي في كثير من المواقف المحزنة منها والمفرحة ،لكن رغم مرارة الأيام والحرمان تواصلنا معه، حاول تعويضنا عن طريق الكتابة والمراسلة ... وصف لنا مشاعره زودنا بحنانه من خلال كلماته الرائعة التي كانت كالمرهم على الجرح .. عودنا على القراءة من خلال قراءة رسائله، ولا أستطيع هنا إلا أن اذكر دور أمي وحنانها وعطفها اللامتناهي، حاولت تعويضنا عن حنان الوالد بذلت قصارى جهدها حتى ربتنا وأصبحنا شبابا.

أبو السعود يلتقي بإبنه في السجن بعد عشرين عاما

وصف الأسير لذويه في احد الزيارات عن لحظة اللقاء الأولى بينه وبين ابنه الذي اسر في أيار من عام 2005 حيث قال سمعت الأسرى يرددون عبارة:" هذا الأسير الذي حضر الآن والده معتقل منذ عشرون عاما"، فحدثتني نفسي انه لا يوجد أسير في هذا المعتقل أمضى عشرون عاما وله ولد مسجون إلا أنا فشعرت في تلك اللحظة بشعور مزدوج ما بين الفرح والحزن الفرح لأني سأرى ولدي بعد هذه السنوات والحزن لان اللقاء سيتم في الأسر وليس في البيت بين الأهل والأقارب والأهل والأحبة .

لا اعرف في أي غرفة أو في أي قسم هو ولدي شعرت بالارتباك فلم اعرف ماذا افعل إلا أن الشوق الأبوي تغلب على كل ارتباك ودفعني للذهاب إلى مدير السجن لأطلب منه أن أرى ولدي أجابني انه لا يمكن الآن ستراه في الصباح جاء الصباح بعد ليل طويل نزلت إلى الساحة وكلي لهفة وشوق لأرى ولدي فبيني وبينه أمتار قليلة لكن حواجز كثيرة تمنعنا عن اللقاء حصل أن التقيت بولدي حضنته وقبلته كأنني اقبل واحتضن تراب قريتي التي هي جزء من تراب وطننا الغالي فلسطين.

في تلك اللحظة كانت الغالبية الساحقة للأسرى في الساحة، عند اللقاء الجميع ينظر إلينا فرحون لفرحنا وحزينين أيضا لحزننا اخذوا يطلقون الصفارات ويصفقون ويصرخون كان زلزال وقع اجل فهو أشبه بزلزال ما حدث معي أن أرى ولدي أن المسه اقبله بعد أن كنت أراه وهو صغيرا من وراء شبك فرضه الاحتلال في الزيارة بعد ذلك احضره الجنود إلى الغرفة التي اقطنها نفسها سعدت بذلك لكن في الوقت نفسه خفت من أن أقيد حريته فهذه أول مرة نكون في نفس الغرفة كاب وابنه قلت له إذا تشعر باني مقيد حريتك اطلب نقلك إلى غرفة أخرى لكنه رفض ذلك وقال لي في فترة التحقيق كان المحقق يطرح علي الأسئلة وأنا لا أجيبه ولم انطق إلا بعبارة واحدة هي :"ابعثوني عند والدي ، أريد والدي " ولم اصدق من فرحتي بلقاؤك وأنت الآن تطلب مني أن ابتعد لا ،لا أريد  أن انتقل إلى أي مكان أنت لا تكون فيه.

ويقول واصف أبو السعود شقيقه الأكبر :كنا دوما مع بعضنا البعض في المدرسة في الحياة العملية حتى أننا تزوجنا شقيقتين قد يكون ذلك بحكم قرب السن بيننا ،في عام 1970 فقدنا والدنا وكانت أمنا هي المسئولة عنا فاضررنا إلى ترك الدراسة حيث وصلنا إلى المرحلة الإعدادية أنا عملت فلاحا في أرضنا وهو عمل في مجال القسارة في إسرائيل بعدها سافر إلى الأردن ومنها إلى سوريا وهنك تنظم في احد تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية وتدرب في سوريا.

وبعد مدة في عام 1976 حصل على هوية شخصية أردنية وبواسطتها عاد إلى وطنه وفي سنة 1979 عاد إلى الأردن وعمل فيها سنة واحدة ومن ثم عاد إلى بيت فوريك موطنه الأصلي وفي سنة 1980 اعتقلته قوات الاحتلال لمدة عشرين شهرا وبعد الإفراج منع من السفر من قبل قوات الاحتلال وبعد ذلك اعتقل مرات عدة وفي 23-5-1987 اعتقلته قولت الاحتلال وهي المرة الأخيرة ومنذ ذلك الوقت وهو في السجن.

كانت والدتي تزوره في السجن رغم أنها كانت تعاني من الم الزيارات وفي اغلب المرات تسافر في ساعات الليل وتعود من نابلس إلى بيت فوريك مشيا على الأقدام وهي أم كبيرة في السن وتعاني من  أمراض كمرض السكر وضغط الدم في سنة 2004 توفيت هذه ألام وذلك بعد مرور خمس سنوات على عدم رؤيته بسب وقوع انتفاضة الأقصى الثانية حيث منعت الزيارات وكذلك بسب اشتداد المرض عليها ماتت وأمنيتها الوحيدة أن تراه ونحن الآن متفائلون جدا بصفقة التبادل التي ستجريها حماس مع الاحتلال.

المصدر : شبكة فلسطين الإخبارية