الأسـرى أحق منا بالحريـة !!

  

21  أغسطس 2005

بقلم : عبد الناصر فروانة

 

أفخر لكوني فلسطيني وأنتمي لهذا الشعب العظيم الذي آمن بحتمية دحر الإحتلال وتحقيق الإنتصار ، ولو لم أكن فلسطينياً لتمنيت أن أكون كذلك .

 أفخر وأنا أتابع المشروع الصهيوني يتحطم على أسوار غزة ، والحلم الإسرائيلي بأرض اسرائيل الكبرى يتبدد أمام صمود شعبنا .

 

أفخر بهذا الإنتصار العظيم الذي حققه شعبنا الأعظم ... وأشعر بنشوة الإنتصار ككل فلسطيني ... هذا الإنتصار الذي تحقق بفعل مجموعة من التراكمات النضالية ، فهو  ليس نتاجاً لنضالات تنظيم فتح فقط والتي قتلت إسرائيليين أكثر من غيرها خلال إنتفاضة الأقصى وفق الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية ، أو نتاجاً لصواريخ القسام وفصائل المقاومة المختلفة  ، أو لتفجيرات لجان المقاومة التي أول من فجرت مصفحة الميركافا ، كما أنه ليس نتاجاً لإنتفاضة الأقصى فقط .

 

 بل هو  ثمرة  تراكمات لتضحيات ونضالات  شعبنا عبر عشرات السنين الماضية ، هذه الثمرة التي زُرعت بذورها الأولى بسواعد الثوار عام خمسة وستين وارتوت بدماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ومعاناة  مئات الآلاف من الأسرى والمعتقلين .

 

هو ثمرة لصمود ونضالات  شعبنا كافة بأطفاله وشيوخه ونسائه وعماله البواسل ، وليس من حق أحد أيٍ كان أن ينتقص من دور الآخرين ، أو يتجاهل دور الطفل الصغير الذي عاني وسيظل يعاني من آثار القصف ومشاهد الموت والدمار ، ومن الخطأ الفادح إختزال نضال شعبنا بالسنوات الخمس الأخيرة ، والتنكر لنضالات مضت فاق عمرها عشرات السنين أو التقليل من شأنها وتأثيرها .

فإنتفاضة الأقصى ما هي إلا موجة نضالية أضيفت للموجات السابقة ، لكنها كانت حاسمة بغض النظر عما اعتراها من سلبيات ومظاهر أساءت وشوهت نضالات شعبنا الساطعة .

 

 فلقد دُحر الإحتلال واندثر و رحل رغماً عن أنفه ، ولكن لم ترحل السجون ، ودمرت المستوطنات ولم تدمر المعتقلات ،  ذهب الإحتلال بلا عودة .. ولم يعد الأسرى لبيوتهم ، لأطفالهم الذين طالما حلموا برحيل الإحتلال وعودة الآباء .

 

وبالرغم من ذلك من حقنا أن نفرح بنشوة الإنتصار وأن نقيم الأفراح ونزين السماء بالأعلام الفلسطينية ... ولكن فرحتنا هذه ستبقى منقوصة ، فلا زال هناك الآلاف من الأسرى  الفلسطينيين والعرب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، لهم آباء وأمات وأخوات ، لهم أبناء وبنات ، لهم عائلات وأصدقاء وجيران ، وهؤلاء جميعاً لن ينعموا بالفرح طالما بقىَّ أحبتهم خلف القضبان .

وأرقام أسرانا تزداد كل يوم ، رغم حالة التهدئة ورغم الحديث عن الإنسحابات ، فمنذ مؤتمر شرم الشيخ في شباط - فبراير الماضي وحتى اليوم اعتقلت قوات الإحتلال أكثر من  1500 معتقل ، حتى وصل إجمالي عدد المعتقلين الآن إلى أكثر من  8500 معتقل ، في حين وصلت عدد حالات الاعتقال منذ العام 1967 إلى أكثر من 650 ألف حالة ، منهم 400 ألف حالة إعتقال منذ العام 1967 ولغاية ديسمبر 1987 .

 

وهؤلاء الأسرى كانوا دوماً عماد الثورة ووقودها ، و هم بوصلة الأمن والإستقرار في المنطقة ، وأعتقد جازماً بأنه لا معنى للإنسحاب في ظل وجودهم خلف القضبان  ، هؤلاء الذين ضحوا بحريتهم من أجل حريتنا وحرية الأرض ، وبالتالي لا معنى لتحرير الأرض دون تحرير الأسرى ، وهذا ما يفرض على الأقل في الفترة الراهنة أن يتزامن الإفراج عن الأسرى مع الإنسحاب الإسرائيلي .

وعلى المجتمع الدولي إذا ما رغب بإستمرار حالة الهدوء والإستقرار في المنطقة بأن  يتدخل وبشكل فوري والضغط على حكومة " إسرائيل " وحثها على الإفراج  الفوري عن كافة الأسرى وخاصة الأسرى من سكان قطاع غزة وشمال الضفة هذه المناطق التي ستنسحب منها قوات الإحتلال ، وكذلك الأسرى القدامى الذين اعتقلوا قبل العام 1994م  .

 

وهذا لا يعني إطلاقاً تجاهلنا للمطالبة بالإفراج عن كافة الأسرى ، فإذا تحدثنا عن الأسرى يجب أن نتحدث عن ضرورة الإفراج عن جميع الأسرى وبدون إستثناء أو تمييز وفي المقدمة منهم الأسرى القدامى وعددهم 380 أسير وهم المعتقلون منذ ما قبل قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية ، ومن هؤلاء 27 أسير أمضوا أكثر من عشرين عاماً .

 

وإذا تحدثنا عن جلاء الإحتلال بإعتباره إنتصاراً علينا أن نعتبره منقوصاً إذا لم يتزامن مع الإفراج عن أسرى المناطق التي ينسحب منها الإحتلال وفق المادة 77 من إتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب والتي تنص صراحة على ذلك " يسلم الأشخاص المحميون الذين اتهموا أو أدانتهم المحاكم في الأراضي المحتلة، مع الملفات المتعلقة بهم، عند انتهاء الاحتلال إلى سلطات الأراضي المحررة " .

وفي هذا الصدد من الضروري المطالبة الملحة بضرورة الإفراج عن أسرى قطاع غزة وعددهم 650 اسيراً منم 148 أسير معتقلين منذ ما قبل قدوم السلطة الوطنيةالفلسطينية.

فمن الطبيعي عندما تصمت البندقية ويتوقف إطلاق النار أن يطلق سراح الأسرى ، فما بالكم حينما يندحر ويرحل الإحتلال مهزوماً  ؟ أليس من حق أسرانا أن ينعموا هم الآخرون بالحرية وأن يشاركوا شعبهم  بأفراحه ويستمتعون بنشوة الإنتصار   ؟

 

ألم يحن الوقت لأمهاتنا و أمهات الأسرى التي صنعت من دموع الحزن أنهاراً  .. أن تصنع من دموع الفرح أنهاراً  أخرى ؟؟

وأخيراً على المجتمع الاسرائيلي أن يستوعب الدرس وأن يدرك أن لا دوام للإستيطان والإحتلال مع السلام ومع شعب آمن ويؤمن بحتمية الإنتصار وتحقيق الحرية و الإستقلال  .... فشعبنا ماضي صوب تحرير أرضه وتحقيق أهدافه العادلة وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

 

والسؤال الأخير هل يحق لنا أن نفرح وأسرانا لا زالوا قابعين في السجون ؟؟ شمسهم الساطعة مبددة بالغيوم ؟؟